الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزائر : جبرائيل كامب مؤلف (أصول البربرية bèrbèrie ) ليس مغربيا

التهامي صفاح

2015 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


شعارنا : حرية – مساواة – أخوة
بتاريخ 11/07/2015 كتبت مقالا في موقع الحوار المتمدن بكل موضوعية و حياد بعنوان "كفى تهويلا في أحداث غرداية" أقلل فيه من أهمية الحماقات التي أراد البعض تضخيمها بل ذهب بعيدا حتى تقزيم دور الجيش والشرطة الجزائريين في حفظ الامن و محاربة و تتبع الارهابيين و العض بالنواجد على تماسك الدولة الشاسعة جغرافيا .
لكن بعد نشر المقال قرأت خبرا يسبقه بيوم واحد يتحدث عن قيام أطراف غير رسمية في الجزائر بإتهام جهات رسمية نافذة في المغرب بتدبير أحداث غرداية .و هو الأمر الذي يشبه المزحة التي لا طعم لها.
أولا لأن هذا الخبر إذا صح فسيؤدي زيادة على الخسائر في الارواح التي سجلت في غرداية من الجانبين و ضياع الممتلكات و غير ذلك إلى تأجيج الخلاف بين بلدين أخوين أراد لهما الأعداء التفرقة والفتنة و ضياع الجهود عوض الوحدة و التنسيق و التعاون للنهضة والتقدم .
و ثانيا لأن الجهات االمقصودة في المغرب و التي بسلوكها المحسوب بالملمتر حسب ما يعرف العالم لا يمكن أن تنحدر لهذا المستوى الوضيع من التفكير كي تتآمر على الشعب الجزائري الشقيق المتنوع بمكوناته المختلفة مثل باقي الشعوب و خصوصا في شهر رمضان .
هذه الإتهامات تدل دلالة واضحة على مستوى من كال تلك الإتهامات لاناس مغاربة لا يريدون له إلا الخير و لا يمكن أن تعبر عن رأي السلطات الرسمية الجزائرية .لأنها تعرف حقيقة الأمر.
أما عن إمكانية وجود أفراد هنا أو هناك لا يتحملون اي صفة رسمية و يعملون في الكواليس مثلا من الخارج كفرنسا أو بلجيكا و ليس بالضرورة من المغرب ليلعبوا أي دور في أحداث غرداية ، فهذا ليس أمرا مستحيلا و لا إحتماله يساوي صفرا.كل شيء ممكن .تبقى التحقيقات النزيهة هي التي ستبين الحقيقة .
في مقالي وجدت أني و حتى قبل أن أقرأ هذا الخبر أشرت إلى جهات عالمية تحرض على الفتنة و إذكاء الروح الطائفية . وكمثال على ذلك دراسة فرنسية كلها تحريض تحت عنوان أصل البرابرة L’origine des bèrbères الذي يدخل ضمن منشورات المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي الحديث CNRS و التي قام بها الباحث الفرنسي جبرائيل كامب Gabriel Camps الحاصل على دكتوراه من كلية الآداب في الجزائر العاصمة .(رابط الدراسة أسفل المقال) .
يقول جبرائيل كامب Gabriel Camps في بداية بحثه (الترجمة من عندي و ما يرِد باللغة اللاتينية في النص المترجم فقد ورَد هكذا في الدراسة ) :

" كمعروفين منذ التاريخ القديم الفرعوني تحت أسماء مثل لبو Lebu ، تهنو Tehenu ، تمهو Temehu ، مشوش Meshwesh فالبرابرة لا يزالون يعيشون في رقعة جغرافية شاسعة تبدأ في غرب بلد الأقباط Egypt (إقيببط أي ما يسمى مصر).
حاليا هناك عشائر تتكلم اللغة البربرية le bèrbère في إثنى عشر دولة إفريقية .من البحر المتوسط حتى جنوب النيجر و من المحيط الأطلسي حتى نهر النيل .
و لكن هذه المنطقة التي تغطي ربع شمال غرب القارة لا تتكلم كلها اللغة البربرية .بعيدا عن ذلك . العربية حاليا هي اللغة المستعملة كلغة للتجارة والدين والدولة بإستثناء الهامش الجنوبي من السنغال حتى تشاد حيث اللغة الرسمية هي الفرنسية .
ولهذا فالجماعات البربرية تجد نفسها معزولة و مقطوعة عن بعضها البعض و تتطور كل واحدة منها بطريقة مختلفة عن الأخريات .وحجم كل منها و أهميتها متغيرة جدا .فمجموعات القبائل في الجزائر والبرابر والشلوح في المغرب يمثلون مئات الآلاف من الأفراد .بينما بعض اللهجات ، في الواحات، لا يتكلمها إلا عشرات الأشخاص.و لهذا فإن خرائط إنتشار اللغة البربرية لا أهمية لها . إن المجال الترابي الصحراوي الذي تغطيه لهجات الطوارق (Tamahag) في الجزائر وليبيا ومالي والنيجر شاسع جدا و لكن الرحل ذوي اللغة البربرية الذين يجوبونه و كذلك المزارعين الذين يتكلمون نفس اللغة لا يتجاوز عددهم 250 إلى 300 ألف . إنهم شيئا ما أكثر عددا من سكان المزاب Mzab (في الجزائر) اللذين يستوطنون في الصحراء الشمالية مجالا ترابيا ألف مرة أكثر ضيقا .و منطقة القبائل هي عشر مرات أكثر كثافة سكانية من المنطقة الجنوبية الأكثر شساعة و التي فيها لهجة بربرية مختلفة .
الحقيقة أنه حاليا ليس هناك لغة بربرية بالمعنى الذي يجعل هذه الأخيرة تعبر عن مجتمع له وعي بوحدته أو شعب بربري أو حتى سلالة بربرية .
إن المتخصصين كلهم متفقون حول هذه المظاهر السلبية...و رغم ذلك فالبرابرة باقون " .
العنوان الكبير للدراسة مكتوب هكذا :
Islam :société et communauté.Anthropologies du Maghreb,sous la --dir--ection de Ernest Gellner, les Cahiers C.R.E.S.M,Editions CNRS,Paris,1981
كما هو واضح فالبحث عن أصل البرابرة في دول المغرب العربي كما يسميها المركز الفرنسي يدخل ضمن إطار كبير آخر هو الإسلام .و هذا يعني أن المستهدف هو الإسلام و ليس البرابرة .البرابرة إذن يؤمل إستعمالهم كأداة .
إن المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي CNRS في نظري من بين مصادر المعلومات المحترمة حين يتعلق الأمر بالعلوم الحديثة .لكن هذه الدراسة التي تخلط المرويات التاريخية و الفرضيات التي لا دليل علمي عليها بالمعطيات العلمية الحديثة و التي تستعمل طريقة السرد الادبي فحسب لا يمكن للمرء الباحث ان يطمئن اليها طالما انها تستعمل مفاهيم علمية قديمة تم التخلي عنها قصد تسويق إديولوجية عنصرية لا تجلب لنا سوى الخراب .
المثال على ذلك هنا هو استعمال مفهوم السلالة العنصري و الذي كان مستعملا في بداية القرن 19 في ميدان البيولوجيا كأداة للتصنيف في تحديد الاختلافات بين الكائنات الحية و منها البشر. وبما أنه تم التخلي عنه فيما بعد لعدم دقته العلمية ، فإستعماله اليوم من طرف من يسمون أنفسهم متخصصين لا يترك مجالا للشك بأن المحرك لهذا الاستعمال ايديولوجي عنصري محض لإثارة النعرات الطائفية و الفتنة في المنطقة .أقول الفتنة لأن الواقع المعاش نظرا للكثافة السكانية و إختلاط الأمور اليوم لا يمكن تغييره بين عشية وضحاها فقط بناء على إدعاءات ..
حين يخلص جبرائيل كامب Gabriel Camps في مقدمة بحثه إلى " حاليا ليس هناك لغة بربرية بالمعنى الذي يجعل هذه الأخيرة تعبر عن مجتمع له وعي بوحدته أو شعب بربري أو حتى سلالة بربرية " ، فالمقصود ظاهر للعيان من خلال التركيز على من يسميهم برابرة إعتمادا على اللغة فقط وهو إحياء الشعور القومي .و بالتالي خلق التمييز و إثارة النعرات الطائفية داخل المجتمعات الشمال افريقية بين من يعتبرون أنفسهم عرب و يصدقون وسائل الإعلام ومن يعتبرون أنفسهم برابرة فقط لأنهم يتكلمون اللغة البربرية . لا يلبس الشمال إفريقيون الشماغ العربي (غطاء الرأس عند السعوديين وغيرهم في شبه جزيرة العرب) و لا يشربون بول البعير أو ترتبط شخصيتهم بالنخيل أو الإبل .
مثل هذه الدراسات تتجاهل قبائل أخرى هاجرت لشمال افريقيا قديما و لكن لغاتها إندثرت بفعل التعريب الذي خضعت له قبائل المنطقة إثر الغزو العربي القديم بين نهاية وبداية القرنين 7 و 8 الميلاديين . لأن آثار تلك اللغات كمفردات لا تزال حاضرة وبقوة في لغة ولكنة تلك القبائل حين تتكلم العربية .و لا يستطيع كائنا من كان أن يخفيها .
و السؤال الذي يطرح نفسه حتى لو تجاوزنا عن استعمال مفهوم السلالة العنصري عند البشر هو : هل يمكن الركون للغة فقط لتحديد سلالة نقية تسمى بربرية ؟
في نهاية بحثه يخلص Gabriel Camps من خلال مقارنة أصل اللغة البربرية الذي يشبه لغة الإيجيبت (مصر) و اللغات السامية إلى أن أصل البربر شرقي . و هذا يعني أنهم مهاجرون لشمال إفريقيا دخلوا من البوابة المصرية . و هذه حقيقة علمية تسندها الأدلة الباليانطولوجية (علم بقايا وآثار الكائنات الحية) .لأن كل البِيض الذين يوجدون في شمال افريقيا ، حسب النظريات العلمية المؤكدة حديثا ، هم مهاجرون مرة أخرى إليها بعد أن هاجر أسلاف الإنسان الأول منها خلال ملايين السنين نحو قارات أخرى .
إن أسلافنا نحن هم مهاجرون لشمال إفريقيا آلاف السنين قبل الميلاد قبل الغزو العربي القديم المشار إليه أعلاه الذي قام به بعض العرب القدامى المغمورين .
لكن هل يمكن مساءلة أولئك العرب القدامى أو محاسبتهم ؟
قطعا لا . لأنهم ماتوا وتحولوا لأملاح معدنية أو داروا في دورة المادة .
إذن ، هل يمكن لأي كان أن يدعي أنه كتب ذلك التاريخ المأساوي الذي كتبه أولئك العرب القدامى حتى لو لقلة عقله تبنى أفكارهم أو تباهى بذلك الغزو ؟
قطعا لا .لأنه سيصير مثل شخص نعرف أنه لم يكن في مسرح الجريمة زمن وقوعها ثم يدعي أنه هو الفاعل .فهل نعاقب شخصا كهذا و هل من الحكمة والعقل أن نبقى رهائن لأخطاء الغابرين تعيش فينا القبور و نملأ قلوبنا حقدا وكراهية لبني نوعنا؟
كما بينت في مقال آخر هنا بموقع الحوار المتدن حول الحل الوسط لهوية لشمال افريقيا بين المختلفين و من أجل السلام فالقول السديد هو أننا شمال افريقيون مثل ما هناك دولة جنوب افريقيا فيها جنوب افريقيين كان فيها ميز عنصري بين بيض و سود وزال فيجب أن تزول العنصرية من أرض شمال افريقيا للابد بين العرب و البربر و الصحراويين و الأقباط و ..و ..
و هي بلد كل من وُلد فيها .وولاؤه يجب ان يكون لها لا لغيرها .
هذا هو الطريق الوسط والامثل للسلام المضاد للنعرات والفتنة الطائفية المدمرة ولا يوجد غيره .
كلنا إنسان ننتمي للنوع أومو سابيانس أي الإنسان العاقل ونوجد في شمال افريقيا .
هذه هي الحقيقة .
لنرتقي و نسمو للاعلى بإحترام الاختلاف والتنوع و بعضنا البعض و نجعل اختلافنا في خدمة تعايشنا وسلامنا و تقدمنا و نهضتنا ونكون كما نحن انسانيين ..
الانسانية هي الدين الحقيقي .أما الطائفية فلا يمكن ان تعطينا أي قوة إنها محرك للتخريب و الدمار.
الانسانية هي الدائرة الاشمل و الاكبر و الأقوى من دائرة أي طائفة .
كخلاصة نقول انه لا يمكن للباحث الموضوعي النزيه والمحايد أن يقبل معطيات جبرائل كامب Gabriel Camps رغم إحتوائها على بعض الحقائق العلمية .لأن الطريقة الديماغوجية التي إستعملها لدغدغة المشاعر محاولا من خلالها تأليب لغة على لغة وجعل إحداهما أداة تثير النزعة القومية لبشر مختلفين وراثيا فقط لأنهم يتكلمونها ولأن هناك لغة أخرى قام بعض أصحابها لقلة عقلهم أو لهمجيتهم بغزو شمال افريقيا و فرضوا تلك اللغة بالسيف ثم ماتوا فيجعل الاحياء في صراع بينهم أو مع أو بسبب الاموات ، هي طريقة يجب أن تكون مرفوضة .
لقد أراد ببساطة إشعال الفتنة من خلال تبني البرابرة النخبة لفكرة ضرورة طرد العرب من شمال افريقيا كإنتقام تاريخي من أولئك العرب القلائل الذين غزوا المنطقة في القديم لكي تبقى المنطقة رهينة للنزاعات و التوتر والتخلف و قد نجح في ذلك .و أحداث غرداية وغيرها تثبت ذلك .و الواجب هو التروي والحكمة و قراءة الواقع قراءة صحيحة .لأن أي تحركات أو حركات يحركها الحقد والكراهية سيكون مصيرها الفشل دائما .
بقي سؤالين هما :
1- هل جبرائيل كامب هذا مغربي؟
2- هل المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي تديره أو تموله الجهات المغربية التي تم إتهامها ؟
أتمنى أن تفهم الأطراف التي اتهمت المغاربة المقصودين الجدوى من السؤالين و تتعقل .
وتحياتي للجميع
رابط الخبر حول الإتهامات للمغاربة :
http://algeriatimes.net/algerianews29304.html

رابط موقع عالم البرابرة :
http://www.mondeberbere.com/histoire/camps/origines.htm








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانسانية وحدها لا غير
انسان علماني ( 2015 / 7 / 19 - 12:04 )
الى متى نستفيق من هذا الوهم اقصد هذه العنصرية المقيتة الممجدة للدم ونحن متيقنون اليوم وبعد الفتوحات العلمية باننا كل البشر من اصل واحد وأبونا هو وحيد الخلية وليس ادم او حام او غيره من الترهات الدينية الخرافية فالنعلي من القيم الانسانية والديمقراطية والعلمانية ومن اراد ان يتكلم الامازيغية او العربية او اي لغة اخرى فليتكلمها دون اي تجريح او اقصاء للاخر


2 - تصحيح
الشهيد كسيلة ( 2015 / 9 / 1 - 13:33 )
لماذا تصر على استعمال كلمة برابرة Barbaresبالتاء المربوطة مع أن البربر هي صيغة الجمع ومفردها بربري Berbère
أما المؤامرة الفرنسية على الأمازيغ فهي معروفة لدى الجميع أليس نابليون الثالث هو صاحب مشروع المملكة العربية في الجزائر .. أليس هو صاحب مشروع المكاتب العربية التي أقامت نظام الحالة المدنية وزيفت أصول الشعب الجزائري ومنحت ألقابا لطمس أصول الامازيغ بصيغة بوحمار بودجاج بودابّ الخ

اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم