الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمان اليوناني يصوت لصالح - الإجراءات الأولية- المفروضة من الترويكا ، الحكومة تخسر الأغلبية ، وتمرد بين قيادات سيريزا

راجي مهدي

2015 / 7 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


البرلمان اليوناني يصوت لصالح " الإجراءات الأولية" المفروضة من الترويكا ، الحكومة تخسر الأغلبية ، وتمرد بين قيادات سيريزا
كتب جورج مارتن
الخميس 16 يوليو 2015
بعد منتصف ليل يوم 15 يوليو ، وافق البرلمان اليوناني أخيرا علي قانون جامع لكل الإجراءات الأولية التي طلبتها المؤسسات المقرضة . و قد قوبل القانون بهجوم ومظاهرات ورفض 38 من نواب سيريزا ، بالإضافة إلي رفض غالبية أعضاء اللجنة المركزية للحزب . و علي الرغم من نجاة تسيبراس ، إلا أنه إضطر للإعتماد علي أصوات الأحزاب التي وافقت علي المذكرتين السابقتين ، اللتين انتخب سيريزا بالذات من أجل معارضته لهما .
وقد دعي كل من إتحاد موظفي الخدمة المدنية، عمال البلدية ، عمال مترو أثينا و عمال السكك الحديدية بطول البلاد إلي إضراب عام لمدة 24 ساعة إحتجاجا علي المذكرة الجديدة المقترحة التي وافقت عليها الحكومة اليونانية في قمة 13 يوليو الأوروبية والتي تعتبر اتفاقية استسلام مذلة .

لقد كانت مظاهرة المساء كبيرة، ولكنها ظلت أصغر من المسيرة الضخمة التي دعمت التصويت ب "لا" خلال الإستفتاء الذي جري منذ 10 أيام . كان هناك آلاف قليلة خارج البرلمان ،بالإضافة إلي عشرات الآلاف في مسيرة جبهة "بامة" المقربة من الحزب الشيوعي .
وقد قوبلت المظاهرة بعملية أمنية تُذَكر بالعمليات التي أطلقتها الحكومات السابقة حينما كانت تمرر المذكرات السابقة . كما تم إغلاق محطة مترو "ميدان سينتاجما" من السادسة مساءا ، واستخدمت الحكومة شرطة مكافحة الشغب المكروهة (التي وعدت بحلها) وقنابل الغاز للهجوم علي المتظاهرين ، متذرعة بوجود مجموعة صغيرة من الأناركيين الذين ألقوا قنابل المولوتوف .

وقد أخذت معارضة الإتفاق في النمو بين قيادات سيريزا ، كما أصدرت عدة منظمات حزبية بيانات مناهضة له ، مطالبين قيادة الحزب بتدارك الأمر ، و طالبوا مجموعة الحزب في البرلمان بعدم تمريره.
ومن بين المنظمات الحزبية المعارضة للإتفاق هناك منظمات مناطق أثينا وبيرايوس وسالونيك وأكائيا و منظمة شباب سيريزا و المنبر اليساري و المنظمة الشيوعية اليونانية و الجناح الشيوعي في سيريزا كلهم انضموا لمعارضة الاتفاق . ولا توجد تقارير عن أي منظمات حزبية صوتت لصالح الإتفاق .

وقد تصاعدت الضغوط لدرجة أثرت علي السكرتارية السياسية لسيريزا والمكونة من 11 شخص . وأفادت تقارير أن غالبية أعضاء السكرتارية الساسية يعتقدون أن الإتفاق "أهوج سياسيا وغير فابل للإستمرار علي المستوي الإجتماعي " ولا يجب علي اليسار تنفيذه . ودعت السكرتارية إلي عقد إجتماع فوري للجنة المركزية ، كما رفضت ما يدور من حديث عن طرد أو استقالة هؤلاء الذين يرفضون الإتفاق .

الأهم من ذلك ، أن الضغوط تبلورت في بيان وقعه 110 عضو من أصل 201 عضو باللجنة المركزية للحزب ، البيان الذي رفض الإتفاق ودعا نواب الحزب بعدم التصويت له . وعلي الرغم من أن معارضة خط تسيبراس قد تصاعدت منذ وصول الحزب للسلطة في يناير ، الا أن تلك هي المرة الأولي التي تفقد فيها القيادة الحالية السيطرة علي الحزب .
وأخيرا ، عندما بدأت المناقشة البرلمانية ،ألقت المتحدثة باسم البرلمان اليوناني زوي كونستانتبولو( تنحت عن الدورة) خطابا معارضا للإتفاق ، ونددت بالإبتزاز الذي تقوم به الترويكا ، كما قالت أن البرلمان اليوناني لا يستطيع ولا يجب أن يشرع في ظل هذه الحدود الخانقة . و أضافت أن الإتفاق بلغ مستوي الإنقلاب ، وأن أثره الإجتماعي يصل إلي مستوي الإبادة الجماعية ، بالإضافة إلي أنهم لا يملكون الحق في تغيير "لا" التي قالتها الجماهير إلي "نعم" . "بدون شك ، إذا تم الإبتزاز هذه الليلة ، فلا شئ سوف يمنع تكراره ليس فقط في اليونان " . كما أضافت : " إنهم يريدون إذلالنا إلي الحد الذي لا نستطيع بعده إدراك هويتنا " كيسار . " أيها الرفاق , لقد سعينا إلي السلطة ليس لأجل السلطة ، ولكن كي نردها إلي الشعب " .

ربما الأكثر غرابة ،أن وزير المالية السابق فاروفاكيس الذي كان المهندس الرئيسي لإستراتيجية الحكومة في المفاوضات مع الترويكا و تمت إقالته قبل أيام من الإتفاق ، تحدث هو الآخر معارضا للإتفاق .
آخذا جديلة من كينز ، قارن فاروفاكيس الصفقة المفروضة بمعاهدة فرساي محذرا من إنها لن تحل أي مشكلة . كما نشر هجوما لاذعا وتفصيليا ضد الإتفاق علي موقعه الخاص . وقد وصف فيه -ضمن الأشياء الأخري - عودة الترويكا لأثينا بالتعبيرات التالية :"الترويكا عادت لتضرب وتطالب حكومة اليونان أن تدعوها للعودة إلي أثينا كفاتح - إنه السلام القرطاجي في أوج مجده " .
وكان تسيبراس قد أعلن منذ البدء أنه لن يتحدث في النقاش ، وقد دافع عن الإتفاق بالفعل في برنامج علي التليفزيون الحكومي (إي أر تي ) في الليلة السابقة . وتُرك أمر الدفاع عن اتفاقية الإستسلام لوزير المالية تساكالوتوس . وقد فعل ذلك بلا أي حماس وفي هيئة رجل مكسور :"لا أعلم إن كان ما فعلناه صحيحا , لكننا شعرنا أن لا خيار لدينا . نحن لم نقل أبدا أنه كان إتفاقا جيدا " . و كان قد أعلن في وقت مبكر أنه لا يعلم إن كان الإتفاق سوف يدخل حيز التنفيذ " هذا ما بقي كي نراه " .

و أخيرا ، بعد انتهاء الموعد النهائي عند منتصف الليل ، توجه تسيبراس بنفسه إلي البرلمان ، بعد أن طالبه قادة الديمقراطية الجديدة والباسوك بتحمل مسؤليته عن الإتفاق . ولقد كان دفاعه عن الإتفاق أيضا بلا حماس :" أنا أعترف أن التدابير التي نحن بصددها ، قاسية وأنا لا أوافق عليها . أنا اعتقد أنها لن تفيد الإقتصاد اليوناني ، و أقولها بكل صراحة . لكن أؤكد أيضا أنه يجب علينا تنفيذها ، هذا هو إختلافنا " .
ان مضمون دفاعه عن الإتفاق هو أنه لم يكن هناك بديل . " لقد كان علي الإختيار بين صفقة لا أوافق عليها ،أو بديل شوبل بالخروج من منطقة اليورو " .

و كانت نتيجة الإستفتاء كالتالي : 229 صوتوا بنعم ، 64 صوتوا بلا ، فيما إمتنع 6 نواب عن التصويت .
ومن بين نواب سيريزا ، صوت 32 بلا و امتنع 6 عن التصويت فيما غاب نائب واحد . وقد صوت كل نواب اليونانيون المستقلون - وهم شركاء في الحكومة- لصالح الإتفاق ، ما يعني بوضوح نهاية هذا التشكيل الذي تكون كانقسام معادي للمذكرة في جناح الديمقراطية الجديدة اليميني .
إن نتيجة التصويت تعني أن أحزاب الحكومة قد فقدت الأغلبية ، ولكن مشروع القانون تم تمريره بدعم من الديمقراطية الجديدة والباسوك و منظمة النهر . ان العدد الكلي لنواب سيريزا الذين لم يصوتوا مع الحكومة يبلغ 39 نائبا.وقد كان الرافضون يوم الجمعة الماضية 17 نائبا فقط (2 صوتوا بلا ، 8 إمتنعوا،وغاب 7 نواب ) بالإضافة إلي 15 نائبا آخر صوتوا بنعم لكنهم أصدروا بيانا معاديا للإتفاق . لذلك يعتبر حجم الرفض داخل المجوعة البرلمانية للحزب مميزا ، آخذين في الإعتبار حجم الإبتزاز والضغوط التي مورست علي النواب . لقد كانت المجموعة القيادية في سيريزا مستثارة لدرجة مطالبة أي نائب يصوت ضد المقترح بالإستقالة . و قد كانت الحجة التي تم تقديمها ( حتي من طرف تسيبراس ذات ) ، أنه لأن ألمانيا تخطط لإسقاط حكومة سيريزا (هذا صحيح) ، فإن كل من يصوت ضد الإقتراح يساعد الألمان علي إسقاط الحكومة .
من بين هؤلاء الذين صوتوا ضد الحكومة ، وزير المالية السابقة فاروفاكيس ، المتحدثة باسم البرلمان زوي كونستانتوبولو، المتحدث باسم مجموعة سيريزا البرلمانية ثاناسيس بتراكوس . وزير الطاقة وقائد المنبر اليساري باناجويتس لافازانيس ( إمتنع عن التصويت يوم السبت ) . كما صوت بلا نائبي الوزراء ستراتوليس و اسيكوس .
كما صوتت نادية فالفاني النائب السابق لوزير المالية ضد الإتفاق ، بعد أن إستقالت وأرسلت خطاب احتجاج قوي لتسيبراس . وبالرغم من أن أنها كانت جزءا من الفريق المفاوض إلا أنها وصفت الإتفاق بـ " الإستسلام " :" إن هذا الإستسلام ساحق لدرجة لن تسمح بأي تجميع للقوي ، بتوقيعك سوف تستمر الحالة المتردية للجماهير في التدهور ، و سيكون هذا الإتفاق قيد حول أعناقهم لسنوات عديدة بإمكانية ضئيلة للخلاص " .
وعلي الرغم من أن نواب كلا من المنبر اليساري والمنظمة الشيوعية اليونانية صوتوا ضد الحكومة ، الا أن لافازانيسالذي أصدر بيان يقول أنه صوت ضد هذه الإجراءات إلا أنه لازال يدعم الحكومة ( نفس الحكومة التي وقعت علي هذه الإجراءات و تقوم بتنفيذها ) .
لذلك ، تمت الموافقة علي "الإجراءات الأولية" التي طلبتها الترويكا وتتضمن زيادات في الضرائب ( علي سبيل المثال ، زيادة الضريبة المدفوعة علي الأغذية المصنعة من 13 % إلي 23% ) . كما تتضمن تخفيضات واسعة في المعاشات التقاعدية و إجراءات مضادة ، كالتخفيضات التلقائية علي الإنفاق في حالة الإنحراف عن الفائض المستهدف المطموح اليه " .
لقد عاش نجا تسيبراس ليوم آخر ولكن التكلفة هي انقسام حزبه بعد توقيع غالبية أعضاء اللجنة المركزية بيانا رافضا للإتفاق .
مازال لا يوجد ضمان علي أن إتفاقا سيتم في النهاية ، فالموقف كله يمكن أن يتفكك بسرعة لأسباب إقتصادية وسياسية ، في أثينا وفي بروكسل وبرلين . ان تمرير هذه " الإجراءات الأولية" يفتح الطريق لبداية مناقشة قرض جديدة ، لكن لا يوجد ضمان للنجاح في التوصل لنتيجة .
و مما أضاف المزيد من عوامل انزلاق الموقف ، أن تقريرا تم تسريبه الثلاثاء من صندوق النقد الدولي يقول أن الإتفاق يعني أن نسبة الدين اليوناني إلي الناتج المحلي الإجمالي سوف تقفز الي 200 % ما يجعل اليونان غير قادرة علي الإستمرار تماما . ما سيحتم علي الأوروبيين إعطاء اليونان مساعدات ضخمة لخفض الدين ، وقد أشار التقرير أن صندوق النقد لن يتدخل بخلاف ذلك .
و في نفس الوقت واصل شوبل ، وزير المالية الألماني إصراره علي أن الخيار الأفضل هو خروج اليونان مؤقتا من منطقة اليورو لمدة 5 سنوات و قد علل ذلك بأن مستوي الدين اليوناني اصبح غير قابل للإحتمال ما جعل تخفيضه أمرا ضروريا ، ولكن شطب الدين ليس قانونيا في منطقة اليورو ، لذا فإن الخروج من اليورو هو المسار الذي ينصح به اليونان .
والحال ، أنه لدينا إتفاق تم توقيعه بشكل رئيسي بين اليونان وألمانيا ، لكن رئيس الوزراء اليوناني غير مؤمن بنجاعته ، ووزير المالية الألماني يفضل عكسه .
و حتي فيما وراء الإرادة السياسية لتسيبراس و شوبل ، فإن الإتفاق يواجه سلسلة كاملة من العقبات ، أولها أن الإقتصاد اليوناني قد انطرح أرضا . لذا فإن تطبيق إجراءات تقشفية سوف يزيد الموقف سوءا كما اعترفت كل الأطراف . الأمر الذي سوف يوجه لطمة عنيفة لكل التنبؤات الإقتصادية التي ترتب عليها الإتفاق . ان استهداف تحقيق فائض 1 % في الميزانية إعتمادا علي انتعاش إقتصادي طفيف يختلف عن تحقيق هذا الفائض علي أساس إنكماش حاد ( يتوقع بعض الإقتصاديين أن يكون بين 5 - 10% ) .

إن تسيبراس يعرف أن تمرير هذه الإجراءات في البرلمان ( مع وجود أصوات معارضة ) يختلف عن العمل الفعلي لتنفيذها بينما حزبه يعارضها . كما أن هناك أمر لا يمكن إعتباره ثانويا ، يتعلق بكيفية سداد قرض قيمته 7.7 مليار يورو "للمؤسسات" كي تواصل إسناد اليونان أثناء مناقشة القرض الجديد . والأكثر أهمية هو ما يتعلق بالقرض الجديد نفسه ، والذي تتجاوز قيمته 82 مليار يورو ، ومن المفترض ان تتم مناقشته و الموافقة عليه خلال الشهور القليلة القادمة من قبل أطراف كثيرين لا يبدو أنهم مقتنعين حقا .

إن كل ما حدث هو تأخير النتيجة النهائية للأزمة ، النتيجة التي لا مفر منها تقريبا ، وهي خروج اليونان من منطقة اليورو و لذلك من تأثير علي التوازن الهش في الإقتصادين الأوروبي والعالمي .و نحن لا نستطيع أن نحدد بيقين ما اذا كان هذا التأخير لمدة ساعات أو أيام أو شهور .
ما هوواضح أن العمال في اليونان وعلي إمتداد أوروبا قد خرجوا باستنتاجات سياسية من هزيمة الحكومة التي وصلت إلي السلطة بوعد إنهاء التقشف ولكنها في وقت قصير أُجبرت علي قبول إستسلام مذل . نعم , لقد تم هذا من خلال الإبتزاز والظلم و الخنق المالي ، لكن تسيبراس إستسلم في النهاية . ان السبب الرئيسي وراء الإستسلام ، هو كما اعترف تسيبراس بنفسه ، أنه لم يكن لديه أي بديل .
أو بطريقة أخري ، إنه جعل حدوده التحرك من خلال نظام رأسمالي تمكنت منه الأزمة . وقد قال كوتسومباس سكرتير الحزب الشيوعي اليوناني لتسيبراس : " لقد قلت إنك فعلت كل شئ ممكن لمقاومة إبتزاز الترويكا ، أنت تكذب . إنك لم تقدم أي بديل " .
وفي هذه الحدود التي يلتزم بها تسيبراس ، لا يوجد بالتأكيد أي بديل . إن البديل بكل دقة هو أن تكسر النظام الرأسمالي ، بإعلان رفض أحادي الجانب للدين ، وتأميم النظام البنكي والشركات الكبيرة ، وإعادة تنظيم الإقتصاد علي أساس التخطيط الديمقراطي والرقابة العمالية ولصالح الغالبية الكاسحة للشعب العامل .

رابط المقال بالإنجليزية : http://www.marxist.com/greek-parliament-votes-troika-imposed-prior-actions-government-loses-majority-rebellion-in-syriza-ranks.htm

ترجمة : راجي مهدي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا