الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلمان المنكوب صوت يحمل هموم الناس

داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)

2015 / 7 / 28
الادب والفن



يحمل الانسان الجنوبي في العراق هم تاريخي كبير ، ومتوارث منذ الاف السنين، مداف مع دمه ، يعيش في عروقه ، يسكن اعصابه ،يحرك مشاعره واحاسيسه ، وهذا الهم التاريخي الكبير هو هم متعرش منذ ان بدأ السومريون يبنون زقوراتهم حسب مدونات التاريخ الى عام 2003 حيث غزانا واحتلنا الامريكان، مرورا بالمآسي العظام ، كواقعة ذي قار ، وواقعة الطف ، وفي عصرنا جريمة سبايكر ، ومن خلال هذا الهم تسربت مشاعر واحاسيس الحزن في كل ما نبدع ، ان كان ذلك ابداع شخصي ، او كان ابداعا جماعيا يعتمد الذاكرة الجمعية لابناء الجنوب العراقي.
وعندما يروي لك والدك رواية ما وانت صبي صغير عليك ان تصدقه ، ليس لانه ابوك فحسب ، بل لانه رجل اكبر منك سنا ، وذو تجارب عديدة، وعلى الصغار ان يصدقوا بما يقوله الكبار.
حدثني والدي و نحن نتكلم عن مطرب ملأ محلات الصفا ( السوق القديم ) صوته الشجي الحزين ، وشغلت ناس الناصرية اخباره ، اذ قال عن المطرب سلمان المنكوب : هو اسطة "لباخ ، وبياض دور" ، ولان والدي اسطة بناء فقدقص عليّ حكايته التي سمعها من احد عماله.
عندما كان يعمل في ( لبخ = تغطية الطابوق بالاسمنت والجص ) في احد دور مدينة الحي ، ويغني في الوقت نفسه بصوته العذب ، والشجي ، مرت عليه صبية ذاهبه الى المدرسة ، فاعجبت بصوته ، ووقفت مأخوذة بهذا الصوت العذب ، وكان سلمان وهو فوق ( سكلة ) اللبخ منهمكا في العمل والغناء ، وهي تنظر له من خلال شباك الغرفة المطل على الشارع ، فلاحت منه التفاتة ولمحها ، عندها فرت الصبية هاربة الى مدرستها .
وتكررت عملية التنصت عند العودة من المدرسة ، وفي اليوم الثاني كذلك ، وفي ثالث يوم دخلت عليه البيت ،ووقفت بالقرب منه وهو يعمل ويغني ، وعندما رآها سكت ، والتقت القلوب و " توالفت ".
بعد انتهاء عمله في البيت ، التقى سلمان بفتاته وقررا الهرب معا الى بغداد ، والزواج ، لان عائلة الفتاة الغنية سوف لن تقبل به زوجا لابنتهم .
هربا الى بغداد وسكنا في منطقة خلف السدة بعد ان تزوجا .
اما اهل الفتاة فاخذوا يبحثون عنها حتى عرفوا انها تسكن خلف السدة ، وعندما اطمأن اخوتها ان سلمان خارج البيت دخلا عليها وذبحاها ، وقصوا احد اصابع كفها ، وعادوا الى الحي .
عندما عاد سلمان الى بيته وجدها مقتولة ،واصبع كفها مقطوعة ،فعرف ان اهلها قتلوها غسلا للعار ، واخذوا الاصبع دليلا على ذلك ، فحرك ذلك الموقف المحزن في قلبه كل شجن الدنيا المتراكم، فاخذ يغني بحرقة ما بعدها حرقة ،وسمى نفسه سلمان المنكوب، الذي نكب بزوجته وحبيبته ، ودخل السجن.
انتهى سرد والدي – الراحة الابدية له - للحكاية.
هذه الحكاية تختلف عن حكايات اخرى تروى عن سبب تسمية الفنان سلمان المنكوب بهذا اللقب ، واظن ان ساردها لابي اراد ان يوهم الاخرين بمعرفته بسلمان المنكوب ، فاستخدم هذه الحكاية المشهورة عن ( النهيبة ) بنكبة سلمان التي لا يعرف عنها شيئا ، كما جاء بيوكيبيديا اذ تقول : ((يذكر العوام أنه سُمى بالمنكوب لنكبة حلت به كما يذكر يحيى الجابري في أوراقه أطوار الغناء الريفي العراقي بينمايذكر سلمان المنكوب في مقابلة معه أن فيضانا نزل على منطقة الوشاش فتم اعلان هذه المنطقة منطقة منكوبة. وينفي أى شيء آخر له علاقة بهذه التسمية. ويُضيف ضاحكا:ماأكثر المنكوبين الآن.)).
الا ان قصة والدي تبقى هي الاقرب الى الصواب وذلك من خلال ما قاله المنكوب في مقابلة معه اجراها سامر المشعل وعلي حمود بتاريخ 23 – 2 -2007 ،نشرت في جريدة الصباح، عن سبب سجنه ، إذ قال : ((- سجنت لقضية شخصية)) فما هي القضية الشخصية تلك؟
واخر يقول ان سبب التسمية هو نكبته بوفاة شقيقه المبكر ، ولم يذكر سلمان ذلك عند المقابلة المذكورة.
الا ان الفنان سلمان المنكوب يبقى صوته الشجي والعذب يتردد باعذب الالحان في اذان محبيه الذين سمعوه من المسجلات الكبيرة ( ابو البكرة ) في المقاهي المحيطة في الصفا، فقد خرج بصوته عن الغناء الريفي المألوف ، وقد كانت احدى اغانيه تقطر شجى وعذوبة وحزن اصيل:
أمرّن بالمنازل منـــازلـهم خــليّة ... أگلها وين أهلنا تگول اگطعوا بيّه
راحوا بعد منّي و آنا انگطع ظنّي .,..زاد و كثر ونّي من شـحّوا عــليّه
الرحمة والراحة الابدية والذكر الطيب للفنان سلمان المنكوب الذي اطربنا كثيرا بصوته العذب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي