الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اطروحات ما وراء المستحيل في الفكر السياسي الاسلامي حزب التحرير نموزج

عمر يحي احمد

2015 / 7 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


المقدمة
تعد ظاهرة الإسلام السياسي واحدة من أهم الظواهر التي برزت في الاونة الاخير والتي إستطاعت ان تصل إلى الحكم في بعض الدول ، تتمثل هذه الظاهرة في الاحزاب و الجماعات الإسلامية و بعض المؤسسات والتي تستند على منطلقات الفكر السياسي الإسلامي، يعد حزب التحرير من أهم الاحزاب و التيارات السياسية الإسلامية المعاصرة و الذي يدعو إلى تطبيق مبادئ الفكر السياسي و خصوصاً فكرة الخلافة الإسلامية.
نشأ حزب التحرير في منتصف هذا القرن وهي حزب عالمي يوجد في جميع الدول العربية و الإسلامية ، يجئ هذا البحث كتقييم لإطروحة الحزب و مدى صلاحيتها و حدود الواقعية فيها .

إشكالية الدراسة
يستمد الإنسان أهدافه و طموحاته من الواقع الذي يعيشه و المسلمات البديهية التي تتجسد أمامه و كلما كان الإنسان أكثر تعمقاً حول هذه المسلمات و أكثر واقعية و أصبحت أهدافه و طموحاته اقرب إلى التحقيق وهو ما يعرف باسم " الممكن " ، و إن عدم تعمق الإنسان حول هذه الفرضيات و المسلمات و الإيمان بها يجعله يخرج من دائرة الواقعية و الممكن إلى دائرة الفشل و المستحيل .
يبدو إن هنالك بعض الإطروحات الفكرية قد تجاوزت حدود الواقع و مسلمات العقل فهي لم تصل إلى مرحلة المستحيل بل تخطت هذه الدرجة لتصل إلى مرحلة ما بعد حدود المستحيل أو ما يمكن إن نسميه بإطروحات ما وراء المستحيل ، فإلى أي مدى يمكن إعتبار إطروحة حزب التحرير في العالم الإسلامي إطروحة مستحيلة و ماهي حدود واقعيتها في الفكر السياسي الإسلامي ؟ .
المطلب الأول : الخلفية العامة للحزب التحرير

أولاً : الخلفية التاريخية
تؤكد المصادر إن حزب التحرير قد تأسس في عام 1953م في القدس بفلسطين على يد القاضي الفلسطيني تقي الدين النبهاني ،ثم استطاع الحزب إن ينمو ويتطور بصورة سريعة في الدول العربية و الإسلامية حتي دخل عدد من اعضاءه في البرلمان و مجالس النواب في كل من الضفة الغربية و الأردن عام 1955م وللحزب تواجد في كل الدول الإسلامية و بعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا وروسيا و ألمانيا و الدنمارك و دول آسيا كذلك ، يرأس الحزب الآن عطا أبو الرشتة أو ما يسمونه بالأمير .
ثانيا ً : أهداف حزب التحرير
هنالك هدفين فقط يسعى الحزب إلى تحقيقهما :
1. تطبيق الشريعة الإسلامية كما جاءت في مصادر التشريع الإسلامي .
2. إقامة نظام ( الخلافة الإسلامية ) و إلغاء القومية الحالية .
كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى نشوء و ظهور الحزب هي تزايد دور الدولة القومية و إلغاء نظام الخلافة في تركيا على يد مصطفى كمال اتاتورك عام 1924م .
ثالثاً : المنطلقات الفكرية لحزب التحرير
1. إسلامية النظام السياسي و هو تطبيق نظام الخلافة كما كانت مطبقة في عهد النبي صل الله عليه وسلم و الخلفاء الراشدين .
2. رفض وتحريم بقية الأنظمة السياسية الأخرى .
يتخذ الحزب من القرآن و السنة أول مصادره و منطلقاته الفكرية حول القضايا التي تواجه المجتمع ولعل أهم ما يميز الحزب إنه يمتلك تصور كامل كيفية تطبيق نظام الخلافة ودستور إسلامي مكتوب شارك في إعداده عدد من العلماء و المفكرين المسلمين .
المطلب الثاني : حدود الواقعية في إطروحة حزب التحرير
أولاً : من حيث الهدف
إن فكرة إقامة دولة خلافة بدلاً من الدولة القومية المعاصرة يعد هدف غير حقيقي أو واقعي وذلك لان الدولة القومية الان أصبحت حقيقة حتمية بل إمتدت ليظهر بعدها مفهوم الدولة الأثنية أو القبلية أو العرقية مثل حال كثير من الدول الإسلامية المعاصرة " دولة آل سعود السعودية ، و آل هاشم الاردن ، و الدولة العرقية العربية مثل مصر و الإمارات ليبيا العراق ، إذا كانت معظم الدول تعلن عن هويتها بإنها عربية فكم عدد الدول التي تسمي اسمها بجمهورية ..... الإسلامية أو المملكة ..... الإسلامية ؟ .
ثانياً : من حيث التجربة
كثيراً ما تركز حركات الإسلام السياسي في تقديم إطروحاتها على تجربة " دولة المدينة " التي كانت في عهد الرسول صل الله عليه وسلم و مرحلة الخلافة الراشدة من بعدها ، وتكمن المشكلة في إن حزب التحرير يدعو إلى تطبيق نظام الدولة الإسلامية و الخلافة على كل المسلمين ، و من خلال إستقراء واقع تجربة الإسلام السياسي يتضح إن عامل الفرقة و الإنقسام كان موجود فكانت هنالك إمارات و أمصار تنتمي إلى دولة الإسلام دينياً و منقسم عنها سياسياً و جغرافياً .
ثالثاً : من حيث مركزية الإنطلاق و الخليفة
إذا كانت مركز قيادة الدولة الإسلامية يقع في مكة و المدينة و كان الرسول صل الله عليه و سلم هو القائد لها ، فإين ستكون رئاسة و مركز الخلافة الإسلامية حسب نظرية حزب التحرير ؟ .
و السؤال الثاني : من هو الخليفة ؟.
رابعاً : ضعف الخبرة و التجربة للحزب
منذ نشؤ حزب التحرير عام 1953م لم يستطيع إن يصل إلى الحكم في أي من الدول الإسلامية بإستثناء مشاركته في بعض البرلمانات و المناصب وهي قليلة جداً ، و بالتالي تصبح إطروحات حزب التحرير عبارة عن قوانين مكتوبة و نصوص نظرية لا أكثر .
خامساً : واقع الإسلام المعاصر
تعاني كل حركات و تيارات الإسلام السياسي اليوم من هجمة فكرية و سياسية كبيرة أفقدتها القدرة على الطرح الفكري و النمو و التطور فكل حركات الإسلام السياسي اليوم هي في موقع المدافع و ليس المهاجم ونظرياتها وتفتقد لمبدأ المبادرة و مواقفها تأتي كرد فعل لمواقف آخرى ، فقد أصبح " الإسلام السياسي " مصطلح يثير كثير من التهكم و السخرية و يرمز للرجعية بسبب التجارب التي خلفتها بعض الحركات و الحزاب الإسلامية التي وصلت إلى الحكم في بعض الدول الإسلامية أو العربية .
المطلب الثالث : مستقبل حزب التحرير في العالم الإسلامي
من المسلمات البديهية في الفكر السياسي هو إنه لايوجد نظام أفضل للحكم في السياسة و أفضل نظام سياسي لدولة ما هو النظام الذي يلبى طبيعة الواقع و يشبع حاجيات الشعب و يؤدى إلى تحقيق الأمن و الإستقرار .
من هذا المنطلق يمكن القول إنه إذا كان نظام " الخلافة الموحد " لرئيس وأحد على كل الدول الإسلامية أو المسلمين قد كان نظام جيد و مقبول في عهده فقد يكون غير مناسب في الوقت الحالي لان الواقع التاريخي لتجربة الدولة الإسلامية قد برهن فشل فكرة دولة الخلافة فتفككت إلى ولايات و ممالك حتي إلغيت بصورة كلية عام 1924م وظهرت على آثارها الدولة القومية الحالية.
يتضح من خلال تحليل منطلقات إطروحة حزب التحرير حول الخلافة إنها غير واقعية و لا يمكن تطبيقها و بالتالي فإن مستقبل الحزب قد يكون مستقبل غير أيجابي قد ينتهى به إلى الزوال و الفناء إلا إذا حدثت متغيرات جديد تؤدى إلى بقاء و إستمراريته ، ويمكن تلخيص هذه المتغيرات في عاملين :
العامل الأول : وهو حدوث " معجزة تؤدى إلى ترابط الدول و الشعوب الإسلامية بصورة كبيرة .
العامل الثاني : تراجع الحزب عن فكرته و الرضوخ للواقع وهذا يعني إعادة صياغة أهداف و منطلقات إطروحة الخلافة الإسلامية .
متطلبات الدولة الحديثة و المعاصرة
لقد تخطت الإسهامات الأدبية في الفكر السياسي في الوقت الحاضر فكرة الدولة القومية و الدولة الدينية و الدولة الملكية و العسكرية ليتم الحديث عن الدولة الحديثة أو المعاصرة وهي دولة يجب أن تتوفر فيها ثلاثة شروط وهي :
1. الوجود المادي .
2. الأمن و لإستقرار .
3. النمو و التطور .
أولاً : الوجود المادي
i. وهو يعني إن تكون الدولة موجود فعلياً وهذا يتطلب عنصرين :
ii. وجود حدود جغرافيا وشعب .
وجود حكومة أو سلطة تدير هذه الدولة .
ثانياً : الأمن و الإستقرار
وهو كذلك يتطلب تطبيق عنصرين :
i. وجود دستور عادل يحدد الحقوق و الواجبات بين الشعب دون أي تميز .
ii. تطبيق نصوص هذا الدستور على أرض الواقع .
ثالثاً : النمو و التطور
وهو يتحقق من خلال عنصرين
i. وجود موارد طبيعية للدولة أو الحصول عليها
ii. وضع خطة و أستراتيجية لإدارة هذه الموارد
إذا تحققت هذه الشروط الثلاثة لاي دولة أو شعب فإنه لايهم إن تكون الحكومة أو السلطة إسلامية أو دينية أو عسكرية أو غيرها وهذا ما أخفقت فيه معظم الأحزاب السياسية و الفكر السياسي المعاصر

ــــــــــــ
* أ / عمر يحي ، جامعة الزعيم الازهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الاستراتيجية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران