الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجعية هتفت مع المتظاهرين ..

مرتضى عصام الشريفي

2015 / 7 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


مرّت علينا في وقت سابق مظاهرات كانت ذات طابع سياسي حاولت الجهات المتنافسة فيها زجّ اسم المرجعية فيها؛ لإلجام الداعمين لها، أو القائمين بها، ولا ننسى المظاهرات حول إقليم البصرة، وكذلك التي حاولت الخروج لتأييد رئيس الوزراء السابق في قضية الولاية الثالثة، وغيرها؛ لكن المرجعية التزمت الصمت الحكيم، وكلّ ما نسب إليها من كلام لم يكن صحيحاً، أو حرّف بما يخدم الجهات المستفيدة ؛ كلّ طرفٍ يفسره بما ينسجم وأيديولوجيته الحزبية .
.
لكنّنا اليوم نشهد مظاهرات جماهيرية ذات طابع شعبي مستقل خرجت بعدما صبرت صبراً جميلاً طويلاً على الرغم من النقص الحاد في خدمات الدولة، يرافقه تقشّف ظالم للشعب، ومنصف للمسؤولين الذين امتدت حصانتهم عن شمولهم بهذا التقشّف، وكان الشعب ليبقى مستمراً في صبره لو رأى المسؤولين يؤثرون على أنفسهم، وتنازلوا عن مخصصاتهم الفاحشة في وقتٍ الدولة في حرجٍ شديدٍ أمام شعبها، وأمام التحديات الخطيرة في الأوضاع الأمنية .
.
ولمّا لم تكن الطبقة السياسية الحاكمة بمستوى التحديات، والمسؤولية، وغير شاعرة بمعاناة شعبها خرج الشعب العراقي محتجّاً على ممارسات السلطة؛ لذلك وجدنا المرجعية العليا الرشيدة كما هي دائماً داعمةً لمطالب الشعب، محذّرة السلطة من تجاهل هذه المطالب الشعبية، ونصحت الحكومة بالتعامل معها بمسؤولية مبتعدةً عن التعامل الخشن، بل عليها أنْ تعبر عن احترام الدولة لمواطنيها، ورعايتها لحقوقهم .
.
قرأت، وسمعت كثيراً من المثقفين، ومن الشعب يلومون المرجعية على ما يحدث في الواقع السياسي، وهم يقولون : لماذا المرجعية لا تقل شيئاً، وهؤلاء الساسة قد جاؤوا من تحت عباءتها، واليوم أثبتت المرجعية على حكمتها، ووعيها لمشروع بناء الدولة، وعندما تشاهد هؤلاء الجموع من الشعب المحتجّة يبزغ أمامك فكر السيد العميق؛ إذ لا يبني الأوطان مثل شعوبها ، وأنت تتلمّس غاياتها في تأهيل الشعب؛ ليكون على قدر المسؤولية؛ لا أنْ يبقى منتظراً من يقول نيابةً عنه .
.
وتأييدها اليوم للشعب فيه تصحيح لأفكار منتشرة بين الشعب، وفيه انتقاد لممارسات السلطة في تبرير الفشل، وسوء التعامل مع المتظاهرين، فخطبة الجمعة اليوم أبانت سذاجة الفكرة القائلة: بأنّ هذه الحكومة مدعومة من المرجعية، فلا يصح التكلّم عليها، فليس جوهر القضية دعمها، أو عدم دعمها، بل جوهرها مدى نجاح الحكومات في تقديم الخدمات، وترفيه شعبها .
.
ومن الأمور المهمّة أيضاً في هذه الخطبة تأكيدها على التعامل بمسؤولية، واحترام مع الشعب المطالب بالخدمات، ناكرةً عليها لغتها المعهودة في إلقاء اللوم على الحكومات السالفة؛ إذ قالت : ((وكان المتوقع من الحكومات المتعاقبة أن تولي اهتماماً خاصاً بحل هذه المشكلة، وتقرّر وتنفّذ خطط صحيحة بسدّ النقص في هذه الخدمة الأساسية، ولكن المؤسف أن كلّ حكومة تضع اللوم على ما قبلها ثم لا تقوم هي بما يلزمها لتخفيف معاناة المواطنين مستقبلاً)) .
.
لا أستطيع أنْ أخفي انبهاري بعمق فكر هذا الرجل الحكيم، وكثيراً ما حاول تصحيح انحرافات هذه الديمقراطية المستوردة بعلّاتها من دول الغرب، بل يحاول تأصيل ما نستطيع الاصطلاح عليه بــ(الديمقراطية الإسلامية) عبر مواقف، وخطب تظهر الفهم المعاصر العميق لتعاليم الدين الإسلامي، وطرحها للعالم بقالب ينسجم، ولغة العصر الحديث؛ لكن المشهد السياسي كان منخفضاً عن هذا الوعي، والفكر السامي، ومما يؤسف له استغلال هذا الرمز لمصالح حزبية ضيّقة، ولكن هيهات، فالمرجعية واعية متابعة درأت كلّ ذلك بدبلوماسية نادرة أيضاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟