الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو مشروع نهضوي وطني جديد

صادق الطريحي

2005 / 10 / 15
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي



لعل الحقيقة الوحيدة التي يمكن التسليم بها اليوم، متناسين مقولة الفيلسوف الأمريكي " وليم جيمس" ، هي فشل المشروع النهضوي القومي العربي الذي بدأ في بلاد الشام سنة 1847 في ظل رعاية امريكية، اما متى سقط وكيف ولماذا؟ فهذا ما لايمكن التسليم به نهائيا، وليس المشروع النهضوي العربي وحده الذي فشل ، فلقد فشلت جل المشاريع التنموية والتكنلوجية التي قامت على اساس الافادة من قوة رأس المال، دون الافادة الحقيقية من العقول التخطيطية، وفشلت المشاريع العلمية العربية، وذلك لأعتمادها على مبدأ استنساخ التكنلوجيا، بدلا من خلق التكنلوجيا، وهي عملية بطيئة كما معلوم.
ولو نظرنا بتفحص الى بداية المشروع القومي العربي الأمريكي في بلاد الشام، لوجدناه يقوم على اسس متينة، وهي اشاعة التعليم، ونشر الكتب، وبعث التراث، ثم الاهتمام بالتعليم العالي ، وفي مصر بدأ الاهتمام بالترجمة وارسال البعثات، وعندما انشئت الجمعية العلمية السورية سنة 1857 كانت تظم في عضويتها دروز ومسلمين ومسيحيين، وكانت الأهداف التي ترمي اليها هي التخلص من الحكم العثماني الاسلامي للبلاد العربية، فوجدت أن افضل سبيل هي الدعوة القومية الفاصلة ما بين الأتراك والعرب.
الا ان مقولة "وليم جيمس" سرعان ما تقفز الى الذهن " ليس هناك من حقيقة مطلقة، بل ثمة حقيقة نسبية، تمثل وجهة نظر معينة " فما كان من وجهة نظرنا فشلا للمشروع القومي العربي الأمريكي، فهو يمثل نجاحا ساحقا من وجهة نظر اخرى لهذا المشروع الذي اتى اكله حين استطاعت القوات الأمريكية احتلال العراق من البوابة القومية للأمة العربية.
واول من هلل لفشل المشروع القومي العربي هي الحركات الاسلامية السياسية ثم العسكرية فيما بعد، عندما دخلت اللعبة دون ان تشعر، ووجدت نفسها في فسحة من الحرية لتقوم بنشر ادبياتها ومطبوعاتها لتحارب الشيوعية، وتدفع خطرها عن البلاد العربية، آملة ان تجد الوقت المناسب لدفع المشروع النهضوي الأسلامي السياسي الى الساحة العربية، وبعد سقوط الشيوعية على يد حركة طالبان وجماعات اسلامية اخرى وبرعاية امريكية ايضا، طفحت الى السطح التناقضات الشديدة بين طوائف هذه الحركات، الأمر لذي ابقاها قارة في منطقة زمنية لاتبرحها، ولا ندري حتى اليوم كيف سيأتي المشروع النهضوي الاسلامي السياسي اكله من وجهة نظر أمريكية طبعا؟
من خلال هذه الجولة التأريخية السريعة، يبدو لي أن الضغوط الخارجية قادرة على اقامة نوع من الديمقراطية الهشة في البلاد العربية، لأن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لكبح تطلعات القوى المتنافرة على الساحة السياسية، والضمان الوحيد لتوازن معين، بحيث ان اي قوة ستصل الى الحكم عن طريق الانتخابات ستكون مقصوصة الجناح، وسينحصر نجاح الديمقراطية في تجنب الشعوب العربية ويلات الحروب الخاسرة، ولكن الديمقراطية غير قادرة وبدرجة كبيرة على ردم هوة التخلف الاداري والعلمي والاجتماعي الذي تعيشه الشعوب العربية وهذا هو السبب المهم في هشاشة اللعبة الديمقراطية ، ولعل مشكلة التخلف هي الورقة الرابحة الوحيدة التي يلوح بها الحكام العرب ضد اي مبادرة للأصلاح السياسي والديمقراطي في البلاد العربية، لأنهم يعلمون وربما اكثر من غيرهم مدى خطورة هذه الموجات، وهم الوحيدون القادرون على التعامل معها على طريقتهم الخاصة.
اذن كيف السبيل الى مشروع نهضوي وطني جديد، يضم كل قوى التحرر والسلام؟
يرى البعض ان فشل المشروع النهضوي العربي سابقا ثم الديني المسيس اليوم الى اتخاذه السياسة سابقا ثم الارهاب اليوم كاداة لفرض وجهة نظرها في الشارع العربي، وكلنا يعلم أن النظام السياسي هو نتاج اخير لمجموعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية المستقرة، والتي تطمح الى حياة افضل وضمان مناسب لعملها، وهذه الحركات غير مؤهلة فنيا او اخلاقيا لمثل هذه التجربة.
فهل يعني هذا ان لاتفكر الحركات التحررية في الوصول الى السلطة؟
وقبل الاجابة على هذا السؤال ينبغي ملاحظة ان قوى التحرر اليوم وعلى العكس من الحركات القومية والدينية لاتجد لها حاضنة تأريخية تنتمي اليها في مجتمع يسوده الانتماء الى الجد الأعلى!
لكن ملاحظة اخرى ، وبعمق هذه المرة، تؤكد لنا ان هذه تهمة اشاعتها القوى القومية والدينية المتطرفة والمتحالفة معها حين فسرت جميع الحركات الفكرية والعسكرية التي قامت بوجه الدكتاتورية عبر التأريخ بانها حركات شعوبية ترمي الى الغاء الحكم العربي! وكأن من حق الحكم العربي ان يبطش ويظلم ويغتصب النساء ويشيد المقبر الجماعية والمساجد الفخمة من دون ان يعترض عليه احد، أي ان على قوى التحرر والسلام ان تجد مكانها الممسوح من ذاكرة التأريخ قبل ان تضع برنامجها السياسي.
لقد بدأ المشروع النهضوي القومي العربي برعاية امريكية سنة 1847، عن طريق اشاعة التعليم ونشر الكتب، وهي خطوات صحيحة، ما احرى ان يتبعها المشروع النهضوي الوطني الجديد، فيقوم بمكافحة الأمية بين المتعلمين، ويدعو الى النظافة، ومراقبة أداء المدارس، ونشر قيم التسامح والسلام، و...و...و... ولكن برعاية شعبية هذه المرة !
هل ننجح؟
لا اقول نعم، بل يجب ان نبدأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[email protected]











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة