الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاميرا ترصدالواقع باختصار :

فلورنس غزلان

2015 / 7 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


نعشق أنفسنا...نتبجح بأصولنا وعراقتنا...نهوم ونهيم في بحار السلالات ...نرفع أنوفنا عالياً ونفخر...نفخر بماذا؟ نفخر بقدرتنا على الخديعة ...بقدرتنا على نصب المكائد والمصائد التي مكنتنا من ربح معركة هناك في الزمن الغابر...فنينا فيها الكثير من الأرواح ...لنفتح بلداناً كانت حرة فسبيناها، ....نترنم على أصوات السبايا وصليل السيوف الغارقة في دم الضحايا....نستعرض هيمنتنا...سابقاً....نتقبل ونتفهم أن يحدث هذا في زمنه الغابر حسب تاريخيته...ويموت بممات الوقائع والأسباب ، يندثر مع التطور وتغير العلاقات والحضارات وقيمها الإنسانية...لأن شعوب الأرض آنذاك كانت تشبهنا...واستيقظت من قتامة فحولة القوة وسطوة الساطور والسوط ودورها في استعباد الأضعف...لن نحفر عميقاً في الماضي....لكنا نحاول رفع غلالة الاحتفاء بالتراث الذي لايموت في عصره ويظل حياً في ذاكرة شعب توقفت انتصاراته عند القرون الأولى وتراجعت ...فتراها اليوم تحرث في جوعها ...في غيبها وغيبوبتها...تستعيد وتلوك في التراث...لأن الحاضر قاتم والقادم ليل دامس ...فلا يمكن لنوافذ النور وأبواب التطور أن تُفتح إلا من خلال القدرة على امتلاك الكتابة والقراءة والفكر والتفكير....القدرة على الإبحار في أشرعة المعرفة والاطلاع على حضارات تعلمت من كبواتها ..من مذابحها ، من استعبادها وعبوديتها...لتنتصر لمواطنها وإنسانيتها ...فتنجو بنفسها ...وتبني صروح الحق والعدل وتقيم موازينه بعد اعتلال...
أما نحن فمازال حاضرنا مُعتل ومصاب بالشلل النفسي والجسدي...اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً....لهذا نفتقد لما يمنحنا بعض التوازن ...فنتشبث بماضِ نراه مضيئاً أمام عتمة طويلة عشناها متنقلين بين الخضوع والخوف، بين الخوارج والدواخل..بين حروب مع الأعداء، أو مع نفوذ السوط والقوة... بين مهاميز العسس وبساطير العسكر، بين الزحف والسحل..بين الجهل والتجهيل...والرعب من المختلف الأكبر والأعلى ..الرعب من الغريب، بالضبط كطفل حذرته أمه الاقتراب من الغرباء، منهم يأتي الشيطان والغول.....فنتمسك بسيف الله المسلول...بشعرة من رأس النبي...وبالحجر الأسود كأيقونات تحرسنا وتمنع عنا الانكسار ، تمنع عنا عيون الشيطان المتربص بنا...دون أن ننظر بداخلنا حيث يقبع شيطان الشلل الفكري هازئاً ساخراً من غبائنا ..!...نحلم بوهم الحور العين، لأن قصورنا عن امتلاك الجمال والحب في الحياة ...يدفعنا للبحث عن الغيب والوهم...فنتشبث بخداع أنفسنا بحياة أخرى بعد الفناء...نترك مشايخ السلاطين وعلماء الجهل والتجهيل ...يفكرون عنا...يفرشون لنا الدروب بورود جنات تجري من تحتها الأنهار...تقتل البحث والتحليل والسؤال والتعليل...لأنه يمتلك حججاً إلهية، مدعمة بكتب سماوية ....لايحق للفرد أن يناقشها أو ينتقدها...لأنه على الدوام فرد قاصر ...وغير عاقل!، حتى لو امتلك الكثير من المعارف...فسيظل( سوط الحاكمية الإلهية ، أو سوط الفقيه) ...مُسَلطاً على فِكرهِ ومتغلباَ على بحوثه ...فالديكتاتوريات الحديثة لم تأت بسلطتها فقط من خلال فرض القوة والتطويع بالترهيب والترغيب والولاء...بل استقت واقتدت ...واتفقت مع تجار الحاكمية وسلطان الفقيه، ومسوقيها، فتحالفت معهم...لتقيم وتستقيم بيننا ...تُطَوِعنا وتَسلُب منا كل حقوقنا...وتحرمنا من حرية التفكير والتعبير....وحين ننتفض لكرامتنا ولحريتنا...نجد أن هذه الفئات تتحالف جميعها وتربط وجودها بقمعنا وإحباط كل محاولة من الشعوب للتحرك والتحرر ....ومهما تباعدت أيديولوجياتها...فما بينها من التقارب ...السلطاني والمصلحي ...يظل متلازماً ...لإعاقة ...حركة الشعوب خاصة في مناطقنا...لأنها لم تخرج يوماً من هذه العباءات والولاءات ...ولم تتحرر فكرياً ..أو قانونياً أو مجتمعياً..لأن سلطة رجال الدين سلطة سياسية كذلك ومقدسة.....فمازالت القيود المجتمعية والدينية هي سيدة الصولة والجولة...فيستمر الانحدار أكثر حين يكثر العابثون والمغامرون المُدَمرون للتاريخ.....والذين يفرضون أيديولوجيتهم العمياء المغرقة في القِدَم من خلال السيف والقوة وفرض الإرادة والرأي ، لأنهم رعاة الدين وحماة (الطائفة النقية)!..التي يجب أن تسود و تمحي كل من يقف بوجهها...فلا يتركوا أثراً للمعالجة والتواصل، ولا وجوداً لمعالم حضارة ، أو علاقات حضارية وتبادل معارف .. إلا ما جاءوا به...فلا يظل أمام الشعوب إلا خيار العسكريتاريا، أو هذه الجحافل العابرة لحاضرنا والمدمرة لغدنا...وقلة فقط بيننا لازالت تمتلك ....أسباب وجودنا وأسرار تطورنا وتقدمنا..ولديها القدرة .. على مقاومة هذه الأوبئة على تنوعها ..لازالت تمتلك ..أقلاماً يمكنها أن تنهض الشعوب من هذا الغرق والوحل...لكن كم من الزمن نحتاج ...للنجاة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكافآت خيالية للمنتخب العراقي بعد التأهل للأولمبياد... | هاش


.. تحدي القوة والتحمل: مصعب الكيومي Vs. عيسى المعلمي - نقطة الن




.. ألعاب باريس 2024: وصول الشعلة الأولمبية إلى ميناء مرسيليا قا


.. تحقيق استقصائي من موريتانيا يكشف كيف يتم حرمان أطفال نساء ضح




.. كيف يشق رواد الأعمال طريقهم نحو النجاح؟ #بزنس_مع_لبنى