الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة البروليتارية والمرتد كاوتسكي -كيف حول كاوتسكي ماركس الى ليبيرالي عادي-

محسين الشهباني

2015 / 8 / 8
الارشيف الماركسي


الثورة البروليتارية والمرتد كاوتسكي
كيف حول كاوتسكي ماركس الى ليبيرالي عادي
ان القضية الاساسية التي يعالجها كاوتسكي في كراسه هي قضية محتوى الثورة البروليتاريا الاساسية , اي ديكتاتورية البروليتاريا . وتلك قضية على اعظم جانب من الاهمية بالنسبة لجميع البلدان, و لا سيما بالنسبة للبلدان المتقدمة , و لا سيما بالنسبة للبلدان المتحاربة ... ويمكن القول دون المبالغة ان تلك هي القضية الرئيسية في كل النضال الطبقي البروليتاري . ولذا لابد من دراستها بعناية و تفصيل .
ان كاوتسكي يضع القضية بمعنى ان ((التضاد بين التيارين الاشتراكي )) اي المناشفة والاشتراكيين-الثوريين , بالاشتراكيين , انما يسند اسمهم اي الى كلمة , لا الى المكان الذي يشتغلونه فعلا في نضال البروليتاريا ضد البرجوازية . فيا لها من طريقة رائعة لفهم الماركسية وتطبيقها . ولكننا سنعود الى هذه النقطة بالتفصيل فيما بعد .اما الان فلنبحث النقطة الرئيسية , ونعني بها اكتشاف الكبير الذي توصل اليه كاوتسكي حول ((التضاد الجذري)) بين (طريقتين الديمقراطية و الديكتاتورية ) .فهنا عقدة القضية . هنا جوهر كراس كاوتسكي كله .وهنا خلط نظري فضيع وارتداد مطلق عن الماركسية الى حد انه ينبغي لنا ان نقر بان كاوتسكي قد تجاوز برنشتين شوطا بعيدا .
ان قضية ديكتاتورية البروليتاريا هي قضية موقف الدولة البروليتاريا من الدولة البرجوازية , قضية موقف الديمقراطية البروليتارية من الديمقراطية البرجوازية . الا يبدو ان هذا واضح وضوح الشمس ؟
ولكن نرى كاوتسكي يدير بعناد ظهره للقرن العشرين ويدير وجهه للقرن الثمن عشر , شانه شان معلم مدرسة ثانوية يصر على تكرار كتب التاريخ المدرسية , ويلوك ويجتر , بصورة مملة للغاية وللمرة المائة , في جملة كاملة من المقاطع , العفاشة القديمة حول موقف الديمقراطية البرجوازية من الحكم المطلق والقرون الوسطى . وقد يحمل المرء ,حقا ,على الظن انه يجتر ويحلم .
الا يعني هذا ان كاوتسكي لم يفهم شيئا على الاطلاق من كنه الامور؟ ولا بد للمرء ان يبتسم لما يبذله كاوتسكي من جهود لكي يصور الامور على انه ثمة من يدعون الى ((ازدراء الديمقراطية )) ص11 الخ ...الى مثل هذه التوافه , يضطر كاوتسكي لكي يطمس القضية ويشوشها , لأنه يطرح المسالة كليبرالي , اي انه يطرح مسالة الديمقراطية بوجه عام , لا مسالة الديمقراطية البرجوازية . بل انه يتجنب حتى هذا المفهوم الطبقي , الدقيق , ويحاول التحدث عن الديمقراطية (ما قبل الاشتراكية) . ان صاحبنا كاوتسكي , اشبه بطاحونة كلام , قد ملا ما يقارب من ثلث كراسه (20 صفحة من اصل 63) بثرثرة تطرب البرجوازية كثيرا , لانها تزين وجه الديمقراطية البرجوازية وتطمس قضية الثورة البروليتاريا .
ومع ذلك , فان كراس كاوتسكي يحمل اسم ((ديكتاتورية البروليتاريا)) . اما ان تكون ديكتاتورية البروليتاري هي بوجه الضبط جوهر مذهب ماركس , فان الجميع يعرفون ذلك. ولذا اضطر كاوتسكي , بعد كل هذه الثرثرة خارج الموضوع , الى الاستشهاد باقوال ماركس حول البروليتاريا .
اما كيف استشهد (الماركسي) كاوتسكي بأقوال ماركس , فتلك مهزلة حقيقية . اسمعوا ما يقول :
((بين المجتمع الرأسمالي والمجتمع الشيوعي , تقع مرحلة تحول المجتمع الرأسمالي تحولا ثوريا الى المجتمع الشيوعي . وتناسبها مرحلة انتقال سياسي لا يمكن ان تكون الدولة فيها سوى الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا )) *مؤلف ماركس (نقد برنامج غوتا.
اولا .ان القول عن موضوعة ماركس الشهيرة هذه تاتي توجز كل نظريته الثورية بانها (كلمة واحدة) انما يعني الاستهزاء بالماركسية , والارتداد التام عنها . ينبغي الا ننسى ان كاوتسكي يعرف ماركس كله تقريبا عن ظهر قلب , وان لديه في مكتبه او في راسه , اذا حكمنا على جميع مؤلفاته , جملة من الادراج وزع فيها بعناية كل كتب ماركس , لكي يتمكن اللجوء بسهولة الى الاستشهادات . ولذا فان كاوتسكي لا يمكن ان الا يعرف ان ماركس وانجلز على السواء قد تحدقا مرارا عدة عن الديكتاتورية البروليتاريا ,سواء في رسائلهما او في مؤلفاتهما المطبوعة , قبل الكمونة ولا سيما بعدها . كذلك فان كاوتسكي لايمكن له الا يعرف ان صيغة ((ديكتاتورية البروليتاريا )) ليست سوى عرض , اقرب الى الواقع من الناحية التاريخية وادق من الناحية العلمية , لمهمة البروليتاريا التالية : ((تحطيم)) الة الدولة البرجوازية ,وهي المهمة التي تحدث عنها ماركس وانجلز على حد السواء من 1852 الى 1891 اي خلال اربعين سنة , بالاستناد الى تجربة ثورة 1848 والى تجربة ثورة1871 بخاصة .
فكيف نفسر هذا التحريف الفضيع للماركسية من جانب كاوتسكي , هذا الحافظ السطحي للماركسية ؟ اذا راينا الى اساس هذه الظاهرة الفلسفي , تبين لنا انها تقتصر على احلال الاختيارية والسفسطائية محل الديالكتيك . وقد برع كاوتسكي في هذا الباب .اما من الناحية السياسية العلمية , فان هذه الظاهرة تعني الاستجداء امام الانتهازيين اي امام البرجوازية , في اخر المطاف . ان كاوتسكي , الذي يتقدم بسرعة متزايدة منذ بداية الحرب , قد بلغ الذروة في الفن ان يكون ماركسيا بالاقوال خادما ذليلا للبرجوازية بالافعال .
واننا لنزداد اقتناعا بهذا الحكم اذا ما فحصنا الطريقة الرائعة التي فسر بها كاوتسكي ((كليمة الديكتاتورية )).
حسن جدا . فانه لحق مقدس لكل امرئ ان يبدا بحث المسالة كما يريد . الا انه ينبغي فقط التمييز بين طريقة البحث الجدية والشريفة والطريقة غير الشريفة .فمن شاء ان يعالج المسالة بصورة جدية , ترتب عليه ان يعطي تعريفه للكلمة .واذ ذاك , توضع القضية بشكل جلي صريح .ولكن كاوتسكي لايتقيد بهذا الشرط .فقد كتب يقول (ان كلمة ديكتاتورية تعني حرفيا الغاء الديموقراطية ).
اولا , ليس هذا بتعريف .فان كان يطيب لكاوتسكي التهرب من تعريف مفهوم الديكتاتورية , فلماذا اختار هذه الطريقة في بحث المسالة ؟
ثانيا , هذا خطا فاضح .طبيعي ان يتحدث الليبرالي عن (الديمقراطية ) بوجه عام . اما الماركسي , فلن ينسى ابدا ان يطرح السؤال التالي : ((في مصلحة اية طبقة ؟ )) .فكل امرئ يعرف مثلا – وكذلك ((المؤرخ))كاوتسكي – ان انتفاضات الارقاء في العصور القديمة , وحتى هيجاناتهم الكبرى , كانت تكشف فورا جوهر الدولة القديمة بوصفه ديكتاتورية مالكي الارقاء .لكن , هل كانت هذه الديكتاتورية تقضي على الديمقراطية بيم مالكي الارقاء , في مصلحتهم ؟ الجميع يعرفون ان كلا .وهكذا جاء كاوتسكي بفكرة خرقاء فضيعة تغاير الحقيقة والواقع لآنه ((نسي)) نضالات الطبقات ...
ولكي نجعل من صيغة كاوتسكي الليبيرالية الكاذبة صيغة ماركسية تنطبق على الحقيقة ,ينبغي ان نقول :ان الديكتاتورية لا تعني بالضرورة الغاء الديمقراطية بالنسبة للطبقة التي تمارس الديكتاتورية على الطبقات الاخرى ,بل تعني بالضرورة الغاء الديمقراطية (او الحد منها بشكل كبير للغاية , الامر الذي هو شكل من الاشكال الالغاء) بالنسبة للطبقة التي تمارس الديكتاتورية ازاءها او ضدها .ومهما تكن هذه الصيغة صحيحة , الا انها لا تعرف الديكتاتورية .
لنر الان الى جملة كاوتسكي التالية ((...ولكنه غني عن البيان ان هذه الكلمة تعني حرفيا ايضا السلطة المطلقة التي يتمتع بها فرد واحد غير مقيد باي قانون ....) هنا وقع كاوتسكي على فكرة واحدة صحيحة (ونعني بها الفكرة القائلة ان الديكتاتورية هي السلطة غير مقيدة باي قانون ) ولكنه وقع عليها بدون قصد منه ,ككليب اعمى يشتم ويفتش , كيفما اتفق , هنا وهناك , ولكنه مع ذلك لم يعط تعريفا للديكتاتورية , وجاء فوق ذلك , بفكرة تناقض الحقيقية التاريخية تناقضا جليا , وهي ان الديكتاتورية سلطة فرد واحد بل ان هذه الفكرة خاطئة ايضا من حيث اشتقاق الكلمة , اذ قد تمارس الديكتاتورية ايضا زمرة من الناس , او طغمة , او طبقة , الخ
ثم يوضح كاوتسكي الفرق بين الديكتاتورية والاستبداد , ولكننا لن نتوقف عند ايضاحه هذا , رغم خطئه البين , لأنه لا يمت باية صلة الى المسالة التي تهمنا .واننا لنعرف ميل كاوتسكي الى الانصراف عن القرن العشرين ومواجهة القرن الثامن عشر , والى الانصراف عن القرن الثمن عشر ومواجهة التاريخ القديم ,واننا نامل ان تاخد البروليتاريا الالمانية هذا الميل بعين الاعتبار بعد ظفرها بالديكتاتورية ,وتعين, مثلا كاوتسكي استاذا للتاريخ القديم في احدى المدارس الثانوية .ان التملص من تعريف ديكتاتورية البروليتاريا , بالتفلسف حول الاستبداد , يدل على امرين : اما على غباوة قصوى واما على غش اخرق جدا .والنتيجة هي ان كاوتسكي سعى الى التحدث عن الديكتاتورية ,ولكنه جاء بكثير من الاكاذيب والاخطاء البينة , ولم يعط اي تعريف .ولو انه عاد الى ذاكرته يستشيرها بدلا من ان يركن الى مؤهلاته العقلية ,لاستطاع ان يستخرج من ادراجه جميع المواضيع التي يتحدث فيها ماركس عن الديكتاتورية , ولتوصل بلا ريب اما الى تحديد التالي واما الى تحديد اخر يوازيه من حيث الاساس :
ان الديكتاتورية سلطة تعتمد مباشرة على العنف ولا يحدها اي قانون .
ان الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا هي سلطة تظفر بها البروليتاريا وتحتفظ بها بالعنف على البرجوازية ,سلطة لا يحدها اي قانون .وهذه الحقيقىة البسيطة , الواضحة وضوح النهار بنظر كل عامل واع ( بوصفه يمثل الجماهير ,لا فئات العليا من هؤلاء الاوباش الضيقي الافق الذين اشتراهم الراسماليون ,ونعني بهم الاشتراكيين-الامبرياليين في كل البلدان),هذه الحقيقة البديهية بنظر كل ممثل للمستثمرين الذين يناضلون في سبيل تحررهم ,والثابتة ولا جدال فيها بنظر كل ماركسي ,هذه الحقيقة ينبغي لنا ((انتزاعها انتزاعا)) من العالم العلامة السيد كاوتسكي .فماهو سبب هذه الظاهرة؟ سببها روح الذل الذي تشبع به زعماء الاممية الثانية وتحولهم الى وشاة حقيرين في خدمة البرجوازية .
في البدء , يغش كاوتسكي حين يؤكد هذا اللغو الواضح وهو ان كلمة ديكتاتورية تعني حرفيا ديكتاتورية فرد واحد , ثم ان كاوتسكي , بالاستناد الى الغش –يعلن ان تعبير ((ديكتاتورية طبقة)) الوارد عند ماركس ليس له ((بالتالي)) معناه الحرفي (بل بمعنى لاتعني الديكتاتورية بموجبه العنف الثوري , بل الظفر ((السلمي)) اللاكثرية في ظل ((الديمقراطية)) البرجوازية, وارجو ان تلاحظوا كلمة البرجوازية )).
فمن المهم , كما ترون , ان نميز بين (الحالة) و(شكل الحكم ) . فيا له من تمييز عميق للغاية , كان نميز بين ((حالة)) غباوة انسان يحاكم دون ذكاء ولا فكر و ((شكل)) غباوته.
ان كاوتسكي بحاجة الى تفسير الديكتاتورية على انها ((حالة سيادة)) (وهذا هو التعبير الحرفي الذي يستعمله في الصفحة التالية ,الصفحة 21) لانه اذ ذاك يزول العنف الثوري , تزول الثورة العنيفة. فان ((حالة السيادة)) في الحالة التي تجد فيها نفسها اية اغلبية في ظل ...((الديمقراطية )) وبفضل هذا الغش وهذه الشعوذة , تزول الثورة بكل بساطة .
ولكن الغش بارز جدا للعيان , ولن يجدي كاوتسكي نفعا .اما ان الديكتاتورية تفترض وتعني هذه ((الحالة)) من العنف الثوري-الذي يكرهه المرتدون اشد الكره- تمارسه طبقة ضد اخرى , فتلك حقيقة تفقأ العين . ولذا يبدو بكل وضوح ماهو عليه التمييز بين ((الحالة)) و((شكل الحكم)) من خراقة وسخافة. وانه لمن الغباوة المثلثة ان يتناول الحديث هنا شكل الحكم , ذلك ان اول صبي تراه يعرف ان الملكية والجمهورية هما شكلان مختلفان للحكم وكاننا بحاجة حقا لان نثبت للسيد كاوتسكي ان هذين الشكلين كليهما للحكم , شانهما شان جميع ((اشكال الحكم)) الانتقالية في ظل النظام الراسمالي ,ليسا سوى نوعين من انواع الدولة البرجوازية اي من انواع ديكتاتورية البرجوازية .واخيرا , يعني الحديث عن اشكال الحكم تزييف ماركس تزييفا غبيا , ناهيك عن فظاظته , لان ماركس يتحدث هنا بكل وضوح عن شكل نمودج الدولة , لا عن شكل الحكم .
ان الثورة البروليتارية غير ممكنة بدون تحطيم الة الدولة البرجوازية بالعنف ةالاستعاضة عنها بالة جديدة ((لاتبقى)) حسب تعبير انجلز ((دولة بمعنى الكلمة الخاص )).وكل ذلك يحتاج كاوتسكي الى طمسه , وتشويهه , اذ هكذا يقتضي منه موقف كمرتد .واليكم الى اية حيل حقيرة يلجا .
الحيلة الاولى : ((...ومما يثبت ان ماركس لم يقصد هنا شكل الحكم , هو انه يعتبر ان الانتقال في الانجلتزا وامريكا يمكن ان يتم بصورة سلمية , اي عن طريق الديمقراطية ...)) ان شكل الحكم لاعلاقة له اطلاقا بهذا الصدد , اذ ثمة ملكيات غير نموذجية بالنسبة للدولة البرجوازية , كالملكيات التي تمتاز, مثلا , بانعدام العسكرية , واذا ثمة جمهوؤيات نموذجية تماما من هذه الناحية , ومنها مثلا الجمهوريات ذات العسكرية والدواوينية . وهذا واقع تاريخي وسياسي يعرفه الجميع ولن يتمكن من تزييفه ولو شاء ان يحاكم بصورة جدية شريفة , لتسائل فيما اذا كانت ثمة قوانين تاريخية تتعلق بالثورة ولا تعرف استثناء؟
ولكن جوابه على تساؤله: كلا , لا يوجد لمثل هذه القوانين . فان هذه القوانين لاتقصد الا ماهو نموذجي , وهو ما وصفه ماركس , ذات يوم , بانه ((مثالي)) بمعنى الراسمالية العادية , النموذجية ثم , هل كان ثمة في سنوات لعقد الثامن شيء ما يجعل من انجلترا وامريكا استثناء بهذا الصدد المعنى ؟ انه لمن البديهي بنظر اي امرئ مطلع , واو بعض الشيء , على مقتضيات العلم في ميدان القضايا التاريخية , انه ينبغي طرح هذا السؤال . وعدم طرحه يعني تزييف العلم , والتلاعب بالمغالطات .ولكن , متى طرح هذا السؤال , لم يبق اي سبيل للشك في الجواب : ان الديكتاتورية الثورة للبروليتاريا انما هي العنف ضد البرجوازية , وهذا العنف يتطلبه بخاصة , كما اوضح ماركس وانجلز مرارا عدة وباوسع ما يكون من التفاصيل (ومنها خاصة في كتاب ((الحرب الاهلية في فرنسا )) وفي مقدمة هذا الكتاب . وجود العسكرية والدواوينية .والحال , ان هاتين المؤسستين على وجه الضبط , لم تكونا موجودتين , قي انجلتزا وامريكا على وجهالضبط وفي سنوات العقد الثامن من القرن التاسع عشر على وجه الضبط,وهي المرحلة التي ابدى فيها ماركس ملاحظاته (ولكنهما موجودتان الان في انجلتزا وفي امريكا على حد السواء)وهكذا فان كاوتسكي , سعيا منه الى تغطية ارتداده , يضطر الى الغش
ثم لاحظوا كيف كشف عن وجهه دون قصد منه : فقد كتب قائلا: بصورة ((سلمية ,اي عن الطريق الديمقراطية ))سعى لكي يخفي عن القارئ سمة المفهوم الجوهرية , واعني بها العنف الثوري . اما الان فقد تجلت الحقيقة :فالمقصود هو التضاد بين الانقلاب السلمي والانقلاب العنيف .
هنا بيت القصيد .فالحيل والمغالطات ومحاولات التزييف والغش ,كل ذلك يحتاج اليه كاوتسكي لكي يطمس الثورة العنيفة , لكي يستر ارتداده عنها , ويخفي انتقاله الى صف السياسة العمالية الليبيرالية , اي الى صف البرجوازية . هنا بيت القصيد .
ان ((المؤرخ))كاوتسكي يزور التاريخ بكثير من الصفاقة الى حد انه ((ينسى)) الامر الجوهري ,وهو ان الراسمالية قبل الاحتكار –التي بلغت ذروتها في سنوات العقد الثامن من القرن التاسع عشر على وجه الضبط- كانت تمتاز بحب السلام وحب الحرية , باكبر قدر نسبيا , وذلك بسبب من خصائصها الاقتصادية الاساسية التي كانت نموذجية على الاخص في انجلترا وامريكا .اما الامبريالية , اي الرأسمالية الاحتكارية التي لم تبلغ حد النضج الا في القرن العشرين ,فانها تمتاز , بسبب من خصائصها الاقتصادية الاساسية ,بالحد الادنى من حب السلام وحب الحرية , وبالحد الاقصى والاعم من تطور العسكري .فاذا ((لم يلاحظ)) المرء هذا الامر , عندما يحاول ان يعرف الى اية درجة يكون الانقلاب السلمي او العنيف نموذجيا ام محتملا , هبط الى مستوى اكثر خدم البرجوازية ابتذالا .
اما الحيلة الثانية : كانت كمونة باريس ديكتاتورية البروليتاريا ,ولكنها انتخبت بالاقتراع العام , اي دون حرمان البرجوازية من حقوقها الانتخابية , اي ((بصورة ديمقراطية)) واذا كاوتسكي يهلل: ((...لقد كانت ديكتاتورية البروليتاريا بنظر ماركس –او حسب ماركس- حالة تنجم بالضرورة من الديمقراطية الخالصة التي تشكل فيها البروليتاريا الاغلبية ))
ان هذه الذريعة التي يدلي بها كاوتسكي طريفة ومضحكة الى حد ان المرء يشعر فعلا (بالارتباك لكثرة ...الاعتراضات)فمن المعروف اولا ,ان زبدة البرجوازية وهيئة اركانها وقمتها قد فرت من باريس الى فرساي .وفي فرساي , كان ((الاشتراكي)) لويس بلان , ما يثبت فيما يثبت , كذب مزاعم كاوتسكي حين قال ان ((جميع التيارات)) الاشتراكية قد اشتركت في الكمونة . اليس من السخيف ان يقال عن انقسام سكان باريس الى معسكرين متحاربين احدهما يضم كل البرجوازية المناضلة والنشيطة سياسيا , انه ((الديمقراطية الخالصة)) مقرونة ((بالاقتراع العام )) ؟
ثانيا كانت الكمونة تناضل ضد فرساي , بوصفها الحكومة العمالية لفرنسا ضد الحكومة البرجوازية . فما شان ((الديمقراطية الخالصة )) و((الاقتراع العام )) هنا , اذا كانت باريس هي التي تقرر مصير فرنسا ؟ وعندما اعتبر ماركس ان الكمونة قد اخطات في عدم الاستيلاء على بنك فرنسا , الذي كان يخص البلاد باسرها , اتراه استوحى مبادئ ((الديمقراطية الخالصة )) وتطبيقها العملي ؟؟ وهكذا , في الحقيقة نرى كاوتسكي يكتب في بلاد يمنع البوليس فيها الناس من الضحك ((سوية)) والا لكان قتله الضحك.
ثالثا: ((هل راى هؤلاء السادة (اعداء التسلط) ثورة في يوم ما ؟ . ان الثورة هي دون شك تسلط ما بعده تسلط , الثورة هي عمل يفرض به قسم من السكان ارادته على القسم الاخر بالبنادق , بالحراب , بالمدافع, اي بوسائل لا يعلو سلطانها سلطان . ويتاتى على الحزب الغالب بالضرورة ان يحافظ على سيادته عن طريق الخوف الذي توحيه اسلحته للرجعيين. فلو لم تستند كمونة باريس الى سلطان الشعب المسلح ضد البرجوازية , فهل كان بامكانها ان تصمد اكثر من يوم واحد ؟ وهلا يحق لنا ان نلومها , بالعكس , لانها لم تلجا لهذا السلطان الا قليلا جدا ؟)) انجلز: بصدد السلطة
هذه هي , اذن ((الديمقراطية الخالصة )) فاي تهكم كان يسلطه انجلز على التافه الضيق الافق , ((الاشتراكي-الديمقراطي))(بالمعنى الفرنسي في سنوات العقد الخامس او بالمعنى الاوروبي العام في سنوات 1914 -1918 ) الذي يتنطح الى التحدث بوجه عام عن ((الديمقراطية الخالصة)) في مجتمع منقسم الى طبقات ولكن , يكفي بهذا الصدد . فان تعداد جميع السخافات التي تفضل بها كاوتسكي امر مستحيل , اذ ان كلا من جمله هاوية من الارتداد لا نهاية لها .
لقد حلل ماركس وانجلز كمونة باريس تحليلا عميقا , فبينا ان ماثرتها تتقوم في انها حاولت ان تحطم وتهدم ((الة الدولة الجاهزة ))رسالة ماركس الى كوغلمان
وقد كانت هذه النقطة على درجة كبيرة من الاهمية بنظرهما حتى انها كانت التعديل الوحيد الذي ادخلاه عام 1872 , على البرنامج الذي اورداه في البيان الشيوعي والذي كان قد ((شاخ)) ويبين ماركس وانجلز ان الكمونة كانت تلغي الجيش والدواوينية , وتقضي على البرلمان , وتحطم ((هذه الزائدة الطفيلية التي اسمها الدولة )), الخ ..ولكن الحكيم العلامة كاوتسكي يردد , لابسا قبعة النوم , ما رواه الف مرة الاساتذة اللبراليون من حكايات الديمقراطية الخالصة
ولقد كانت روزا لوكسمبورغ على حق حين قالت في 4 اغسطس 1914 ان الاشتراكية-الديمقراطية الالمانية غدت الان جيفة نتنة .
الحيلة الثالثة : ((اذا قلنا عن الديكتاتورية انها شكل من اشكال الحكم , فليس بوسعنا ان نقول بديكتاتورية طبقة من الطبقات . اذ ان الطبقة , كما سبق وربينا , لاتستطيع سوى ان تبسط سيادتها ولكنها لا تستطيع ان تحكم ))...فان ((المنظمات))او ((الاحزاب)) هي التي تحكم .
انك تشوش الامور , تشوشها بشكل قبيح , فالديكتاتورية ليست شكلا من اشكال الحكم , فان مثل هذا الزعم مضحك للغاية لان ماركس لا يتحدث عن شكل الحكم , بل عن شكل او نموذج الدولة . وليس هذان بالشيء نفسه اطلاقا , لانه من الخطا تطلاق القول ان الطبقة لاتستطيع ان تحكم .فان اي بلد في اوروبا يقدم امثلة عن حكم تمارسه فيه طبقة سائدة , كطبقة الملاكيين الاقطاعيين في القرون الوسطى رغم النقص في التنظيم .
لنوجز .لقد شوه كاوتسكي بطريقة لم يسمع بها من قبل مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا , اذ جعل من ماركس ليبيراليا سطحيا . مبتذلا , وهذا يعني ان كاوتسكي قد هبط بنفسه حتى مستوى اللبيرالي الذي يتشدق بجمل مبتذلة وسطحية ((الديمقراطية الخالصة)) فيطمس محتوى الديمقراطية البرجوازية الطبقي ويزينه , ويخشى اكثر ما يخشى العنف الثوري من جانب الطبقة المضطهدة , المظلومة . ولقد ضرب كاوتسكي الرقم العالمي في التحريف الليبيرالي لماركس وذلك حين ((فسر)) مفهوم ((الديكتاتورية الثورية للبروليتاريا )) بطريقة ازالت منه العنف الثوري تمارسه الطبقة المضطهدة المظلومة ضد المضظهدين الظالمين . وهكذا لم يعد المرتد برنشتين يبدوا الى جانب المرتد كاوتسكي الا كليبا صغيرا .
كتب في اكتوبر في فترة 10 نونبر 1918 المجلد 37 ص.ص 240 - 274
الاعداد الالكتروني "محسين الشهباني "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اللغة عندما تعبر عن واقع ليس منجزا بعد
محمد البدري ( 2015 / 8 / 10 - 08:17 )
بعد الانتصار النهائي ووضع نهاية للبرجوازية وحكم الملاك، فهل سيظل للبروليتاريا من معني؟ بكلمات أخري علي من ستمارس البروليتاريا دكتاتورياتها إذا لم يعد هناك سواها في الواقع الاجتماعي / السياسي؟


2 - كفانا
جلال عبد الحق ( 2021 / 3 / 6 - 21:50 )
شوف ياعزيزي كفانا تهريج و مغالطات بعد اكثر من مائة سنة ونحن نلوك هذه العبارات الديموقراطية البورجوازية
الديموقراطية البروليتارية
اولا وقبل كل شيء لا يوجد شيء اسمه ديموقراطية برجوازية ليس في الليبرالية سوى التوحش
ثانيا الديموقراطية كل لايمكن تجزئتها
لا يمكن تجزئة حقوق الانسان
كفاية غش ايديولوجي
الغش الايديولوجي هو ايضا شكل من اشكال القمع
يعني برغم كل اللي حصل وبرغم كل البشاعات الدموية التي حصلت ومازلتم تلوكون نفس العبارات
طيب هاتوا الديموقراطية البورجوازية التي تتقززون منها
نحن في أمس الحاجة اليها
اعني نحن الذين نعيش في الحضيض
حديثك فيه الكثير من المغالطات بخصوص كاوتسكي كأنك تتكلم عن مراهق سياسي أبله
هناك سؤال
ماذا كان رد المرتد على الذي افتى بردته ؟
غير معقول ان شخص بحجم كاوتسكي و بمكانته لن يرد اتهام فضيع بهذا الحجم
ماذا كان رده على الذي افتى بردته

اخر الافلام

.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا


.. العالم الليلة | انتصار غير متوقع لحزب العمال في الانتخابات ا




.. Mohamed Nabil Benabdallah, invité de -Le Debrief- | 4 mai 2


.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع




.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم