الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(يجب الدفاع عن الشعب) .. نقد النقد الموجّه للتظاهرات الشعبية .

مرتضى عصام الشريفي

2015 / 8 / 4
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


بعدما اندلعت التظاهرات الشعبية السلميّة الناقمة من سوء الخدمات، ومن بؤس الأداء الحكومي في حلحلة الأزمات، ومن استهتار الطبقة السياسية بمشاعر الشعب، ومن التناحر السياسي بين الفرقاء الذي أصبح ملمحاً بارزاً للسياسة العراقية، ومن فشل الحكومات المحلية التي أصبحت عبئاً ثقيلاً على كاهل الدولة في زمن التقشّف السياسي، ومن القرارات الارتجالية التي تزيد الأوضاع سوءاً؛ كلّ هذه القضايا، وغيرها دفعت بالشعب إلى الخروج، وإسماع صوته للحكومة بأنّنا نسمع، ونرى، فنعاني ....... .
.
لكنّنا نجد في الطرف الآخر من هذه المعادلة أناس لهم أوصافهم المختلفة قد نقدوا، وسفّهوا هذه التظاهرات الشعبية بعضهم مرتبط بالسلطة، والآخر ميّال لها، والآخر يائس من فاعلية التظاهرات في إحداث تغييرٍ، ولو يسير، والآخر متخوّف من استغلالها من قبل جهات سياسية، وغيرهم .
وأحبّ أنْ أعرض ما قالوه، ومناقشته، وأبرز ما قالوه من انتقادات هي :
.
1. إنّ هذه التظاهرات لا تمثل رأي الشعب بعمومه، فهي تمثل رأي العلمانيين، وأصحاب اليسار الإسلامي؛ ويجب الوقوف ضدّها؛ لأنّها أساءت لرموزنا الدينية، وقد حملت شعارات لا تتوافق، والدين الإسلامي .
2. أين كان هؤلاء المتظاهرون في الحكومات السابقة التي كثر فيها الفساد، وسوء الخدمات، وأغلب الفشل، وسوء الخدمات سببه تلك الحكومات السابقة .
3. لا يوجد في هذه التظاهرات أهداف واضحة، وتنسيقية منظمة، فقد كانت شعاراتها سياسية تسدل الستار على الفاسد الحقيقي، ومطالبها ضيّقة، وغير شاملة .
4. هذه التظاهرات تقف خلفها جهات سياسية فاشلة تحاول العودة إلى المشهد السياسي مستغلةً الغضب الشعبي، والوضع الأمني، والاقتصادي؛ كي ترجع مرّة أخرى إلى الواجهة، ورجعت نغمة (أيتام الولاية الثالثة..!!)، وتصوير هذه التظاهرات كأنّها في غايتها هي (تصفية حسابات) .....!! .
5. بعضهم أصبح نابغةً في معرفة غايات هذه التظاهرات، وحقيقتها، واستخرج نظريته الجازمة التي لا تحتاج إلى التجريب، فقال بضرس قاطع إنّ حقيقة تظاهرات بغداد صراع (كربولي، فهداوي)، وحقيقة تظاهرات النجف (زرفي)، فهي تعكس صراعاً سياسياً بين حكومتين (فاشلة، وأخرى تحاول النجاح)، ومما يدلّ على ذلك انحسارها في ثلاث محافظات (بغداد ، النجف ، البصرة) ..... !! .
6. وقوف أجندات خارجية خلفها، وأغرب ما قرأت إنّ الأصابع الإسرائيلية واضحة في شعاراتها .....!! .
.
أرجو أنْ لا يضيق صدر القارئ؛ لطول مناقشتي، وأرجو منه أنْ يبقى صابراً محتسباً حتى نهاية الكلام؛ علّني ألبّي ما أراد قوله من خلال مناقشتي لهذا النقد .
في ما يخص النقطة الأولى : فلو سلمنا بهذه الحقيقة، وسرنا مع قائليها، وأذعنا لهم بها؛ لكنْ من حقّنا أنْ نتساءل عن حقوق هؤلاء المتظاهرين، أليس العلمانيون من الشعب، ويعانون ما يعانيه غالبية الشعب، هل يتّفق معي الناقد الحاذق أنّ ما قصدوه بالإساءة كما تصورتها للرموز الدينية لم تكن مقصودهم ، فهي محترمة لدى العالم، بل كانوا يقصدون أصحاب ((الإسلام السياسي))، وليس هؤلاء برموز دينية إلّا إذا حسبتهم أنت رموزاً دينية، فهذا رأيك، وهم ليسوا ملزمين به، ولو فرضنا حصول الإساءة، فليس من الصحيح التعميم على الجميع، بل هي حالة فردية تمثل من قالها، وبقي تساؤل أخير : أهذا الحكم مختص بمتظاهري بغداد فقط، أم ينطبق على متظاهري (البصرة، والناصرية، وكربلاء، وبابل، والنجف، والسماوة، والديوانية، وغيرها)؛ لا أعلم أنّنا بلد علماني، وليس إسلامي .
.
أمّا ما يخصّ النقطة الثانية : لا أعرف هل ينسى هذا الناقد اللبيب كم من المظاهرات خرجت في تلك الحكومات السابقة، وللأسباب نفسها، فهذه البصرة نفسها شهدت تظاهرات كبيرة، وفي الناصرية أيضاً، ومن قبلهما ساحة التحرير في بغداد، فقد كانت مسرحاً لتظاهرات كثيرة آنذاك، وفي عموم المحافظات، فهذه التظاهرات مرتبطة بتلك، وربّما من خرجوا سابقاً خرجوا اليوم، ولي أنْ أسأل عزيزي الناقد البليغ عن أيّ حكومة سابقة يتكلم، فالوجوه هي هي . أي الوجوه الفاسدة نفسها، فهل يكفي تبرير الفشل بتعلقيه بالفاشل السابق ؟، أين دورهم في تجاوز فشل السابقين ؟! .
.
وما يخص النقطة الثالثة : مصير هذه التظاهرات أنْ تنتظم، وتكون أهدافها، ومطالبها عامّة شاملة، لكلّ الملفات، فيفتضح بذلك كلّ الفاسدين الحقيقيين منهم، والمخادعين، والمتستّرين بلباس التقوى ..... .
أما النقطة الرابعة : فهذه الحجة كثير ما تداولها المتنافسون، وهي تعكس عقدة الصراع الأزلي بين الخصماء، ومن كثرة دورانها على ألسنتهم أستهلكت، وفرغ محتواها من حجيته، والواقع يبطل هذه الحجة، فقد كانت شعارات المتظاهرين تندّد بكلّ الأحزاب السياسية من دون استثناء .
أمّا الأيتام فتسميتهم هذه تدلّ على أنّ أباهم قد مات، وليت فعل؛ ليسقط ما في أيدي هؤلاء المتشدّقين ــ بها صباح مساء ــ من حجّة، ويكفّوا عن تكرارها، وأظنّهم لا يفعلون ذلك .
.
والنقطة الخامسة : لا موضوعية فيها؛ لأنّها تعكس فكراً مؤدلجاً يحاول تصويب غايات المتظاهرين وجهة أخرى تبعدها عن الفاشلين في حلحلة الأزمات، وليرفع رأسه قليلاً؛ ليرى انتشار التظاهرات في ربوع المحافظات العراقية، لا كما تصورها محسورةً في ثلاث منها .
وأخيراً النقطة السادسة : تافهة لا تستحق الرد، والمناقشة .
وفي الختام : إنّ هذه التظاهرات هي تجمعات جماهيرية مستقلة خرجت بسبب تخبّط الطبقة السياسية في الإدارة، والخدمات، بل زادت الفشل إخفاقاً، وتأزّماً، وكما قالت المرجعية : (للصبر حدود)، فعلى الحكومة التعامل مع الشعب باحترام، ومسؤولية، وأنْ يتخلّوا عن لغة التسييس، واتهامها بوقوف جهات معيّنة خلفها؛ فهم يدفعون الشعب إليها بقولهم هذا من حيث يعرفون، أو لا يعرفون؛ فالشعب خرج لوحده، ودافعه للتظاهر، ومطالبته بالخدمات، والحقوق، ومحاربة الفساد كان ذاتيّاً، فهو (دافع ذاتي مستقل) .
.
أسأل الله أنّ يوفّق الشعب ليأخذ دوره في تقويم السلطة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر