الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسلاميي كردستان بين الفضائيين وضحالة التفكير

سمير عادل

2015 / 7 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تتصاعد اليوم حدة الصراع بين التيار العلماني في كردستان العراق من الشيوعيين والمثقفين التحرريين والنساء والشباب وبين الاحزاب والقوى الاسلامية حول سن الدستور. ان القوى الاسلامية التي تعمل بشكل طابور خامس وخلايا نائمة وتنتظر ساعة الصفر من داعش، فهي نظمت حملة سياسية ودعائية ضد مركز العلمانية في كردستان العراق، الذي يقود التيار العلماني ويجمع يوميا المئات من التواقيع وينظم الندوات والتجمعات، ويشن حملة سياسية واعلامية من اجل سن دستور علماني في كردستان العراق.
ان الاحزاب القومية الكردية والاحزاب الاسلامية المؤتلفة في برلمان كردستان شكلت لجنة لصياغة الدستور، التي يميل اغلبية اعضائها في تثبيت الشريعة الاسلامية اما كمصدر من مصادر التشريع او احد المصادر الرئيسية او المصدر الرئيسي الوحيد. ولا يخفى على احد ان الاحزاب القومية الكردية، ظلت طوال تاريخها مطأطأة الرأس للقوى الاسلامية وتحاول بأشكال مختلفة ارضائها. وليس في هذا اي جديد، ولكن الجديد هو ظهور داعش على حدود كردستان الذي تستمد منه الاحزاب والقوى الاسلامية بجاحتها وجرأتها بالتمادي على الحريات والحقوق الاساسية للبشر في كردستان العراق، من خلال وضع الاسلام في الدستور وفرضه كسيف على رقاب جماهير كردستان، وكأن جماهير كردستان بعيدة او غائبة عن ما حدث ويحدث من ويلات وماساة بسبب الاسلام السياسي وقوانينه في العراق.
ان القوى الاسلامية في كردستان العراق تدرك حجم جرائم الاسلام السياسي في العراق والمنطقة، وتعرف ايضا ما فعل داعش من اعمال السبي والتنكيل والذبح بحق النساء في سنجار والموصل وكوباني والرقة، وتحت راية الاسلام، ولم تخرج مع الاحزاب والقوى السياسية في كردستان في الاحتجاجات التي نظمت في كردستان العراق قبل اشهر ضد جرائم داعش في مدينة كوباني. ولكن مع هذا تحاول القوى الاسلامية المذكورة غض النظر عن جرائم حلفائها وتتحجج بأن يكون مصدر الدستور في كردستان هو الشريعة الاسلامية وبأن اكثرية مجتمع كردستان "مسلمين". وهنا يطرح سؤال بسيط لماذا اذن لم يكن دستور الدول الاوربية مصدره المسيحية، اليست الاكثرية هناك مسيحية! ولماذا لم يكن دستور دولة جنوب افريقيا مصدره الانسان ذو لون البشرة السوداء لانهم الاكثرية ويعامل البيض معاملة مواطن درجة ثانية! ولماذا لم يسن في المانيا بعد الحرب العالمية الثانية دستور مصدره المرأة لانها تمثل الاغلبية ويكون بهذا (النساء قوامات على الرجال) في كل شيء: الوظائف، قانون الاحوال الشخصية، الميراث، المحاكم، ادارة الدولة... وليس العكس كما تريدها القوى الاسلامية في كردستان العراق اي (الرجال قوامون على النساء)، وهناك عشرات الامثلة الاخرى من الممكن ذكرها كي ندحض "ديمقراطية" الطابور الخامس في كردستان العراق التي تؤمن حسب مصالحها ومزاجها بالاكثرية والاقلية. وان حجة القوى الاسلامية في كردستان العراق هي نفس حجة قوى الاسلام السياسي الشيعي في العراق، التي تقول ايضا يجب ان يكون الدستور مصدره الاسلام الجعفري كما هو واضح في ديباجته، ويجب ان تفرض على المدارس المناسبات الدينية ذات الطقوس الشيعية، وان تتعطل الدولة والحكومة ومؤسساتها في ايام ميلاد ووفاة أئمة الشيعة، وان يكون رئيس الحكومة شيعي بأمتياز وان تكون حصة الاسد لاحزاب الاسلام السياسي الشيعي من السلطة والامتيازات والثروات لانه ببساط ان اغلبية المجتمع العراقي هم من "الشيعة". بيد ان الحجج التي يسوقونها هي حجج سخيفة وواهية وتناقض بشكل كلي مبادئ حقوق الانسان التي لا تؤمن بها تلك القوى قيد شعرة.
ان سن الدستور في كردستان العراق ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بأكثرية المجتمع مسلم او غير مسلم، والذي يحسب المئات اذا لم نقل الاف امثالنا عنوة على الاسلام والمسلمين ونحن لا نملك اي دين غير الهوية الانسانية. بيد ان احتساب امثالنا على الاسلام والمسلمين يشبه جيش المالكي والمؤسسات الحكومية التي اكثر من 70% منهم فضائيين، كي يسرقوا الرواتب والمعاشات بشكل قانوني لاناس غير موجودين بالاساس. وهكذا يحسب الجميع في مجتمع كردستان مسلمين كي يمرروا دستورهم الذي يتغذى منه داعش وينمو عليه ويولد دواعش كل يوم.
واخيرا اقول ان تبجح الاسلاميين بالامس وقبل داعش هو طأطأة رؤوس الاحزاب القومية لها كما قلنا في بداية المقال. اي بعبارة اخرى ان استمرار هذه القوى او الخلايا النائمة لداعش في كردستان غير مرتبطة بأن مجتمع كردستان هم اكثرية مسلمة، بل مرتبطة بدعم الجمهورية الاسلامية في ايران واسلام النفط في السعودية وسياسات حزب العدالة والتنمية الاسلامي الذي يقوده اردوغان في تركيا، وان الاحزاب القومية الكردية موزعة بين تلك الاطراف وتعمل جاهدة بارضاء وتمرير سياستها في كردستان العراق التي تدعم بالنهاية القوى الاسلامية وتستمد قوتها منها.
ان قطع الطريق على داعش وانهاء تمادي الاسلاميين بالتدخل في الحياة الشخصية للافراد في المجتمع، وانهاء التهديد برفع سيف الشريعة الاسلامية وقوانينها على الحريات الانسانية والفردية في المجتمع هو بسن دستور علماني. وليتذكر الاسلاميين وكذلك الاحزاب القومية الكردية، بأن الكنيسة الكاثوليكية التي حكمت بالحديد والدم لقرون من الزمن في اوربا، اقصيت عن المجتمع وتحولت جرائمها الى روايات وقصص واحاديث ترويها الاجيال اللاحقة، فمثلما قضت ثورة 1789 على الكنيسة، فأن مجتمع كردستان كما المجتمعات المعروفة بالعربية ستشهد ثورة عنوانها القاء داعش وخلاياه النائمة في مزبلة التاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ