الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغيبون الحلقة الحادية عشر

قاسم حسن

2005 / 10 / 13
الادب والفن


المطـرب الراحــــل سـتار جبــا ر


ستار جبار.. مطرب إشتهر في سبعينات القرن الماضي ، وكان لقساوة الحياة التي عاشها ، وقساوة المدينة ، والمؤسسة عليه ، أن رحل في حادث مؤسف، غريب من نوعه ،، كان لصوته الشجي والمميز من بين المطربين الآخرين .. مما حدا باغلب الملحنين المهمين في ذلك الوقت ، أن يعطوه من الحانهم ، وان يحتضنوا موهبته ، وصوته ، .
ولـد ستار جبــار في مدينة الناصرية عام 1946 من أب مسلم وأم مندائية ، حيث كان ابوه المرحوم ( جبار ونيسه ) كما كان يكنى نسبة الى الى اسم امه ، لأنه فقد والده مبكرا ، وأصبح برعاية أمه ، حيث إشتهر في تلك المدينة بغناءه ، وصوته الطربي الرائع ، ومشاركاته المعروفة في الأفراح والمآتم ، والمناسبات الأخرى ، على حد سواء ،
حمل الفنان الراحل ستار جبار لقب أبيه ( ستار ونيسه ) لفترة طويلة نسبة الى لقب والده وعرف في مدينته الناصرية ، بذلك.
منذ طفولته كان يستمع الى صوت والده وهو يتغنى بطور خاص به ( وهو طور الصبي) الذي ابتدعه واصبح طورا ،غناه الكثير من المطربين في تلك المدينة حتى غدا معروفا إعتمده كل من غنى اللون الريفي في الغناء والى يومنا هــذا ... ، وكذلك كان يستمع الى أقران والده من المطربين المشهورين في تلك المنطقة ، الذين ساهموا في إحياء جميع المناسبات، في تلك المنطقة ، منهم المرحوم خضير مفطورة ، والراحل حسن داوود ، ووالده جبار، ومن بعدهم محمد قاسم الأسمر..

من كل هؤلاء إستلهم ستار جبار حبه للغناء والطرب ، ونشا في هــذا المحيط ، إضافة الى جدته التي كانت أيضا تؤدي الغناء والطرب في مناسبات معينة ، وكانت أيضا معروفة في المدينة ، حفظ منهم الكثير من الأشعار والألحان وألوان الغناء والطرب والأداء، وتشجع وتحفر وبدعم من المحيطين به من مطربين ، ووالده ايضا ، نظرا لأمتلاكه صوت واداء رائعين ، وإحساس مرهف للكلمات والأشعار والتي كانت شائعة ، في تلك المنطقة.

طفولته كانت قاسيه جدا ، حيث دخل المدرسة متأخرا ، ولم ينل العناية الكافية ، خاصة بعد إنفصال ، الوالدين ، وزواج أمه من رجل آخر ، ووالده من زوجة أخرى ، حيث عاد الى حضن جدته من أبيه ، والتي ماتت وهو لازال صبيا ، في ظروف قاسية ، من تشرد وضياع ، وفي مجتمع قاسي ، أيضا ،
وبالرغم من كل هــذا كان ، إشتهر ستار في مدينته ، صوتا مطربا ، وشجيا ، يختاره أبناء المدينة لإحياء مناسباتهم ، في الأعياد ، والأعراس ، والسفرات ، والمناسبات السارة ، وحتى في مجالس العزاء في عاشوراء .. الخ ...
لم يتسنى لستار جبار إكمال دراسته ،أو تعليمه ، نظرا لما هو عليه من قساوة الحياة والمجتمع ، ولظروف عائلته المشتته ، ومعيشته المرتبكة ،ومشاعره المتضاربة ، تجاه نفسه والآخرين ،حيث الخوف ،والقلق ، والعنف ، والميل للعراك دون سبب ، كل هذا جعله يتخلف في دراسته والرسوب في مرحلة المتوسطه ، وفشله هــذا اضاف له هما آخرا ، وقلقا ، ومأساة أخرى ، حيث أقيد الى الخدمة العسكرية ، في ريعان شبابه ، حيث أمضى خدمته العسكرية في الصحراء الغربية من العراق ، في ظروف قاسية ، لاتمت للأنسان بصلة ،وكان لايعود الى مدينتة الا القليل ، حيث يقضي اجازته القصيرة ، مشردا ، دون مأوى ....

الى بغـــداد....
بعد إكمال خدمته العسكرية ، وتسريحه من الجيش اواخر الستينات توجه ستار جبار الى بغداد،كسائر أبناء منطقته، فناني ومطربي مدينته الناصرية ، غادرعلى أمل الحصول على فرصته الأخيرة ، في قبوله كمطرب في مؤسسة الأذاعة والتلفزيون ، المؤسسة الوحيدة التي يستطيع من خلالها إثبات وجوده في الساحة الغنائية التي كانت تضم خيرة مطربي العراق في أول ظهورهم ، سواء كانوا من ابناء المدينة ، أو غيرهم ، .
تقدم الى لجنة فحص ، أو إختبار المطربين ، في المؤسسة دون مساعدة من أحد ، وهذه اللجنة التي كانت تضم ، خيرة موسيقي العراق ، منهم روحي الخماش ، وسمير بغدادي ، ومنير بشير وكانت النتيده ، رفضه كمطرب ،لتدني ثقافته الشخصية والموسيقية ، ولكن صوته وأداءه كان مميزا ، بإعتراف اللجنة ، وكانت النصيحة ، بأن ينضم الى فرقة الإنشاد لتطوير قابليته الموسيقية، والتعرف وبشكل علمي ، والممارسة ، على علم الموسيقى والغناء ، والأداء والنطق السليم ،وكذلك فعل ، وغنضم الى فرقة الإنشاد في المؤسسة ،.

المحــطة الأهــم
وجد المطرب ستار جبار ، نفسه ، بين مجموعة من فنانين ، ومطربين ، وشعراء ، وموسيقيين ، وفي جو لايخلو من التنافس ، والتسابق على الظهور، تعرّفَ أثناء تواجده ، في هــذا الجو الفني ، على أسماء من الفنانين والشعراء ، كان يحلم أن يكون إلى جانبهم ، أو بينهم ، فهناك طالب القرغولي ، وكمال السيد، وزامل سعيد فتاح ، وحسين نعمة ، وحسن الشكرجي ، وسمير بغدادي ، وعريان السيد خلف ،وفؤاد سالم ، وسامي كمال ، وحميد منصور ، وحينها ظهر صوت المطرب فاضل عواد ، وآخرين ممن تحتفظ الذاكرة العراقية إبداعهم في مجال الموسيقى والغناء والطرب ، .
تمرس ستار جبار بشكل جيد ، وإكتسب خبرة جيده من زملاءه المنشدين ، والموسيقيين ، والملحنين والمطربين الذين انشد معهم .. وكل كان يقتنص الفرصة ليغني منفردا ، ومن بين زملاءه هناك الكثيرين الذين أصبحوا مطربين فيما بعد ... كفاضل عواد الذي إشتهر بإغنيته المشهورة ( لاخبر) وسعدون جابر الذي بدأ يلمع نجمه في تلك الفترة ،
إختاره الملحن محمد جواد أموري ، صدفةَ ، أثناء تسجيل إحدى الأغنيات ليعطيه لحنا كان بمثابة الإنطلاقة الأولى لستار جبار ، ألا وهي أغنيته الشهيرة والجميلة( أفز بالليل ) من كلمات الشاعر عريان السيد خلف، بعدها أعتمد كمطرب في الاذاعة والتلفزيون ، وإستمر في إحياء المناسبات ، والحفلات، داخل وخارج المؤسسة ... وسجل الكثير من الأغاني له وللفرقة آنذاك ،وإختاره الملحن كوكب حمزه وأعجب بصوته ليغني بعضا من ألحانه ، وبعض الملحنين الآخرين ، أصبح مطربا معروفا في فترة السبعينات ...
كانت حياته في بغداد ليست على مايرام ، ولاتختلف عما عاناه في طفولته وصباه ، حيث التشرد ، وقساوة الحياة ، والدخل المحدود ، والسكن الردىء ، يتنفل بين الفنادق الرخيصة ، ومطاعم الأرصفة ، ينخره الفقر والحرمان ، في مدينة غريب فيها ، يعيش على مساعدات الأصدقاء والمحبين ، ومايحصل عليه من مشاركاته في تسجيلات بعض الأغاني في المؤسسه ، والتي لاتشبع رمقاَ ،
وبالرغم من كل ماتقدم من آلالام ،ومآسي ،ومعاناة الفنان ، كانت هذه هي محطته الأهم ،حيث ماكان له أن يطمح أكثر مما هو عليه .

كــارثـة الموت

موتــه كحيــاته ، حيث المعاناة والسقم الذي عاشه العراقيون ، من حروب وحصار ، وعوز ، وجوع ، وتشرد ، وترقب لحرب قادمة ويأس .
كان يعيش في بيت قديم في العاصمة بغداد المهددة ، بالقصف ، والدمار ، ومعاناة الحصار ، والركض لتدبير لقمة العيش ، بيت متهالك ، أركانه مهدمة ، يهتز مع حركة الطائرات في السماء ، ومع استمرار الانقطاعات في الكهرباء ، لجأ ستار جبار الى تخزين المواد الحارقة( كسائر العراقيين ) ، كالبنزين مثلا، وفي ليلة كان فيها الظلام دامسا يخيم على المدينة وأهلها ، ليلة باردة ، ولابد للعراقي من الاستعانة بالمحروقات ، من البنزين ، والنفط ، والغاز ، وغيرها من مواد غذائية ... الخ
في تلك الليلة وفي بيته المتواضع هـــذا ، كان يخزن ( البنزين) في غرفة على سطح داره ، وأثناء إحدى الضربات الجوية على بغداد في حرب الخليج الثانية ، وإنقطاع الكهرباء ، هـَمّ ستار لاحضار القليل من البنزين ، وبيده نار مشتعلة ( فانوس أو لالــه ) ليضىء المكان ، وما أن فتح غطاء برميل البانزين ، شـَبّت النيران ، لتحرق المكان ، وإشتعلت لتلتهم جسده ، رغم محاولاته لإنقاذ نفسه ، ولكونه وحيدا في المكان لم يسطع أحــد ، إنقاذه ،وظل يعاني بضعة أيــام في أحـد مستشفيات بغداد ... حتى مماته ، وحيـــدا ، راحـــلا دون عــزاء...

قـــا سم حســن

ملاحظـة :-
أعلب المعلومات الواردة في هــذا المقال من مداخلة للاستـاذ فائز السهيلي الذي عـَرَِف الفنان عن قرب طيلة حياته ، ومداخلات أخرى لمن رافقوه في مسيرته الفنية والذاتيه من ملحنين وموسيقيين ، في أمسية تذكارية عن الراحل ، في غرفة القيثارة السومرية على الشبكة الالكترونية ( البالتاك) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_