الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النموذج الإرهابي الأسوأ

عماد صلاح الدين

2015 / 8 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


النموذج الإرهابي الأسوأ
عماد صلاح الدين

إن ما يجمع مفهوم عموم الحالة الإرهابية هو استخدام العنف ودون مبرر أخلاقي دفاعي، لتحقيق مقاصد سياسية أو اقتصادية أو ديموغرافية أو ثقافية اجتماعية اخضاعية أو ابادية، على صعد داخلية أو احتلالية وكولونيالية استعمارية خارجية.

وتستخدم الحالات الإرهابية، سواء كانت دول عادية أو كبرى أو أحزاب أو مشاريع كولونيالية أو تنظيمات ذات انحطاط أخلاقي وديني اجتماعي، التبريرات والديباجات الدينية الاثنية لتبرير وتمرير مشاريعها التمييزية والاخضاعية والابادية والناهبة لثروات الشعوب ومقدراتها، أو حتى أيضا لتمرير الاستبداد السياسي والاجتماعي الداخلي في مجتمعات بعينها.

لقد كان النموذج الإرهابي الاستعماري الغربي يعمل على فكرة الإرهاب تطبيقا وتنفيذا في سياقين متكاملين ومتصلين؛ الأول: الترحيل أو النقل( ترانسفير) الأولي الدنيوي من خلال التهجير من مكان إلى آخر سواء في سياق احتلال إحلالي أو في سياق جلب مجموعات بشرية كعمال وعبيد ولدواعي تشغيل المشروع الاستعماري في مستوطن ما، ويصاحب هذا النوع من الترانسفير مجازر وأعمال ابادية محدودة.

النوع أعلاه حدث هنا في فلسطين عبر تهجير مليوني فلسطيني عام 1948 من خلال خطة صهيونية محكمة ومقصودة(الخطة دالت)، وحدث تهجير جزئي عام 1967 لبضعة مئات آلاف من الفلسطينيين، مع ارتكاب عشرات المجازر في القدس وحيفا ويافا وعكا وغيرها من القرى والبلدات والنجوع الفلسطينية.

وفي مسالة الجلب الاستحضاري التهجيري من المكان الأصلي للسكان إلى بلد أو مستوطن استعماري جديد، تم نقل أعداد ضخمة من الأفارقة كعبيد وعمال سخرة إلى أمريكا الشمالية، على يد المهاجر الغربي الغازي لها، والذي كان يعتبر نفسه متطهرا من عقد الاضطهاد الديني في بلده الأصلي في أوروبا، ليمارس اضطهادا وجرائم ابادية وترحيلية بحق شعوب أصلية أخرى.

وأما نوع الترحيل الثاني، والذي اسميه هنا بالترانسفير النهائي أو الأخير إلى العالم الآخر، فهو تماما ما حدث مع سكان أمريكا الشمالية وبعض سكان أمريكا اللاتينية، حيث أبيد منهم غالبيتهم التي تقدر ب 120 مليون هندي احمر(في أمريكا الشمالية)، وجرى من هذا القبيل كذلك مع سكان كندا الأصليين وفي قارة استراليا وبعض المناطق الأفريقية، سواء كان ذلك ترحيلا نهائيا كليا أو جزئيا.

وإذن، فان الحالة الاستعمارية الغربية تجمع في المفهوم والممارسة عموم الإرهاب الترانسفيري بشقيه المشار إليهما أعلاه، وبشكل منظم وخطط ومقصود. وكان من تجلياتها وكانعكاس لهذا الفكر وممارسته الفكر الصهيوني واستيطانه الاحلالي في فلسطين، ونموذج المعازل والترحيلات القائمة على العنصرية والتمييز في جنوب أفريقيا سابقا.

وهناك تجليات أخرى للمفهوم الابادي خصوصا الترحيلي النهائي أو الابادي، ولكن بشكل محدود، كما هو حال المواقف والممارسات الصادرة عن النظم العربية تجاه شعوبها، عبر الاستبداد السياسي والاجتماعي وتصفية الخصوم السياسية، وهي وإن كانت مرعية من مخابرات النظم العربية بمعنى انه مخطط لها ومقصودة، إلا أن الغاية منها هو تثبيت النظم والمحافظة عليها، ولو على حساب شعوبهم وأوطانهم، سواء كان ذلك في المشرق العربي أو المغرب العربي.

وقد ازداد تجلي الممارسة النظمية العربية بخصوص مفهوم الترانسفير وان كان محدودا في الأساس، بعد الثورات العربية نهاية العام 2010 وبداية العام 2011، سواء كان ذلك في سوريا أو مصر أو في ليبيا.

ويقع هذا التجلي الترانسفيري الجزئي والمحدود، وعلى شكل ابادي أيضا، على أيدي القاعدة ثم جماعة داعش الإرهابية، لغايات الإخضاع وتحقيق حلمهم الموهوم بإقامة الخلافة الإسلامية.

والفكر القاعدي ومن ثم الداعشي، هو الآخر تجل للاستبداد السياسي والاجتماعي والجرائم ضد الإنسان، الذي تمارسه النظم العربية السياسية التي عملت على تشويه الأخلاق والقيم والدين والإنسان، وتعمل كذلك على احتكار الدين لخدمة أغراضها النظمية والسياسية، وكذلك هو تجل للفكر الوهابي السعودي المشوه لصحيح الفكر الإسلامي.

وعلى هذا، فان الإرهاب الاستعماري في حلته الاحتلالية الاحلالية الذي يستخدم الدين كاعتذارية وديباجة تبريرية لتمرير أهدافه الكولونيالية، وبطريقة منظمة وواعية مقصودة، لهو أسوأ أشكال وأنواع الإرهاب عبر العالم في الحالة المعاصرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ