الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داعش برعاية الائتلاف والمجلس الوطني السوري

مسعود محمد

2015 / 8 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ويحدثونك عن الإسلاميين المعتدلين في صفوف الثورة السورية. السؤال الذي يطرح نفسه هل من اسلاميين معتدلين، وما هي نظرتهم العامة للجهاد، ومفهوم الدولة الاسلامية؟ وهل يقبل المعتدل التنازل عنها لصالح الدولة المدنية؟ وهل لعب المجلس الوطني السوري والائتلاف دوراً بتنامي تلك القوى الاسلامية، والتخلي عن الساحة السورية لها لتسرح وتمرح دون حسيب او رقيب؟
ما دفعني لطرح هذه الأسئلة هو نعي حركة أحرار الشام الإسلامية المدعومة من الائتلاف والمجلس الوطني وإخوان سوريا، الملا عمر أمير إمارة أفغانستان وقائد حركة طالبان الذي أعلن وفاته منذ عدة أيام. وقالت الحركة في بيان لها نشرته على موقعها الرسمي: "بقلوب يملؤها الرضا بقضاء الله وقدره ويحدوها الشوق إلى رؤية فجر النصر نتوجه إلى الشعب الأفغاني ببالغ التعازي بوفاة أمير إمارة أفغانستان الإسلامية الملا محمد عمر". ودعت الحركة إلى الاستفادة من البصمات التي تركها الملا عمر وجماعته في السياسة الداخلية والخارجية والتي منها:

1- الثبات على المبادئ حيث صمدت الإمارة 14 عامًا لم تنحن أمام العواصف ولم ترهبها جيوش الغزو والخيانة.
2- الالتحام بالشعب الأفغاني وآلامه حتى أصبحت المنبرَ الناطق باسمه.

3- استثمار الانتصارات العسكرية في عمل سياسي رشيد واضعين نصب أعينهم ثوابت شرعهم الحنيف، ساعين قدر الإمكان لتحييد الخصوم لتحقيق غايتهم، إضافةً إلى محاربة الغلو والتفريط.

و تمنت الحركة في ختام بيانها التوفيق لـ الملا أختر منصور الذي تم تعيينه خليفتة للملا محمد عمر .

وكانت حركة أحرار الشام تعتبر من أقوى الجماعات المسلحة في سوريا قبل تنامي قوة تنظيم الدولة الإسلامية، وسبق للحركة أن وقَّعت على ميثاق شرف الثورة الذي يدعو إلى إقامة دولة المساواة واحترام حقوق الإنسان في سوريا.
وكان ينظر الى الحركة التي تأسست أواخر عام 2011 كحركة معتدلة، حيث أجرت سلسلة من المراجعات الفكرية، سبقها خلاف وجدل في صفوف الحركة نفسها، لاسيما الشق المتعلق بقتال تنظيم الدولة. منذ تأسيسها فرضت الحركة نفسها كأحد أهم وأقوى الفصائل العسكرية، إذ خاضت معارك كثيرة مع قوات النظام، وسجلت باسمها العديد من عمليات السيطرة على المطارات والقرى والمدن في مختلف المحافظات. والملفت ان قيادة أحرار الشام المثيرة للجدل، قد تنقلت من كهوف تورا بورا إلى خلية غرناطة وخلايا البوسنة وصولاً إلى رام حمدان بالقرب من الفوعة في ريف إدلب، اي كانت جزىء فعال في حركة بن لادن والقاعدة، ورغم ذلك حظيت بدعم ومباركة المجلس الوطني والائتلاف. فعلى اثر الاغتيال الجماعي لقادة حركة احرار الشام صرح عبر الجزيرة رئيس المجلس الوطني جورج صبرا وأكد أن حركة أحرار الشام "حركة مقاومة جهادية مسلحة في صفوف الثورة السورية منذ الأيام الأولى لحمل السلاح"، لافتا إلى أنها تشترك في إطار منظمات مقاتلة أوسع (الجبهة الإسلامية ومجلس قيادة الثورة السورية)، وأكد أن وزن الحركة في هذه المنظمات يؤهلها لتكون هدفا لكل أعداء الثورة السورية.
وبحسب صبرة، فإن حجم الخسارة الذي يشكله اغتيال هذا العدد الكبير من قادة الحركة يوضح ما كانت تمثله من اصطفاف كبير لمقاتلي الثورة ومحاربة النظام ومليشياته على جبهة، وعلى جبهة أخرى محاربة إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية. ويعتقد أن الاجتماع الموسع الذي استهدفه التفجير، كان يهدف إلى إيجاد صيغة لتجاوز الخلافات بين تيارات الحركة المتعددة، وحسم موضوع الانضمام إلى «مجلس قيادة الثورة الموحد»، الذي كان سبباً أساسياً في وضع الحركة في مأزق منهجي، إذ وجدت نفسها بين خيارين، إما التخلي عن منهجها والتحالف مع فصائل علمانية بعيدة كل البعد عن مشروع الحركة الذي ينتمي إلى السلفية «الجهادية»، وإما رفض الانضمام إلى «مجلس قيادة الثورة» وبالتالي خسارة الدعم الخليجي، وخصوصاً القطري الذي أصبح مورداً لا غنى عنه بعد خسارة الحركة لموارد النفط في المنطقة الشرقية. يشار إلى أن الحركة كانت مهددة بالانقسام والتشرذم نتيجة الخلاف على هذا الموضوع، ويبدو ان الموضوع حسم بالتفجير لمنع اي تلاقي بين علمانيي الثورة وإسلامييها مما يؤسس لحالة غريبة على التنظيمات الاسلامية، فحسم النقاش بقتل من فكر بالخروج عن المنهج. السؤال الذي يطرح نفسه على ماذا كان يراهن صبرا، حين دعم أحرار الشام؟ وهل يمكن الوثوق بالتزام الإسلاميين بعلمانية الدولة، وهل نسي صبرا النموذج الجزائري، ونموذج حماس، وقتل الإسلاميين التونسيين لعلمانيي تونس، ورفض مشاركتهم بالحكم؟ يبدو ان نوستالجيا التحالف مع إخوان سوريا، بدعم من صدام حسين ووهم بناء تحالف لقلب النظام السوري، لم يفارق صبرا وهو مصر على البقاء تحت عباءة الإخوان رغم المأساة التي سببها ذلك التحالف ليساريي سوريا.
موقف إخوان سوريا، حلفاء صبرا الذين حرفوا المجلس الوطني السوري عن أهدافه ليحولوه من مجلس جامع رفعت الجماهير السورية عند تشكيله شعار "المجلس الوطني يمثلني" الى خادم أمين لسياساتهم، فرغم وصف الإخوان بالأكثر اعتدالاً، الا انهم لم يستطيعوا ان يبقوا قناع الاعتدال على وجههم وكشفوا انتمائهم الى المنهج القاعدي بالتفكير، فنعى قياديون بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا قادة حركة "أحرار الشام" الذين قتلوا بتفجير مقر اجتماعهم في ريف إدلب، متهمين من وصفوه بـ"المستبد بشار الأسد وأدواته الشريرة" بالوقوف خلف العملية، وأكدت الجماعة رفضها لعملية عسكرية دولية ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" قبل أن تكون رصاصتها الأولى "في رأس الأسد" على حد تعبيرها.
ما هو سبب حرص الإخوان على داعش؟ هل هو تحالف الأممية الاسلامية، ام هو موقف مبدأي يستند الى الحاكمية، للسيطرة على الدول العربية وتطبيق الشريعة فيها؟
موقف الائتلاف السوري كان أيضاً داعم للحركة اذ دان حينها الائتلاف السوري ما وصفه بـ"الجريمة النكراء" باغتيال قادة حركة "أحرار الشام" أحد أبرز الفصائل التابعة للمعارضة السورية، الذين قتلوا في تفجير مجهول المصدر استهدف اجتماعاً لهم في ريف إدلب شمالي سوريا. وقال الائتلاف في بيان "ندين مقتل مؤسس وقائد حركة أحرار الشام حسان عبود" الملقب بأبي عبد الله الحموي، وعدد من قادة الصف الأول والثاني فيها، مشيراً إلى أن الشعب السوري سيواصل كفاحه من أجل الحرية وأن العدالة "ستطال المجرمين". وأكد أن مرتكب هذه الجريمة أيا كان "ليس إلا عدو الشعب السوري وثورته العظيمة". وأضاف الائتلاف في بيانه "لقد تصدى الحموي برفقة قادة الحركة وجنودها لمهام الدفاع عن المدنيين وحمايتهم من بطش نظام بشار الأسد، وكان لهم مساهمات كبيرة في الثورة، وفيما يتعلق بقيادة العمل المسلح في مختلف أنحاء سوريا، والدفاع عن حقوق الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة".
ومن شبه المعروف عن تنظيم “حركة أحرار الشام” انه ذراع إستخباراتي متعدد التوجهات القطرية و التركية، وهو يحوي تيارات متعددة داخل حركة تؤمن بقواعد السلفية الجهادية التي نمت عليها القاعدة، وهو اول تنظيم سوري سلفي ناشيء في البلاد بعد الازمة فضلاًَ عن انه اول تنظيم يستفيد من خبرات مقاتلي التيارات الجهادية الاجانب الذين اطلق عليهم اسم " المهاجرين".
ما لم يفقهه المجلس الوطني، والائتلاف السوري المعارضين لاحقاً هو ان تلك الجماعات الاسلامية المنهج لا يمكن تهجينها أو إخراجها من منهجها السلفي، فحتى اردوغان الذي يحاول ان يمثل صورة معتدلة للإسلام لم يستطع ان يتخلى عن تلك القوى السلفية ودعم الدولة الاسلامية، وساهم بتمويلها ومدها بآلاف المقاتلين " المهاجرين لأرض الجهاد". لولا خطر نشر كيان كردي آخر على حدوده لما كنا شهدنا تراجعاً تركياً تكتيكياً الهدف منه ضرب الحركة الكردية بغطاء محاربة داعش. أزمة بعض علمانيي سوريا هو عدم قراءتهم للتاريخ، وقراءة الأمور بمنظار بعثي، فهم عاشوا ردحاً من الزمن في مدرسة القائد الى الأبد وبعضهم شكل معه جبهات الهدف منها تلميع صورة الدكتاتور.
ولد المشروع السلفي على يد أحمد بن تيمية الذي أتى حينها ليطالب الناس في ظل انحطاط الدولة، وزعزعة الخلافة، وغزو التتار والمغول، وانحطاط علمي وثقافي، وتهميش المجتمع بشكل كامل، حيث كان يعاني من الظلم والقهر والبطش والإذلال على يد الخلفاء في الفترة الممتدة من (1263- 1328) بالعودة الى الأصول، أصول وجذور الشرع والفقه، والإقتداء بالسلف الصالح الذين هم يمثلون بالنسبة لإبن تيمية الاسلام النقي وهم ( الصحابة، وتابعيهم، وتابعي تابعيهم). كان الهدف من الاقتداء بالسلف الصالح هو تنقية الدين من كل عنصر دخيل ووضع قواعد لعلوم القرآن والحديث والسيرة النبوية وآداب التعامل وسلوكيات الناس، ووضع معايير دقيقة للحلال والحرام ومحاربة البدع، والتحريض على الجهاد ووضعه في رأس أولويات المجتمع المسلم، لرد الغزو الخارجي، وإعادة احياء الدولة الاسلامية. كان ابن تيمية من أشد مفكري الإسلام نقدا للفلسفة وعلم الكلام.

لم يقتصرالعودة لمنهج السلف الصالح على ابن تيمية بل سبقه اليه ابن حَنْبَل وتبعه اليه بعد انحساره لقرون محمد بن عبد الوهاب في شبه الجزيرة العربية، فجدد الدعوة الى التمسك بنهج السلف في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، واجتهد في إيضاح التوحيد وبيان الشرك للناس، ودعاهم الى ترك ما هم عليه من أنواع الشرك الأكبر، من عبادة أهل القبور، ومن البدع المتعلقة بالقبور، وعبادة الأشجار والأحجار، والغلو في الصالحين، ومن هنا تنطلق الدولة الاسلامية (داعش) عندما تدمر القبور والمزارات حتى وصل ببعضهم الأمر الى الدعوة بتدمير الكعبة كونها صرفت الناس عن عبادة الله الى التمسح بها والعودة الى عبادتها والتبرك بها كما كان يحدث في الجاهلية. التطور الأبرز الذي أصاب الحركات الإسلامية جميعها بما فيها تلك المصنفة معتدلة هو تحولها من التقليد السلفي الفكري الى العملي، حيث اتبعت تقريباً كلها نظريات السلفية الجهادية العملية، والتزامهم بمبدأ الحاكمية لله والولاء والبراء، هذه القوى الاسلامية كلها بدون استثناء تسعى للسلطة، ولن تتخلى لسلطتها لعلمانيي سوريا حتى ولو جملت بهم الصورة كما فعل اخوان سوريا بانتخاب صبرا رئيساً للمجلس الوطني دون إعطائه أو إعطاء مستقلي المجلس الفرصة الحقيقية للحكم.
أذكر علمانيي المجلس الوطني والائتلاف المؤمنين والمتمسكون بسلفيي سوريا، بما قاله الشهيد مشعل تمو عميد شهداء الثورة السورية فالله تعالى قال في كتابه العزيز " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين". كان الشهيد مشعل يعرف أضرار تلك الحركات الاسلامية على المشهد الوطني السوري، ومدى ضررها على الثورة وقال في ذلك السياق " اذا كنا نسعى معاً الى بناء دولة مدنية تعددية تشاركية، يكون الكرد فيها شعب أصيل يقيم على أرضه التاريخية، يجسد هذا الوجود في دستور مدني عصري فهذا واجبنا الوطني تجاه شعبنا السوري بكل أطيافه، وما عدا ذلك فنحن لن نتعاون او نتفق او نتحاور مع أي طرف يرفض الإعتراف بالوجود القومي الكردي كشعب وقضية، ونعتبر بأن من يسعى الى استبدال الدولة الأمنية بدولة دينية هو خارج منطق العصر والتاريخ، ويضر بالمصلحة الوطنية ومستقبل سوريا وتعايش قومياتهم وتآخيهم".
ما سلف لا يعني تسويق نظرية النظام السوري بضرورة بقاءه لأنه يحارب الإرهاب السلفي، فهو ليس أقل إرهاباً وتخلفاً من تلك الحركات السلفية، فهو يشكل معهم وجهي العملة الواحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة