الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لئلا تنجح خطة تقسيم العراق وتقزيمه رسالة إلى أصدقاء عراقيين بخصوص الاستفتاء على الدستور

كميل داغر

2005 / 10 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أيها الأصدقاء
أولاً: نحن نعتقد أنه لا يمكن اتخاذ موقف منسجم من المسألة، إلا بعد وضعها في السياق الكلي للصراع في بلدكم، وفي المنطقة والعالم. وبالتالي فإن أي موقف يجب أن ينطلق قبل كل شيء من مسألة الصراع ضد الاحتلال الأميركي – البريطاني، باتجاه دحره. وهو صراع لا معنى له إذا نُظر إليه فقط من الزاوية العسكرية البحتة. إنه صراع متكامل وكلي يشكل القتال جانباً هاماً بالتأكيد من جوانبه، لكنه ليس كل شيء. فالأهم هو تحويل الصراع ضد الاحتلال إلى عمل تشترك فيه كل فئات الشعب العراقي وجماهيره من شتى القوميات والطوائف والمذاهب، ويأخذ أشكالاً شتى، في مقدمتها الكفاح المسلح، لكن من ضمنها التعبئة الجماهيرية، من المظاهرة إلى الإضراب إلى الاعتصامات في أماكن العمل والأحياء والقرى والمدن، إلى العصيان المدني، إلى أي شكل آخر من العمل الجماهيري، الذي يخاطب الشعب العراقي بالذات، وشعوب المنطقة، وشعوب العالم ككل، بما فيها شعوب البلدان الإمبريالية المشاركة في الاحتلال، ومن ضمنها الشعب الأميركي، لكسبها ضد المحتلين.

ثانياً: وهذا يعني بشكل أساسي السعي لإحباط كل مساعي تفجير الصراعات الأهلية، أياً تكن أشكالها، وهي مساع وضعت الإدارة الأميركية منذ أيام بريمر بذورها وأسسها، بحيث تمزق الشعب العراقي وتدفع به إلى الاقتتال والحرب الأهلية. ونحن، في حين نضع بالتالي علامات استفهام هائلة حول دور جماعة الزرقاوي في هذا الإطار، وشبهاتنا حول حقيقة هذه الجماعة وارتباطاتها، والقوى التي تخدمها، نعتبر ما يلي:
1. أنه حتى في حال لم تكن هذه الجماعة تَنْشَدُّ، بصورة أو بأخرى، بارتباطات بالمخابرات المركزية الأميركية (السي. آي. إي)، فهي تخدم بامتياز – شاءت أم أبت – أهداف الإمبريالية الأميركية والصهيونية العالمية، عبر الدور المكشوف الذي تلعبه في إذكاء نار الحرب الطائفية وتمزيق الشعب العراقي.
2. أنه لا يمكن مواجهة الاحتلال مواجهة ظافرة، وتحرير العراق، وبناء وحدة شعبه، إلا عبر سلسلة من المواقف المتكاملة في مقدمتها فضح دور هذه الجماعة الخطير، والتعبئة الواسعة ضدها، والعمل على عزلها بشتى الوسائل، وبالتالي رفض كامل توجهاتها، ومن ضمنها دعوتها الآن إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور.

ثالثاً: بخصوص مشروع الدستور
إننا نعتقد أنه على الرغم من بعض البنود في هذا الدستور التي تشكل حالة متقدمة وإيجابية نسبياً – ولا سيما في ما يخص التمثيل السياسي للنساء، والديمقراطية للأقليات القومية والإتنية – فإن ثمة توجهات أساسية فيه هي التي تطبعه بطابعها الطاغي وتحدد طبيعته كمشروع خطير يجب العمل بشتى الوسائل على إحباطه والحؤول دون مروره. ونحن نكتفي بإبراز أهم هذه التوجهات:
1. تشجيع التقسيم عبر الصيغة الفضفاضة جداً المعطاة للفدرالية
إننا، في حين نعتبر إعطاء الأكراد إقليماً خاصاً بهم، ضمن وحدة العراق غير المنفصمة، مسألة مشروعة وطبيعية، على أساس أن ذلك حق أصيل من حقوقهم، إلا أن توسيع النزعة الفدرالية إلى حدود السماح لأي محافظة (أو أكثر) بتكوين إقليم، كما تنص على ذلك المادة 116 من مشروع الدستور، أمر بالغ الخطورة، ولا سيما ضمن الواقع الراهن للبلد، وما آلت إليه أوضاعه، في ظل الاحتلال، من تناحر طائفي يهدد بحرب أهلية طاحنة؛ كما إزاء معرفتنا بالأهداف الفعلية للاحتلال الأميركي المتمثلة في تمزيق البلد، تسهيلاً للسيطرة عليه وعلى ثرواته حتى تاريخ غير معروف. ذلك أن الفدرالية، بالشكل الوارد في مشروع الدستور، تمهِّد بوضوح لتقسيم البلد لاحقاً ليس فقط على أساس قومي، بل أيضاً على أساس طائفي وعشائري وما إلى ذلك.
2. إضفاء الطابع الديني على الدولة
وهو الأمر الذي تنص عليه المادة الثانية من مشروع الدستور، ويشكل تنازلاً كبيراً جداً للقوى السلفية والدينية في البلد، وبالتالي للمفاهيم الرجعية لبناء الدولة وقوانينها. ولا سيما حين لا يكتفي المشروع بالإعلان عن أن «الإسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدر أساس للتشريع»، بل يضيف إلى ذلك أنه «لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام». ناهيكم عن ربط قوانين الأحوال الشخصية في العراق، كما هو وارد في المادة 39 من مشروع الدستور، بالديانات والمذاهب والمعتقدات...الخ.
3. تعزيز البنية القبلية والعشائرية
وهذا واضح من نص المادة 43 من مشروع الدستور حيث ثمة تشديد على حرص «الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية... الخ». وهو يندرج في المسار الرجعي نفسه الذي تعبر عنه الهيمنة التي أشرنا إليها أعلاه للفكر الديني على الدولة «الجديدة»، التي يلعب الاحتلال الأميركي-البريطاني دور القابلة القانونية لولادتها.
4. تغييب انتماء العراق العربي والموقف من إسرائيل
مع أننا نعتبر أن لأكراد العراق حقوقاً ثابتة خاصة بهم، تصل إلى حد الاعتراف لهم بحق تقرير المصير، إلا أننا نعتقد أيضاً أن ثمة حاجة قصوى إلى إبراز انتماء العراق العربي وارتباطه العميق بقضايا الأمة العربية ككل في التحرر والوحدة، وهو ما جرى تغييبه في مشروع الدستور الحالي.
فضلاً عن ذلك، إن غياب أية إشارة في مشروع الدستور إلى موقف من جانب العراق ضد الدولة الصهيونية، ولا سيما في ظل وجود قوى سياسية واسعة، ليس فقط على صعيد أكراد العراق، بل أيضاً وسط شريحة سياسية عربية مؤثرة، ليس لديها أي موقف معادٍ للدولة المذكورة ولوظيفتها داخل المنطقة العربية، لا بل هي تنظر بصورة إيجابية إليها وإلى العلاقة بها، إنما يشكل واحداً من الأخطار الأساسية التي ينطوي عليها المشروع المشار إليه.

* * *
ونحن نكتفي بهذه العجالة لأجل اعتبار أن ثمة حاجة قصوى لأجل السعي لإسقاط مشروع الدستور الحالي، من خلال المشاركة في الاستفتاء ب«لا» صريحة وواضحة، والدعوة إلى ذلك. مع التشديد على أن هذا الموقف بالمشاركة على أساس «لا» ليست له علاقة بموقف القوى الدينية والسلفية، في العراق، الداعية هي الأخرى إلى شكل المشاركة عينه، لكن على أساس منطلقاتها الخاصة بها. إن هذه المشاركة هي أحد الأشكال الأساسية لمقاومة الاحتلال ونتائجه.

هذا وإننا نعود لنؤكد مجدداً على أن إحدى المهام الأساسية التي يجب أن تضطلع بها القوى الأكثر تقدماً داخل المجتمع العراقي هي إحباط كل المساعي لتمزيق وحدة شعبكم إلى طوائف ومذاهب وقوميات وعشائر متناحرة. إن هذه المهمة هي أيضاً أحد الأشكال الأساسية لمقاومة الاحتلال، تمهيداً لإطاحته ودحره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة