الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاتلون الأجانب والمرتزقة

حازم القصوري

2015 / 7 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يشير مصطلح "مقاتلون أجانب" عموماً إلى الأفراد الذين يغادرون بلدهم الأصلي أو مكان إقامتهم الاعتيادي، بدافع إيديولوجي أو ديني أساساً، ويصبحون ضالعين في أعمال العنف كجزء من مجموعة متمردين أو مجموعة مسلحة من غير الدول في صراع مسلح رغم احتمال أن يكون الدافع أيضاً هو الحصول على أجر(أكاديمية جنيف للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، Foreign Fighters under International Law, Academy Briefing No.7, October 2014).

رغم أن ظاهرة المقاتلين الأجانب ليست جديدة، فإن الزيادة التي أُبلغ عنها مؤخراً في أعدادهم وفي طائفة البلدان التي ينطلقون منها بحسب التقارير، والجماعات التي ينضمون إليها، ودوافعهم ومساراتهم اللاحقة، تلقي الضوء على الطبيعة المعقدة لهذه المسألة وتثير القلق في جميع أنحاء العالم. وبينما تختلف الوقائع والأرقام المبلغ عنها اختلافاً كبيراً، فإن مجلس الأمن أعرب عن القلق إزاء تقارير تفيد بأن أكثر من 15000 مقاتل إرهابي أجنبي من أكثر من 80 بلداً سافروا لينضموا أو يقاتلوا إلى جانب كيانات إرهابية مرتبطة بالقاعدة، بما في ذلك في الجمهورية العربية السورية والعراق والصومال واليمن، فضلاً عن عدة بلدان في المغرب العربي ومنطقة الساحل. وألقت تقارير صدرت مؤخراً الضوء على حالات أفراد سافروا للالتحاق بقوات تقاتل هذه الكيانات، كوحدات حماية الشعب الكردي، على سبيل المثال.

وإن وحشية الأعمال الإجرامية التي يرتكبها المقاتلين الأجانب، باسم ما يعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في الجمهورية العربية السورية والعراق، والتي تعززت من خلال الدعم الذي قدمه المقاتلون الأجانب، أعطت الدول زخماً خاصاً لاتخاذ تدابير تهدف إلى منع الأفراد من السفر لأغراض الانضمام إلى صفوفهم وإلى الحيلولة دون تصاعد العنف. وأشارت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية إلى زيادة عدد المقاتلين الأجانب ذوي الخبرة وذوي الدوافع العقائدية الذين اجتذبهم تنظيم داعش منذ أن أعلن نفسه خلافة إسلامية. وتقول اللجنة أنه على الرغم من أن آلاف السوريين جُندوا في صفوف داعش فإن المقاتلين الأجانب يسيطرون على هيكل قيادتها سيطرة كبيرة.

وقد اتخذت الدول طائفة واسعة من التدابير الإدارية والتشريعية لردع الأفراد الذين أصبحوا أو يسعون إلى أن يصبحوا مقاتلين أجانب. وشملت هذه التدابير وقف صلاحية وثائق السفر، وإلغاء الجنسية، وتجميد الأصول المالية، ومحاكمة الأفراد على ما يرتكبونه من أعمال بما يشمل التجنيد للقيام بأعمال إرهابية والتحريض عليها والتخطيط لها. وقد اتخذ مجلس الأمن إجراءات حاسمة من خلال عدد من القرارات المتخذة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وأدان المجلس في قراره 2170(2014) بأشد العبارات الانتهاكات الجسيمة والمنهجية والواسعة النطاق لحقوق الإنسان التي يرتكبها تنظيم داعش وجبهة النصرة، وطالبهما وغيرهما من الكيانات المرتبطة بالقاعدة بالكف عن جميع أشكال العنف وأعمال الإرهاب ونزع سلاحها وتسريح قواتها فوراً. وأكد أيضاً ضرورة تقديم الجناة، بمن فيهم المقاتلون الإرهابيون الأجانب، إلى العدالة. ودعا المجلس الدول الأعضاء إلى اتخاذ تدابير وطنية لوقف تدفق المقاتلين الراغبين في الانضمام إلى هذه المجموعات، مكرراً تأكيده على الالتزامات التي تنص عليها القرارات السابقة لمكافحة الإرهاب وذلك من أجل منع تنقل الإرهابيين ووقف إمدادات الأسلحة والتمويل لهم.

وأدان مجلس الأمن في قراره 2178(2014) التطرف العنيف وقرر أن على الدول الأعضاء، وفقاً للقانون الدولي، منع تجنيد أو تنظيم أو نقل أو تجهيز الأفراد الذين يسافرون إلى دولة غير التي يقيمون فيها أو يحملون جنسيتها بغرض ارتكاب أعمال إرهابية أو تدبيرها أو المشاركة فيها. وأعرب المجلس عن قلقه إزاء إنشاء شبكات إرهابية دولية، مؤكداً الضرورة الملحة لتنفيذ هذا القرار فيما يتعلق بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب المرتبطين بتنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرهما من خلايا تنظيم القاعدة أو الجماعات المرتبطة به أو المنشقة عنه أو المتفرعة منه، التي حددتها اللجنة وفقاً للقرارين 1267(1999) و1989(2011).

ومن الأهمية بمكان أن مجلس الأمن جدد في القرار 2178(2014) تأكيده أن على الدول الأعضاء أن تكفل التقيد بالقانون الدولي لحقوق الإنسان في أي تدابير تتخذها لمكافحة الإرهاب مشدداً على أن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون هي على الصعيد العملي جزء أساسي من أي مسعى ناجح لمكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن عدم الامتثال للالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان وغيرها من الالتزامات الدولية، بما فيها الالتزامات المقررة بموجب ميثاق الأمم المتحدة، يشكل أحد العوامل التي تسهم في زيادة التطرف وتدعم الشعور بغياب المحاسبة.

وفي موضوع معالجة تدفق المقاتلين الأجانب، فإنه من الأهمية بمكان أن تحرص الدول على امتثال التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بتعزيز التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى الإرهاب وإلى مكافحة التطرف العنيف؛ وعن طريق مكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة عن أي انتهاك جسيم للقانون الدولي لحقوق الإنسان وأي انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي؛ وبضمان امتثالها لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان في أي تدابير تتخذها في سعيها إلى وقف تدفق المقاتلين الأجانب ومنع ارتكاب أعمال إجرامية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تداعيات دعم مصر لجنوب إفريقيا ضد إسرائيل


.. طالبة بجامعة جنوب كاليفورنيا تحظى بترحيب في حفل لتوزيع جوائز




.. الاحتلال يهدم منازل قيد الإنشاء في النويعمة شمال أريحا بالضف


.. الجيش الإسرائيلي: قررنا العودة للعمل في جباليا وإجلاء السكان




.. حماس: موقف بايدن يؤكد الانحياز الأمريكي للسياسة الإجرامية ال