الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاربة داعش والمنطقة العازلة مجدداً

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2015 / 8 / 1
مواضيع وابحاث سياسية




تبدو التطورات الاخيرة في المنطقة وكانها تمهد لمرحلة جديدة من التفاهمات، التي يمكن ان تقود إلى تطوير مغاير في الاستراتيجية الأمريكية بشان محاربة داعش، قد بأت كواحدة من النتائج المباشرة للاتفاق النووي الايراني – الأمريكي، الذي يرسم ملامح سياسة امريكية جديدة في المنطقة، يظهر فيها الاتفاق بين واشنطن وأنقرة أخيراً، كواحد من مستحقات استراتيجيات التعاون الذي تفرضه ضرورات الوضع الأمني المتفاقم في الشمال السوري بأكمله، وتأخذ فيه تركيا دوراً أساسياً في إطار التحالف الدولي لمحاربة داعش، وبالطبع هناك أهدافاً وغايات تخصكل من الطرفين التركي والأمريكيي، خاصة وان أنقرة باتت أمام تحديات مباشرة، تتصل بالأمن القومي التركي، في اتجاهين: داعش والحركة الكوردية.
المنطقة العازلة اليوم، يتم التداول في شأنها بمعزل عن كونها ضرورة لمواجهة إجرام النظام الأسدي، ووفقاً للتصور الجديد، فقد وافقت الولايات المتحدة على موقف تركيا، بعد قرابة ثلاثة سنوات من رفضها مناقشة الفكرة. ولكن ثمة عوامل أساسية دفعت نحو هذا الاتفاق. في مقدمتها، أن استراتيجية التحالف لم تؤدي الى تحقيق أهداف مباشرة في وقف تمدد وانتشار داعش، وبالتالي فإن اكتفاء واشنطن بالضربات الجوية، لم يكن أسلوباً ناجعاً، بل قاد إلى ما يمكن اعتباره فشلاً ذريعاً في محاربة الإرهاب، ناجم بالدرجة الأولى عن استراتيجية لا تشتمل على إشراك الأطراف المعنية بذلك، ونعني بها تركيا والمعارضة السورية.
وبغض النظر عن صوابية إقامة منطقة عازلة في الشمال السوري، فإن تركيا وجدت نفسها في مواجهة أعمال ارهابية متصاعدة انتقلت من جوارها الى الداخل التركي، يضاف إليه الخطر الذي ظهرت بوادره في سياسات العمال الكردستاني- الجناح السوري، بفرض السيطرة على امتداد الحدود التركية، بتغطية من التحالف الدولي، ضمن خطة طرد داعش.
كان لابد إذن للطرفين التركي والأمريكي العضوين الحليفين في الناتو، أن يعملا معاً، بما يحقق لهما أرضية مشتركة تحقق نتائج ملموسة، بعد قرابة عام من الفوضى واللاجدوى. لكن ثمة تغيير في قواعد اللعبة، الاستجابة للمطلب التركي بإنشاء منطقة عازلة، لم يعد الهدف منها منع نظام الأسد من استهداف المنطقة، وخلق منطقة عودة آمنة للاجئين السوريين. وسوف يكون الأمر محدداً باتجاه جعل الشمال السوري منطقة خالية من داعش، ومن قوات الحماية المشتركة. بذلك تكون قد تقدمت واشنطن خطوة في اتجاه منح الشركاء حق حماية المصالح المشتركة، وخطوة في محاربة داعش، تحقق انجازاً ما للبيت الأبيض.
تهدف زحزحة أهداف المنطقة العازلة، الى تمرير ذلك، دون إثارة تحفظ كل من موسكو وطهران، وعلّ ذلك يصب في خانة التوافقات في المنطقة، علاوة أنه يستجيب لمبادئ حلف الناتو، الذي ينظر إلى تركيا بمثابة ضلع القاعدة في مثلث الاستراتيجية المتصلة بمحاربة الإرهاب، وتعرّض أمنها القومي، يستوجب دعماً واضحاً من الناتو، والذي قدمه خلال اجتماعه مؤخراً بطلب من تركيا.
الواقع إن تخبط الادارة الأمريكية، عبر محطات متعددة، أدى إلى تفاقم الأوضاع بصورة أكبر في المنطقة، وتلاعبها المستمربما يتصل بدعم وتدريب المعارضة أفقدها أي مصداقية، بما في ذلك الدعم الجوي الذي قدمته للقوات الكردية في تل أبيض، فقد انتهى تزامناً مع التفاهم الذي أبرمته مع أنقرة. وكان يمكن لدعم المعارضة، عبر برامج التدريب التي تم الحديث عنها منذ عامين، أن يجعل من المنطقة العازلة مركز انطلاقة جادة وفعالة لقوى المعارضة السورية، في غياب لافت لمقدرة مؤسسات المعارضة، في مواجهة كل من داعش ونظام الأسد، خاصة وان الطرف الكوردي المسلح، هو طرف غير معني بالمواجهة مع نظام الأسد، دون أن نتحدث عن تنسيق معه في مناطق الجزيرة، أو انضواء قادته في هيئة التنسيق السورية.
لا تبدو الأمور مرّشحة للهدوء في الشمال السوري، في الفترة المقبلة، والعمليات العسكرية الجوية، والقصف المدفعي عبر الحدود، قد تحقق نتائج محدودة، من خلال وقف التمدد الداعشي في ريف حلب، ومنع انتشار القوى الكوردية المسلحة في مناطق جديدة. و سيجبر الطرفين على إعادة الانتشار والتموضع مع التحجيم والانحسار لكليهما، خاصة في المناطق الممتدة مابين الرقة وحلب. وسوف يساعد ذلك على عودة كثير من المهجرين الى بلداتهم وقراهم، التي أجبروا على مغادرتها.
لكن المنطقة العازلة لن تكون منطقة حظر طيران، تمنع نظام الأسد، من التحليق فيها، والقاء المقذوفات القاتلة، خاصة وأن التنسيق العملياتي بين طيران التحالف والنظام، فعّال إلى درجة لم يحدث فيها أي تقاطع في العمليات الجوية، أو تداخل في استخدام الأجواء.
ستظل المنطقة تستقطب قوى الإرهاب، طالما توفرت ثلاث أمور هي: استمرار بقاء نظام الأسد في دمشق، و استمرار تدفق الدعم اللوجستي، والبشري لداعش، دون أن يوضع حدّ له. والأمر الثالث غياب المصداقيىة الدولية، فيما يتصل بإيقاف القتل والخراب في سوريا.
________________
- كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب