الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بقع سوداء على القميص الأبيض

أكرم شلغين

2015 / 7 / 25
الادب والفن


بعد رحلة صيد مضنية بدأها بعيد الفجر بقليل واستمرت لعدة ساعات قرر ان يعود ادراجه، في طريق رجوعه وقبل ان يصل اطراف بلدته جلس ليرتاح على حافة جرف صخري عال وراح يجول بنظره الى الاسفل نحو الارض وشجر الزيتون والساقية القريبة....وفجأة لمح من بعيد أحد اصدقائه (منير) يسير بصحبة حبيبته (ندى) على حافة الساقية في الوادي... ولدهشته فقد تابعا سيرهما الى ان وصلا تحت الجرف الصخري، حيث يستريح، وجلسا اسفلا دون ان ينظر اي منهما الى الأعلى....كانا يتحدثان ولم يكن هناك مقدمات او استهلال للشروع في نقاش، بل كان كلامهما استمرارا لحديث بدأ من قبل يتخلله ويفيض منه وبه الألم وحرقة فراق بينهما يلوح في الأفق، فقد راحت ترجوه ان يقدر ماهي فيه من حرج حيث تواجه ضغوطا من أسرتها التي تريد ان ترى خطوة جدية من طرف هذا الشاب..وبدوره يحدثها عن أن أمامه سنتين ونصف من الخدمة العسكرية التي سيساق اليها في غضون أيام وبعد انتهائه من الخدمة عليه أن يبحث عن عمل وبعدها يفكر بخطبة وزواج...كانت ندى تبحث عن الفوز بأي شيء في نقاشها معه فتتابع كلامها وكأنها لاتحتاح الى تفكير فيما ستقوله او أنها فكرت من قبل فتتابع سريعا: لكنني لا أريد منك شيئا....لا أريد الا محبس (خاتم خطبة) وغيره لا اريد أي شيء، هي فقط هذه الدبلة (الخاتم) تلبسني اياها امام اهلي وبحضور اهلك... وعندها سيقوى موقفي واستطيع ان اواجه اهلي و العالم بأسره واحارب كل من يقول اي حرف عن علاقتنا...وسأنتظرك طيلة عمري وليس فقط السنتين والنصف مدة خدمتك وسأعيش معك بدون اي شيء...كانا يتوقفان عن الكلام ثم يتابعان... كانت اقصر قامة منه بقليل... اقتربت منه اكثر ثم التحمت به ثم مالت برأسها على صدره...وبدوره رفع يده اليمنى ليبسط ذراعه فوق صدرها ولتمتد اصابعه حول رقبتها...سألته: أتحبني كما أحبك؟ فأجاب بحرقة: أتشكين في ذلك!؟ تابعت: أرجوك أن تفكر أن حبنا يجب ان يعطى ما يستحق...أرجوك فأهلي يضغطون لكي أقبل من يتقدم لخطبتي وقد بدا رفضي غير مبرر أمام أهلي المطالبين بأن تثبت جديتك بخاتم صغير....! ومن جهته كرر منير تذرعه بالخدمة العسكرية والحصول على الوظيفة بعدها...وبديا يدوران في دوامة لايقدران على كسر جدرانها والخطو خارجها....صمتا لدقائق....ثم سألته من جديد: أتحبني!؟ وقبل سماع جوابه تابعت: أرجوك إفعل شيئا...أحضر والديك ليتكلما مع أهلي....! وهنا نطق بما لم يقله من قبل: لا استطيع لأن والدتي غير موافقة على ان تكوني معي...! قالها وتنهد...واما ندى فقد صدمتها هذه العثرة الجديدة فراحت تتفوه بكلمات غير مترابطة: امي... الخدمة...الوظيفة...سنتين ونصف... الخ تنهدت وتفوهت بكلمات كثيرة وكررت سؤالها مرارا عديدة نحن معا ام لا!؟ انت قريب ام بعيد!؟ نحن لبعض ام لا!؟ نحب بعض ام لا!؟ ثم شرعت تغني: يا جبل اللي بعيد خلفك حبايبنا بتموج متل العيد وهمك متاعبنا...اشتقنا ع المواعيد بكينا تعذبنا ياجبل اللي بعيد قول لحبايبنا... ثم راحت تبكي بحرقة قل مثيلها وبدوره كان منير يبكي ويحاول الكلام لكن صوته كان يتقطع فلم يستطع ان يتفوه الا بمقاطع من كلمات....بقيا لبعض الوقت على هذا الحال....انتبهت ندى ان دموعها الممزوجة بكحل عينيها تركت بقعا سوداء على قميصه الابيض فلفتت نظره الى انها لم تنتبه لذلك....واما من يرتاح من عناء رحلة الصيد في الأعلى فوق الحرف فقد وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه حيث خاف ان هما اكتشفا وجوده فماذا سيقول!؟ ومنذ متى يقبع هناك!؟ وهل سيعترف بسماعه كل الكلام ام بعضا منه!؟ وبنفس الوقت كان يكتوي بنار امنيته لو ان النقاش دار بحضوره و بمعرفتهم في مكان آخر ليتدخل ويبدي برأيه ويقول ما لديه بعد ان احتقن حزنا...! لم يطل وضعه كثيرا حيث وقفا والتصقا ببعض وبكيا بحرقة من جديد....ثم سارا في نفس الطريق الذي جاءا منه عند حافة ساقية الماء وتوقفا مرارا ليلتصقا ببعض قبل ان يغيبا عنه بين شجيرات الزيتون وتعرجات المكان....
بعد أيام سيق منير الى الخدمة العسكرية واما ندى فقد اختفت وانقطعت اخبارها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع