الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زغرودة تبطل مفعول قنبلة قصة قصيرة

هدى توفيق

2015 / 7 / 21
الادب والفن


زغرودة تـُبطل مفعول قنبلة
قصة قصيرة

كانت المدينة تكتظ بالباعة الجائلين، فلم يعد فيها مكان لمرور السيارات، والمركبات إلاّ بصعوبة شديدة ازدادتْ الشكاوي إلى حاكم المدينة، وعلى الفور أرسل قوة من الأمن لتنظيم البائعين الذين يزحمون الشوارع ببضائعهم، وهذا كان يتطلب مجهودًا شاقــًا جدًا من رجال الأمن.
بعد أنْ يتم إزاحة البائعين الجائلين لإخلاء الشارع وتوسيعه لمرور البشر والسيارات، وتستقر الأمور فى فترة تواجد الحملة من رجال الأمن والتنظيم، فيطمئن أفراد الحملة لذلك وبعد أنْ يعودوا إلى حاكم المدينة لطمأنته على استقرار الوضع، وبعد مغادرتهم الموقع يعود التجار إلى ما كان عليه الوضع وتعود الفوضى في الشوارع، والمشاجرات على الأماكن القديمة. وتسود الفوضى في الشوارع، وتختنق الممرات والطرق، ويصرخ من فى السيارات
- أين المسئولون أين ..لم يعد من يهمه أمرنا ؟.. البلد انتهتْ وكثير من الكلمات الساخطة، الغاضبة، فماذا يفعل حاكم المدينة بعد أنْ كرّر نزول هذه الحملات أكثر من عشر مرات.. جمع رجال الأمن الشرطة المرورية والمطافئ وعمل لهم اجتماع وقال :
- أريدكم أنْ يُهيئ كل شخص فيكم نفسه علي أنه قنبلة سوف تنفجر في وجه كل خارج على القانون وكل متمرد وكل مستهتر، ولا يطيع التعليمات القانونية.
فسوف نضرب بقضيب من حديد على أيدي السفهاء الخارجين على القانون، ولا رحمة لمن يعيش بدون نظام القانون والمجتمع والبلد كاملا ولا يلتزم على الدوام بالأوامر القانونية.
وبعد أنْ تمّ الإجتماع صرفهم وهم مفعمون بالغضب الشديد على كل من لا يلتزم بالتعليمات.. ووصلتْ الحملة إلى الشوارع وفى طريقها إلى أماكن العمل، اجتمع البائعون وكان أكثرهم من السيدات المطلقات والأرامل والمسنات، وبعض الرجال الكباروالصغار
واتفق الكل على أنّ الحملة سوف تأتي الآن علينا فماذا نفعل معهم ؟ فهم رجال الشرطة والأمن المركزي، ولا نستطيع أنْ نقاومهم. خيم اليأس والفزع على الباعة الجائلين الغلابة، وقد نفذ السهم من مكمنه ملقيًا شذرات الخوف والقنوط والإستسلام لأمر الله الذي لابد منه، عيون السيدات تطفح بدموع خفية من ظلم بيّن ينتظرونه، والرجال صامتون متسمرون كتماثيل شمعية، تنتظر من يشعلها لتحترق ببطء الإنتهاء الساحق، وقوات الأمن تهرع باستعداد عسكري، كالمتأهب لحسم معركة شرسة وحاسمة، ويجوب فى الأجواء روح قتالية مُبالغ فيها خاصة أنها من طرف واحد، وقد أصبح الشارع الممتد أشبه بساحة معركة كبيرة، تتأهب إلى العراك الكبير.
ووسط ثقل اللحظات الصامتة قبل العاصفة، تدوي صرخة مدوية طاغية، عاتية من ألم لا يحتمل ومخاض ولادة تقتحم عنق الحياة ليطفو على سطح الوجود، ويتوقف كل شيء فجأة، إلا تهليل النساء وصراخهن متجهات لنجدة ربيبتهم ، وتندفع من وسطهم امرأة قوية وترفع المرأة المسكينة إلى أحضانها قائلة بتودد :
- لا إنتِ مش ح تلحقي يا أختي المستشفي...
وتستدير مباشرة إلى الأخريات بدون تحديد تأمر واحدة منهم :
- يللا يا بت اتصرفى يلي في حلة ماية سخنه، وملاية.. يللا بسرعة.. أحسن الولية ح تموت.
وتستطرد في إحكام الموقف وتسيير الأمر كقائدة وبطلة الموقف قائلة باستهزاء وجرأة :
- والبهوات يتفضلوا بعد إذنك ياباشا.. إنت كلك مفهوميه.. الست عريانه وبتولد يللا والنبي.. الست بين الحيا والموت.. يامهون إجعلها ساعة خروج وشفا وانتعها بالسلامة.. إدعي يا مرة إنت وهي..
بُهتَ الجميع وسكتوا جميعًا، كمنْ أكلتْ القطة ألسنتهم تمامًا، والمرأة والأخريات يُـدرنَ الموقف العصيب بكل جرأة وشجاعة متناهية وهمة ونشاط لا مثيل له، حتى ينجو الجميع بزغرودة تـُبطل مفعول قنبلة كادت على أهبة الدوى والإنشطار، بانطلاق خروج هذا الطفل المعجزة إلى الحياة.
***
هدى توفيق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع