الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع إنشاء الوهم - قصة قصيرة

عبدالله الداخل

2015 / 7 / 19
الادب والفن


في لقاءٍ لعوائل صديقة، في المساء، قـُلـْتُ كمن يحمل نبأ ًمُهمّاً جداً:
- "أتعرفون؟"
أصغى الحاضرون بانتباه. فأضفتُ جادّاً:
- "أتعرفون أننا .. أننا أشباح؟"
جمد البعضُ.
لكنَّ سيدة ً، وهي مدرسة رياضيات، قالت على الفور ساخرةً:
-" وَن اوفْ يورْ جوكس: واحدة من نكاتك!"
كم تمنيتُ، في تلك اللحظة فقط، لو أنها لم تكن على ذلك الجانب من الفطنة، لأنني كنتُ سأستمر في مشروعي في شرح أننا سنكون أشباحاً بعد أن تتوقف عظامُنا وجماجمُنا عن مقاومة البُعد الرابع أو على الأقل بعد أن تغادر سوادَ أعلام القراصنة.

كنتُ أتحدثُ واقفاً وكان أبي، الذي مات بعد ولادتي ببضعة أشهر، جالساً خلفي.

في الصباح بعد أن أقلعتُ عن مشروعي، كانت "الحرارة" دون الصفر في الخارج والجو صحواً وليس من ريحٍ.
أدرْتُ محرك السيارة ومروحة التدفئة على عجل، ثم عدتُ الى البيت بسرعة قبل أن يجمد رأسي.
رائحة البنزين ليست كالسابق، وتساءلتُ: هل غيروا نوع العطر المضاف اليه؟ عندما عدتُ الى غرفتي في الطابق الأعلى مكثتُ أنظر الى السيارة من النافذة. كانت سحابةٌ بيضاءُ هائلةٌ تحوّم خلفَها وحولَها.
كنتُ أفكر: حبلتْ مريمُ دون حيمن؛ تحولت عصا موسى الى أفعى؛ حلـّق محمـدٌ على بغل ذي جناحين الى أقاصي الكوزموس وعاد الى الحجاز في نفس الليلة، أسرع من الضوء ببلايـين المرات؛ "إنتبه" يسوع من الموت وطار مثل كريستوفر ريف، المسيحي كولومبس قتل نصف مليون من أجل الذهب الذي وعد الملكةَ به؛ كان في أميركا الشمالية مائة مليون من الهنود "الحمر" قبل وصول المؤمنين "البيض" ببنادقهم وخيولهم. شجرة سَدَر في محلة الشوّاكة ببغداد تبكي دماً، وذلك الشعب "العظيم" تحوّل الى طابورٍ طويل من اللطّامين، و.. وأنا هنا! اُزْمِعُ خوضَ معركتي!

كانت خارطة العراق في رأسي: يشمخُ أنفـُه الطويل في جبال ايران، وقد ولـّى الغرْبَ ظهرَه؛ شركات النفط دخلته، دوريّاً، من دُبْرِه، من "مرحضة" الكويت؛ إيران: بعيرٌ يبتعد، والفتاة "أم الكَذلة"، سوريا الجميلة، يغتصبها الآن رجالُ الدين الملثمون القادمون من الخارج بعد أن طعنوها بكل مكان من جسمها. مشروع جانبي: الأنبياء إباحيون، العنوان: إباحيةُ الانبياء! valid- تعلموا عدم مصافحة المرأة من اليهود. لا يستنجسون من اغتصابها أو قتلها. عاد سعرُ النفط الى الارتفاع ثانية ثم انخفض؛ الأنترنت منتفخة بالوهم العربي والإِعجاز، وبالأَعجاز! نسكن في طريق مسدود، دَدْ- انـْـد، "نهاية ميّتة"! dead end. ليس من بيتٍ آخر في هذا الطريق العام.

وقفَ عصفورٌ ملونٌ على الميزاب تحت نافذتي، ولمـّا رآني، طار. عصافيرُ قريتي أشباحٌ لها لون التراب.

سُحب السموم التي خرجت من عجيزة السيارة خلال أربع دقائق تفوق حجمَها أربعين ضعفاً. لم تتلاشَ هذه المرة. الريح ساكنة.
أتيتُ بخارطة العالم الملونة الكبيرة. وضعتـُها أمامي، على منضدة الطعام. نظرتُ إليها: متى بدأتُ أخوض معاركي؟ أين تختبي قريتي الأولى؟
ثم قررتُ إنهاءَ معركتي الأخيرة: سحبتُ كرسياً وجلستُ. ثم رفعتُ قدميَّ. وضعتُ اليسرى على اليمنى فوق الخارطة.كانت حافة المنضدة تؤلم ساقي، ومضيتُ أنظر في النافذة الكبيرة التي كانت تُطِلّ ُعليَّ. كان الله هناك، ثم اختفى.
هكذا، بيأسٍ غريبٍ، صمّمتُ على كسب المعركة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_