الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محطات ما بعد الخمسين من العمر (2) الحلقة الثانية

فارس التميمي
كاتب

(Faris Al-timimi)

2015 / 8 / 1
كتابات ساخرة


كانت الحلقة الأولى على مايبدو ومن خلال ردود وإتصالات بعض الأصدقاء والقراء، مثيرةً لشفقة ولتعاطف الأخوة (مشكورين) نتيجة لما تصوروه من معاناة مررت بها! والحقيقة أنني لم أتوقع أن يكون التصور هكذا، ذلك لأن ما كنت أرمي إليه من التحدث بهذا الموضوع، هو لتقديمه بإعتباره قراءة لصفحات من حياتنا اليومية، ومقارنتها بما مررنا به من صفحات، وكل ذلك بطريقة القراءة المبنية على تساؤلات تحتاج لأجوبة،، تساؤلات لطالما مرت بأذهان الكثيرين منا من دون أن نجرؤ على التوقف عندها لإيفاءها حقها من البحث والحديث عنها،، هذا الحديث الذي لطالما نأخذه لجوانب لا قيمة ولا نفع لها غير أنه ينتهي إلى لغو ومضيعة للوقت،، ولكن عندما يأتي الوقت الذي يجب علينا أن نتحدث فيما هو مهم فعلا، نركن إلى الإسترخاء ونلقي بما علينا من واجبات ومهمات تحتاج للجدية والتركيز منا،،،، ونتركها للمجهول،، الذي يبقى مجهولا،، وربما سيبقى مجهولا إلى حين....
لم يكن المقصود من الحديث عن تجربة إجراء عملية (القص الجزئي لغدة البروستات) إلا لكونها ظاهرة مرضية يمر بها الرجال فقط،، وعندما يكبرون في العمر،، وأنا شخصياً أنظر لسلوك هذه الغدة في هذه الحالة عندما تبدأ بالكبر من دون أن يكون للجسم حاجة في حجمها الكبير،، أن سلوكها هذا هو بالتأكيد حالة من إختلال الإتزان في جسم الإنسان عندما يكبر،، هذا طبعا إذا ما إستطعنا أن نثبت أن هنالك إتزان أصلا في أجزاء أخرى من جسم الإنسان؟؟!! وكما ذكرت سابقاً كنا نفهم أن الدماغ قادر على توجيه كل أعضاء الجسم، وهذا قد يكون صحيحاً، ولكنه لا يحصل ولا يصح في كل الأحوال، فالقلب إذا ما أراد التوقف لسبب غير معلوم، لن يستطيع الدماغ أن يفرض عليه الإستمرار بالنبض والعمل، وعند إعلان القلب الإضراب عن العمل فإن أول من يموت هو الدماغ، وتتبعه كل حاشيته الذين يمثلون الصفوة من خلايا الجسم!! والعكس صحيح فيما لو قرر هذا الدماغ أن يُضرِبَ (يتوقف تماما عن العمل) لأي سبب غير مفهوم، فإن القلب سيتوقف في اللحظة ومن ثم بعد ذلك تموت كل خلايا الجسم المهمة وحسب أهميتها وكرامتها،، وربما سيبقى الشعر والأظافر إلى حين،،، يأملون في عودة للحياة،، كما هو الحال مع الأذلاء من البشر ممن يهمهم العيش ويسعون للتشبث به أياً كانت كيفيته وشكله!! والمؤسف أن الرجال ينزعجون عندما يبدأ شعر رأسهم بالتساقط، وهذه مسألة عامة يشترك فيها جميع الرجال، وأنا كنت واحداً منهم حتى إنتبهت لنفسي وعدت لأصحح موقفي وأنا الآن فرح بأنني لا أمتلك إلا القليل من الشعرات في رأسي وسأكون سعيداً لو غادرتني وغربت عن رأسي كلها،، وأعتقد أن (صلعة) (بروس ويليس) لها معجبون أكثر بكثير من كثافة (شعر رأس) جون كيري!!!! رغم أن هذا لا يخلّ بشخصيتيهما المتميزتين، وأنا واحد ممن يحترمونهما كليهما لإجادة كل منهما عمله!! وأذكر هنا إبني البكر الذي بدأ شعر رأسه يتساقط وهو ما يزال في منتصف العشرينات من عمره،، وكان منزعجاً جداً لذلك الشيء، وقد شعرت أنه ربما يحملنا أنا وأمه بعض المسؤولية لأنه يعلم تماماً أنها مسألة وراثية ربما لأنه يدرس (كيمياء البايولوجيا)، وقد بادر بعد سنوات من إنزعاجه ذلك إلى حلاقة شعر رأسه تماماً، وقد إنزعجنا في وقتها أنا وأمه وجدته،، ولكنني سرعان ما إنتبهت إلى أنه فعلياً بسلوكه هذا قد سجل موقفاً من شعر رأسه برفضه له مادام الشعر نفسه قد بادر بالتساقط،، وهذا يأتي من مبدأ رفض من يرفض البقاء معنا!! وهذه مسألة وبلاشك عندما نتخذها مقياساً، يكون لها دور في تصفية مواقفنا وتوضيحها وعلى كل المستويات، وتبعدنا عن مجالات الميوعة والإرتخاء وعدم الجدية في المواقف.
واحدة من محطات ما بعد الخمسين من العمر، هي العلاقة الأزلية المعقدة التي يلفها الغموض، والنرجسية، وعدم الإتزان، والتقلب، وربما القدسية لدى البعض ممن يبالغون في رومانسية التصورات،، تلك هي علاقة الرجل بالمرأة.... تبدأ هذه العلاقة في كل الأحوال مبنية على أساس (هورموني) ناتج من غدد صغيرة في الحجم لينتج مفعولاً يثير الإعجاب في تغيير هيئة وشكل جسم الإنسان، ولتتضح عليه معالم التغير أكثر بكثير مما هي عليه في الحيوانات الأخرى. فمظاهر الرجولة تبدو واضحة على الإنسان (الذكر) عند بلوغه، بما تنتجه من فوارق بالمقارنة مع ما كان عليه قبل البلوغ، وهذه لو قارناها بالفوارق بين فترة ما قبل البلوغ وما بعده في الحيوانات الأخرى، سنجد أن الإنسان يتعدى معظم أنواع الحيوانات بتلك المقارنة، ويتعدى حتى أنواع القرود التي يقترب البعض من أنواعها قريباً جدا من شكل الإنسان ومواصفاته الخارجية! والإنسان (الأنثى) كذلك تتعرض لنفس المتغيرات إلى حدود بعيدة وذلك عند البلوغ وبعد بداية فعالية الغدد هذه. خلاصة الكلام أن العلاقة بين الرجل والمرأة تبدأ في أخذها الجانب الجدي منذ بداية وقوع الإثنان تحت طائلة تأثير هذا الهورمون، وهذا يعني أن الأمر في معظم أبعاده خارج عن إرادة وتحكم الإنسان!!! وهنا يتساوى في ذلك التأثير الهورموني، الإنسان والحيوان معا، وفي الغالب لنفس النوعين من الهورمونات، الذكورية والأنثوية! وهنا يبرز سؤال مهم قد يؤدي لتساؤلات عدة، وهذا السؤال هو: هل كان الإنسان (الذكر والأنثى) منذ البداية واقعين تحت تأثير هذه الهورمونات بنفس المستوى من الإندفاع والسطوة والعنف عند الذكر، والسلبية أو التجاوب والخنوع عند الأنثى؟؟؟ هذا ما سيحتاج إلى الكثير من التفكير وإلى الكثير من التأني قبل الإجابة عليه!! ذلك لأن الأنثى لايمكن أن تكون منذ الأزل في تركيبتها وقدراتها كما هي عليه الآن في عصرنا الحالي،، لأنها لو كانت عنصراً سلبياً لايمتلك القدرة على الدفاع عن نفسه، لم تكن لتقوى على البقاء عبر مئات الآلاف من السنين هذه!! والأصح هو الملايين العدة من السنين، لأن الذكر بطبيعته التي نراه عليها الآن في عصرنا الحالي كان سيُنهي وجودها كأنثى نتيجة قوة رغبته وإستمراره في طلب الجنس، وإذا ما لم تكن الأنثى قادرة على الدفاع عن نفسها ورفضه، فإنها كانت ستصبح أداة مهيئة للذكر في كل وقت مما يعجزها عن القدرة على التجاوب الطبيعي المحدود، ويمنعها من رعاية الأطفال الذين تتولى إنجابهم، ولإنتهت بالنتيجة حياة البشرية، وهنا لابد أن أشير ومن موقع الخبير الذي يختص بعلوم الحيوانات إلى أنه لا يوجد أي حيوان على وجه الأرض (على حد علمي المحدود) يستطيع الذكر منه أن يجبر الأنثى على ممارسة الجنس معه!! ليس هنالك ذكر إطلاقاً يمكنه ذلك، والكثير من الذكور من أنواع الحيوانات من ينتهي بهم المطاف على (شفا حفرة الموت) نتيجة لردة فعل الأنثى الذي غالباً ما يكون عنيفاً، وقاهراً، ومدوياً، وصارخاً في وجه الطغيان الذكوري!! إلا أن الإنسان (الذكر) قد تمكن من بسط سيطرته على الساحة، وخنعت له المرأة خنوعا متناهياً وأصبحت مستسلمة له طيعة لأمره،، وفوق ذلك كله فإن (أنثى الإنسان) هي الوحيدة من بين المخلوقات التي يستطيع (ذكر الإنسان) إغتصابها في عصرنا الحديث، عصرنا المتمدن!! ومنذ نشوء ما نعرفه بالحضارات والمدنية!! وليس هنالك ما يبدو أن حلاً قريباً لهذه المشكلة يمكن للدول المتقدمة أو المتخلفة على حد سواء أن تتقدم به لفك هذه العقدة السلوكية المشينة لدى الإنسان الذكر. ويبقى أن أشير إلى أن العديد من الدراسات الأنثروبولوجية تشير إلى أن المرأة كانت تتولى قيادة المجتمع بحكم ما تتمتع به من قدرة على الإنجاب التي كان الرجل لا يعي ماهيتها ولا يفهم كيف تحدث؟ ولم يكن له علم بأنه مشارك أساسي بها. وللتأكيد على قدرة الأنثى في عالم الحيوان وإمكانيتها حماية نفسها عندما تكون غير مستعدة للتزاوج أو أنها تحمل جنيناً في حالة اللبائن الكبيرة، أذكر للقارئ أمثلة عامة وأمثلة خاصة، فالخيول لا يمكنها التزاوج مطلقا عندما تكون الفرس غير مستعدة للتزاوج، كذلك الأبقار والأغنام وكل اللبائن، والفرس التي ترفض التزاوج قد تصيب الحصان بعاهة مستديمة إذا ما رفسته عدة رفسات عندما يتوجه صوبها بنواياه التي تعرفها وتميزها، وخصوصاً عندما تراه يتقدم مفتخراً بنفسه يظن أن لا أحد قبله ولا بعده في الساحة، وقبل أن يتلقى الضربات الرادعة! وإذا ما ذهبنا إلى كل أنواع الطيور سنجد أن اليد العليا دوماً هي للأنثى، فهي التي تقرر متى يكون القبول ومتى يكون الرفض، وكثيراً ما تصاب ذكور الطيور بخيبات الأمل عندما ترفضها الإناث، رغم كثرة وجدية محاولاتها، وأكثر ما يكون ذلك وضوحاً في سلوك الطيور المشهورة بجمال ريشها والتي تسمى (طيور الجنة (Birds of Paradise والتي تعيش في (پاپوا غينيا الجديدة الإستوائية) قرب أستراليا، حيث يبذل الذكر قصارى جهده لجذب إنتباه الأنثى ويجمع كل ما تقع عليه عيناه من القطع البلاستكية الملونة المهملة التي يعثر عليها في المزابل والفضلات الأخرى ليبني فيها عشاً ليجذب الأنثى، ثم يبدأ القيام بحركات بهلوانية تجعل منه ما يشبه المهرج والأضحوكة للمشاهد ( وهذا ربما نفسه ما يفعله الكثير من الرجال حتى بعد أن يتجاوزوا محطة الخمسين من العمر!)، كل ذلك لكي يحوز إعجاب الأنثى وينعم بثواني من العلاقة معها، ولكي يجهد ويعاني فيما بعد فيما يتبقى له من حياته الزوجية! أما المثال الخاص الذي لا يتوقعه أحد، فهو من الطائر الذي يُشيع عنه بأنه الطائر الرقيق الإحاسيس، طائر العشاق والذي يجيد الغناء وهو الكناري، هذا الكناري في حقيقته غير المتوقعة، يمكن إعتباره من أشرس أنواع الطيور عندما يتعلق الأمر بإلحاح الهورمونات عليه ودفعها له، وعند مواجهته للأنثى التي ترفضه تكون النتيجة معركة فاصلة شرسة جداً قد تنتهي بأحد الإثنين مُقعداً أو قتيلاً، فالذكر شرس ومعتدٍ ومتحرش دوماً، ولكنه في نفس الوقت فأن الأنثى فائقة القدرة على مواجهة عدوانه وبطريقة لا يتصورها من لم يقم بتربية هذا الطائر ومراقبة تصرفاته،، فهي تواجهه بقوة بحيث أنه سرعان ما ينهزم ويتراجع، ثم يبدأ بالتوسل والصراخ بدل التبختر والغناء، لينتهي به الأمر مستنجداً للهرب منها يصرخ مستغياً باحثاً عمن ينقذه منها، ويحاول الخروج والهرب من القفص بأكمله،، هذا هو بالضبط ما يحدث عندما تكون أنثى الكناري غير راغبة في العلاقة، إنه موقف لا يعجب الرجال المتفاخرون بأنفسهم أن يروه،، إنه مثال لميزان الحياة الطبيعية التي لولاها لما عاشت هذه الطيور ولا هذه الحيوانات، ولما إحتفظت الإناث بقدرتها على العيش بحرية وإستقلالية عن الذكور،،، عندما تحتاج لتلك الإستقلالية،، أنا أعرف أنني قد دخلت في تفاصيل ربما لا يرى القارئ علاقة لها بموضوعنا الأساس من علاقة الرجل بالمرأة في محطات ما بعد الخمسين من العمر، ويراها بعيدة عنه، لكنني أقول أن هذا فيه تأسيس لتوضيح أن العلاقة بين الذكر والأنثى في المملكة الحيوانية هي علاقة في أساسها متكافئة إلى حدود بعيدة، وهي مبنية على أساس (هورموني) فالنزعات الذكورية هي نفسها لدى الحيوانات كلها ولدى الإنسان أيضاً، كذلك الحال بالنسبة للأنثى، غير أننا قد توصلنا إلى أن أنثى الإنسان قد أصبحت (وذلك على ما يبدو عبر ألاف من السنين) أقل قدرة على حماية نفسها، بعد أن تولى الرجل القيادة الفعلية بالإضافة للقيادة الجسمانية، وإكتفت الأنثى بالقيادة المنزلية، بعد أن كانت في فترة من الفترات الموغلة في القدم تعتبر الآلهة التي تستحق العبادة لأنها هي التي تستطيع الإنجاب والذي هو فعل لا يستطيع الرجل القيام به، في الوقت الذي هو معجب به جداً!!
عودة لموضوعنا أننا في عصرنا الحديث وربما منذ نشوء المدنية والحضارات، تشكلت علاقة الرجل بالمرأة على نمط واحد قد يختلف من بلد لآخر إختلافاً بسيطاً ويأخذ أشكالاً تبدو أنها مختلفة إلا أنه في الواقع هو نفس النمط من العلاقة المبنية على التفوق الذكوري الظاهري من ناحية، في حين أنه يخفي تبعية الرجل الحقيقية الخفية للمرأة من ناحية أخرى، وأعني تبعية الذكر الواقعية للأنثى، والإعتياد على ضرورة إدامة العلاقة معها. عبر العصور نمت وتعقدت هذه العلاقة بحيث أنها أصبحت تشكل هاجساً كبيراً لدى الكثيرين،، وأعني الرجال فقط،،، وليس النساء،، فالتأريخ (الموثوق والمُوَثَّق) يخبرنا عن الكثير من الحالات التي إنتهت فيها حياة رجال من أجل نساء، ورجال تخلوا عن عروش عظيمة من أجل نساء، ورجال أجبروا شعوبهم على خوض حروب من أجل نساء،، ورجال زحفوا صوب شعوب وأعلنوا الحرب عليها من أجل الوصول إلى النساء، ورجال خانوا مبادئهم من أجل نساء!! كل هذا وربما أكثر منه فعله رجال يفتقرون للحكمة،، وأنا مازلت أبحث لعلي أجد في صفحات التأريخ إمرأة فعلت شيئاً يُذكر من أجل الحصول على رجل معين! ربما لأن المرأة أكثر واقعية وأكثر قدرة على التحكم بهورموناتها،،، وبالنتيجة هي في الواقع أرجح عقلاً من الرجل،، رغم أن هذا قد يجرنا إلى الكثير من القيل والقال!! أرجوا أن يتحلى القارئ الكريم بالصبر الجميل على هذه التفصيلات،، فنحن مازلنا لم نصل بعد للحديث عن (مرحلة ما بعد الخمسين من العمر) فيما يختص بعلاقة الرجل بالمرأة،، والجيد في الأمر أننا لن نحتاج إلى فاصل (إعلاني أوغير إعلاني) لكي نتابع الموضوع!! فأعود وأقول:
أن هنالك ظاهرة واضحة على العلاقة بين الرجل والمرأة، وأقصد هنا المتزوجين (زوج وزوجة فقط، وليس زوج وعدة زوجات كما هو الحاصل في بعض الحالات من تعدد الزوجات، فهذه الحالات لا يمكن أن ينطبق عليها الكثير مما قد سبق وأوردناه وربما سيكون لها بحث خاص في يوم من الأيام، إن أعطانا الله عمراً وإستطعنا الإستمرار بالكتابة)، هذه الملاحظة هي أنه بعد بلوغ الخمسين من العمر تبدأ ظاهرة الرغبة بالإنزواء جانباً لدى الرجل ولدى المرأة كل على حدة، وهذا ليس دليلا على عدم الوفاق والحميمية بينهما، بل أنه حاجة (على ما يبدو) تعيد الإثنان إلى مراحل عمرية مبكرة بعد أن يعود الهورمون أدراجه ويخف تأثيره على الإثنين، فيعودان إلى مرحلة قريبة من مرحلة الطفولة عندما كان يميل كل منهما إلى أبناء جنسه ويستمتع باللعب واللهو مع أقرانه، ولا يشعر بمتعة أكثر من هذه، وتكاد تشكل لديه عالمه الخاص. وهنا يطيب لي أن أذكر هذا الأبيات الحلوة الرائعة لصديقي الفنان الشاعر سيروان ياملكي عندما يقول:
عندما كنا صغاراً كانت الدنيا كبيرةْ
كانت الأحلام بحراً والخيالاتُ جزيزةْ
حينما صرنا كباراً صارت الدنيا صغيرةْ
صارت الأحلامُ همّاً والخيالاتُ أسيرةْ

فالرجال يبدأ الميل عندهم إلى العزوف عن لقاءات العائلات الصديقة، ومحاولة إقتصار لقاءاتهم على التجمعات الرجالية فقط، والنساء طبعاً وبدون الحاجة للتوثيق والتأكيد، تميل الواحدة منهن إلى اللقاء مع من هن بعمرها أو أصغر بقليل عندما يكون مسعاها ممزوجاً بشيئ من الرغبة في التصابي ورفض حقيقة أنها قد كبرت في العمر!! وكثير ما تكون النساء مستعدات لنكران حقائق الأمور والإلتفاف عليها والتحايل على الحقائق البايولوجية/الكيمياوية، وهذا ما تتميز به أنثى (الإنسان) من دون إناث أنواع (الحيوانات) الأخرى. هذه حقيقة واقعة قد يجرؤ على تأييدي فيها الكثير من الرجال ممن لديهم الجرأة، ولكن لا ننسى أن هنالك الكثيرين من الرجال (الإنبطاحيين) ممن لا يجرؤون على مواجهة هذه الحقيقة والإقرار بها، فهم يرغبون في صحبة الرجال والإستمتاع بمجالستهم واللهو معهم في اللعب أو لمجرد الأحاديث،، ولكنهم في نفس الوقت لا يستطيعون التخلي عن مجاملة نصفهم الآخر (بأسلوب منافق واضح)، بالرغم من أن النصف الآخر وهو المرأة، في كثير من الأحيان مستعدة لمقايضة ذلك فيما لو توفرت لها الفرصة للقاء بنظيراتها من النساء، عندها لن يكون لديها وقت للسؤال عن رفيق دربها وهي في شغل شاغل عنه بما تجود به مجالس النساء مما لا قيمة ولا وزن له من أحاديث!! هذه المحطة لا يمكن لأحد أن ينكر بلوغنا لها أثناء مسير قطار الحياة، ويشعر بها على وجه الخصوص أؤلئك الذين كانوا أكثر تعلقاً وإرتباطاً بزوجاتهم في فترات الشباب، فهؤلاء سرعان ما يكتشفون بأن الكثير من المتعة البريئة وربما الفكرية قد فاتتهم وقد كان ذلك بالتأكيد نتيجة الوقوع تحت تأثير الهورمونات الذكرية التي لا تقوى على تقديم أكثر من متعة واحدة نعرفها كلنا وهي التي تبدأ من الألف وتنتهي بالياء... ليس غير ذلك،، في حين وبالرغم من أنني لا أستطيع أن أصف كل اللقاءات الرجالية أو النسائية الواحدة الجنس (أي غير المختلطة)، ممتعة أو مفيدة، إلا أنها بالتأكيد يحتاجها في هذا العمر بالذات عقل الإنسان (ذكراً كان أو أنثى)، ومن غير الصحيح قمع هذه الحاجة أو محاولة منعها وإنكارها، والحقيقة أن محاولة منعها إنما يمكن إعتبارها في عداد السلوك العنيف والقمع لحاجة الإنسان الطبيعية. والأمر نفسه في حالة الكثير من أنواع الحيوانات، رغم أن المتوفر من الدراسات للحيوانات الكبيرة العمر غير كثيرة، ذلك لأن الإنسان لا يعطي فرصة للحيوانات الأليفة التي يربيها ويسنفيد منها إقتصاديا أو للصحبة، حيث أنه يعمد دائما لقتل الحيوانات الإقتصادية بمجرد بلوغها العمر الذي لا يمكن الإستفادة منها إقتصادياً بعد ذلك، في الوقت الذي يعمد إلى إستخدام الأسلوب الذي نعرفه في الطب البيطري بتسمية (القتل الرحيم) للكلاب والقطط التي تعيش بصحبته لسنوات ربما لمجرد بلوغها مرحلة تحتاج فيها لرعاية مكلفة وجهد أكثر من العادي، وقد شهدت الكثير من هذه الحالات بنفسي، ومن المؤسف أن أقول أنني إرتكبت البعض من تلك الحماقات في عيادتي في أوقات متفرقة وقصيرة من العمل في مجالات القطط والكلاب، وحتى في مجال الصقور الذي هو عملي وإختصاصي لما يزيد على الخمس وثلاثين عاماً، ومازال الكثير من زبائني من الأصدقاء أصحاب الصقور يطلبون مني القيام بهذه العملية بين فترة وأخرى لإنهاء حياة صقر كان قد أصيب بمرض غير ممكن العلاج أو تعرض لحادث أثناء رحلة الصيد. ولكنني في سنوات خَلَت، قد أتيحت لي الفرصة لمراقبة الحمام الذي كنت أعتز به وبتربيته، وأراقب كبار السن من الحمام الذي لم أستغن عنه وأصررت على الإحتفاظ به لسنوات متقدمة من عمره، فإأنتبهت إلى شيئ من مظاهر الحكمة يبدو على وجوه الذكور والإناث معاً بعد أن يتوقفا عن الإهتمام بالإرتباط والتزاوج، ويبقيا مهتمين فقط بالأكل والشرب ومراقبة الحمام الآخر الأصغر سناً يلهو ويلعب، والذي مازال أمامه الكثير من الوقت ليبلغ درجة الحكمة والحلم والإستمتاع بهما. هنا يأتي إقتراح أقدمه الآن في هذه المقالة، وأدعو له مخلصاً، محباً لأصدقائي (من الرجال والنساء) ممن بلغوا أو تجاوزوا محطة الخمسين من العمر، أن يدققوا في أوضاعهم وأن يضعوا لأنفسهم مخططاً ينزع عنهم العقد النفسية فيما سيأتيهم من سنوات عمر مقبلة، وأن يتحلوا بالشجاعة للإفصاح عن رغبتهم في الإبتعاد قدر الممكن (ولا أعني الإنفصال) عن أزواجهم لكي يستطيع كل منهم العيش على سجيته وبما تمليه عليه خلايا عقله وإحتياجات جسمه، بعد أن كان لفترة ربما تصل أو تزيد عن الثلاثين سنة، يعيش تحت طائلة هذا الهورمون اللعين الذي تفرزه غدة أصغر بكثير من غدة البروستات التي سبق وتحدثنا عنها وكيف أنها بعد بلوغ الخمسين من العمر بدأت تسلك سلوك المتصابية الرعناء، أو ربما سلوكاً أشبه بسلوك المراهقين عندما قَرَّرَت إستقطاب الأضواء للإفصاح عن قدراتها على إزعاج المساكين من الرجال وإهانتهم بما يتعرضون له من معاناة قبل إجراء العملية ومن ثم بعدها،، وهنا أتذكر الفنان عادل إمام عندما يقول في مسرحيته الرائعة (شاهد ماشافش حاجة)..... (وأنا بصراحة مش عاوز أقول أيه اللي حصل في التخشيبة!!!) عندما إلتقى في التخشيبة مع (سلومة الأقرع... اللي ميعرفش أخوه!)،، أنا كذلك لا أريد أن أقول ماذا حصل في المستشفى خلال الليلة الواحدة التي قضيتها فيها، والحمد لله أن المستشفى في (ميسيساغا / كندا) لم يكن فيها الكثير من السُرُر ليستوعب عدد المرضى المحتاجين للمستشفى، لذلك أخرجوني بعد يوم واحد فقط منها،، وخلال هذا اليوم الواحد، لم يبق إلا القليل من الممرضات ممن لم تأت للمشاهدة والإطلاع على موضع العملية بداعٍ ومن دون داعٍ!!!؟؟؟ وكأنما كانت هنالك رسائل عبر الهاتف يتبادلنها عن وجود مشاهدات مجانية جديدة لكل من لديه الحصانة من العاملين وبلا إستئذان بحكم كونهن يعملن في المستشفى،، أليست هذه من ظمن الإهانات التي على من تجاوز الخمسين من عمره مواجهتها وتحملها بغير حق؟؟؟ مرة أخرى مع الفنان عادل إمام وفي نفس المسرحية عندما يقول: (أيه حكاية القلع اللي ماشية في البلد اليومين دول؟؟؟؟) وخلع ملابس المرضى في المستشفى على مايبدو حق يكتسبه كل العاملين في المستشفى،،، ممن له دور في العلاج أو لا دور له!!!
ولنا تكملة في الحلقة القادمة الثالثة،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
.ماجدة منصور ( 2015 / 8 / 1 - 07:25 )
سيدي الكاتب..طريقتك المحببة في الكتابة,,يجعلنا نتلهف .لمتابعة مقالاتك فعلا0
شكرا جزيلا


2 - شكرا
فارس التميمي ( 2015 / 8 / 1 - 07:42 )
شكرا لك سيدتي،،، وأرجوا أن تكون الحلقة الثانية هذه واضحة ومفيدة بمحتواها
تحياتي

اخر الافلام

.. -عقبال الكل يارب-.. الفنانة إليسا تكشف عن قريبها المعتقل الم


.. فنانون سوريون يحتفلون بسقوط نظام الأسد




.. وزير الثقافة السوري الأسبق: الإطار العام في سوريا بعد الإطاح


.. كرم مطاوع.. 28 عاما على رحيل عملاق المسرح المصري




.. ممثلة إسرائيلية ومعلومات مغلوطة عن السيدة العذراء! .. فيلم M