الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي إعمار نريد تحقيقه

زيد كامل الكوار

2015 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


مما تجدر الإشارة إليه في ما يتداول من كلام في الشارع العراقي من المطالبات الحيوية والمستمرة بإعادة الاعمار في البنية التحتية العراقية ، ابتداء من القاعدة الأساسية في البنية التحتية ، ألا وهي شرائح المجتمع التي تضررت نتيجة الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد على مدى خمسة وعشرين عاما أو تزيد ، ابتداء من الطفل الذي كان أكثر الشرائح تضررا وأذى ، فالطفولة في العراق عانت التهميش والظلم الإنساني على مدى ربع قرن ، ابتداء من الحصار الجائر الذي عض بأنيابه القاسية على عظام الطفل العراقي فسحقها سحقا ، بعد كل تلك الحملات التلقيحية المنتظمة المستمرة ضد الأمراض السارية والمستوطنة ، وبعد أن تقدم الوعي الصحي في العراق إبان عقد الثمانينيات ، حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية العراق خاليا تماما من أمراض الجدري والحصبة وشلل الأطفال ، وبعد تلك النهضة الكبيرة في المستوى الصحي التي رافقتها نهضة مشابهة في مجال التعليم الابتدائي ورياض الأطفال وباقي المفاصل التربوية والتعليمية ، حدثت الكارثة التي أعادت العراق إلى القرون الوسطى بعد التصرف الأرعن المتهور من قبل حكومة صدام المبادة ، الذي تجسد في احتلال دولة الكويت وما تبعها من الحصار الاقتصادي الجائر الذي طال مرافق الحياة العامة ، حيث لم يستثن ذلك الحصار قطاع الطفولة بوازع إنساني بل كان الأقسى على قطاع الطفولة دون غيرها من القطاعات الأخرى ، الأمر الذي أدى إلى تفشي أمراض السرطان وهشاشة العظام وضعف النمو و أمراض أخرى ، ولم يقتصر الخلل في قطاع الطفولة على الواقع الصحي ، بل تعداه إلى قطاع التعليم الذي شهد تسرب الآلاف من الأطفال من مقاعد الدراسة ودخولهم إلى قطاع العمل في سن مبكرة نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة لشرائح الفقراء وذوي الدخل المحدود في المجتمع ، ما افرز شريحة واسعة من الأميين الذين اغتصبت طفولتهم البريئة نتيجة التهميش والسياسات البائسة ، ولم تكتف الأقدار بما حدث للطفولة العراقية ، بل أضيف إلى ذلك قوافل من آلاف مؤلفة من الأيتام الذين كابدوا اليتم الذي استفحل في العراق نتيجة الأعمال الإرهابية التي خلفت مئات الآلاف من الشهداء وأضعاف هذا الرقم من الأيتام ، علاوة على ما فعلته العمليات الحربية من احتلال داعش الإرهابي لمحافظات بأكملها في شمالي العراق وغربيه ، وتشريد مئات الآلاف من العوائل في تلك المحافظات ، ومن الأطفال ما زاد على مليوني طفل نازح مشرد يقاسي آلام الخوف والمرض والجوع والحر والبرد والغربة وانقطاعه عن بيته الآمن وبيئته ومسقط رأسه وذكريات طفولته ، كل هذه الأمور وغيرها تركت في نفس الطفل العراقي آثارا لا نعلم طريقة لتلافيها ، بل لا توجد طريقة لذلك فكلنا يعلم أن أحداثا كهذه تترك في الذاكرة والشخصية ندوبا لا تندمل على مر السنين ، وإذا لم تلتفت الجهات المسؤولة إلى ضرورة إعادة تأهيل الطفل العراقي بدنيا ونفسيا ، بحيث ترمم في نفسه كل تلك الشروخ الغائرة ، بأساليب علمية تتبناها المؤسسة الحكومية ، بمؤازرة منظمات المجتمع المدني ، وتحت إشراف المختصين في علوم تربية الطفل والصحة النفسية له ، على أن تدخل تلك المؤسسات كل مرافق حياة الطفل ابتداء بالأسرة وليس انتهاء بالمدارس والمؤسسات الصحية ، ولا بد أن يكون الإعمار جذريا بغض النظر عن الكلفة ، فهذا خير موضع تستثمر فيه الأموال ، فإنشاء جيل سوي صحيا ونفسيا يضمن فيما يضمن مستقبلا مشرقا تقوده جحافل العلماء والكفاءات العلمية والفنية والتقنية ، كيما ننافس أو نلحق على الأقل بركب الإنسانية الصاعد إلى علياء التطور بسرعة كونية ، فالمدارس النموذجية الحديثة ورياض الأطفال المصممة على وفق احدث ما وصل إليه الإنسان من احتياجات الطفل الضرورية ، وليس ذلك بخسارة مهما كانت تكلفته فقد تركنا سراق المال العام ينهبون من أموال العراق ما يكفي بناء عراقين كاملين على احدث وأرقى المواصفات ، فلا نأت اليوم ونبخل على ضمان إنشاء جيل المستقبل على أسس علمية صحيحة ، فذلك هو الاستثمار الأمثل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب