الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دمشق زنار من نار وجوبر ضربة غي خاصرة النظام

سحر حويجة

2015 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


دمشق زنار من نار وجوبر ضربة في خاصرة النظام
دمشق تحولت إلى جسد بلا أطراف، تتوجع وتتألم بصمت، تبدو هادئة ساكنة، يطوقها العسكر بكل قوى الشد والضغط والجذب، والترهيب ، تترقب بحذر وخوف ، الجميع يعرف حق المعرفة، من النظام والمعارضة، و أهل دمشق والنازحين من الأطراف المقيمين فيها ، أنه لا يمكن تصور فصل دمشق عن محيطها ، وفق أي تسوية أو مخرج سياسي ممكن للأزمة القائمة في سوريا ، دمشق تشعر باليتم، رغم كل مظاهر التعويض الذي يقوم به النظام وحلفائه ، غير أن النظام يعمل بكل قوته لعودة هذه الأطراف، فارغة من كل أشكال الحياة، أقرب أن تكون أطرافاً صناعية، فصلها وفق رغباته، كما أن أطراف دمشق تنجذب إلى القلب دون جدوى، خوفاً على مقتل يصيب الجسد بالقلب وينتهي كل شيء إلى مأساة.
دمشق تتوجع وتنزف وهي التي تراقب من مسافة ما يجري، يحجب دخان الحرائق، وضوح الرؤية، أعداداً كبيرة من سكان دمشق اليوم هم نازحون أتوا من الأطراف، كل الضربات التي تصل بسهولة إلى مسامعهم، لابد أنها أصابت بيوتهم أو معارفهم ، وحتى أولادهم، ضربات مدمرة قاتلة، تشكل سبباً في زيادة المسافة وفقدان أمل العودة إلى بيوتهم، بعد أن التهمت نيران المعارك كل جامد وحي في مناطقهم، والتجربة خير برهان ، حيث لم يعد سكان المناطق المدمرة إلى بيوتهم، بعد أن عادت إلى حضن النظام ، القابون السبينة، ومناطق حمص كلها مازالت فارغة من السكان، والأمل بالعودة لن يكون إلا بعد وقف العمليات الحربية، والخروج بحل يرضي الشعب السوري.

خطاب الأسد الأخير رغم أن توقيته جاء على خلفية الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى، هذا الاتفاق أعطى النظام دفعاً وقوة ، وينتظر النظام تغييرات تصب في مصلحته، التصعيد ولغة الاستمرار في القتال طغت على الخطاب، في محاولة منه لإعادة الاعتبار لقدراته العسكرية وإبرازها في تحقيق تقدم عسكري يسجل له ، بعد سلسلة الهزائم التي مني بها، في مناطق مختلفة من سوريا، في ترجمة مباشرة للهجة التصعيد ، في اليوم التالي للخطاب و بالتزامن مع استمرار المعارك القتالية الشرسة في مدينة الزبداني، منذ حوالي شهر، سجل النظام بدعم من حليفه حزب الله نقاط تقدم فيها بعد سلسلة من المجازر باستخدام القوة المفرطة، لكنه لم ينتصر بعد، حتى وجهت قوات النظام تهديداً لأهالي الزبداني والمناطق القريبة منها ، بتهمة احتضان مقاتلين هربوا من المعارك الدائرة في الزبداني، دفعت السكان للاستغاثة إلى من يردع النظام قبل ارتكاب مجازره .

تبقى جوبر الأقرب إلى قلب دمشق، وهي تقع في تماس مباشر مع جسد دمشق المتعب، جوبر التي تبدو أكبر من حجمها بكثير، تطل بالسنة اللهب والدخان التي يمكن رؤيتها بسهولة في معظم أحياء دمشق بعد كل ضربة جوية ، أو سقوط صواريخ مدمرة، حيث لا يمر يوما دون قصف من طائرات النظام ، وإلقاء ما تحمله من حمم على جوبر والمقيمين فيها. حتى أن المراقب لن يصدق أن هناك في جوبر ما زال شيئاً يمكن أن تلتهمه النيران، جوبر اليقظة كأنها تقوم بأعمال الحراسة على دمشق، تشكل الخاصرة الموجعة للنظام، وفي كل مرة نكسة جديدة له من جوبر، وشوق وخوف في دمشق.
في فجر يوم الأثنين الموافق لـ 27 من تموز، استيقظت دمشق على وقع أصوات مرعبة في قوتها ، وطلعات جوية لطائرات تحمل البراميل المتفجرة، لم تهدأ. وسقوط عشرات من الصواريخ الفراغية ذات القوة التدميرية الهائلة، تغطية نيرانية هائلة في محاولة من قوات النظام اقتحام جوبر، صدى أصوات الحملة العسكرية بدأت من الساعة الخامسة صباحاً وعلى مدى خمس ساعا ت متواصلة ضربات متلاحقة هزت أركان دمشق واهتزت شبابيكها وأبوابها من حجم وقوة الضربات ونوعيتها، اينما كانت المنطقة التي تسكنها في دمشق ، تحسب أن المعركة على بعد عشرات الأمتار من مكان وجودك، سألت في الحي الذي أسكنه ما ذا يجري ؟ قالوا في جوبر . وأينما كنت في دمشق يمكن لك رؤية الدخان الأسود الكثيف يتصاعد على مساحة جوبر.
انتهت المعركة بعد ساعات من بدايتها، وكانت النتيجة أن خسائر النظام عشرات القتلى وإسقاط طائرة، وتقدم لقوات المعارضة من جوبر ، هزيمة النظام في معركة خطط وجهز العدة لها بشكل مسبق، وحاول اعتماد خطة المباغتة، واختار توقيتها لتوظيف نتائجها سياسياً، كان يريدها درساً، وخبراً يسجل له انتصاراُ عسكرياً، لكنه فشل ، أرادها معركة كبيرة ومهيبة ، تعيد الثقة بقواته وقدراته العسكرية، وتغطى على المجازر التي تجري في الزبداني ومحيطها، لكن النظام فشل، و انبرى إعلام النظام وأبواقه، الذين لم يستطيعوا الكذب، وتجميل الحملة العسكرية بالحديث عن انتصارا من أي نوع، فالوقائع كانت أقوى ، واكتفوا بالقول أن النظام كان يهدف من معركة جوبر إلى جس النبض، والتعرف على القدرات العسكرية والأسلحة الموجودة عند المقاتلين في جوبر وليس القصد من المعركة اقتحام جوبر، في هذا الكلام ما يثير الضحك والدهشة ، لأن جوبر منذ أن خرجت عن سيطرة النظام وفي كل يوم تقريباً تتعرض لضربات بالأسلحة المدمرة، وإن كان هذا اليوم مختلف لأنها معركة معلنة واضحة تشارك فيها الطائرات والصواريخ على مدى ساعات دون أن تهدأ، يتسائل المرء كيف يعيش المقاتلين في جوبر، مكشوفين على النظام ؟ كل ظني أنهم يعيشون تحت الأرض، في أنفاق هذه الأنفاق الممتدة إلى دمشق ، التي تشكل خطراً يمكن أن تخلق مفاجآت للنظام لا يحمد عقباها ع. إذن كانت معركة جوبر الأخيرة بين طرف يقاتل من السماء وعبر الفضاء، وطرفاً يرد من تحت الأرض، والنتيجة فشل النظام بغد أن خسر الرهان على معركة هي معركة أرض وأصحابها عصية عليه. وكل هذه الحمم التي سقطت شكلت هزيمة ليست عسكرية فحسب بل هزيمة أخلاقية على مرأى سكان دمشق و أطرافها.
سحر حويجة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة