الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استراتيجية العراق التي تحتاجها اميركا فعلاً - ديريك كوليت و روبرت فورد / ناشيونال إنترست

رنين الهندي

2015 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


قبل خمس وعشرين سنة من آب المقبل، توغل جيش صدام حسين الى الكويت، حينها بدء عصر الاشتباك العسكري الاميركي مع العراق والمستمر حتى يومنا هذا. هيمنت نقاشات السياسة الخارجية الاميركية حول ما يجب فعله حيال العراق لمدة ربع قرن، وسيكون مرة أخرى موضوع رئيسي في الانتخابات الرئاسية في عام 2016.
زار قائد العمليات المشتركة العراق للتو لمراجعة عملياتنا العسكرية والمساعدة هناك، وزار البلاد ايضاً وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر.
لسوء الحظ فأن واشنطن قد أكدت على الاخطاء التي أرتكبها الجيش في السابق وهي التركيز على استراتيجية محددة بعدد القوات والاهداف وفعل ما يتطلبه الامر ليحقق "لنا" النصر. أخفت العناوين الرئيسية القضية الحقيقية وهي ما إذا كان الشيعة والاكرد والسنة العرب مستعدين للمشاركة في حكم عراق موحد، حتى لو كانت السلطة لا مركزية.
أن ظهور تنظيم الدولة الاسلامية هو الفصل الاخير في صراع طويل على الحكم السياسي في العراق. لذلك أي تأكيد حول ما "يمكننا" فعله يجب ان يكون مصحوباً بجرعة صحية من التواضع. وأكثر من أي وقت مضى، فأن مستقبل العراق في ايدي العراقيين انفسهم. ومن الغطرسة المملة لأميركا هي التفكير بانها سوف تحدد مستقبل العراق.
ولكن يمكننا استخدام نفوذنا بصورة اكثر فاعلية. هذا يتطلب الصبر لأن حين يتم النقاش في واشنطن فانه يسير بسرعة تفوق الضوء وبفارغ الصبر، حيث تأتي التغييرات السياسية في العراق بشكل بطيئ جداً.
كانت هناك مشاكل لا تعد ولا تحصى حول تدخل أميركا في العراق بعد عام 2003، ولكن لا يوجد شيء اكثر ضرراً من حملة زيادة بناء التوافق في الآراء وأتخاذ القرار. في الواقع فأن السبب الرئيسي الذي دفع الولايات المتحدة الى إبقاء رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في منصبه هو نفاذ الصبر. حيث أستنتجت واشنطن بأن الامر سيستغرق وقت طويلاً لأي رئيس وزراء أخر محتمل في الظهور، وبالتالي لن يكون هناك فريق تفاوض عراقي يُخول لترتيب مستقبل الوجود العسكري الاميركي في العراق. الان يجب أن نعطي العراقيين الوقت والمساحة الكافية لكي يحلوا قضاياهم السياسية، حتى في التصدي للتحديات العسكرية.
هذا الامر لا يشبه بالمرة منحهم شيكاً مفتوحاً. يجب ان يكون هناك دوراً عاماً للسياسة الاميركية حيث اننا لا نعطي مساعدات عسكرية ناهيك عن القيام بعمليات عسكرية من دون تأمين الاتفاق حول الاستراتيجية والهدف.
نحن لا نتفق مع كل هؤلاء في ائتلاف حكومة الاغلبية الشيعية المهيمنة ورئيس الوزراء حيدر العبادي. فبالتالي التحدي الذي يواجهنا هو المساعدة في تأمين تسوية سياسية من شأنها أن تعزز المكاسب والمساعدة على التأمين عسكرياً. يجب ان لا نغفل عن السياسة العراقية حتى ونحن نعمل على العمليات العسكرية.
هذا يبدأ مع إعطاء العبادي الحوافز اللازمة للتعامل مع المتشددين والشيعة المدعومين من قبل ايران والذين يشكلون جزءاً قوياً من ائتلافه والذين يعرقلون التنازلات السياسية للكرد والعرب السنة.
لا يزال المالكي مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بهذا الفصيل الشيعي. إذا كان في الحكم حتى اليوم ويُحمل في نهاية المطاف في بغداد، فسيكون هناك قتال بين العراقيين لسنوات عدة عندها لن تكون هذه معركتنا. لم تستطع القوة الاميركية التي تعدادها 160.000 جندي من السيطرة على العراق خلال العقد الماضي، لذا من المؤكد ان عدداً أقل بكثير من هذا لن يستطيع عمل شيء. من المهم جداً ان يتم تذكر "الصحوة السنية" التي بدأت عام 2007 ليست كمجرد نتيجة لطفرة عسكرية اميركية، ولكن ايضاً اعتبار للفرص السياسية التي أنشاتها تعهدات حقيقية من أن العرب السنة سوف يشاركون في التيار السياسي الرئيسي في بغداد والتوظيف الحكومي وكذلك هبآت المشروع. ان نقض المالكي لهذه الوعود التي كانت تحت وصايتنا هو ما أشعل نار الجهاد السلفي.
رئيس الوزراء حيدر العبادي، حيث انه ليس مثالياً، ولكنه اكثر توافقاً مع الرؤية الشاملة للسياسة العراقية. ومع ذلك فأنه أقل تسليحاً. فكيف ينبغي لنا أن ندعم العبادي في تنافسه مع متشددي السياسة الشيعة؟
يجب ان تكون استراتيجيتنا متجذرة ومترابطة في مبدأين: المشروطية والمساءلة.
أولاً- الولايات المتحدة بحاجة الى شرط مساعدة الحكومة العراقية في تنفيذ برنامج الاصلاح الشامل بثبات والذي بدأته عندما تولى العبادي منصبه ايلول الماضي. إذا عرقل الشيعة والاكراد هذه الخطوات فعندها لن يكون هناك سلاح نقدمه يوقف تجنيد تنظيم الدولة الاسلامية ويبطئ العراق من الانزلاق نحو حرب طويلة.
المشروطية تعني إذا لم تتقدم الاصلاحات السياسية نحو الامام، ولن تفيد أي زيادة في مساعداتنا. أن ارسال مستشارين عسكريين اضافيين أو نشر مراقبين جويين قد يساعد قليلاً الوضع الامني، ولكن الرسالة التي ترسل الى المليشيات الشيعية ورعاة السياسة في طهران تقول بأن الاميركيون لا يهتمون بحل الخلافات السياسية في بغداد، بغض النظر عما تؤكد بياناتنا الصحفية.
لذا من المنطقي أن يكون شرط إرسال تلك المساعدات الاضافية أو الاسلحة الثقيلة التي يريدها العبادي على الخطوات الملموسة التي اتخذتها حكومة بغداد أولاً. بشكل مشابه للدلائل التي تشير بان المسؤولون الاميركيون يدعمون المليشيات الشيعية بدون شروط فأنها لا ترسل تلك الرسالة الصارمة المطلوبة.
المشروطية ليست مثالية ولكنها تمنعنا من ربط أنفسنا بأجندة طائفية في العراق، كما فعلنا لفترة طويلة جداً مع المالكي. كما انه يعطي العراقيين الراغبين في العمل معنا النفوذ لشن المناقشات الداخلية. وسوف يجادلون من أنهم إذا فشلوا وتخلى الاميركان عنهم، عندها لن يكون للعراقيين خيار سوى الاعتماد على أيران بالكامل – وهي خطوة محفوفة بالمخاطر الى هؤلاء الذين يريدون سلطة قوية في بغداد.
ثانياً- يجب علينا تعزيز المساءلة. بما أننا نجهز وندرب القوات الامنية العراقية الجديدة، فنحتاج للقيام بشيء لم نفعله بقدر كافي سابقاً: الاصرار على محاسبة قيادة قوى الامن الداخلي لحالات سوء المعاملة وسوء الادارة والطائفية. أقال العبادي العشرات من كبار الضباط الملتوين والغير كفوئين. يجب علينا ان نساعده. ولكن تغيير الثقافة العسكرية ليس بالامر الهين، وسوف يستغرق وقتاً. أن إزالة الحكومة العراقية وبشكل فاضح للمسؤولين المسيئين والفاسدين سوف يعطي انطباع للعرب السنة من ان التغيير ممكن وتقويض جهود التجنيد لداعش.
ان استراتيجية متجذرة بالمحاسبة والمشروطية ستكون صعبة التنفيذ، ولكن هذه هي أفضل فرصة لدينا لتمكين اولئك الذين نريدهم أن ينجحوا في العراق. ربما الاصعب من كل هذا هو ان هذه الاستراتيجية تتطلب درجة من الصبر حيث ان سياستنا في العراق تفتقر الى سنوات عديدة.
تطالب هذه الاستراتيجية أيضاً بالثبات. إذا لبى العراقيين شروطنا وتحملوا المسؤولية، يجب ان نكون مستعدين لمساعدتهم على المدى الطويل. وإذا ما فشلوا – كما فعل المالكي في السابق- فعندها يجب علينا الابتعاد.
السنوات الخمسة والعشرين الماضية علمتنا بأن السياسة الاميركية يجب ان تكون أكثر من مجرد مسألة حسابية للقوات والاهداف. تسهل العمليات العسكرية الاميركية في تأمين عراق مستقر، ولكنها لا يمكن ان تحل محل الاستراتيجية السياسية الاساسية.

ترجمة: رنين الهــندي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس