الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في انتظار الاستجابة العاجلة للمطالب المشروعة

التيار الديمقراطي العراقي

2015 / 8 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



بيان المكتب التنفيذي للتيار الديمقراطي العراقي:
في انتظار الاستجابة العاجلة للمطالب المشروعة



تشهد العاصمة بغداد والعديد من مراكز المحافظات والأقضية والنواحي هذه الأيام تظاهرات احتجاجية حاشدة تعكس تذمرا واستياء متناميين في معظم أوساط شعبنا نتيجة توالي وتراكم الأزمات والفشل، على مدى ثلاثة عشر عاماً، في إدارة الدولة بمختلف مفاصلها ، واستشراء وتغول الفساد وتحوله إلى منظومات ومافيات تكاد تكون حاكمة في العديد من وزارات وإدارات وأجهزة الدولة، وهي تسرق المال العام بصورة منظمة وتستأثر عبر شركاتها الوهمية أو عديمة الأهلية بمشاريع الدولة لتنهب تخصيصاتها وتسيء أو تفشل في تنفيذها.


وقد تحول الاستياء الجماهيري إلى سخط وغضب عارمين تفجرا نتيجة التردي المتواصل في الخدمات، ولاسيما في خدمة تجهيز الكهرباء وازدياد ساعات انقطاع خدمة شبكتها العامة في حين ارتفعت درجات الحرارة الى حد حرق الجلود. واقترن ذلك بارتفاع تكلفة خطوط المولدات الأهلية بما يتجاوز القدرات المالية المتواضعة لأقسام واسعة من فئات الشعب. وهكذا لقيت الدعوة إلى التظاهر التي أطلقها مجموعات من الناشطين المدنيين، أصداء واسعة واستجابت لها جموع كبيرة بحماس واندفاع. معظمه بصورة عفوية، فانطلقت التظاهرات خلال الأيام الماضية في البصرة وبغداد وكربلاء وبابل والنجف وذي قار والمثنى وميسان، وهي مرشحة للامتداد إلى محافظات ومدن أخرى.

وكانت السمات المميزة لهذه التظاهرات طابعها الشعبي والوطني العراقي، إذ كانت عابرة للطوائف والأثنيات والاديان، وتوحدت تحت راية العلم العراقي ، وكان سلوكها سلميا وحضاريا رفيع ، حيث لم يصدر منها انتهاك او أعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، أو استفزاز للقوات الأمنية التي بدورها تعاملت بشكل سليم ومسؤول يستحق الثناء. وكانت شعارات المتظاهرين ومطالبهم مشروعة وواقعية تعبر بحق عن آلام ومعاناة شعبنا، وكذلك عن عزمه على رفض استمرار الأوضاع المتردية و مطالبته الحازمة للحكومة ورئيسها بالإصغاء إلى مطالب الشعب والشروع باتخاذ اجراءات لمعالجة ملف الخدمات، وفي مقدمته ملف الكهرباء الذي انفق عليه أكثر من 50 تريليون دينار تسرب معظمها إلى جيوب الفاسدين، وشددت المطالبات عن حق على ضرورة الكشف عن جميع قضايا وملفات الفساد لكبار المسؤولين في الدولة وفي الأحزاب الحاكمة، واقصائهم عن جميع مواقع السلطة والنفوذ وتقديمهم إلى النزاهة والقضاء، وان تتولى لجان خاصة متابعة الأمر وأن يخضع ذلك إلى رقابة شعبية للحيلولة دون تسويف وتعطيل عملية المحاسبة.

وعبرت التظاهرات أيضا عن الإدانة الشعبية الواسعة للامتيازات الباذخة التي تتمتع بها الرئاسات والنواب وأصحاب الدرجات الخاصة وكبار المسؤولين في الدولة والتي تستنزف قسطا مهما من موارد الدولة، في الوقت الذي يوجد فيه أكثر من ستة ملايين عراقي تحت خط الفقر ويعاني ثلاثة ملايين ونصف المليون من أبناء شعبنا النازحين من أوضاع لا إنسانية، فضلا عن وجود ملايين من الشباب العاطلين عن العمل ومن الأرامل والأيتام.

ولقد نبه التيار الديمقراطي منذ سنوات إلى مخاطر استفحال الأزمات وتعاظمها في ظل استمرار القوى المتنفذة والقابضة على السلطات في صراعاتها على النفوذ والامتيازات والمنافع بعيدا عن مصالح الشعب والوطن، وتشبثها وتماديها في تطبيق نظام المحاصصة الطائفية والاثنية، الذي يشوه عملية بناء الدولة ويكرس عناصر العجز والفشل فيها ليصبح منتجا للأزمات وحاضنة لاستشراء الفساد. وقد أشفعنا دوما دعواتنا للاصلاح والتغيير بمقترحات وتصورات وحلول عملية وحذرنا من أن التأخير والتسويف والتخندق في المواقف لا يؤدي سوى إلى مفاقمة المشاكل وتعقد امكانية التوصل إلى حلول لها. ولكن لم تلق دعواتنا وغيرنا من القوى والأحزاب والشخصيات المدنية الديمقراطية آذانا صاغية، وجرى التمادي في نهج تأجيج الانقسامات الطائفية والأثنية وتعميق التحاصص في الحكم على خلفية استمرار الصراع حول تقاسم المغانم، فجاءت الانتكاسات المتوالية في الأوضاع، واشدها سقوط الموصل وما تلاها بيد عصابات داعش الهمجية، وتكشفت هشاشة بناء مؤسساتنا العسكرية والمدنية، ومن ثم ازدادت الأوضاع تدهورا بعد الانخفاض الحاد في اسعار النفط واشتداد الأزمة المالية.

لقد بات واضحا أن جماهير شعبنا المكتوية بالإرهاب وعدم الاستقرار الأمني والتي تعاني من شتى صعوبات الحياة اليومية، وتآكل قدرتها الشرائية، ورداءة الخدمات، والفساد الذي يحاصرها على جميع المستويات، لم تعد تطيق بقاء الأوضاع على حالها، وقارب صبرها على النفاد كليا. وها هي شرعت بالتحرك معبرة عن اوجاعها محذرة من بيدهم السلطة من الاستمرار في التغاضي عن مطالبها واتباع سياسة المماطلة والتسويف والتهميش، وفي الوقت نفسه تمد هذه التظاهرات والإرادة الشعبية التي تقف وراءها، يد العون والاسناد لكل جهد صادق راغب في الاصلاح ومحاربة الفساد والاهتمام الجدي والنزيه بمصالح الشعب وتحسين احواله. فهذه التظاهرات وهذا الحراك الشعبي المتنامي انما هي سند لمعركتنا ضد الارهاب وداعش ، لان الفساد والارهاب وجهان لعملة واحدة يغذي احدهما الآخر.

وقد انطلقت دعوات من جهات مختلفة للتظاهر مساء الجمعة القادمة (7/8/2015). ولا شك ان ساحات التظاهر في بغداد وفي المحافظات الأخرى مفتوحة للجميع ، كما أن معاناة شحة الكهرباء وقلة الخدمات وخراب الفساد تشمل الجميع، على اختلاف الانتماءات القومية والدينية والمذهبية والسياسية وغيرها. لذا فمن الطبيعي والمنطقي ان تمتد الرغبة في التظاهر إلى جميع اطياف ابناء الشعب. وفي هذا قوة للحركة الجماهيرية ولقدرتها على الضغط على السلطات من اجل القيام بالاصلاحات المطلوبة. ولكي تتحقق النجاحات المرجوة ، لا بد ان يحترم الجميع عناصر قوة هذه التظاهرات، اي سلميتها وطابعها الشعبي الوطني المتنوع، وشعاراتها ومطالبها المشروعة والواقعية، وابتعادها عن التسييس الفئوي الضيق، ورفعها الراية الوطنية الواحدة. فتظاهرات الجمعة القادمة تمثل نوعا من الاختبار لمدى قوة ونضج الحركة الجماهيرية لشعبنا بجميع مكوناتها المتنوعة، ويمكن ان تصبح محطة مؤثرة في تطور أوضاع البلاد لو اجتمعت فيها مجددا السمات التي طبعت تظاهرات الأسبوع الماضي.

وأخيرا لا بد من التأكيد ان الكرة الآن في ملعب الحكومة والسلطات التشريعية للاستجابة لهذه المطالب المشروعة بجدية ودون تردد، وأن من يرغب ويعمل من اجل مكافحة الفساد واجراء الإصلاحات المطلوبة، سيجد في المتظاهرين ظهيرا يعتمد عليه، وبعكس ذلك فان تأزم الأوضاع مرشح للاستمرار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران