الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عُقدة دكتور شوقى

باهر عادل نادى

2015 / 7 / 22
الادب والفن


فتحت الأم باب غرفته الصغيرة المكتظة بالكتب ،فوجدت"يوسف" جالسا على كرسى خشبى وأمامه المكتب الخشب الصغير القديم ومنهمك فى القراءة كعادته،كان "يوسف" شاباُ يافعاُ محباُ للثقافة والفكر باحثاُ عن الحرية ،فقالت له بنبرة حادة
-"مش هتبطل قرايه بقى ياموكوس..وتشوف مصلحتك"!
رفع عينيه من فوق الكلمات وطوى ببطء صفحات كتاب الفلسفة "لإبن رشد" مصطنعا وتركه على المكتب المزدحم بالكتب ونظر إليها بفتور وقال
-"انتِ مش هتسبينى فى حالى..أنا مش عارف أرضيكى إزاى؟!"
فقالت الأم بهدوء فى محاولة لإستمالته
-يابنى أنا خايفة عليك ...وعايزك تبص لمستقبلك ...
نظر إليها وكأنه يعرف الكلام المزمعة أن تقوله قبل أن تتفوه به
،فاستطردت -يابنى أنت أبوك الله يرحمه كان بيصرف علينا وعليك وعلى علامك ،ومات الله يرحمه والقرشين اللى سابهم قربوا يخلصوا وأنت قاعد يابنى لا شُغله ولا مشغله ،وأختك "جميلة" بدأ يجيلها عرسان وأنت ولا على بالك ..

وهى تقول هذا الكلام نظر إليها ببرود لأنه سمع هذا الكلام مرات كثيرة!
ولكنها لاتبالى بنظراته الفاترة وأكملت :
-ويابنى أنا كبرت خلاص وعايزة أطمن عليك أنت وأختك قبل ماأموت
وبعدين يابنى الناس مش بتسيب حد فى حاله وكلهم بيقولوا أنك عملت ذى الدكتور شوقى!
فقال لها أنه بيكتب مقالات فى جريدة وبيحصل على أجر جيد وكان مزمعا أن يتكلم لكى يقنعها بعمله كصحفى ويوضح أهمية القراءه وأنها لايجب أن تستمع إلى ثرثرات أهل القرية البسطاء!
ولكنها قالت هذه الكلمات وخرجت وأغلقت الباب. وكأنها لم تسمع رده!
ابتسم وأشفق على أمه الرؤوم التى يعرف أنها تحبه وشرد ذهنه فى "دكتور شوقى"
فدكتور شوقى هذا حكايته غريبة عجيبة تحولت إلى أسطورة داخل قريتنا ..وما أكثر الأساطيرفيها!
تقول الحكاية أو الأسطورة أن دكتور شوقى خريج كلية الطب كان شابا وسيم الملامح متقد الذهن أول من دخل كلية الطب من شباب قريتنا, كانت ملامحه هادئة كحمامة تنم عن روح هادئة ونفس مطمئنة ويقال إنه أول قبطى قرأ الأنجيل بالانجليزية فى قريتنا! ،كانت قريتنا كلها تحبه فأن أهل قريتنا البسطاء متحابون ، فكان دكتور شوقى كما يقولون "فاكهة قريتنا"ولكنه وفى أثناء الدراسة فى الكلية بدأ يدخن السجائر ويشرب القهوه لكى يستعين بهما على السهر ثم تطور الأمر وبدأ يشرب الخمرة والحشيش!!
بسبب روحه البسيطة وعلمه الغزير كان أهل القرية يحترمونه و شباب القريه يلتفون حوله ويسهرون معه ويضحكون ويتسامرون ...ولكن على ما يبدو أن كثرة المنبهات والخمرة والحشيش جعلت عقله يجن،فبدأ يعتزل القرية و لايسهر مع شباب قريتنا ولايخرج إلا قليلاُ وإذا خرج يظهر بأوضاع غريبة أما بشعر منكوش أو يرتدى بدلة كاملة وشبشبا! وانتشر خبر "جنانه" فى القرية كالنار فى الهشيم،ولكن قريتنا المحبوبة فسرت هذا "بكثرة القراءة " وليس بكثرة الحشيش" ..ومن يومها و الآباء ينبهون أبناءهم ألا يستزيدوا من الثقافة والفكر لئلا يلقوا مصير دكتور شوقى! وبعد أيام ومن حسن حظ يوسف تقدم إلى أخته جميلة ابن عمها وكان شابا ميسور الحال وطيبا وتزوجها دون أن يكلفه شيئا .
وعمل يوسف كصحفى فى أحد الصحف القومية وتيسر له الحال، وحاولت الأم أن تنبه يوسف إلى مصيره المحتوم وهو أنه سيصبح مثل دكتور شوقى
وماتت أمه وهى سعيدة به وإن كانت خائفة عليه من مصيره المحتوم فى ظنها!
وبعد أن ماتت الأم الطيبة وتزوجت جميلة لم يكن لديه رغبة فى البقاء فى القرية أكثر من ذلك خصوصاُ بعد أن بدأ شباب القرية وأهلها ينظرون إليه على أنه فى الطريق الى مصير شوقى المزعوم ! وكان تأثير نظراتهم وسخريتهم على روحه الطيبة ككرباج يمزق الجسد .
و كان عمله مرتبطا بالقاهره فقرر أن يغادر القرية بعد أن سجل البيت باسم جميلة.
وذهب هو إلى"العاصمة" حيث المطابع والجرائد والكتب والمجلات بحثاُ عن الحرية،وترك القرية وهو يدعو إلى الله أن تتركهم لعنة دكتور شوقى .












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى