الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البديل السياسي القادم ..2..

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2015 / 7 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


في اطار المشهد الراهن بتعقيداته وتداخلات الخارج والداخل فان الاكثر حضورا هو عبثية المشهد في القتل والتدمير والاكثر سخرية هنا خلق مبررات لا يمكن قبولها من كل الاطراف تحت أزعومات تاريخية او شرعية او الدفاع عن اليمن لان جميعها تريد اقناع المجتمع والشعب بمبررات قتله وتدمير مؤسساته بل بعضها يسوغ لاعتداء الخارج بانه من اجل استقرار اليمن ..وهكذا تتكرر دورات العنف من خلال صراعات النخب السياسية (حزبيا وقبليا وعسكريا ) زاد الامر سخونة الارتباط بالخارج الممول لهذه النخب ..وللعلم الخارج بالنسبة لليمن هو معطى فاعل ومقرر في صنع السياسات الرسمية فخلال المائة سنة الاخيرة كان الخارج هو من سطر محددات السياسة الرسمية بشكل فاعل فهو من صنع الحدود بين الشطرين باتفاق الاتراك والبريطانيين وهو من اوصل الائمة الى راس دولة الاستقلال الذي حارب من اجله كل ابناء اليمن وهو الذي ساعد في افشال ثورة48 باحتجاز ممثلي الجامعة العربية في السعودية وهو الذي ادخل اليمن في حرب ثمان سنوات عقب ثورة سبتمبر عام62 وكان اتفاق الصلح في الخارج وبمعرفته وهو -الخارج- كان وراء اغتيار رؤساء اليمن في السبعينات وهو وراء حرب 94 ومن قبلها 86 وهذا كله لا ينفي ان للداخل اليمني دورا كبيرا من خلال غباء وبؤس تفكير النخب الحزبية والحكومية وحلفائها في الجيش والقبيلة ونزقها السياسي لان جميع النخب ما بعد نوفمبر 67 لم تكن باحثة الا عن مصلحتها الشخصية ومصلحة حلفائها في الخارج باستثناء سنتتين مع الحمدي وعدة سنوات مع سالمين وفتاح ومن قبلهما سنة مع قحطان الشعبي وفيصل .من هنا وللخروج من دورات العنف المتكررة لابد من اخراج النخبة التقليدية التي كانت ولاتزال سببا في العنف وتدمير الدولة والمجتمع -اخراجها من دوائر صنع القرار السياسي- باعتماد قانون العزل السياسي يشمل الف شخصية مدنية وامنية وعسكرية حتى يتسع الفضاء السياسي لنخب جديدة وهذا لن يتأتى مصادفة بل لابد لقوى التحديث والديمقراطية من حضور فاعل ولابد من تشكيل قيادات ميدانية لمقاومة الاحتراب الداخلي ورد العدوان الخارجي والعمل معا بين المستويين المدني والعسكري في اطار كتلة سياسية تضمن نخب الجنوب والشمال لتؤسس اطارا سياسيا بديلا على اساسه يتم اعادة بناء الدولة الوطنية بهويتها السياسية المدنية و جغرافيتها الموحدة ووفق فلسفة سياسية جديدة لمفهوم الدولة ودورها ووظيفتها ودور المجتمع المحلي والمدني والرأسمال الوطني وهنا تكون الخطوة الاولى في بلورة هذا التشكل الحداثي للبديل في اطار وحدة الوطن ووفق وحدة الاداة الثورية الجديدة ووحدة مشروعها السياسي لأنه لامجال لتمزيق الوطن وتمزيق نخبه وكوادره التي ستذهب في توترات وعنف جهوي مناطقي يتم تغذيته من الخارج لتفتيت وحدة المجتمع وتقزيم حضوره وفاعليته ومن هنا فا التشكل للبديل الجديد معناه اعادة الاعتبار للشخصية الوطنية اليمنية وهذا الامر قد يتحقق بثورة شعبية واسعة ومعها قيادات ميدانية جديدة تجبر الخارج والداخل للاستماع لصوتها ومشروعها والا فالعاقبة سيئة لان مراكز القوى واطراف الصراع سيتم دعمهم من الخارج في عملية اعادة بناء النظام السابق وتوزيع السلطة حصص بينهم ..وهناك حلا اخر يتأتى من خلال اقتناع جزء من النخبة الراهنة بصواب فكرة الاستقرار واعادة بناء الدولة ومؤسساتها في اطار اعتماد حزمة من الاجراءات التغيرية سياسيا واداريا وفي توجهات الدولة وسياساتها الاقتصادية وهو امر تحقق في بلدان كثيرة خارج اليمن لكن تحققه في اليمن امر يتطلب حوارات متعددة ومعها انتفاضات واسعة في عموم اليمن . فالمخاطر التي تواجهها اليمن جد خطيرة سواء بما يتعلق بتغييب النظام الجمهوري او اعادة التشطير او بناء جمهورية على النموذج الايراني . الانتهازيون كثيرون وضمان مصالحهم يجعلهم جزء من أي نظام مناهض للشعب ومناهض للجمهورية مع ان الهدف الاساسي للتغيير والذي طالب به الشعب وهتف له الولوج الى الجمهورية الثانية برؤية متجددة تتسع معها فضاءات الحرية واحترام حقوق الانسان وتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين معيشة الغالبية من السكان هنا فقط يجب خلق تشكل سياسي جديد موحد في قواه الفاعلة شمالا وجنوبا ليخوض نضالا سياسيا واسعا لإعادة الدولة من اختطافها نحو ترسيم مظاهرها ومؤسساتها لتكون دولة المواطنة ..والسؤاال هل القوى الحديثة فاعلة لان تكون قائدة للتغيير ورائدة له ..والجواب ..لا .. فهي مشتتة والكثير منها يرتبط بشكل او باخر بمراكز القوى او احزاب قديمة ..ولكن تجارب الدول الاخرى التي شهدت حروب اهلية وعدوان من الخارج اظهرت قوى وطنية جديد كسبت تأييد شعبي ورفعت شعارات واهداف وطنية تبت برامج اعادة البناء ..وفي اليمن حتى مع تحقيق تسوية ستكون الكفة راجحة للقوى التقليدية ومراكز القوى الفاسدة مع دمجهم لأفراد معدودين من الشباب ليظهروا شكلا قابلا للتداول الاعلامي ..وهنا المأساة في اليمن ليس في الحرب والتدمير والقتل فحسب بل في غياب تشكل قوى جديدة وغياب قيادات ميدانية قادرة على اخذ زمام المبادرة لتكون طليعة لتكتل بديل يخرج اليمن مع ازماتها ومشكلاتها . والخارج الاقليمي لا يريد لقوى الحداثة ان تكون في صدارة المشهد السياسي مع ان رموزها الحزبية اصبحوا مدجنين وخانعين ولا مجال للحديث في اليمن عن يسار فاعل وله القدرة على قيادة التغيير مع ان الواقع الراهن يمنحه فرصة عظيمة لكن بؤس القيادات يجعلها اكثر من عاجزة عن هذا الامر ..واليمن لامجال معها للقول بيمين ويسار كفرز طبقي بل من باب التوصيفات الحزبية احيانا والموقف من الثورة والجمهورية احيانا اخرى مع ان الواقع تتداخل فيه الانتماءات والمكانات والتموضعات للأفراد والقبائل والاحزاب والشباب وهي تعبير عن طبيعة البنى الاجتماعية التي يتداخل فيها القديم والجديد معا مع غلبة القديم احيانا . المشهد السياسي مفتوح الاحتمالات اما لحرب طويلة تشرد الشعب وتحوله الى لاجئين مع دخول اليمن مرحلة المجاعة والاوبئة او الخروج من هذا المأزق ولملمة ما يمكن من الآمال والفرص لإعادة البناء لتحفظ للبلد وشعبها قدرا من الكرامة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي