الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين العبودية والحرية،أين نحن؟

مصطفى تاج

2015 / 7 / 31
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


"إن كان التحرر يعني شيئا،فهو الحق في آن تقول للناس ما لا يودون سماعه" - جورج اورويل

طوال تاريخنا المجيد،كان دأبنا النظر إلى الوراء نظرة التمجيد والتعظيم،وإلى الحاضر نظرة التحقير والازدراء،وإلى المستقبل نظرة من انتهت كل مشاغله،فلم يعد امامنا سوى ممارسة الطقوس وانتظار قيام الساعة،فوجدنا انفسنا امام حالة من الجمود الرهيب،والعجز عن المسيارة والتأقلم مع المتغيرات،في وقت لم يعد يصح مع حالتنا سوى احتمالين:إما اننا واقفون متقوقعون في الزمن الفاضل،أو اننا مبرمجون على السير المستمر نحو الوراء.
فأضحينا واقفين أمام تعاليم صارمة،وتحديدات مشبعة بروح الترهيب،وأمام عقلية الموروث،وقد تربينا في احضانها المباركة على النظر إلى اشكال التحرر نظرة العبد الذي لم يدق طعم الحرية يوما،فآلفها نوعا من الدواخل المليئة بروح الشر،وشكلا من التآمر على الحالة المقدسة(حالة العبودية).

فالعبودية هي حالتنا الطبيعية والموروثة،والتحرر ضرب من الانحلال والانحراف،وإيدانا بالتطاول على الموروث المقدس،وعلى السلطة السياسية المحاطة تاريخيا بهالة من القداسة،فلا ينبغي للرعية إلا ان يقفوا امامها موقف السامع المطيع،الذي لا يبدي رأيا إلى في اللحظة الاولى (لحظة الاختيار والبيعة)،وحتى هذه لا رأي لعموم المواطنين فيها،إنما الرأي رأي الاشراف والسادة والكبراء والزعماء،وهؤلاء ايضا لا يأبهون لرأي العامة.

ما يجعلنا امام ثقافة قطيعية مكتملة الاركان،لا يستطيع الفرد أن يتحرك فيها بشكل مستقل ومسؤول،خارج اشكال الإملاء والممارسات الوصائية،من رجال الدين والسلاطين على السواء،ولا يستطيع الفرد التفكير والتصرف بحرية دون العودة إلى الاعراف،فالتفكير والتصرف لا يكون إلا بشكل قطيعي،وحينها بالذات ندرك ان الفرد نتاج لأشكال الاستعباد،ولا ثقة له في قدرته على تحمل أعباء الحرية،وعقله مبرمج على النظر إلى الحرية نظرته إلى العدو الغريب المجهول.

وكثيرا ما قد نسقط في نفس المغالطة،دون ان يتسنى لنا فهم طبيعة المجتمعات المبنية على مبادئ الحرية،فهي مجتمعات تأسست بشكل توافقي،وانتجت قوانين إلزامية تتغير باستمرار وفق تغير طبيعة المجتع،وبشكل يسمح لها بمواكبة التغيرات،والتأقلم مع المستجدات،وقد تخلصت فيها من المعيقات (الاستبداد السياسي والديني)..أما الحال بالنسبة لنا،معشر مجتمعات العبودية والثقافة القطيعية،فمسجونوا تعاليم دينية شمولية،غير قابلة للمراجعة وإعادة النظر،فقد حشرت انفها في شتى مجالات الحياة،وحين تزاوجت مع الاستبداد،ولدت ازمة الجمود والانحطاط،والعجز عن التطور والمواكبة،وقضت على كل دعوات التحرر،واصفة إياها بالمؤامرة الساعية لفرض التبعية وزعزعة الامن والاستقرار حينا،وحين اخرى جعلتها في موقع العدو،الذي ينبغي ان يحارب.بالتالي فمكاننا واضح جدا،ولن نغادره مادمنا متشبثين بتعاليم الصحراء،راضخين للاستبداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت