الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
محطات ما بعد الخمسين من العمر
فارس التميمي
كاتب
(Faris Al-timimi)
2015 / 7 / 29
كتابات ساخرة
هذه جوانب من أحداث يواجهها الكثيرون من الناس، سأحاول هنا أن أقرأها ربما بصورة غير مألوفة، قد تكون قراءة صحيحة، وقد يكون فيها الكثير من التوهم والإنفعال والتأثر السلبي الذي ينعكس على النظرة للحياة، التي نحرص كلنا على أن نحياها بأفضل شكل وحسب تصورنا ومقاييسنا لهذه الأفضلية،، وسيصاحب السرد والمرور على هذه الأحداث تساؤلات ربما مازلنا معظمنا نعاني من القمع المختلف الأشكال كلما تجرأنا على التطرق لها.
في منتصف الشهر الخامس من العام 2002 وقبل شهر وعدة أيام من بلوغي الخمسين عاما، وردتني رسالة على بريدي الأليكتروني من زوجة شقيقي (الدكتور وليد التميمي) تخبرني فيها أنه بعد طول مراجعاته للطبيب في المدينة التي يعيش فيها (ميلتن كينز Milton Keynes) فی-;- بريطانيا، أبلغه الطبيب أنه مصاب بسرطان الرئة وليس إلتهاباً رئوياً كما كانوا يقولون له لفترة تزيد على الشهر، وبعد أن جربوا عليه أنواع الأدوية لكي تشفيه من الإلتهاب الرئوي! وهذه بحد ذاتها مسألة قد نتوقعها من جهة طبية في بلدان متخلفة في الرعاية الصحية، ولكن ليس من بلد له فضل كبير على تطور علم الطب في العالم كله مثل بريطانيا! لقد صُدِمت لسماعي الخبر، وسارعت للإتصال بأخي الذي لم يكن قد أنهى السابعة والخمسين من عمره بعد،،، وجدته يتحدث بنبرة من يُدرك تماماً أنه لا محالة مودع للحياة، ربما خلال أشهر قليلة!! وقال لي ما قد ذكره له طبيبه الذي قال له،، لاعليك إلّا أن تذهب إلى عائلتك وتستمتع بما تبقى لك من أيام أو أشهر حتى تصل النهاية!! ولم يكن الطبيب يعلم بأن أخي وليد ومنذ نعومة أظفاره كان على عداء دائم مع التمتع بالحياة،، لم يكن يجيد هذه اللعبة،، بل لم يكن يؤمن بأن الحياة يجب أن تكون فيها فسحة للمتعة، ولم يكن يبخل على نفسه أن يهيئ كل أسباب وموجبات القلق والكآبة في كل أمر يواجهه،، وكان العراق أكبر هَمّ يعيشه منذ عودته للعراق العام في 1974 بعد إنهاءه دراسة الدكتوراه في الإقتصاد في بريطانيا،، ولكن الحياة كلها وبكل مفاصلها، والعراق بشكل خاص لم يكونا بدورهما مرتاحين له! ولم تصفو له الأمور معهما يوماً ما!! لقد تجاوز أهمية علاقته مع الحياة، حيث لم يكن مهتماً بما يمكن أن تصل إليه هذه العلاقة،، لكنه أصرّ على أن يُديم علاقته مع العِراق حتى بعد مغادرته له نهائياً في العام 1976، أي بعد سنتين فقط من عودته له،، وقد كان في تصوره على درجة من الهوس والتطرف لحد أنه كان يعتبر العراق أكثر أهمية من الحياة، وكان كل من حوله يتصورون أنه يتظاهر بهذا الشيئ!! ولكن العراق من جانبه أصر على رفضه ورفض العلاقة معه (وربما هذه مسألة قد تخرجنا عن مسار السرد هذا لو أردت أن أخوض فيها لتبيان تفاصيلها وما أعنيه من ذكرها)، وأعتقد أنه من المعروف أن العراق مازال يصر على رفض العلاقة مع الكثيرين ممن يحبونه فقط لكونه بلدهم ليس إلاّ، وليس لأنه الخزينة المفتوحة لهم لسرقتها! وليس لأنه موقع لكراسي الحكم التي يمكنهم الجلوس عليها، للإمعان في تخريبه وتدميره!!! وهذه مفارقة ربما تميز بها العراق كما قد تميز بها أخي الذي أعتقد أنا وبدون مبالغة أن هموم العراق والعلاقة المعقدة بين العراقيين في المنفى أيام المعارضة العراقية، التي أصبحت علنية بعد غزو صدام للكويت في العام 1990، كانت تلك الهموم من الأمور المساعدة لهذا السرطان الذي إندفع لزيارة رئتي أخي وليد، تلك الزيارة المفاجأة اللئيمة بمحتواها ونتائجها، تلك الزيارة التي رحب هو بها يأساً وشعوراً منه بأن ذلك أفضل ما يمكن أن يكون حيث الفشل يحيط بكل مسعى قام به ولم تعد له فعلياً رغبة بالحياة!! وهذه فعلاً واحدة من المفارقات التي أحاطت بالقضية العراقية، عندما نعود إلى أسسها لنرى أن الكثيرين من المعارضين ممن قد أنهى صدام أو الموت الطبيعي حياتهم، ومن ثم نرى أن الأمر إنتهى بمن لم يكن لهم دور في الشأن العراقي بأن يصبحوا حكاما للعراق، شاء العراقيون المحبون للعراق أم أبوا!!
هذا الحدث أوجد للسرطان سطراً في سجل العائلة الطبي الذي يسأل عنه الأطباء لغرض معرفة مدى دور الوراثة في هذا المرض،، وليس هناك لحد هذا الوقت (حسب علمي) من يبحث عن دور المجتمع والضغوط النفسية والكآبة في تشجيع المرض للقيام بزياراته التي تتميز بالمفاجأة والخبث واللؤم دوماً!!!
كانت أول زيارة أقوم بها للطبيب للفحص الدوري السنوي بعد أن بلغت من العمر الخمسين عاما، هي في شهر تموز من نفس العام 2002. وكانت زيارة روتينية سنوية أقوم بها، ولكنها هذه المرة كانت تحوي الكثير من الشحن النفسي! فأنا أيضاً كنت أدخن بشراهة، وكنت أتخوف من إمكانية زيارة السرطان لرئتي بالرغم من أنني كنت قد أقلعت عن التدخين قبل ذلك بست سنوات. سألت الطبيب إن كان من الممكن أن لا يتم تشخيص سرطان الرئتين مثلما حدث مع أخي وليد، وكانت إجابته أن ذلك من الأمور المستبعدة، وأخبرته عن إصابة أخي بالسرطان، ولذلك فقد سارع لأن يثبت في سجلي الطبي أن أحد أفراد عائلتي قد أصيب بالسرطان! وقبلها لم يكن في سجلي شيئ من ذلك. كذلك أخبرني أن علي أن أجري فحص القولون بالمنظار لأنني بلغت الخمسين من العمر وهذا مما يُنصَح به في كندا لتحري إحتمالات الإصابة المبكرة بسرطان القولون، وكانت هذه بالنسبة لي بدايات التصور بأن هذا الزائر الكريه قد لا يكون بعيداً، بل أنه يمكن أن يكون خلف الباب ولا يحتاج لإستئذان للدخول!! هنا لابد من التوقف وقفة قصيرة لملاحظة أن هذا الزائر غالباً ما يزور الناس بعد أن يبلغوا من العمر ما يقارب منتصفه،،، وغالباً ما يعمد إلى إذلال الإنسان الذي يصاب به، بل أنه حتى أنواع المحاولات العلاجية التي يقترحها الطب له، إنما هي محاولات مؤلمة وتنهك قوى المصاب، وربما تصل بالذي يتلقى العلاج إلى حد تقبل الموت للخلاص من ألم العلاج!! هل هنالك مفارقة أبشع وأكثر غرابة من هذه؟ ويبقى السرطان كالوحش الكاسر الذي يهاجم قطعان الحيوانات حيث أن الوحوش بصورة عامة تسعى صوب صغار السن أو كبار السن ضعاف الأجسام منها، ولكن ذلك لا يمنع الوحش من أن يغير إتجاهه ويهاجم القوي فيما لو برزت فرصة مؤاتية لذلك. إن تفسير علماء الطبيعة لأهمية إعتماد الوحوش الكاسرة في معيشتها على الحيوانات الضعيفة من كبار السن، هو للمساعدة في تنشئة جيل جديد أقوى بما يتوفر من الغذاء المحدود في أغلب الأحيان، لكنهم لم يستطيعوا أن يبرروا جدوى وأهمية قتل الصغار من الحيوانات في القطيع؟ ولا المصادفة في قتل القوي من الحيوانات، وهذا مما يعطي دليلاً على أن ما يحدث في الطبيعة ليس محكوماً بقوانين ثابتة أو أن القصد منها له مايبرره! بل أن الطبيعة هي في الحقيقة عبارة عن مجموعة من القوى البشعة المدمرة التي لا تراعي أي جانب مما يوجد على سطح هذه الأرض، فالكل معرض لثوران بركان أو هزة أرضية أو طوفان لا يراعي في الغالب الفقراء من الفلاحين ممن يعيشون على سفوح الأنهار، وإعصار وبرق ورعد يُظهر قوة عضلاته وقدراته على بيوت من لا يملكون غيرها من المباني الضعيفة لتبقى قصور وقلاع الأقوياء صامدة من دون أثر، وهكذا هو الحال مع كل ظواهر هذه الطبيعة التي يطيب للناس التغزل بها،،، ونسيان مواقفها المدمرة، ومما لاشك فيه أن للأغنياء القدرة على مواجهة المرض بما يتوفر لهم من قدرة على إستخدام العلاجات،، وهو ما لا يتوفر في أغلب الأحيان للفقراء المسحوقين من البشرية،، حتى الأطفال الصغار الذين من المفروض أن تنتظرهم الحياة لتحتضنهم ليكونوا أجيال البشرية الجديدة،، ولا يكونوا حطباً يحترق كما لو أن لاقيمة له!!
إن غدة البروستات، غدة لا يعلم عنها وربما حتى لم يسمع بإسمها الكثيرون ممن لا علاقة لهم بالعلوم الطبية. كما أن الكثيرين ممن يعرفون إسمها ويعلمون بوجودها، لا يعرفون عن دورها وقيمة مفعولها في جسم الإنسان. وبإختصار، ولكي لا يتحول موضوعنا إلى موضوع طبي ولأنني أكره مجرد ذكر هذه الغدة اللعينة، فأنها من الغدد التي لها دور في التهيئة وإنجاز العملية الجنسية عند الرجال،،، هذه العملية التي يبدو أن العالم كله كثيراً ما يقع أسيراً للعواقب التدميرية التي تنتج عنها!! ومع ذلك يبقى مصراً على التغزل بها، وأقصد العملية الجنسية بمواصفاتها الحيوانية!! هذه الغدة هي واحدة من الغدد التي بعد بلوغ الرجل الخمسين من عمره، وربما حتى قبل ذلك بسنوات، غالباً ما تبدأ هي الأخرى بإستعراض عضلاتها وتبدأ بالتضخم بدون مبرر، ولا داع، ولا سبب معلوم، وبدون أي حاجة لهذا التضخم السمج السخيف! وتبدأ بمزحتها الثقيلة هذه ودمها الثقيل في الضغط على مجرى البول لكي تبدأ معاناة الإنسان وأعني الرجل، وبعد أن تجاوز الخمسين من العمر وبدأ عنده العد العكسي بإتجاه حفلة الختام والتوديع لهذه الحياة الملأى بالمتناقضات والسخافات، والتي نُصر على أن نعتبرها غاية الغايات مهما كان وضعها مزرياً! عندما كنا صغار كانوا يعلموننا أو كنا نحن نفهم أن الجسم وحدة واحدة يتعاون الأعضاء فيه إلى أبعد الحدود، فالدماغ يسهر ويراقب ويكون دوماً على أهبة الإستعداد للتحذير من المخاطر،، ويبقى حتى عند النوم جاهزاً لليقضة والعودة للإنتباه والتفاعل مع الحدث،، أما القلب، فهذا هو السر الأكبر للحياة والذي لا نعرف لماذا يبقى طوال العمر ينبض من دون توقف حرصاً منه على إيصال الغذاء والأوكسيجين عبر الدم إلى خلايا الجسم كلها، لأنها لا تستطيع المقاومة والدوام لدقائق بدون الأوكسيجين. ليس هناك من يستطيع الإجابة المقنعة لماذا كل هذا العناء وكل هذا التعقيد؟؟؟ هل هو فقط لكي نعيش،، ألم يكن من الممكن أن تكون ماكينة حياتنا أبسط،، خصوصاً وأن هذه العلاقة الحميمية بين الأعضاء سرعان ما تنقلب إلى ما يشبه العداء بعد بلوغ الخمسين من العمر،، فالدماغ بعد الخمسين يبدأ بالسرحان وربما كما نقول بالعراقي (يشطح) بعيداً ويبدأ بأخذ الأمور بجدية أكثر من اللزوم والخوف والقلق، وبدون أن يوجد حلاً لأي مشكلة يقلق بسببها، ومن ثم ينتهي به الأمر إما إلى حالة من (الزهايمر) أو (الباركنسن) لكي يجعل من الإنسان عالة على الآخرين لما يتبقى له من عمر، وتبدأ عندها مرحلة الحياة المهينة التي يعيشها الإنسان! أما صاحبنا القلب حامل الشغل الأول وحامل الخير للجسم كله، والذي لا يتوقف عن العمل ويبقى مصراً عليه وبمحظ إرادته،، فإنه كما هو متفضل على الجسم في عمله الدائم، إلا أنه في نفس الوقت لديه الإستعداد للإضراب والتوقف عن العمل في اي لحظة وبدون أي وازع أخلاقي ولا ضمير يؤنبه، وبدون أي رسالة تحذيرية أو تنبيهية، في حركة وسلوك نرجسي سخيف ممجوج!! ولا يعبأ بأن هذا الإنسان المرتبط به كلياً لديه أعمال وإرتباطات عليه أن ينجزها أو كثيراً ما لديه أحبة وأطفال يحتاجون رعايته ولا يجوز أن يتركهم للمجهول،،، كل ذلك لا يعبأ به حتى أنه لا يلقي على صاحبه تحية الوداع،،، لايهمه كل ذلك وهو نفسه الذي يخفق وبشدة أيام الشباب لرؤية حسناء،، أو ربما من كان (هو وحده) يتصورها أنها حسناء!!! أليس هذا أمر سخيف لا يقوم به إلا من لا يستحق أي تقدير،، فكيف بعد ذلك يمكن للإنسان أن يأمن بقلبه عندما يقرر فجأة الإضراب عن العمل أو يأمن لعقله إذا ما قارب موعد (شطحانه)؟؟؟؟ وها نحن نكتشف الحقيقة عندما كبرنا، أنه لا إتفاق ولا وفاق بين أعضاء الجسم وأن الحقيقة أنها كل منها يعمل ما يروق له،، وكلها تخنع لذلك الزائر الكريه صاحب الجبروت والذي لا يجرؤ أحد على مواجهته وهو مكشر لأنيابه، والذي يقرر أكل الإعضاء كلها من الداخل،، وهنا أذكر وأنا صغير السن كنت أسمع من جدتي أن الناس في ديالى (محافظة شمال شرق بغداد) كانوا يسمون مرضاً يصيب الناس ويموتون بسببه بالتسمية المحلية (آچلة) أي (آكلة) وتعني المرض الذي يصيب الجسم ويبدأ بأكله من الداخل، من حيث لا يراه الناس ولا يعرفون عنه شيئاً في تلك السنين فأعطوه إسماً يليق به وببشاعته!
وكما ذكرت عن غدة البروستات هذه التي تبدأ سلوكها العدواني بالتمدد السخيف الذي لا مبرر له، والذي يضايق مجرى البول وربما المثانة اللذان لاحول ولا قوة لهما غير أن يبادرا بالإلحاح على الرجل لكي يجد حلاً لإخراج إفرازات الجسم، تلك الإفرازات السخيفة الأخرى التي لا تتوقف عن التكون، لذلك فإنها تحتاج أن تطرح خارج الجسم، والجسم يصر على إستقبال المزيد من المواد التي تدخل إليه لكي يحطمها ويستخدم جزءاً بسيطاً تافهاً منها ويبقى يبحث عن وسيلة لطرح معظمها خارجه،، عملية تجري يومياً، مملة، ولا تتناسب مطلقاً مع أي مقياس للكرامة المزعومة!! ولا يبدو أن هذه العملية ستتغير لملايين قادمة من السنين! حيث سيبقى الإنسان ذليلاً محتاجاً لأن يُدخِلَ في جوفه مواداً يُقال عنها أنها كريمة، لكي يُخرجها من جسمه بعد ساعات قليلة مواد أخرى لا يجرؤ أحد على أن يصفها بأقل من أنها أقذر ما يمكن أن تكون عليه القذارة!!! بعد ما يقرب من خمس عشرة سنة من إستخدامي المحاولات العلاجية لهذه الغدة العدوانية وبدون فائدة تُذكر، قررت أن أطلب من طبيبي أن يُحيلني إلى الجراح الإختصاصي لإجراء العملية الجراحية للتخلص من هذه الغدة الكريهة ومواجهة سلوكها العدواني بما يستحقه من القمع المضاد والموقف الصارم العنيف، وهذا هو في الحقيقة ما أفهمه وأؤمن به من أن العدوان يجب أن يُواجَه بما يستحقه من عنف وقوة، ذلك أن العدوان لا يفهم غير العنف جواباً، فلا ديمقراطية مع من لا يفهمون الديمقراطية!! وصلت للجراح الإختصاصي، وكان شاباً لطيفاً بذل جهداً لكي يشرح لي أهمية وقيمة العملية، فقلت له بأنني أنا من طلب إجراء العملية، فأجاب بأنه يعرف ذلك ولكنه عليه ومن واجبه أن يشرح لي ما يمكن أن تؤدي إليه العملية من مداخلات،، وكان معظم كلامه منصباً على القدرة الجنسية بعد العملية، وهنا صُدِمتُ مرة أخرى عندما تواجهت مع أمرٍ كهذا وهو أن الجراح يحتاج أن يبرر أهمية العملية للمرضى رغم حاجتهم الماسة لها وذلك لمجرد أنها ستتداخل مع قدراتهم الجنسية، والمرضى معظمهم إن لم يكن كلهم قد تجاوزوا الستين من العمر! هنا علي أن أضع ألف علامة تعجب وإستفهام!!!!!؟؟؟ هل يمكن أن يكون الحال هكذا؟ وهل يمكن لإنسان أن يرفض عملية جراحية يستطيع بعدها أن يعود لحياة طبيعية من قدرة على إفراغ محتويات جسمه مما يجب إخراجه، لمجرد أن ذلك ربما سيؤثر على قدرته الجنسية؟؟؟ إذاً،، إلى أي درجة عالمنا هذا مرتبط بهذه القدرة الجنسية؟ وكم تحرك هذه القدرة من عالمنا هذا،،؟ أو في الحقيقة كم تدمر من عالمنا هذا؟؟؟ أنا على يقين أنها تستطيع تغيير سياسات دول، ربما كبيرة!!! وهنا سرحت بخيالي بعيداً، بعيداً،، وأول ما خطر أمامي هو شخص البابا (فرانسيس) والذي أحبه وأحترمه كثيراً لمواقفه الشجاعة والجريئة والمتجددة والواقعية البعيدة عن الكذب والغش، كذلك الملايين من الرهبان الأنقياء فعلياً والذين عبَروا على هذه الحياة طوال ما يقرب من ألفي عام،، من يمكن أن يكونوا هؤلاء؟؟ هل هم من نفس طينة البشر؟ أم أننا نحن من طينة أخرى؟ نتجاوز الستين وربما السبعين والثمانين، وتبقى مسألة القدرة الجنسية الهم والشاغل الأكبر لنا؟؟ هل يمكن أن يكون ذلك هو طبيعة البشر البايولوجية، أم أن المدنية والرفاهية والنعيم الذي يعيشه البعض من البشر هو ما قد حفز ذلك؟ أو ربما قصور العقل الذي يشيع بين البشر هو ما أوجد فسحة لفعالية أخرى حلت محل العقل؟،، قديماً كانوا يعتبرون الكِبَر في السن هو بلوغ العقل والحكمة والتشاغل عما عدا ذلك،، واليوم أرى طبيباً جراحاً إختصاصياً في بلد غربي نشأ نشأة غربية يستغرب أن أقول له أن أمرَ هذه الغدة وأثر إزالتها غير مهم بالنسبة لي، فإن همّي الأول هو أن أستجيب لصرخات وإستغاثة المثانة لأعبر لها عن عرفاني بالجميل لما خدمتني لأكثر من ستين عاماً،، خدمتني في التخلص من بلوى لا أعرف لماذا كانت هكذا وماهي ضرورتها،، ولست بمهتم لعضو آخر قد شاخ وهرم،، وربما يحلو له الآن الرقص على جثث الضحايا كما يفعل الطغاة!! هذا هو غرضي ومقصدي ليس إلا،،!
عدت لأتابع مع نفسي المحطات التي مررت بها منذ بلوغي الخمسين من العمر، فوجدت أن البعض منها يتناسب ويتوافق مع مسيرة الحياة منذ الطفولة سيراً حثيثاً نحو الشيخوخة، بينما هنالك البعض منها لا علاقة له بهذه المسيرة، بل على العكس، إذ أنه يتنافر معها ويُصِرّ على أن يظهر بشكل فجّ وعدواني كريه، يأبى إلا أن يهين الإنسان أو على أقل تقدير يُفقده هيبتَه التي إعتادها في الشباب!! لماذا؟؟؟ لم أستطع أن أجد تفسيراً،، ولا أعتقد أنني سأقنع بأي تفسير غير تفسير يستند لما هو مما وراء الذي نستطيع أن ندركه بحواسنا الإعتيادية...!! نعلم أن الإنسان يبدأ حياته غض الأعضاء، طري الجلد، ناعم الملمس في كل مفصل ومقطع من جسمه،، يبدأ بالسير نحو نهايته كما يقولون على أربع، ثم إثنين، ثم ثلاثة، ثم كثيراً ما يعود إلى أربع!!! يبدأ نظره وسمعه وإحساسه بما حوله ضعيفاً،، ثم يقوى كل ذلك معاً، ليعود وينحدر قبل خط النهاية إلى درجة ربما تتوازى مع الدرجة التي كان عليها نظره وسمعه وإحساسه بما حوله عندما كان طفلاً،، وبصورة عامة فإن معظم - إن لم يكن جميع- مكونات الجسم التي نعرف وظائفها وفوائدها للإنسان، تمر بنفس ما قد ذكرناه، إلا أن هنالك (أشباه الأعضاء) من مكونات الجسم، وهؤلاء يشبهون (أنصاف المتعلمين) الذين يشكلون دوماً مشكلة للمجتمع، أشباه الأعضاء هذه مثل الشعر والأظافر بشكل خاص وهي ما أسميها (المكونات الحيوانية والمسببة للمشكلات)، هذه المكونات لا يكاد يتفق إثنان (ممن يفهمون فعلياً) على ماهية فائدتها للإنسان،، ربما هي ليست أكثر من حاويات لتجميع القاذورات، فالشعر مرتع ومضيف مناسب جداً للطفيليات مثل القمل وغيره، والأظافر مرتع آخر لأنواع القاذورات وما لانراه من جراثيم! هذان المكونان وجدتهما الأكثر صفاقة وقلة ذوق وثقل دم من بين جميع مكونات جسم الإنسان! فهذا الشعر يبدأ مع الطفل بصورة لا نكاد نستطيع رؤيته على الرأس، ولا نراه مطلقا على الجسم، ثم يبدأ مع العمر بالظهور بوضوح على الرأس، ثم يبدأ بإختلاف الأجناس البشرية وربما إختلاف أمور أخرى بالظهور على أجزاء الجسم المختلفة، فيصبح واضحاً على الأجفان فيسمونه أهداب، وفوق العينين فيسمونه حاجبين ويحلو للشعراء التغزل بهما في الحسان من النساء، كما أنه يبدأ بالظهور على الوجه عند الرجال ليكون مدعاة للفخر الذي لامبرر له!! ويظهر أيضاً عند الكثير من النساء، ليكون بذلك مشكلة مدنية وربما مبدئية وعقائدية، فمشكلته المدنية أن الرجال الذي لا يرغبون في إطالته يحتاجون حلاقة لحاهم ربما كل يوم، والنساء اللواتي يعتنين بمظهرهن يحتجن لتدبر أمر هذا الشعر المزعج في الوجه على الشاربين والوجنتين والخدين حيث لايجوز- حسب ما تراه النساء ويراه الرجال أيضاً- أن يكون لهن شعر في الوجه بإستثناء الحاجبين والأهداب، ولا أعلم كيف قد تم الإتفاق على هذه المقاييس،، خلاصة القول أن هذا الشعر الذي يوجد على جسم الرجل وحتى على رأسه والذي لا تعرف له فائدة لها معنى،، يصبح وحشاً كاسراً بعد محطة الخمسين من العمر عند الكثير من الرجال،، لكي يساهم مساهمة فاعلة في التسبب بإزعاج من تجاوز الخمسين من عمره (ليزيد الطين بلة) ويساهم في تذكيره بأن العد التنازلي قد بدأ لامحالة،، ففي الوقت الذي يبدأ فيه بالتساقط من الرأس ربما حتى قبل الخمسين من العمر، إلا أنه وبكل صلف يبدأ بأن يتجاوز طوله عدة مرات طوله الطبيعي في داخل الأنف (ربما لكي يساهم في التضييق على التنفس لمجرد المساهمة في مضايقة الإنسان المسكين السائر نحو النهاية!) ويبدأ كذلك إستعراض عضلاته في صيوان الأذن نامياً بشكل قبيح على الجانبين،، وكأنما يريد أن يعطي من هو مبتلى به أنه قد بلغ درجة الحكمة والحلم!!! أمّا شعر الحاجبين فهذا أمره أمر آخر،، فهو يطول ويلتف ومن ثم يلتف لكي يتدلى على العينين فيسبب تشظياً في الرؤية،، وكأن الإنسان الذي تجاوز الخمسين لم يعد بحاجة للنظر، فيتولى هذا الشعر الكريه مهمة التشويش على النظر وليس من مغيث ولا منصف يعين الإنسان على بلواه،، كلما نتفت شعرة من داخل الأنف أو من صيوان الأذن تجدها وكأنها تحتج وفي غاية الصلف والقباحة لتظهر بعد يوم أو يومين لتبدو وكأنها قد إزدادت قوة وصلابة!!
أما الأظافر،، فهذه التي لا أذكر أني في يوم من الأيام قد إستخدمتها لفائدة تُذكر! بل على العكس من المؤكد أني منذ أن ولدت كان هنالك من يقوم بقصها والإهتمام بها ربما إسبوعياً، وبعد أن كبرنا كان علينا أن نتعلم كيف نقوم بقصها بأنفسنا خصوصاً بعد إن إخترع الإنسان هذا المقص (مقراض) الأظافر لكي يسهل عملية قصها. وأذكر عندما كنا صغاراً في المدارس كان المعلمون في الصباح يفتشون كجزء مما يفتشون عنه هو حالة هذه الأظافر، وهل يظهر بينها وبين الجلد ذاك التجمع القاذوراتي الأسود، لكي تأتي العصا تضرب على يد الطفل المسكين في الصباح الباكر والذي غالباً ما يكون بارداً، في الوقت الذي لو فتشنا يد المعلم لوجدناها أكثر قبحاً من يد الطالب الطفل المسكين،، هذه الأظافر تجمع قواها لتبدأ بالنمو سريعاً بعد محطة الخمسين لكي يبدأ إظفر إصبع الرجل الكبير بالنمو نافذاً في جلد ولحم الإصبع لكي يسبب ألماً مبرحاً فيكون المشي عند ذلك مؤلماً وصعباً إذا لم يكن قادراً على قصه، والذي يكون من أصعب الحالات وربما يحتاج لجراحة فعلية! نعيش مع أظافرنا طوال عمرنا وحتى نموت ونحن نخدمها ولا أستطيع أن أجد أي خدمة تقدمها لنا،، كذلك هو الحال بالنسبة للشعر،، فكلاهما موصومان بالقذارة، بل هما عنوان ومحتوى للقذارة،، تصور لو أنك وجدت شعرة في صحن طعام تهِمّ بتناوله، أو كأس شراب تشتهي أن تشربه، ماذا سيكون رأيك حينذاك!!! أو أنك تجد قطعة من إظفر مقصوصة،، كيف ستتعامل معها؟؟؟؟؟ كلاهما لم تثبت فائدتهما في شيئ،، غير أنه كانت لهما فوائد عندما كانت أنظمة الطغاة تستخدمهما في تعذيب من يقولون،،، لا،،، فيعلقونهم من شعر رأسهم، ومن ثم يقلعون أظافرهم!!!!!
وللحديث تتمة في حلقة قادمة...........
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - رغم الوجع
.ماجدة منصور
(
2015 / 7 / 29 - 10:13
)
.ولكن بالرغم من أوجاعك و غصبا عن سنوات عمرك الستين..فاني قد أحسست بأن قلب حضرتك..مازال قلب طفل0
احترامي
2 - شكرا
فارس التميمي
(
2015 / 7 / 29 - 18:31
)
شكرا لتعقيبك سيدتي،، وإحساسك بالأوجاع التي نمر بها كلنا،، ولكن المطلوب من ذكر هذه الأوجاع هو ليس لإستعراضها، إنم هو تسجيل إعتراض وقضية ربما ضد مجهول! كما كانت العادة في معاملة قضايا الضعفاء في مواجهة الأقوياء. تحياتي
.. #شاهد فنانة اسكتلندية تطالب بوقف إطلاق النار في غزة أثناء تس
.. -عقبال الكل يارب-.. الفنانة إليسا تكشف عن قريبها المعتقل الم
.. فنانون سوريون يحتفلون بسقوط نظام الأسد
.. وزير الثقافة السوري الأسبق: الإطار العام في سوريا بعد الإطاح
.. كرم مطاوع.. 28 عاما على رحيل عملاق المسرح المصري