الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلام عن البداوة والسياسة في ليبيا

عزالدين اللواج

2015 / 7 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


تناولت في أكثر من مرة فهمي الأبستمي الخاص للبداوة في ليبيا،وهوفهم ينطلق أساسا من توظيف ثقافي ،لا علاقة له بالتعالي الجهوي والعرقي الذي يستخدمه بعض المثقفين في ليبيا،والذين يحاولون حصر الإنسان الليبي في فرضية تعتبره مجرد بدوي وراعي أغنام وأبل، ينتمي بيولوجيا لما يسمى خطأ بالمجتمعات البدائية.
إذا نحن ننتقد هنا ظاهرة ثقافية فرضتها عوامل عدة من بينها الجغرافيا الصحراوية الليبية ، ظاهرة تتمظهر في سلوكيات موجودة في مختلف الأقاليم الجهوية في ليبيا ، وليس كما زعم فقيه دين ليبي يدعى سالم الجابر أنها محصورة فقط في الشرق الليبي، كما أننا نراعي في ذلك التوظيف العديد من المعطيات والميكانيزمات التي يفرضها الثقل التاريخي على البيئة المجتمعية والسياسية .
هذا استدراك رأيت من المهم الإشارة إليه حتى لاأتهم بالعنصرية أو السخرية من البدو ، فالذين لم يستوعبوا بعد أن غالبية السلوك السياسي والمجتمعي الموجود في المدينة الليبية لا يزال من الناحية الثقافية سلوكا بدويا سلبيا، ينتمي بلغة الأنثروبولوجي الفرنسي كلزد ليفي شتراوس إلى مجتمعات ما قبل القراءة والكتابة،يحرصون في العديد من الأحيان على تقديم قراءات ضعيفة وسطحية لظاهرة السلوك السياسي البدوي في ليبيا ،متجاهلين من خلال توظيفهم للمتغير الذي يربط التحضر بالمدينة الليبية،أن هذه الأخيرة في سلوكها السياسي، ليست إلا مجرد امتداد بشري وثقافي لسوسيولوجيا البادية الليبية .
عموما سنواصل في هذه في هذه السطور، ومضات تأملنا الموجزة والمقتضبة في المشهد السياسي الليبي الراهن ،وتحديدا في سوسيولوجيا توظيفاته الخطابية ،ففي ذلك المشهد الذي يغلب على ثقافته السياسية وحراكه السياسوي الراهن ، النسق البدوي ،لابوجد أسهل من أن توظف لمصلحتك الشخصية ، مقولات على شاكلة مواجهة الطغيان ، تداعيات التحالف مع الناتو والقوى الخارجية ،خطر الإسلام السياسي ، خطرالثورة المضادة ،خطر داعش...إلخ
هناك حيث تتغلب العاطفة والفصاحة على العقل ،ويتم قطع الطريق أمام ممرات ومسارات التفكير النقدي والمعرفي ،وبالتالي يصبح من السهل الترويج لمثل تلك المقولات تحت شعار مصلحة الوطن ،و يكون من السهل أيضا اتخاذ لحظة اللاتوازن السياسي والمجتمعي وأخطاء الخصم كلحظة مناسبة لذلك التوظيف الخطابي غير البريء.
على مستوى ظروف الحالة الليبية الراهنة، ومن زاوية تغلب مصلحة الوطن واحترام أدبيات الاختلاف والتعايش المجتمعي ، يفترض أن يكون المكان المناسب لمن يرغب في ممارسة حقه المشروع في نقد الآخر المحتلف معه ، هو القاعات والمنابرالعلمية والثقافية التي تلتزم في نقدها للغير بأسس وقواعد الخطاب العلمي ، وليس عبر القنوات الإعلاميةوالثقافية المغشوشة والمزورة ، والتي يوجد بها علماء سياسة من نوع عجيب،علماء لايزالوا يبهرون العالم بمثل تلك التوظيفات السمجة ،وبنظريات على شاكلة نظرية قبائل المجتمع المدني الليبي،ونظرية المربعات العسكرية ،ونظرية العثور على رجل خميس معمر القذافي.
أخيرا، قد يكون من الصعب أن لم يكن من المستحيل أن نقول كل شيء أو حتى أغلب ذلك الشيء عن البداوة والسياسة في ليبيا ،ولكن بالإمكان القول أننا في ليبيا لن نفقد أمل التحرر من مثل تلك السلوكيات الثقافية السيئة ،وأن خبرة التواصل والتفاعل السوسيولوجي والثقافي مع العديد من شباب ليبيا المتعلم والمثقف،تشي بأنه ثمة هناك جيل ناضج في طور التبلور ،جيل قد نراه وهو يقوم بمهامه التنويرية والحضارية ،وقد لا نراه ،جيل سينتفض يوما ما ، نظريا وعمليا ضد ذلك الروث السلوكي البدوي وتوظيفاته النخبوية والخطابية، في المشهد السياسي الليبي ،لاتخذلونا يا شباب ليبيا....لا تخذلونا أحياء كنا أو أموات...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر