الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقنيات (جوزيف زفوبودا )

عمار الجنابي
(Amaar Abed Salman)

2015 / 8 / 11
الادب والفن


زفوبودا (1920-2002)
جوزيف زفوبودا* :
تمثل فترة الستينات من القرن العشرين ذروة التطور في المسرح التشيكوسلوفاكسي عبر نحو اربعمائة فنان يعملون في مجال تصميم المشاهد، وبفضل تضافر الجهود من اجل محاولات فنية خلاقة، تمكن المسرح عندهم ان يكون جزء من المشهد الدولي العام، وتعود تقاليد مسرحهم الى معماريي خشبة المسرح، وترك الفن المعماري طابعة على تطور المسرح بعد الحرب، اذ تفككت الصورة الفنية ذات الابعاد الثلاثة الى خشبة مسرح ذات تكوين مركب وزعت عليها اشياء تعبر عن فكرة ما، واستمر هذا الوضع الى ان طوّر زفوبودا مسرح (لاترينا ماجيكا – المصباح السحري) مستخدماً التكنولوجيا الى اقصى حد، محققاً نقله لا تقل اهمية عن اهمية سابقتها في التطور الفني لتصميم المشهد في المسرح التشكيلي . واصبح الموجه الفني لمسرح (لاترينا ماجيكا)، اضافة الى تبنيه لاعمال (السيرك السحري) التي تقدر بخمسة الاف عرض، فضلاً عن استفادته من كونه معمارياً اذ "اختار (زفوبودا) ان يكون واحداً من الذين يهتمون بالفنون التخطيطة اكثر من كونه مصمماً عاكساً لفنه المعماري وتقربه غير الطبيعي للتصميم" .
يعد زفوبودا فنان صوري، ومبدع في الضوء والظل والعرض، اذ كان احد اكثر مصممي خشبة المسرح البارزين للقرن العشرين – بالرغم من انه فضل تسمية (فنان صوري)- فهو مبدع في المساحة والضوء، اذ عاد اختلاف المسرح الخالي، عبر الانعكاسات والتحول السريع للسايكلوراما، واستخداماته الجريئة للفلم والصورة المتحركة، فقدم نصوصاً كلاسيكية واوبرات بمشاهد ومذهلة .
فقد ساهمت تصاميمه في زيادة التأثير الدرامي عبر الاستخدام الشامل للاضاءة اذ يقول: "الضوء هو المادة التي احب. انك لا تستطيع خلق فضاء مسرحي من دون ضوء" . قاده ولعه بالضوء الى تصميم ما يسمى انطلاقات الاضاءة التي تستخدم في انحاء العالم الآن، وقلده الكثير من مصممي المسرح في العالم، في استخدام المادة الفلمية في العرض وفي "التوقيت بين دينامية الصورة الفلمية والحركية المسرحية" .
عند زفوبودا تكمل الموسيقى الفعل من خلال تركيبه العرضات السينمائية، والسبب في ذلك كون زفوبودا لم يكن وثائقياً –كما هو بسكاتور- بل عاطفياً الى حدٍ ما، فقد عرض الصورة الثابتة على الشاشة الخلفية، وعلى ستار امامي ينفذ من خلاله الضوء، فمن خلال ذلك جرب المشاهد تقديم فعل مسرحي معقد، الصورة على الستار والفعل خلفه اللذين يحدثان في آن واحد والعرض المتحركة والشاشات اللمتعددة، وقد "سيطرت العروض السينمائية على خشبة المسرح الى درجة ان مصمم المناظر لم يعد يرضيه ان يكون مشتركاً في خلق جو النص الدرامي بل بدأ يحلل العمل الدرامي برمته، ويعلق على تفاصيله، ويشتق الدلالات الفرعية من فكرته الاساسية، ويخلق لنفسه وجوداً خاصاً على حساب العناصر الاخرى في المسرح" ، ففي عرض (بوليكران) عرض ثمانية شاشات باحجام مختلفة على الخشبة، وبزوايا متباينة، غلفها من الخلف بقماش اسود، ان ما يرغب في انجازه، هو فن تلصيق بصري، متأثراً بالسريالية، مع تركيبة متباينة من العناصر الواقعية، تتغير باستمرار بمصاحبة الموسيقى، الى جانب عروضه في (لاتيرناماجيكا)، التي وظفت التوافق بين الممثلين، والمغنيين، والراقصين والفلم المعروض بتفاعل مستمر ويربط الكل ببيئة واحدة، فيؤدي الممثل فعلاً ما، على الخشبة في الوقت نفسه يعرض هناك وبلقطة مكبرة على شاشات العارضات( )، فضلاً عن الهدف من تعدد شاشات العرض والنظام المركب للعروض السينمائية "لخلق امكانيات كانت غير معروفة من قبل لبناء المساحة على خشبة المسرح، وقد تناول زفوبودا مرة اخرى تصميم المشهد المسرحي من جميع جوانبه، بتوسيع المساحة وتضييقها كفن ذي ابعاد ثلاثة"( )، وساهم في الكثير من التجارب، فقد تفرد في استخدامات ميزته في المسرح التشيكي، اذ "كانت ثورته التقنية في الاضاءة التي استخدمت مزيجاً من عارض السلايدات، والعارضات السينمائية، والاضاءة الليزرية، والهولوكرام – اضاءة ثلاثية الابعاد"( ).
سعى زفوبودا وراء تحقيق غرفة مسرح ناشطة، ويتحرك دوماً نحو عين المشاهد، مجسداً وعاكساً تغير الايقاع والمواقف الدرامية، واسماها (غرفة التشكيل النفسي)، واحرز تقدماً بالمعاني وبتقنية تنوع الالوان على نحو مستمر، فضلاً عن توظيف الضوء المتراكب مع البراقع، وشاشات العرض الموضوعة في اماكن وزوايا مختلفة، لتعطي غرفة المسرح مزيجاً من شظايا الواقع، ليشاهد من زوايا مختلفة،( ). وتفرد في بعض الاستخدامات البلاستيكية واجهزة الاشعاع والترددات، والمؤثرات مثل عمود الاضاءة ذا الابعاد الثلاثة، وتحريك المنصة رفعاً وخفضاً واستخدامه للمرايا في اكثر من عرض استخدامات مميزة تضفي جمالاً على الشكل وتساهم في عكس الاشكال للمشاهد( ).
كما تركزت اعماله على استعمال الضوء وسيلة مزدوجة، أي وسيلة للضوء والمناظر في ان واحد، باستعمال الحزم الضوئية جزءاً من عناصر التركيب التصويري في المنظر المسرحي، او باستعمال السلايدات الملونة لعرض تأثيرها على السايكوراما لتقوم مقام المنظر، لقد ابتكر زفوبودا الستارة الضوئية التي تحجب الرؤيا عوضاً عن ستارة القماش، فضلاً عن توظيف بعض المواد في صنع المنظر كالبلاستيك والالمنيوم والمرايا وغيرها( ).
توجب فتح ابواب عديدة من الفنون، لتكون الهاماً حراً، وقد جاء "التطور العالمي للمسرحي بتغيير شامل في جماليات الفن، وفي القواعد التي تحكم العمل الفني، فالشعر الملوس او المرئي ازاح الحواجز الفاصلة بين الفن التشكيلي والادب والموسيقى"( ).
لقد صاغ زفوبودا هدفه الجمالي عبر الحركة وتأثيرها بالصورة اذ يقول: "انا لا اريد صورة مستقرة، ولكن اريد شيئاً ما يستنبط، الذي له حركة، ليس بالضرورة حركة فيزيائية بالطبع، ولكن توزيع الديكور المتميز بفعالية مستمرة او تغيير مستمر، قادر على تغيير الانطباع في العلاقات، المشاعر، ربما بوساطة الاضاءة فقط، خلال سياق الفعل"( )، لذا نراه في بعض من عروضه المسرحية يقدم على استخدام تقنية الاضاءة بوسائل شتى وابتكاره لاجهزة خاصة لهذا الغرض، فنراه تارة ينجز فضاءً ملون تدعمه صفائح مختلفة الاشكال وبمستويات مختلفة، وتارة اخرى يجرب تقنية معقدة من المرايا او عرضاً يشمل العديد من شاشات العرض، فاساس عروضه كولاج وتجميع خيالي فانتازي للالوان والاشكال( ).




المصادر والمراجع

1. حول تصميم المشاهد في المسرح التشيكوسلوفاكي، في نشرة سينما ومسرح، العدد 3، السنة الاولى، بغداد: مركز الابحاث والدراسات، المؤسسة العامة للسينما والمسرح، حزيران، 1977.
2. عبد الحميد، سامي، الاتجاهات الجديدة في المسرح المعاصر، مجلة الطليعة الادبية، العدد 3، السنة الخامسة، بغداد: وزارة الثقافة والفنون، 1979 .
3. Entertainment Design, Josef Svoboda Dies, Primedia Business Magazines, 16, April, 2002.

4. preof. Josef svoboda, http://www. Bubenicek. Het/ Latern asvoboda2.

5. Jays, David, Joseph Svoboda, 22, April, 2002, http://www. Gardian. Co. uk/ --print--,

6. Lighting Parctitioners. http://www. Thwatrecraft. Com

7. Forbes, Elizabeth, Josef Svobda, Intfluentiol Czech stage, the independent, London: 22, Jone, 2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي