الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجيك مطر صيف مابلل اليمشون !!

دعد دريد ثابت

2015 / 8 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لهذه الحياة الفانية اللعوب، دورتها ونظامها الغريبان، والذي يعطيها الحق في منطقها الإعجازي الفهم والإدراك لوعينا في محاولة تفسير غير واعٍ له. فمرة نفسره على إنه دورة طبيعية لإكتمال فكرة ومنطق لإستمرارية لامحال منها مابين نقطتين هما الخلق والفناء. ومرة أخرى يعجز الإدراك عن تفسير هذا اللغط اللامنطقي، في هراء كل هذا مادامت كل النقاط فانية.
ومابين كل المحاولات العقيمة، لمحاولة إصطياد فكرة نربح فيها معنى لمحتوى. تسير الدورة غير عابئة بنا ولا بكل جهودنا المضنية والشاقة لنا في إيجاد مغزىً لمغزى خافٍ علينا، مستهئزئٍ متهكمٍ لبقايا طفولة عنيدة تحثنا لذلك.
فنرى الطيور وهي تهاجر أسراباً وكأن ساعة داخلية توعزها بذلك، بنفس الهمة والإصرار في موعدها كل سنة. وأوراق الأشجار تبدأ بالإحمرار ثم الإصفرار قبل يباسها الى خريف حياة قضتها مابين أربعة فصول لتنتهي آفلة. وندف بلورية كريستالية تتآلف لتنصهر الى بوتقة واحدة من هشاشة ثلجية، جميل مرآها من وراء نافذة نرقبها بفرح مبالغ به، عكس حزن يستيقط ذاكرته عند متسول أو لاجئ بين جبال. ولكن هذه الندف تتساقط رغماً عن أنوفنا فهي لها ساعتها أيضاً. وحياة تستيقظ بعد خمول، لتزهو فتملأ الأثير بأريج هرمونات التكاثر غير عابئة بما عداه ودأبٌ ونشاط مشكوك فيهما ولكن لامفر منهما، فهي تحركها ساعتها أيضاً. كل هذا يستمر ليصل أقصاه من العطاء كأن الأرض تستفرغ مافي جوفها من قمة العطاء، كأنها تقول لنا خذوا وأشبعوا فقد أغدقت عليكم من رحمي لأملأ جوفكم عساكم تتخمون.
كل هذا يحصل وله منطق في لامنطقه، وغريزة تفسر إستمرارية لعجلة وهمية تحركها خيوط غير مرئية.
أذكر كل هذا، مقدمة ومحاولة لفهم مايحدث في العراق. ففي السنة الماضية وبهذا الوقت من شهر آب، خرجت مظاهرات، ظنناها قطرات الغيث التي طال أمد إنتظارها.
إن الشعب الفاقد لكرامته، المحروم من أبسط أمور الحياة، لا بل من الحياة نفسها، قد أكتفى وقرر مسك أموره بيده ولن يسكت حتى تستعيد الأمور نصابها. ولكنها كما أبتدأت أنتهت ولم تسقنا هذه القطرات شيئا. والآن وفجأة وبقدرة قادر، وكأنها ساعة داخلية أزلية، تخرج المظاهرات. وتُنشر الصور وتبرعم الآمال، وكأننا على موعد دوري في شهر آب، شهر من أقصر الشهور إختزالاً للحروف وياليته كذلك في حرارته. وتولد الآمال من منابعها من جديد، وتصفصف الأحلام كورود في مزهرية حمراء قانية كلهب آب البركاني. وأوهم النفس مرة أخرى. ماأسهل الكذب على النفس في كل دورة جديدة. ولايطالنا من كل هذا ولا حتى رذاذه، بعد لهيب أرواح ظننتها فاقت على لهيب آبٍ. ويبقى كلامنا أو حجينا كمطر صيف يتبخر حالما يلامس غلاف ضمائر لاينفع معها غير سيول وأمطار دموية تكشط رواسب الأنانية والخوف والجماد في نفوسهم. ولا أحتاج بعدها لأي تفسير منطقي لعدم المنطق في مظاهراتهم الدورية الآبية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث وسط الضباب.. إليكم ما نعرفه حتى الآن عن تحطم مروح


.. استنفار في إيران بحثا عن رئيسي.. حياة الرئيس ووزير الخارجية




.. جهود أميركية لاتمام تطبيع السعودية وإسرائيل في إطار اتفاق اس


.. التلفزيون الإيراني: سقوط طائرة الرئيس الإيراني ناجم عن سوء ا




.. الباحث في مركز الإمارات للسياسات محمد زغول: إيران تواجه أزمة