الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قرص شنكليش
خالد قنوت
2015 / 7 / 24كتابات ساخرة
عام 2005 في مكتبة ميسلون بدمشق دخل شاب و شابة و سألا موظفة المكتبة بلغة انكليزية عن كتب محددة. لم تفهم عليهما الموظفة فسألتني المساعدة بحكم معرفتها بي حيث كنت اضع لديها في المكتبة مجموعة الاعمال الكاملة للسيدة فيروز و الرحابنة. المهم, كان الشاب و الشابة ألمانييان و يسألان بالانكليزية عن دواوين للشاعر نزار قباني باللغة العربية.
صعقت الموظفة من طلبهما و سألتني أن استفسر عن الموضوع فأجابا أنهما مغرمان بسورية و يريدان أن يأخذوا منها لألمانيا كتب لأهم كتابها و شعرائها و مفكريها لترجمتها هناك.
جمعت لهما دواوين نزار قباني و ديك الجن و رياض الصالح حسين و عمر ابو ريشة و أدونيس و مسرحيات سعد الله ونوس و مؤلفات و ترجمات لالياس مرقص و جورج طرابيشي و فراس سواح و محمد الماغوط و ممدوح عدوان و بعض المنشورات الاخرى التاريخية فاشتروها جميعها و شكروني امام فرحة الموظفة.
في الاغتراب, يستغرب الاجانب عندما كنت اتحدث لهم عن وطني سورية (طبعاً قبل تطور الامور الحالية) و عن تاريخها الثقافي و الادبي و الفكري و عن تنوعها الاجتماعي و انفتاح السوري عموماً للثقافات و للعلم و للعمل و التجارة, ليسألوني عن موقع على الانترنت يمكنهم من البحث و المعرفة عن سورية لأصدم بمواقع تتحدث عن الفتة بحمص و الفول و الكبة بلبنية و التبولة و الوربات بقشطة و العرقسوس و البوظة العربي و لف اليبرق و المحاشي عن قهوة النوفرة و الحكواتي و الارجيلة...كل شيء عن سورية ينحصر فقط بالأكل و الشراب و الكروش و الاوابد التاريخية.
اسرائيل سرقت منا التبولة و الحمص و الفلافل و الكثير من الاطباق المتداولة في بلادنا لكنها دولة من أهم مصنعي السلاح بالعالم و من أقوى الدول من الصناعات الكيميائية و الالكترونية و الذرية و لديها اقوى الشركات الاقتصادية و المالية و الاعلانية و الاعلامية في العالم, نقابلها انتقاماً بأكبر صحن حمص و أطول سندويشة فلافل و اكبر جاط تبولة لكي نعلن للعالم أننا أصحاب هذه الاختراعات العظيمة بينما لا نقدر على صناعة برغي أو مسمار في بلادنا أو بأفضل الاحوال نستورد كل مكونات بعض المنتجات و نقوم بتركيبها و نقدمها على انها فخر الصناعات الوطنية.
ليست المشكلة في أكبر قرص شنكليش يدخل في ارقام غنيس الغبية, المشكلة بالشنكليش الذي في عقولنا و فكرنا و الذي بمعايير الشنكليش العالمية هو الافضل لأنه الأكثر عفناً و تخلفاً حتى فاحت روائحه الكريهة فور قيام ثورة شعبية قصدها انفتاح العقل و منح المواطن حرية لكي يبدع فيها فكراً و عملاً.
قرص الشنكليش ليس المشكلة, الكارثة أن يكون بديلاً عن العقل في الرؤوس التي تبرر القتل و الاستبداد و الظلم و ترى في النظام المجرم نظام مقاوم و هو يقتل السوريين و يدمر سورية و تلك الرؤوس التي ترى في تدمير ما تبق من سورية و القتل و الانتقام من الجميع هدفاً مشروعاً لحربهم الطائفية بحجة العين بالعين و السن بالسن و أيضاً بتلك الرؤوس التي ترى أنها هي من تملك الحقيقة و الحق و كل الآخرين بواطل و مباحة الالغاء و التصفية و رؤوس اخرى ترى في دخول قوات تركيا أو اسرائيل أو ايران أو الولايات المتحدة لسورية حلاً.
قرص الشنكليش المسكين, و في ظروف تاريخية سورية كان المنقذ لآلاف السوريين من الجوع خلال حرب السفربرلك و غيرها كما كانت البطاطا منقذة أوربا من الجوع خلال و بعد الحرب العالمية الثانية لكن شعوب أوربا لم تفكر يوماً بصنع أكبر صحن بطاطا مهروسة بل اقامت امبراطوريات صناعية و علمية و فكرية للعالم.
نظلم الشنكليش كثيراً عندما نحمله أسباب تخلفنا و جهلنا و عصبيتنا و صراعاتنا الدينية و الطائفية و الاثنية و ننسى أننا كنا و مازلنا أمام حدث وطني كبير هو قيام ثورة وطنية قدمت الكثير و انجزت الكثير و لكن الكثيرين يعشقون و يفضلون العفن و رائحته على طعم و رائحة الحرية و الكرامة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. القبض على الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في
.. تأييد حكم حبس المتسبب في مصرع الفنان أشرف عبد الغفور 3 سنوات
.. عاجل .. إخلاء سبيل الفنان عباس أبو الحسن بكفالة 10 آلاف جنيه
.. أول ظهور للفنان عباس أبو الحسن بـ-العكاز- بعد حـــ ادث اصـــ
.. القبض على الفنان عباس أبو الحسن بسبب دهس سيدتين