الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعقيب على مقالة نحو جامعة متقدمة ووطنية - ياسين حاج صالح

موريس عايق

2005 / 10 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لقد عالج الأستاذ ياسين حاج صالح موضوع الجامعة وقضية الطلبة في مقالته,نحو جامعة متقدمة وديمقراطية, الحوار المتمدن 1342, بطريقة مميزة ,لايمكن للمرء الا أن يتفق مع مجمل ما جاء فيها, لكن هناك امرا يبقى ويستحق بعض التعقيب.
السؤال هو, هل تتحمل السلطة وحدها المسؤولية عما آلت اليه أوضاع الجامعة السورية؟
قسم كبير من المعارضة السورية ينظر الى السلطة على انها كائن كلي القدرة, أعاد تشكيل المجتمع كما يريد ويرغب, وعليه فانها,السلطة, تتحمل كامل المسؤولية عن جميع الأوضاع, ما اعتدنا عليه من الأستاذ حاج صالح هو موقفه النقدي من هكذا تصور, لكنه هنا يبدو وكأنه يتجه الى هذا المنحى, فمشكلة جامعاتنا هي كونها جامعات شمولية خاضعة لمعيار الولاء,وتحديث جامعاتنا وتطويرها سيكون رهنا بتحريرها من معايير السلطة واستقلالها, كل هذا صحيح وهام لكنه غير كاف , ان تحرير الجامعة خطوة ضرورية ولكنه لايكف ,فالوضع المتدهور للتعليم العالي ليس محصورا بسوريا بل هو عام في الوطن العربي بأسره, وهذا الوضع يمتد الى التعليم ماقبل الجامعي, الأمر الأساسي ان ثقافةالعلم والتعلم هي ثقافة مجتمعية وليست مسألةانتاجها واعادة انتاجها محصورة فقط في السلطة, على اهميتها البالغة.
فعلى سبيل المثال, ان فكرة طرح الطالب لسؤال هو دليل على عدم فهمه او استيعابه , فكرة اعتدنا عليها منذ المدرسة وليس في الجامعة, التعليم عبر التلقين من انجازات التعليم قبل الجامعي, الوضع في الجامعة أسوأ حال مقارنته مع التعليم ماقبل الجامعي, هذه الثقافة هي ثقافة المجتمع بأسره قبل ان تكون نتاجا لثقافة سلطة, ستفعل مابوسعها لتأبيدها
ان قضية تسييس الجامعة وقبول مناضلين ضمن طلبتها والموفدين والدكاترة العائدون من أوربا الشرقية امور كارثية بحق وقد عاشها طلبة الجامعة, لكن هذا هو تعبير مكثف عن مجتمع ينتج سلطته, كما ستقوم هي باعادة انتاجه
ان الحرية في التعبير عن الرأي والابداع والتخيل امور غائبة عن الجامعة ولكنها غائبة عن المجتمع, ليس وحسب فيما يتعلق بالسلطة انمافي أغلب المسائل ويكفي تصور قضية ذات طابع أخلاقي وربما نرى عندها أن السلطة ذات موقف تقدمي مقارنة بالقسم الأكبرمن المجتمع
ان حصر القضية في شق السلطة ليس واقعيا, ربما يؤدي الى صورة أكثر تفاؤلا, يكفي انجاز تغيير سياسي,وهذا معنى الاقتراحات التي أوردها الاستاذ حاج صالح ,وهي على اهميتها فهي لاتمس القاع الأساسي لمشكلتنا, المطلوب ليس فقط تحرير الجامعة وحسب انما تحرير المجتمع بأسره من تخلفه وفواته, هذا الأمر أصعب وواقع الحال سيكون أشد سوداوية لكنها ايضا صورة أكثر واقعية
المسألة الأخرى هي مسألة الحراك الطلابي, والشبيبي بشكل أعم
أثار الأستاذ حاج صالح قضية الانقطاع الجيلي وبين أسبابه وهو محق فيما ذهب اليه, لكن مع هذا أليس لدينا, الشباب, والجيل الأكبر بعض الهموم المشتركة قليلا لنتحدث بصددها؟
لنرتب الوضع قليلا, هل هذا الجيل غائب عن السياسة؟ يستطيع أي شخص بمجرد حضور بضعة جلسات سهر شبابية أن يدرك مدى حضور السياسة في حياتهم وجدالاتهم , بل سيرى ما هو أكثر غرابة وهو ان هذا الجيل تقليدي بطروحاته واجاباته السياسية, طبعا ضمن القطاع الذي يملك اجابات وهؤلاء أقلية بينما الأغلبية لاتثق بشيء وان أبدت اهتمام بالقضايا السياسية وخياراتها, في حال أقدمت على احد الخيارات سيبقى ضمن الخيارات التقليدية, فالجيل في اجاباته موزع على التقاليد التي يحملها الجيل الأكبر وليس ضمن اطارات جديدة بل بذات التقليد,والاسماء المتداولة ذاتها من لينين الى قطب مرورا بعبد الناصر, ودون العثور على أسماء لمجددين أو منظرين غير تقليديين
ان هذا التصور عن ماهية السياسة والحلول شبه مشترك بين الأجيال, ومع هذا يبقى هناك غيابا للتواصل, فأي شاب محسوب على تيار معين هو جدا تقليدي في فهمه ورؤيته, وسيبادر مثلا وزيادة ليؤكد لك أن الحزب هو الفاعل السياسي ,الوحيد ربما, ولكنه سيكمل بأنه ليس على استعداد للدخول في أي حزب يعبر عن هذا التقليد السياسي
القضية هي اعادة بناء المجال السياسي, اعادة بناء الثقة في العمل السياسي والاجتماعي, لكن هل هذا ممكن؟
مايطرح عادة أن السلطة دمرت المجال العمومي, لكن هذه الاجابة غير كافية واكثر انها غير صادقة, فالقمع لا يلغي امكانية العمل السياسي, يجعله اكثر صعوبة وذا طابع فدائي وخلاصي لكنه لا ينهيه,هذا من ناحية اما من الناحية الأخرى فان المتابعة العملية للاعتراضات التي يطرحها الشباب بصدد العمل السياسي سيجد انها لا تستثني المعارضة, بل غالبا ما ينصب القسم الأكبر عليها
ان عدم الثقة في العمل السياسي هو الوجه الآخر لعدم الثقة بالأحزاب السياسية, فهناك أشخاص يحظون باحترام عميق ولكن احزابهم لا تثير أي اهتمام ولا يفكرأحد بالتورط مها, وربما المثل الأبرز سوريا هو رياض الترك الذي يملك تقديرا عاليا لشخصه ربما لايوجد من ينافسه في هذا لكن لا أحد يفكر بالعمل مع الترك أو حزبه
ماهو الخلاف الذي يقف خلف عدم تفاهمنا؟
تجربة جامعة حلب ستكون مثالا هاما يستحق أن يتأمله المرء وكما يطالب الأستاذ حاج صالح
عاشت هذه التجربة ثلاث سنوات قبل وصولها الى اعتصام الهندسات, خلال هذه السنوات الثلاث كانت مجموعة صغيرة قامت بعدة أمور متعلقة بفلسطين والعراق فيما بعد ,طبعا كانت الانتفاضة الفلسطينية ذات أثر كبير على انطلاقها وهذا ما يجدر ان يلاحظه المرء, اي هذا الدور الذي ما تزال تلعبه المسألة القومية,وبالنسبة لمجموعة حلب كانت القضية الفلسطينية بمثابة فترة حضانة لها
من قضية فلسطين والعراق استفادت المجموعة وتدربت حتى الوصول الى المرسوم الرئاسي رقم 6, والذي طرح امرا يمس بشكل مباشر عددا هائلا من الطلبة في مستقبلهم وحياتهم, ارتبطت المجموعة مباشرة بهذه القضية وتقدمت لتكون مدافعا عن حقوق الطلبة وتعبئهم للدفاع عنها وهو الأمر الذي لم يقم به اتحاد الطلبة
بعد ما تعرض له الاعتصام وماتلاه من عقوبات قامت المجموعة بمحاولات للدفاع عن النفس, ولكنها أثارت جوا مغايرا للمرة الأولى في الجامعة ورغبة في التعرف لدى قسم متزايد من طلبة الجامعة, وخلال محاولة المجموعة الرد على العقوبات قامت بمحاولة الاتصال بقسم من المعارضة, الأمر الذي اثار خلافات ضمن المجموعة وأجج أخرى كانت موجودة,وطبيعة الخلافات وطريقة حسمهابقيت تثير المشكلة الأبدية وهي ممارسة السياسة كعمل عقلاني في مجتمع تقليدي في وعيه وهكذا كان الحال هنا ,وطبعا ترافق هذا مع محاولة الاتصال بأشخاص ضمن الحزب وهيئة الجامعة من المحسوبين على تيار الاصلاح, الهام هنا هو انه وخلال محاولة المجموعة رد الاعتداء اكتشفت وعايشت اهمية المسألة الديمقراطية والحرية لتمكينها من الدفاع عن حقوقها وتحديدا حقها بالدفاع عن مستقبلها وحقها بالدفاع عن نفسها حيال الاعتداء, وهذا اعطى معنى واقعي لشعارها الذي ربط بين حرية الانسان وحرية الوطن
ان الذي انجزته المجموعة وتعلمته عبر تجربتها المعاشة لم تنجزه حتى اليوم احزابنا,مشكورة, ان الترتيب الذي عاشته المجموعة للمسائل المطروحة هو الهام, المسألةالقوميةـ المسألة المطلبيةـ الديمقراطية
هذا الترتيب ليس زمنيا بل اجتماعي, منطقي, لكنه بالنسبة لأحزابنا هو ترتيب معكوس, يبدأون بما عليهم أن ينتهوا به
ليس المقصد أن يقدم المرء برنامج مطلبي ويضع الديمقراطية في الأسفل, انما ربط الديمقراطية بالمطلب المعاشي, نحن نحتاج للديمقراطية لندافع عن رغيف الخبز, لندافع عن حقنا بالعمل, لندافع عن حقنا بالاعتراض
الديمقراطية ليست وحسب تعددية حزبية,خاصة ان لم يكن هناك أحزاب ذات تمثيل شعبي, بل هي حق الفاعلين الاجتماعيين في الدفاع عن مصالحهم والوصول الى اتفاقات فيما بينهم وحماية حقهم بالاعتراض,الفاعلون الاجتماعيون ,طبقات , ولكن ليس المثقفين والأحزاب وحسب
سيقول القسم الأعظم من احزابنا أن هذا معروف ومفهوم, لكنه ليس كذلك بالنسبة لهم, ما أنجزته مجموعة حلب ليس مستوعبا من قبلهم حتى الآن, هم يتحدثون عن اصلاح سياسي وتغيير المادة رقم 8 من الدستور, والتي تجهلها غالبية الشعب السوري ولا تعطيها أهمية, لكنهم لم يتعاطوا مع المطالب الشعبية, التجمع على سبيل المثال يتحدث عن اقتصاد وطني وتوزيع متكافئ للثروة وكأن هذا الاقتصاد بندا في برنامج, ولا أحد يفهم كيف سيتحقق, وهذا لن يقلق بال التجمع فالاجابة جاهزة, السلطة
هذا هو ما استوعبته مجموعة حلب عبر تجربتها المعاشة وليس عبر التحليل النظري, الترتيب بسيط, المسألة القومية ـ شعب مهان قوميا من ناحية ومايزال يتعثر في انجاز انتماء قومي يتجاوز انتماءاته مادون القومية من ناحية أخرى, ثم المسألة المطلبيةـالطبقيةـ واخيرا الديمقراطية على أنها التعبير السياسي للمسألتين السابقتين
لهذا لم يكن مستغربا ان يظهر تأثير ياسين الحافظ قويا على قسم من مجموعة حلب, وطبعا كالعادةلم يلمح احد لحزب ياسين الحافظ, حزب العمال الثوري العربي
ان قضية اعادة التواصل بين الاجيال تفترض الآن اعادة بناء الثقة, ولهذا لدينا مطلب صغير من احزابنا جميعها, معارضة وجبهة, وهو النقد الذاتي الحقيقي, اننا لسنا اعداء بل ما نرجوه هو مساعدتهم لنا لكي لانعيد تجاربنا باستمرار
والسؤال الأقسى للجميع والذي لم يطرحه احد ,وان طرح دائما بين الشباب وهو, هل كان الوضع سيكون مختلفا لو قيض لحزب آخر ان يصل للسلطة؟ الاجابة الأعم هي لا, ولكن على سبيل المثال أفترضت ,شخصيا, ان ما حصل كان أفضل ما حصل فالبعث كان يحمل ايديولوجية وسطية, مقارنة بمن على يساره ومن على يمينه, والأكثر امتدادا ضمن التركيبة الطائفية للشعب السوري من غيره
هذا النقد الذاتي سيكون الخطوة الأولى لجسر الهوة الجيلية ويقوم عندها الجيل الاكبر بدوره كمدرسة نستطيع التعلم منها
ملاحظةـ من المفترض ان يقوم احد من مجوعة حلب بالكتابة عن هذه التجربة ومراحلها وخلافاتها ومشاكلها وستكون درسا هاما للجميع وخاصة انني لم اكن في هذه التجربة وان جمعتني صداقة متأخرة, تعرفنا على بعض بعد اعتصام الهندسات, سمحت لي ان أطلع على هذه التجربة وربما سيكون امرا دالا اني عرفت بوجود مجموعة منذ فترة سابقة ولم أبالي بهذا كالجميع لاني لم أكن أرغب بالانخراط في عمل سياسي او عام ومازلت للآن غير متحمس للأمر, وانا مجرد مثال يمكن القياس عليه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج