الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إن كان حزباً أو فرداً فهذا لا يجوز

دروست عزت

2015 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



أستغرب من بعض الجهات ومن بعض الأفراد وهم يدّعون النضال والوطنية والقومية ويتصرفون كأناس ٍ وكأن ليس لهم أية علاقة بالسياسة عندما يردون على غيرهم بشكل ٍ مخجل للرد .. ويهبطون بمستواهم في محاربة الجهة الآخرى التي تختلف معهم في الرأي والفكر.
فتراهم يبررون لأنفسهم الهجوم والإنتقاد ويضخّمون المواضيع حسب مصلحتهم وأمزجتهم .. وينسون بأن تلك الجهة حليفةٌ إستراتيجيةٌ لهم في الحراك القومي والوطني في مواجهة عدو هم الرّئيسي...
فهل النضال الصحيح في العمل السياسي يستدعي الهجوم على الحليف ؟ أم أنّه خطأ فاحش ودمار لإستمرارية العلاقات والبقاء معاً في صف ٍ واحد في مواجهة الأنظمة والقوى الغير ديمقراطية التي تعيق التقدم والتطور والفكر ...

فهل ثقافة الهجوم اليومي على بعضنا البعض لها فائدة لشعبنا ؟ أم أنّها إفلاسٌ خفيٌ فينا حتى نقوّي أنفسنا في إلغاء الآخر, و دليلٌ على أنّه ليس لدينا ما نقدمه لمجتمعنا وبذلك نلهي جماهيرنا بثقافة الهجوم والإتهامات والتشويه وكل ذلك نهايته وخيمةٌ علينا .. أم أنّها ثقافة للتسلط والهيمنة على المجتمع وقمع الحلفاء الرئيسين في إستراتيجية القضية والنضال السياسي ؟
لأن مثل هكذا ثقافات يتربى عليها من يتبعونك ويتعلق في ذهنهم ما تعلّمهم , وبهذه الطريقة يتعلمون ثقافة الهجوم اللا عقلاني عوضاً عن النّقد البنّاء ونخلق فيهم كراهية الإتجاه الآخر الذي هو حليفٌ في مقاومة القمع والظلم ..

وعند أي خلاف ٍ أو إنشقاق ٍ تراهم يهاجمون من كانوا معهم ودون تقيّدٍ بالإحترام والقيم السياسية والوطنية والقومية نحو الجهة المنشقة عنهم ويكررون الهجوم على من كان رفيق دربهم بالأمس .. فمثل هكذا ثقافة تسمم اجواء المحبة والتعاون بين الاعضاء المنظّمين وجماهيرهم ..
ولهذا السبب لن يستطيع أي طرف ٍ النجاح والتقدم على الصعيد السياسي ولن يستطيع أي منهما خلق الثقة بينه وبين جماهيره كونها ثقافة المصالح والأنانية وليست ثقافة ثورةٍ أو تنظيم ٍ وفكر ٍ من أجل الحرية والخلاص ..

أوليس على كل مخلص ٍ من أي جهة كانت من الذين يكتبون عن قضايا ومآسي شعبهم أن يفكروا بما يكتبونه قبل أن ينشرونه في الصحف والصفحات والمواقع ؟
أوليس عليهم أن يسعون لخلق جو ٍ للتعايش بين شعبنا وإتجاهاته المتنوعة والتي يكون الإختلاف في الرأي من حقه ٌالشرعي كما هو متعارفٌ عليه في الأعراف السياسية والفكرية ؟

ولكن من غير الطبيعي عند الإختلاف بالرأي أن يكون هناك تخاصم وصراعات تزيد من الإنشقاقات والفتن والكراهيات بين الجماهير بسبب مصالح حفنة من أصحاب الغايات ونحن في زمن ٍ نسعى للخلاص من العدو الشوفيني والمتلسطين على رقابنا وأرضنا ..

ونستغرب من أمثال هكذا جهات ومثقفين بأنهم مستمرون في متعة التخاصم والصراع كأنهم يقدمون إنجازات كبيرة في هجومهم اليومي على قوى ً هي جزء من حركة تحرير نضالهم القومي والوطني دون أن يدركوا بأن من يقرأون لهم يشمئزون من كتاباتهم ومواقفهم التي تؤّجج الفتن وتزيد الخلافات حتى القَرَفْ ..

أوليس على المثقفين المحترمين والمخلصين لشعبهم في هذه القوى أو الأحزاب أو المستقلين عنهم أن يفكروا بالثقافة التي تجمع العقول والقلوب وتوحّد الصّفوف وتربى الاجيال على روح التعاون والتفاهم لا على ثقافة الشّقاق كما تفعله أحزابنا اليوم ؟
أوليست هذه هي ثقافة الجهل والتحزّب ؟

لُعِنَ قلم ٌ يخدم حقد صاحبه ومزاجه .. ولعنةٌ على كل من يستمتع بالخلافات ليظهر وجوده فيها .. لأنه ليس لديه غير الحقد والجهل ولا يهمّه الوضع والوجع بل العكس إنه يتاجر بها ..
فالأحزاب التي تستهتر بعقول جماهيرها وتحاول دوماً إلغاء الآخر بالإتهامات والتشويه في العمل السياسي بحجج ٍ تخلقها هي لتنفرد وتتسلّط على الساحة لوحدها ..

فالأحزاب التي تقوم بذلك فهي بالتأكيد أحزاب متخلفة فكرياً مهما تملك من إمكانيات وقدرات تنظيمية وفكرية.
فقوة الحزب في ترجمته لفكره بممارسةٍ صحيحة ٍ لبناء جيل قوي واعٍ في التعامل مع الآخر الذي يختلف معه في الراي والفكر والذي يكمله في النضال السياسي لتوعية الجماهير ومقاومة العدو المتسلّط على كيانهم وكما أنه شريك حقيقي سواء أراد ذلك أو لم يرد فالوطن يبقى للجميع ..
لأن التسلط نفسه هو أداة للدمار وهدم ما بني وأنجز ... فالفكر الحقيقي هو الفكر الحر الذي يلبي حاجة الفرد في التفكير والطموح في التخلص من نير مستعبديه ..

فلا نصر لحزب ٍ مهما كان له حضوره بين الجماهير إلا بقبول الآخر. مهما حاول الدعاية والنشاط لنفسه فيبقى هزيلاً في داخله كخشبة مدوّدة من داخلها .. ويفقد ثقة أعضائه وأنصاره يوماً بعد يوم ..

فلا خير في أقلام ٍ حبرها حقد وجهل وأنانية تخدم جهة على حساب جهة أخرى ونحن في صراع مع الغزاة والفكر الهمجي .. وكل هذا لا يستفيد منه إلا من يقودون أصحاب هذه الأقلام ,,
و مثالهم كمثال أئمة الجوامع اللذين يرشدون غيرهم وهم بحاجة إلى الإرشاد.
فالغرور والتسلط لا يجوز .

دروست عزت _ هانوفر /المانية
21/7/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة