الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزنك يا فضل الخالدي اعاد الينا قيمة الشهادة

عرفات البرغوثي

2015 / 8 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


حزنك يا فضل الخالدي اعاد الينا قيمة الشهادة
مع كثرة الموت واخبار التقتيل بات الانسان رقما على لوائح الموتى . ولم يعد للشهيد قيمة سوى عند ذويه . فترى الجماهير تغلب مشاهدة مباراة على المشاركة بتشييع ، وان اهتمت فانها تتعاطف للحظات وتقول " مسكين الله يعين اهله " او" راحت عليه " تم لا يلبثون ان يعودوا لحياتهم ولذواتهم المتهالكة . كل يركض خلف انانيته وشعاره " امشي الحيط الحيط وقول يا رب الستر " .
اما فضل الخالدي هذا اللاجئ الذي كان صديقا لكل من عرفه . متواضع مع طلبة الجامعة الواقفين على باب مكتبه ليساعدهم لانهم عرفوا عنه ممن سبقهم من فقراء الطلبة ان هذا الكادح الذي اسمه فضل الخالدي لن يبخل بجهد ان استطاع ان يساعدهم في التسجيل وتقسيط دفعات الاقساط باقل ما يمكن . مبتسم دائما رغم ارهاق العمل . ومنتمي بكل جوارحه للحق والوطن .
انسان بكل هذا العطاء كان لحزنه يوم استشهاد ابنه ليث وقع خاص ، فهو ليس حزن الضحية العاجزة بل حزن البطل الذي تلقى ضربة قوية في حربه المتواصله ، دون ان يفقد الاصرار والصمود كدافع لاستعادة المبادرة والاستمرار في المعارك القادمة ... هكذا كان وقع خبر استشهاد ليث .. مرتبطا بوالده الحبيب فضل الذي وقف بعد عدة انهيارات امام الاعلام كصخرة فلسطينية شماء متماسكا _ بعد خروجه من غرفة الطوارئ مباشرة حيث اغمي عليه عندما دخل ليودع فلذته_ ماسحا دمعه ورافعا راسه فقال بكل شموخ " هذا احتلال مجرم لا يفهم الا لغة الرصاص وابني اصبح واحدا من قافلة الشهداء الطويلة على طريق الحرية والعودة " .
ليس غريبا اذا بمجرد ان عرفت فضل ان تتوقع بان يكون احد اشباله شهيدا .. قال لي قبل عام ان ابنه يواكب الذهاب دوما لكل المواجهات في المنطقة وانه دوما يدعوا الله ان يكون شهيدا قالها لي فضل وهو يبتسم كعادته وفي عينيه فخر الاب بابنه الذي يرى فيه ما لم يتمكن هو نفسه ان يكونه ..
خجلنا ان نقف امامك ايها الصديق ، خجلنا ان نعزيك فنحن لا نعرف كيف تقال كلمات العزاء لمن هم مثلك . واحترنا بين ان نقول لك هنيئا لليث عرسه الوطني او نقول لك عظّم الله اجرك .. احترنا لاننا نعرفك مناضلا يعي كل الوعي ان الضريبة كبيرة وان الحرية ثمنها الدماء . ولاننا وقفنا امامك وحزن السماوات والارض في عينيك . هناك سرنا خلفك في ازقة المخيم وتخيلناها فارغة من سكانها بعد العودة وعليها صور الشهداء فقط . وفي المقبرة راقبناك من البعيد تحث الخطى حيث سيرقد فلذتك . ومع كل تلك الحيرة كنت انت وهو تعلموننا احد دورس الوطنية ، عندما فهمنا كيف ينجب المناضل ابنا وكيف يربيه دون قواعد حزبية مركزية ودون فلسفات القادة والمنظرين . علمتنا انت وليثك كيف يكون الحزن بفقدان الابن شهيدا وكيف يرافقه الفخر والتصميم على مواصلة المسيرة .. فكما قلت رفيقي " الحرية ضريبتها الدم" فكنت ممن يعطون الضريبة رافعي الرؤوس دون ان يبحثوا عن مسميات ومناصب ...

واعدتم الينا انت وليثنا جميعا قيمة الشهادة بعد ان حاول منظروا المؤامرة الانهزامية تحوير مفهومها بان قالوا عنها انتحار وتهور وطيش مراهقين . وقلتم لهم بأنها تضحية .. والتضحية هي المقياس المادي للحب . فبقدر حبك تعطي لمن تحب . فكيف عندما يكون هذا المحبوب وطنا وشعبا وحرية ..؟ فانها تحتاج اغلى ما يمكن من التضحية وهي النفس والجسد ...نقدمها عن طيب خاطر من اجل الشعب والوطن . ونبقى مرفوعي الرؤوس رغم ما يعز علينا فراق الاحبة ....
فشكرا للشهداء وشكرا لذويهم ... نعم نشكرهم لانهم هم الناقوس الذي يدق خزان الانهزام الذي يحاول ان يكتم صوت الحرية . شكرا لك فضل الخالدي لانك انجبت هذا الليث ولانك ربيته ولانك كنت معلمه الاول ومعلمنا جميعا . وجعلت لفقده ثمنا بان اعدت للشهادة قيمتها ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن بدء مناورات تشمل أسلحة نووية تكتيكية قرب أوكرانيا


.. إسرائيل ترد على طلب الجنائية الدولية بهجوم على الضفة الغربية




.. السعودية وإسرائيل.. وداعأ للتطبيع في عهد نتنياهو؟ | #التاسعة


.. لماذا جددت كوريا الشمالية تهديداتها للولايات المتحدة؟




.. غريفيث: دبلوماسية قطر جعلتها قوة من أجل الخير في العالم