الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيار الحل السلمي للازمة العراقية الفرصة الاخيرة

خالد صبيح

2003 / 1 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق




 

يبدو ان حاكم بغداد لايجيد شيئا، في كل دورات البؤس والفشل التي جسدتها ممارساته ، غير الحفاظ ، بدهاء وخبث، على بقاءه كنظام في مراحل سابقة وكفرد في المرحلة القادمة. فطالما ان كل المؤشرات التي يوحي ويصرح بها من هو معني بالقرار حول العراق، تشير الى انعدام اية امكانية للحفاظ على اي شكل من اشكال البقاء لهذا النظام، فلم يبق امام حاكم بغداد سوى الحفاظ على حياته وحياة الحلقة الضيقة المحيطة به من اسرته وتابعيه. وطبيعي ان تحقيق هذا الهدف، ولاجل ان يتم بنجاح، يجب ان يرتبط بممارسة( مساومة) سياسية، لاسيما وانها لعبة غير مبداية،سوف تعتمد الاسلوب العتيد الذي اعتاده النظام في خلط الاوراق وتداخل القيم ودفع الازمة الى اقصاها للحصول على اقصى قدر ممكن من النجاح الذاتي في تحقيق نجاته الشخصية، متجاوزا بالحتم الجميع، واقفا على كل الانقاض المتراكمة من سورة العنف التي لفة حياة المجتمع طيلة العقود الثلاث المتاخرة، وعلى كل مايمكن ان يتسبب به سقوطه من دوي مؤذ لمحيطه في حال تحققه عن طريق العنف والحرب، متخليا بالضرورة عن كل من كان معه وسانده ، فحينها، عنده
 < لاينفع لامال ولابنون> فخلاصه الفردي سيتقدم على كل ماعداه.
لعبة خلط الاوراق والتداخل بين عناصرها سوف تؤدي حتما الى فتح كوة في ظلام المصير المعتم الذي ينتظر حاكم بغداد ستمكنه من النفاذ منها..
 يبرز المفصل الاول في لعبة خلط الاوراق تلك في محاولة النظام ربط مصيره برهن حياة الاف المواطنين العراقيين من خلال ارتهان العراق بناسه وبنيته التحتية ومصيره السياسي بمصير حاكم بغداد حيث يبدو ان رحيله غير سالما، بحرب او بغيرها، سيؤدي الى تكلفة باهضة تتحملها المنطقة كمحصلة سياسية لنتائج واليات التغيير وبهدر دماء كثيرة لابناء الوطن. رغم ان الثمن السياسي لايقل الا قليلا في حال التغيير بغير عنف ولاحرب تستنزف ارواح وموارد وتترك اثار خراب شبه شامل، بحكم ان الطموح الاميركي في الاستيلاء على المنطقة وتركيعها ورهنها لمشروعها في الهيمنة بابعادها الكونية سوف يتحقق بكل الاحوال،اذ لايلوح في الافق مايمكن ان يوقفه او يعرقله،  فليس من المعقول ان تترك الولايات المتحدة العراق والمنطقة وشانهما في حال تحقق اسقاط سلمي للنظام ،لان الطموح لابعاد الدور الاميركي عن طريق اسقاط النظام سلميا حتى وان كان بتخليه عن الحكم مقابل نجاة النخبة الحاكمة بحياتها، سيكون بمثابة اجهاض للمشروع الاميركي الذي استنفرت لاجله اميركا قدراتها وهيئت العالم برمته من اجله.
على خلفية هذه الصورة يبدو ان النظام يجهد، مستفيدا من الظروف الخاصة بطبيعة الازمة وحيثيات ظروف المنطقة ومن خلال خلطه للاوراق، لجعل  مسالة خلاصه الفردي شانا يهتم به الاخرون وليس هو وحده،حيث تبرز هنا وهناك  مصلحة للكثيرين لهذا الخلاص بمن فيهم الشعب العراقي، الذي سيكون نجاة النخبة الحاكمة كثمن  لعدم شن الحرب  امرا مكلفا بحد ذاته، فهروب راس النظام ومجموعة المجرمين التي تحيط به بغير عقاب او حساب من الشعب سوف لن يكون بالثمن القليل، لكنه يبدو ثمنا مقبولا في الظروف الحالية.
على ضوء هذه التصورات يمكن قراءة الجولة السياسية التي يقوم بها رئيس وزراء تركيا< عبدالله غل> في المنطقة من اجل تنسيق الجهود الممكنة للخروج من الازمة باقل الاثمان للجميع،على انها الفرصة الاخيرة للخيار السلمي ، وربما تكون هذه التحركات التركية بمثابة الترجمة العملية لتصريح الرئيس الامريكي بقبوله خروج حاكم بغداد والتجاءه الى جهة ما، ويبدو ان الاطراف التي قصدها التحرك التركي معنية بامر انهاء الازمة سلميا بالاضافة الى احتمال قدرتها على التاثير والدفع باتجاه هذا الخيار لما  لها من مصلحة اكبر من اي طرف اخر في المنطقة في هذا الخيار. ويبدو ان مايحمس تركيا لهذا التحرك بالاضافة الى الاهمية الاقليمية للعقدة العراقية هو هاجس تقسيم العراق واحتمالية تحقيق اكراده لاي استقلال او تميز سيجعل من تركيا تواجه احراجات تاجج المشكلة القومية في كردستانها وماتستدعيه من اشكالات تعيق تكثيف تركيا لجهودها في الانضمام الى الاتحاد الاوربي ومايتطلبه من شروط لاتتحقق بغير الهدوء والاستقرار في تركيا والذي سيكون للهدوء في المنطقة اثر ايجابي عليه، بالاضافة لما للشارع التركي من مشترك اسلامي اقليمي يجعل التدخل العنيف لاميركا مثيرا لحساسيته، الواقع الذي يدفع هذه الحكومة، القادمة بدعم هذا الشارع المتحفز، ملزمة بالسعي لتطمين رغباته وتهدئة مخاوفه وغضبه المحتمل.  ان التحولات العنيفة في المنطقة مسالة محفوفة بالمخاطر في الحسابات الاسترتيجية للدول الاقليمية وامر تجنبها سيجعل من الممكن التعامل مع كل المعطيات السياسية والاختناقات والبؤر المتفجرة بكيفية تتيح  السيطرة عليها وتوجيهها والتحكم بابعادها.
وفي النهاية فان لعامل الزمن اثره في تسريع الانشطة والتحركات فلكل جهة دوافعها في تحديد ايقاع الحركة لنشاطها الا ان المتحكم الاكبر في تسريع وتحريك الايقاع وفق ايقاع زمني معين هو الادارة الامريكية مستندة على خلفية ضروراتها السياسية الداخلية وعدم تضييعها للفرص في الانتظار او اتاحة الفرصة لاي جهة لاستثمار الوقت لصالحها قد يؤدي الى عرقلة المشروع الامريكي المرسوم للمنطقة والعالم..
في كل دورات التحكم والتسريع والتوتر تلك، هل سيكون الشعب العراقي في حال تحقق سيناريو الخلاص سلميا بغير حرب ولادورة عنف، خاسرا ام رابحا؟ ام لاهو بهذا ولابذاك..
 صحيح ان امر الخلاص من الكابوس البعثي الفاشي امر يفوق باهميته كل الحسابات الا ان الثمن لايجب ان يكون مكلفا في الحساب الاخير..وفي المحصلة الاخيرة يبدو ان الشعب العراقي ملزم على دفع ثمن حتى وان كان الحل سلميا..

السويد
030105 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع حالة التأهب في إسرائيل ومنع التجمعات في الشمال


.. ما حدث في الضاحية يهدف لتحييد حزب الله والمقاومة عما يجري ف




.. أهم المحطات في مسيرة حزب الله اللبناني • فرانس 24 / FRANCE 2


.. حالة من الذهول والصدمة في بيروت • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بين نعيم قاسم وهاشم صفي الدين.. إليكم من قد يخلف حسن نصرالله