الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجعية الدينية وحتمية التغيير في العراق !!

خالد اليعقوبي

2015 / 8 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


المرجعية الدينية وحتمية التغيير في العراق !!
لم يتدخل السيد السيستاني في المشهد السياسي العراقي بشكل مباشر وصريح بعد عام 2003 الا بقضيتين أساسيتين حددت كل منهما مصير مرحلة مهمة في حياة العراقيين لاسيما وان الفاصل بينهما عقد من الزمان .
الاولى عندما واجه السيد السيستاني الولايات المتحدة ممثلة بحاكمها المدني بول بريمر بكل صلابة وثبات وبدد احلامه في فرض دستور على العراقيين وكانت دعوته الشهيرة في ضرورة ان يكتب الدستور من قبل جمعية منتخبة من العراقين ، هذا الموقف المسوؤل هو الذي أعطى حافزا لبعض السياسيين في الثبات على موقفهم بالمفاوضات الصعبة مع رجل كان يعرف عنه الاستبداد بالرأي الى حد الغطرسة وهو بريمر ، وبالتالي نجح المرجع الكبير في مسعاه وكُتب الدستور بأيادي عراقية رغم ان البعض شكك ولايزال بهذا الأمر، لكن تلك هي الحقيقة للذي يعرف عن قرب كيف سارت الامور في ذلك الوقت العصيب .
التدخل الثاني هو فتواه الشهيرة بالجهاد الكفائي لكل من يستطيع حمل السلاح للدفاع عن العراق بعد ان استباحته المجاميع الإرهابية المسلحة التي احتلت مدن رئيسية ووصلت الى أسوار بغداد نتيجة انعدام الثقة بين الأطراف الحاكمة في البلاد وعدم الاتفاق السياسي بينها على الحد الأدنى من حفظ الامن الوطني العراقي فضلا عن انتشار الفساد الاداري والمالي وغياب الكفاءات نتيجة تغليب الولاء الأعمى على حساب الكفاءة والمحاصصة البغيضة وأسباب اخرى تتعلق بالسياسة العامة للبلاد فيما يتعلق بالمواقف من التطورات الإقليمية والدولية التي تداخلت في أجنداتها على الارض العراقية لسنا في معرض الحديث عنها بإسهاب رغم أهميتها .
اليوم ومن خلال نظرة للمشهد العراقي وبعد اقل بقليل من عام على تشكيل حكومة جديدة نالت من الدعم الدولي والاقليمي والمحلي مالم تنله حكومة ليس في العراق فحسب بل بالمنطقة بمجملها نرى ان الامور ازدادت تعقيدا في المسائل الاساسية للبلد ، سياسيا وعسكريا واقتصاديا وأمنيا وتنظيميا وحتى تشريعيا .
جُملة تحديات خارجية وداخلية كَانت بانتظار الحكومة الجديدة لمواجهتها، تتمثل الخارجية منها في اعادة ترميم علاقات العراق الدولية والإقليمية واستثمار الدعم الهائل لها وانعكاسه على الوضع السياسي والامني والاقتصادي الداخلي ومن ثم في سياسته الخارجية وهو بكل اسف ومن خلال عام نرى ان هنالك فشل واضح في مواجهة هذا التحدي ، اما داخليا فكانت استعادة الاراضي من سيطرة الجماعات الإرهابية ومكافحة الفساد الاداري والمالي ومواجهة الانخفاض الحاد في أسعار النفط وتنويع مصادر الدخل القومي والاهم استعادة ثقة المواطن بالدولة واجهزتها ، وبالرغم من زُج الكتل السياسية بصقورها المجربة سابقا ولم تثبت نجاحها في الكابينة الحكومية الا اننا وبسرعة لاتتطلب التأني نستطيع ان نؤشر الفشل الذريع والواضح ايضا في مواجهة هذا التحدي .
من وجهة نظري الشخصية أستطيع ان اجزم ان فرصة التغيير الذهبية التي توفرت للسيد العبادي وحكومته قد ضاعت بقبوله اتباع نفس الآليات السابقة في إدارة الدولة غير مستثمر الدعم الدولي والاقليمي والمحلي والتاييد الكبير من المرجعية الدينية له في ان يضع شروطه التي تضمن الحد الأدنى من التغيير من اليوم الاول ووضع استقالته في جيبه مقابل عدم تلبيتها ، لان القرارات الصعبة تتخذ في قمة الزخم والتأييد وان عنصر التوقيت في اتخاذ القرارات المصيرية حاسم في عالم السياسة والادارة الناجحة.
لذا اعتقد ان المعادلة التي شكلت الأساس في بناء العملية السياسية في العراق بعد عام 2003 بحاجة عمليا اليوم الى مراجعة جدية شاملة وبحاجة الى تغيير بعد العجز الكبير والواضح للطبقة السياسة التي تحكمت في إدارة العملية خلال اكثر من عقد من الزمن كان كارثيا على العراقيين رغم انهم قدموا مايفوق كل التصورات من تضحيات كبيرة ، كما اعتقد جازما انه لايمكن لأي عملية تغيير في العراق تجري دون ان يكون دور محوريا للمرجعية الدينية فيها ، بل أستطيع القول ان المرحلة تتطلب تعبئة الجماهير لمطالب محدّدة تمثل جملة إصلاحات جوهرية تنتشل الوضع المتدهور ( يمكن ان اتحدث عن بعضها في مقالة لاحقا ) وتأخذ طريقها للتشريع ومن ثم تحدد ملامح المرحلة المقبلة وهي مرحلة حساسة ودقيقة من تاريخ العراق بل هي مرحلة صراع وجود لبلد كبير بحجم العراق ، واعتقد ان المواطن العراقي بات ينتظر إجراءات واقعية من المرجعية الدينية تمنع البعض ممن تسبب في خيانة الأمانة للأمة من العودة للظهور في المشهد السياسي العراقي بذات الطريقة التي أوقفت المجاميع الإرهابية عند حدودها ولم يعد الاكتفاء بتشخيص المشكلات والحديث عنها في خطب الجمعة رغم أهميتها ، قبل ان تتحول خيارات الشعب من الشرعية الدستورية الى شرعية اخرى تدخل البلاد في نفق جديد مجهول .
يقول شكيب إرسلان " يفكر الوطني بالأجيال القادمة ، اما السياسي فيفكر بالانتخابات القادمة ".

د. خالد اليعقوبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر