الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الجسد المقبور
هيثم بن محمد شطورو
2015 / 8 / 2الادب والفن
في بابل و اليونان و إلى غاية اليوم في بعـض مناطق إفـريقيا تـقام حفلات السكر والإباحية الجنسية المقبولة في فترة تـلك الأعياد.. أعياد ثـقـب الزمان للعـودة إلى مرحلة ما قـبل الجريمة الكارثية التي أضاعت الفردوس، أضاعت البهجة والـتـناغم والمساواة تحت أقـدام النساء، الأمهات وما طاب للنكاح.. كان الأمر مشابها في الجزيرة العربية قبل الإسلام في فترة الحج. الحج الذي كان احتـفالا للعودة إلى الفردوس،يسمح فيه للحرة باختيار ما تـشـتهي من الذكور لمضاجعته. الطواف بأجساد عارية للفقراء من غير الأشراف… كلمة الأشراف كانت تعني الوجهاء، المُلاك، الأثـرياء و أصحاب السلطة و النفوذ.. كل تلك التسميات تـتعلق بما يغـطي الجسد المراد محوه عـبثا نتاج القـتـل الرمزي له” عبر امتلاك الجسد الآخر واستغلاله واستعباده.. إرادة المحو لصالح الشرف والسيطرة والزيف. إرادة المحو التي تـثـور عليها قوى الجسد التي يستسلم لها وراء الجدران التي تكون بيـوتات المال والنفوذ والشرف.. البيوت الحرة كما يطلـقـون على أنـفـسهم.. الحرة في استعباد بشر آخرين و فعـل ما يـريدون بها.. الحرة في قـتل قابيل رمزيا تجاه العبيد وضعاف النسب الذين ينسبون عكسيا إلى موقع الشر الطبـيعي المتوارث.. تاريخ المحو للجسد هو تاريخ المحو للذاكرة. تـنـقـلب فيها كل الأشياء لتمشي على رأسها وساقاها معـلـقـتـان في دائرة كلمات طبقة الأشراف والوجهاء والشيوخ والنبلاء والأسياد. تلك الطبقة التي استوطنت بالذكاء والرمز محولة جرمها إلى فـضيلة وفضيلة المستضعـف إلى جُرم… إلى اليوم تحاسب الزانية ولا يحاسب الزاني، والمغتـصَبة يقع اللوم عـليها دون مغـتصبها أو بدرجة أقـل. يقولون للعبد كيف ارتضيت عبوديتـك التي دونها القـتل ولا يسألون السيد عن جوازية تـفكيره في امتلاك بشر يتكلم ويسمع ويحـس ويـفكر مثـله.. إلى اليوم مازال العامل يلام على رضائه بالأجر الزهيد و بالعمل غير المناسب لهواه و بظروف العمل غير الملائمة، ولا يلام سيف البطالة المشهور دوما على الرقاب وسيف الجـشع الذي يسمح لنفسه بإنفاق ملايـين الدنانير في حفلات المجون وراء الجدران، بينما العمال المنتجون لتلك الدنانير المهدورة بأنانية والمسروقة من جهـدهم يهرولون في كل اتجاه وسط سعير الأسعار وجحيم متـطلبات الحياة…. تاريخ المحو يجعـل العـدالة قـيمة مرتجاة وفي نـفس الوقـت يجعـل من العبث التـفكير في بلوغها. تاريخ المحو يجعل من الحق مفارقا للأرض ومن الجسد العاري مأواه القبر. الجسد المجني عليه لا يكون ما هو إلا تحت بدعـة الغراب، تحت الأرض، في القبر.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حملة هاريس: انتخبونا ولو في السر و فن
.. -أركسترا مزيكا-: احتفاء متجدد بالموسيقى العربية في أوروبا… •
.. هيفاء حسين لـ «الأيام»: فخورة بالتطور الكبير في مهرجان البحر
.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت - الشاعر حسن أبو عتمان | ا
.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم قصير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى