الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصناعة العراقية .. الواقع والطموح

زيد كامل الكوار

2015 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


احتلت الصناعة العراقية مكانة متميزة على الساحة الإقليمية منذ الثلث الأول من القرن العشرين ، وإن اقتصر مجال الصناعة في العراق على القطاع الخاص حينها وفي بعض الصناعات النسيجية والغزل الصوفي وبعض الصناعات اليدوية الأخرى ، لكن القطاع الصناعي العراقي تقدم وبخطوات واسعة في النصف الثاني من القرن الماضي ، حيث توسعت الصناعة لتشمل إنشاء مصانع تجميع السيارات التي رفدت السوق المحلية بالجرارات الزراعية وسيارات الحمل الكبيرة والصغيرة وحافلات نقل الركاب ، وسيارات الصالون في السنتين الأخيرتين قبل الحصار الاقتصادي ، ولم تكن الصناعات الكهربائية والإلكترونية بأقل شأن فقد رفدت السوق المحلية بأجهزة الثلاجات والمجمدات والتلفزيونات و المدافئ الزيتية والكهربائية ، والكثير من السلع الاستهلاكية التي لا مجال لذكرها ، وصناعة الحديد والصلب والصناعة العسكرية ومعامل الأسمنت الكثيرة المنتشرة في الكثير من مدن العراق التي كانت منتجاتها تفيض عن الحاجة المحلية وتصدر إلى الخارج لجودتها العالية ومطابقتها المواصفات العالمية، والصناعات الخفيفة العراقية كانت تحتل مكانة متميزة في المنطقة وعلى المستوى المحلي فقد كانت معامل الألبسة الجاهزة الحكومية تجهز منتجاتها بجودة عالية وبكميات كبيرة ، تسد جزءا لا بأس به من الحاجة المحلية . ولكن الصناعة العراقية تلقت ضربات موجعة عدة في الصميم ابتداء من الحصار الاقتصادي الذي أصابها في مقتل وليس انتهاء بالخصخصة التي بدأها النظام السابق حين بدأ بيع المعامل الحكومية إلى حسين كامل ومن لف لفه ، ثم جاء بعده الاحتلال الأمريكي الذي وجه الضربة الأولى للصناعة حين حل هيئة التصنيع العسكري التي كان لها دور كبير في إثراء التجربة الصناعية العراقية ، وليس هذا فحسب ، بل كان كما حدث في قطاع الزراعة لفتح السوق العراقية على العالم بلا ضوابط الأثر ذاته ، حيث حرمت الصناعة العراقية من المنافسة الشريفة ولما كانت جميع الظروف غير مواتية للصناعة العراقية كي تواكب ما توصلت إليه كبرى شركات الصناعة العالمية فقد انحدر إنتاجها إلى مستويات لم تعد فيها قادرة على منافسة المعروض في السوق العراقية ما دعا الحكومة إلى اتخاذ خطوة خطيرة كانت بمثابة دق المسمار الأخير في نعش الصناعة الوطنية ، ألا وهي تحويل تمويل الكثير من المصانع والمعامل الحكومية إلى التمويل الذاتي لعمالها وموظفيها ومنتسبيها من دون معالجة أزمتها المستمرة كإلزام وزارات الدولة بشراء منتجات تلك المنشآت الصناعية بدلا عن استيرادها من المناشئ العالمية ولم تدخل رواتب المنتسبين ضمن الموازنة الخاصة بوزارة الصناعة الأمر الذي أدى إلى عدم استلام هؤلاء رواتبهم لأشهر عدة ما خلق حالة من التأزم والقلق في الشارع العراقي الذي شهد تظاهرات عدة تعاطفت معها شرائح المجتمع العراقي وبعض التيارات السياسية الوطنية ، ولكنهم يجابهون دوما بالتسويف والوعود الكاذبة التي خلخلت بل نزعت الثقة الضعيفة بالحكومة لعجزها عن إيجاد حل جذري لمشكلة تلك الشريحة الواسعة من عمال العراق . ولا بد للحكومة العراقية أن تعيد الاستثمار في تلك المنشآت الصناعية العراقية العريقة على أسس علمية صحيحة مستغلة تلك الكوادر المهنية المحترفة ذات الخبرة الطويلة التي تؤهلها لاستدراك الأمر ووضع الصناعة العراقية على السكة السليمة من جديد ، إنهما الدعم المادي والمعنوي الكبيرين اللذان سيؤمنان الدفعة القوية الزخم لهذا القطاع المهم الذي لم يفقد حرفيته وإصراره على العطاء حتى الآن ، فلنمنحه الفرصة من جديد لنعيد الأمل إلى الشارع العراقي في القدرة على بناء العراق الجديد ، العراق المتطور الديمقراطي الموحد المتصالح مع نفسه أولا كي نستطيع أن نبني عراقا يؤمن بالحب والإخلاص في العمل والعزم على الإبداع المستمر لخلق غد أفضل للأجيال القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب