الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آمالي السودا

لبنى حسن

2005 / 10 / 12
الصحافة والاعلام


أضحى الأعلام المصري المقروء مصدرا أساسيا لتعميق حالة البؤس و الإحباط التي تسود الشارع المصري فتحول تدريجيا من نشر الأخبار و طرح القضايا للتخصص في إقامة المأتم و الجنازات واحتراف تقليب المواجع على المصريين, فنجد بعض الصحف تكاد تخلو صفحاتها من خبر سار واحد فيشعر القارىء بمجرد الانتهاء من تصفحها أن حياته سوادها قاتم وحالك و لا أمل في الشفاء ، فكل الرموز شوهت و كل الناس أصبح مشكك في ذممهم و دوافعهم و وطنيتهم.

و نجد صحف أخرى - قومية- تركز على تصوير الحياة التي توفرها الحكومة الرشيدة على أنها رغده و سهلة وتبالغ في التأكيد على مظاهر النعيم الذي يتمتع به الشعب الحليم فتسفه من المشاكل و معاناة المواطن و كأن الحياة بقى لونها بمبي و كل شيء على ما يرام و المسئولين في بلدنا أخر تمام, و بالتأكيد أحسن من غيرهم, كما لا يفوتها تسخير جزء من صفحاتها للهجوم على كل من أختلف معها في الرأي أو التوجه أو حتى أسلوب التعاطي مع الأمور, فيقذف بأبشع الاتهامات و يصبح إما عميل و خائن أو منتفع و آثم, بل و تسترسل تلك الصحف في التهليل و الابتهاج بالتصريحات الوردية للسادة المسئولين بهدف تخدير القارىء المسكين, ولكنها في واقع الأمر استفزازية تزيده إحباطا وهما فلا يكاد ينفجر في الضحك من شدة شعوره بالاستخفاف بعقله ليجد نفسه على وشك البكاء من همه و النتيجة في النهاية إن الصحافة سواء مستقلة أو حزبية أو قومية أصبحت احد أهم العوامل التي تصيب المواطنين بالكآبة و باتت اقرب ما تكون لشخصية "آمالي السودا" التي جسدها ببراعة الفنان جميل راتب في مسلسل "أنا و هؤلاء" حيث يقدم شخصية " آمالي" و هو رجل مسن محبط و يائس و ناقم على الحياة يرى العالم من منظور أسود ضيق فيسعى لإشاعة الإحباط و الحزن و الملل و الضيق للتأثير على من حوله فيحث الآخرين على الانتحار و يدعو للجميع بما فيهم نفسه بالموت الذي لا يرى في سواه حل.


فبعد ان ظل المواطن المصري في الشهور الأخيرة يستقبل جرعات مركزة من الغم و النكد في شكل أخبار و تحليلات و مقالات محبطة تعكس ما يعيشه من واقع مرير, أجهز عليه بأخبار سلسة من الحوادث و الكوارث الطبيعية المأساوية كإعصار كاترينا و ريتا و محرقة بنى سويف و مذبحة الأوتستراد (طريق المطار) وموت الآلاف من الأرواح في زلزال باكستان, فازداد المواطن هما على همه.

و فجأة هبط علينا من السماء و دون أي تعب أو مجهود من أجهزة الدولة خبر فوز الدكتور محمد البرادعى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بجائزة نوبل للسلام لتصبح النوبل الرابعة لأبناء مصر في اقل من ثلاثين عام و بدلا من الإسراع في إبراز الخبر و التركيز على الاحتفال و لو فقط من باب المشاركة لكونه في النهاية م صري يساهم فوزه بجائزة عالمية في رفع الروح المعنوية للشعب الذي تاهت في حياته أخبار أي مظاهر ايجابية, تم التعامل مع الأمر بنوع من التحفظ من قبل الأعلام الحكومي الذي أصيب بخيبة أمل حيث كان في قمة التأهب لاستقبال نبأ فوز سيدة مصر الأولى بتلك الجائزة بعد أن بذلت أجهزة الدولة كل غالي و ثمين من أموال الشعب في تلميعها و ترويجها عالميا على مدار السنوات القليلة الماضية من خلال الندوات و المؤتمرات و اللقاءات, فجاء خلو قائمة المرشحات من اسمها أصلا كالصاعقة فشكل صدمة و مفاجأة كبيرة للحكومة بالرغم إن كل طفل مصري كان يعرف استحالة هذا الأمر مسبقا, أما الصحف الغير حكومية فتمسك بعض كتابها بتقمص شخصية "آمالي السودا" ليعكسوا مدى احتقان المجتمع الذي صار معظم أفراده من هواة جلد الذات و مهاجمة الأخر لتفريغ شحنات الحقد و الكبت, فاستكثروا الفرحة و راحوا يشككون و يسفهون في الأمر و يرجعوا الفوز للحسابات و التوازنات السياسية بل و شرع البعض الأخر في اتهام الدكتور البرادعي صراحاً بالعمالة لأمريكا بل و تهنئته بالحصول على الثمن و كأن مجرد حدوث أي شيء سعيد أو ظهور بارقة أمل للشباب البائس تعد كارثة و جب التصدي لها و الإسراع في القضاء على بريقها و إخفاء لمعانها خشية إن يجد الشباب قدوة و مثل في زمن فقد فيه الأمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشهد مرعب يظهر ما حدث لشاحنة حاولت عبور نهر جارف في كينيا


.. شبح كورونا.. -أسترازينيكا- تعترف بآثار جانبية للقاحها | #الظ




.. تسبب الحريق في مقتله.. مسن مخمور يشعل النار في قاعة رقص في #


.. شاهد| كاميرا أمنية توثق عملية الطعن التي نفذها السائح التركي




.. الموت يهدد مرضى الفشل الكلوي بعد تدمير الاحتلال بمنى غسيل ال