الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-نقاشٌ- مع حمار .

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2015 / 7 / 19
كتابات ساخرة


الشيخ فتحي ، هو من الشخصيات التي لن يُخلدها التاريخ في صفحاته ، وحينما يُغادرُ هذه الفانية ، آخِرُ الاشخاص الذين عاصروه في "أوج عظمته " ، ستختفي ذكراه من "الحيز" العام ، وليصبح إسمهُ مجرد اسم يتوارثه أحفادُه في سلسلة نسبهم العائلي .
والشيخ فتحي هذا ،كان أُسطورةً في حياته ، لسببين رئيسيين ، أولهما : لأنه كان من أوائل من تاجَرَ بالملابس الجاهزة ، والتي لم تكن معروفة ومستعملة كثيرا حينها ، فالغالبية من النساء والرجال في بلدتنا ، كانت تستعين بالخياطين والخياطات لخياطة ملابسهم التراثية والتي أصبحت لاحقا وفي أيامنا هذه ، فولكلورا نستعرضه ونعرضه في المهرجانات التراثية . أما السبب الثاني والأهم ، فهو بسبب ما تمَيّزت به شخصية الشيخ فتحي ، ألا وهو ظُرفُه وسرعة بديهته . ورغم أنه لم يتعلم سوى للصف الثاني ابتدائي ، أي تعلم مبادئ القراءة ، الكتابة والحساب وبعض قصار السور من القرآن ، إلا أنه استطاع بحنكته وذكائه الطبيعي من إدارة دكانه وتنميتها بحيث أصبحت ، دكانة الملابس الجاهزة الأكبر، والأشهر في البلدة والقرى المجاورة .
وعنّي شخصيا ، فقد كُنتُ ضيفا مُرحبا بي في دكانه ، وذلك حينما كانت الدكاكين مُلتقى للأصحاب والمعارف . وكانت قهوته جاهزة دوما يرتشف منها الغادي والرائح .
وقد أكتسب لقب "المشيخة " ، لأنه وهو في عز شبابه ، تاب توبة نصوحا ، بكل ما تحمل الكلمة من معنى... وذلك قبل أن يتكاثر الشيوخ في مجتمعاتنا ، شيوخ الاسلام السياسي السلفي . فقد شهدت أيام شبابه مغامرات كثيرة وصاخبة ، ولن نتوسع في هذا الجانب .. وذات رمضان بعيد ، دخلتُ الى الدكان وعنّت على بالي سيجارة .. ولنتذكر بأنه صائم ، وعندما شعر برغبتي في التدخين ، قال لي أن "أختبيء " وراء الطاولة وأُدخن !! وحينما سألتُه عن تفسير لسلوكه هذا ، أجابني بأنه ليس الله .. وهو سيترك حسابي الى من عنده الحساب !!
طبعا ، لن أتمكن في هذه العجالة من الكتابة عن نوادره ومُلّحِهِ ، لكني أتذكر بعضها ، حينما تواجهني قصص أو ظروف ، كالتي حكى عنها أو كنتُ شاهد عيان عليها ، في دكانه !!
وذات يوم ، وفي ساعات الصباح ، مررتُ عليه ، وفي هذه الأثناء دخلت فتاة صغيرة الى الدكان لتشتري شيئا ... فبادرها الشيخ قائلا : اليوم صباحا وفي طريقي من البيت الى الدكان ، شاهدتُ أخاك فلانا ،يُقاتلُ حمارا ..!! ضحكنا جميعا بما في ذلك الأُخت ..!! فمعروف لدى الجميع بأن الشيخ ساخرٌ ولا يقصد الإساءة.
بعد ان خرجت الفتاة ، عاتبْتُهُ قائلا : هذه فتاة صغيرة ولم يكن من اللائق ان تتحدث عن اخيها هكذا ..!! فكيف سيتقاتل مع جحش يعني !! إذ يتصارع جحشان ، وليس إنسانا مع جحش ..
فأخبرني بأن القصة حقيقة ، وسمّى لي اسم أخيها ، المشهور بالعناد ، التياسة (من تيس ، يعني غبي ) "وقسوة الرأس " كالجحش ، الذي ملأ الحي صراخا على حمار يقف في وسط الطريق !! والحمار لا يفهم ولا يتزحزح !!
تذكرتُ الشيخ فتحي ، وذكراه لا تغيب طويلا عن بالي ، حينما دخلتُ في نقاش مع أحد " الحمير " ..!! وهذه هي المرة الثانية التي أخوض فيها نقاشا مع "حمار" ، ويرتفع صوتي وأغضب .
"الحمار " الأول ، داعشي الهوى ، تربطني به قرابة ، وجرى الحديث عن داعش وفكرها الديني ، الذي يختلف جوهريا عن القراءة الإنسانية للنصوص المقدسة الاسلامية .
وحينما نصحته بقراءة القرآن أولا وقبل أن يُصدر "فتاواه " ، تطاول علي ، فغضبتُ ...
وفي أول ايام العيد ، واثناء زيارتي لبيت أخي المرحوم ، حضر للمعايدة أقارب زوجته ومنهم شاب ، وهابي سلفي متزمت (وهو لا يدري طبعا ).
بدأ الحديث عن الشيعة وايران ، ثم تكفيرهم وبأنهم غير مسلمين ، يسبون السيدة عائشة والصحابة ، وهذه الاسطوانة المشروخة .. كما وأنهم يتزوجون زواج المتعة ..
حاولتُ أن الفتَ انتباهه ليبحث اين ورد مصطلح "المتعة " ، ومن الذي اباح المتعة ومن الذي ابطلها ..خاطبني بالقول ، بأنني أقراُ كتبا مزيفة .. غضبتُ وطلبتُ منه أن ينصحني بكتاب غير مزيف حتى أقرأه ، فلم يُحر جوابا .. غضبتُ وعلا صوتي كثيرا ..
عاتبتُ نفسي كثيرا .. لكنني توصلتُ الى نتيجة ، بأن السكوت عن مقارعتهم ، سيُكسبهم أنصار جدد !!
فناقشوهم حيث ثقفتموهم ، لتفضحوا جهلهم ..!!
تذكرتُ الشيخ فتحي ، ودعوتُ له بالرحمة ولتبقَ ذكراه خالدة ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل عام و أنت بخير
الزنديق الأعظم ( 2015 / 7 / 19 - 20:56 )
الفاضل الكاتب
كل عام و أنت بخير ابتداءا
هناك مبدأ أسميه الطز الكبير
إنه طز
و هو لاشئ
لكنه يفتعل ضجة كبيرة لذلك فهو طز كبير
هؤلاء لا ينفع معهم إن اضطررت للنقاش سوى أن تمضي لتبين تفاهتهم كاملة دون رحمة
الأفضل ألا تناقش لكن إن ناقشت و انحسبت عليك
العن ربهم
كما افعل أنا
احترامي


2 - امتحان قصير (Quiz)
صلاح البغدادي ( 2015 / 7 / 20 - 05:11 )
استاذ قاسم....هناك امتحان بسيط لهولاء تسآلهم السؤال التالي:
س: هل الايات (58) و(61) من سورة النور هي كلام الله؟
اذا كان الجواب نعم ،فلاتتعب نفسك واعصابك معهم وابحث عن شخص مثل الشيخ فتحي ليتعامل معهم .
واذا كان الجواب لا......فالنقاش سيكون مثمرا ومفيدا للطرفيين.
وتحياتي


3 - الزميل الزنديق الاعظم
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 7 / 20 - 05:12 )
تحية
شكرا على المعايدة أولا
اما ثانيا فاسمح لي ان اختلف معك في جزئية اللعن .
فنحن - حسب رأيي- نحترم معتقدات الناس ولا نشتمها .
اتقبل مودتي


4 - العزيز ناصر علي من الفيسبوك
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 7 / 20 - 05:13 )
شكرا لك


5 - الزميل صلاح بغدادي
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 7 / 20 - 05:17 )
صباح الخير وشكرا


6 - الفاضل قاسم
الزنديق الأعظم ( 2015 / 7 / 20 - 09:00 )
أخي قاسم
كيف تحترم معتقد شخص حين يأمره أن يقيم عليك الحد؟
ألا ترى أن معتقد كهذا لا يستحق إلا الرفض و الاحتقار؟
تعليقي في سياق نقاشك مع مؤيدي داعش
احترامي


7 - لماذا ؟
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 7 / 20 - 09:12 )
لا بد وانك لاحظت بان نقاشي معهما جرى امام جمع غفير من المستمعين المؤمنين ولا يليق بي ان -اتدهور - كثيرا، زيادة على دخولي معهما في نقاش
لك التحية


8 - أوافق أخي الزنديق
.ماجدة منصور ( 2015 / 7 / 21 - 01:52 )
أنا أوافق أخي الزنديق الأعظم بل أني سأزيد على الطز الكبيرة بضربة قاضية من فردة حذائي مع احترامي الكبير لك0
أنت تحترم معتقدات البشر لأنك محترم أم أنا فلا أستطيع أن أحترم الحمير من البشر لأن هؤلاء البشر لن و لن يحترموا فكرا غير فكرهم وهم جاهزون لقتل المختلف كي يدخلوا جنة وهمية عرضها السموات و الأرض0لا أعرف لما لم يذكر القرآن طول الجنة و اكتفى بذكر عرضها فقط!! يمكن منشان هيك بيقولوا يفضح عرضك0
نصيحة لك من قارئة تحترمك كثيرا...لا تناقش الحمار لأن الحمير لم تخلق للنقاش بل للركب و .التحميل فقط لا غير0
احترامي الكبير لجنابك


9 - العزيزة ماجدة منصور
قاسم حسن محاجنة ( 2015 / 7 / 21 - 05:21 )
صباحك عسل
وكنتُ أظن بأنك زعلانة مني هههه !!
شكرا لك على التعقيب واهلا وسهلا بك في كل وقت
نهار سعيد

اخر الافلام

.. فـرنـسـا: لـمـاذا تـغـيـب ثـقـافـة الائتلاف؟ • فرانس 24 / FR


.. الفنانة نجوى فؤاد: -أنا سعيدة جدًا... هذا تكريم عظيم-




.. ستايل توك مع شيرين حمدي - عارضة الأزياء فيفيان عوض بتعمل إيه


.. لتسليط الضوء على محنة أهل غزة.. فنانة يمنية تكرس لوحاتها لخد




.. ما هي اكبر اساءة تعرّضت لها نوال الزغبي ؟ ??