الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذار من الاوهام

سمير عادل

2015 / 8 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الجماهير تنفتض وتخرج الى الشوارع في مدن احزاب وقوى غنت وناحت وناجت وطبلت وزمرت لـ"مظلومية الشيعة". وهي نفس تلك الاحزاب التي اغرقت مدن "مظلومية الشيعة" بالفساد والدجل والجرائم بكل اشكالها.
ويبدو ايضا ان تلك الاحزاب لا تملك ان تقول شيء للجماهير التي انتفضت ضدها غير المشي على خطى الرئيس الليبي معمر القذافي، عندما خرجت تظاهرات ضد فساد وجرائم نظامه، نزل هو الاخر في التظاهرات ويهتف ضد النظام. وهكذا فأن اطراف الاسلام السياسي الشيعي تناشد هي الاخرى للخروج مع الجماهير للاحتجاج ولينزل بعد ذلك عدد من قادتها مع المنتفضين في ساحة التحرير وسط بغداد يوم الجمعة المنصرم. واما حيدر العبادي العضو القيادي في حزب الدعوة الاسلامي ورئيس الوزراء فهو الاعجب من تلك الاطراف حيث يصرح لنا "شكرا للمتظاهرين لانهم عبروا عن مطالبهم"، ويخاطب المسؤولين في حكومته الطائفية الفاسدة بأن ينزلوا الى الشارع كي يعرفوا مطالب الجماهير، وكأنه ومنذ ان تحررت "الشيعة" من "مظلوميتها" تحت حراب الاحتلال وعلى الاقل منذ 9 سنوات والعبادي كان وزيرا للاتصالات في حكومة اياد علاوي لم يتمكن ان يحل لغز ماذا تريد الجماهير!!!
ويستمر نشر الاوهام والخداع كي لا تقف عند حدود تلك الاحزاب والقوى، فهناك مليشيات جديدة تربعت على عرش الاسلام السياسي، تحاول تأهيل نفسها كقوى سياسية للمستقبل وان يكون لها مكانة في المعادلة السياسية، نقول تحاول تأهيل نفسها عن طريق تجيير تلك التظاهرات لصالحها وفرضها لافاق لا تقل عتمتها عن انعدام الافاق التي يعيش المجتمع العراقي فيها. ولا تستوعب هذه المليشيات او يصعب عليها هضم ان سبب بلاء العراق وجماهيره وماساته هو الاسلام السياسي بجميع تلاوينه. فشعار تفريغ التظاهرات من محتواها، من اسقاط النظام الطائفي-القومي او على الاقل اقالة الوزراء ومحاسبة الفاسدين في الهيئة الحاكمة الى تغيير النظام من برلماني الى رئاسي هو ليس ضحكا على الذقون فقط، ولا هي اكبر مهزلة في تاريخ العراق الحديث بل ادخال اللصوص والحرامية والفاسدين بشكل علني ودون خجل كما تصفهم الجماهير في شوارع البصرة وبابل والديوانية والناصرية وبغداد والسماوة.. الى السلطة من الشباك بعد ان يطردو من الباب. فالنظام الرئاسي كان مطلب المالكي والان يرفعه ذراع المالكي العسكري وهو عصائب اهل الحق، وكأن اذا كان الرئيس المالكي او العبادي او الجعفري او عبد المهدي او صولاغ... سيتغير وضع العراق ويتراجع الى مرتبة اقل في قمة بلدان الفساد واللصوصية! والاكثر دهاءا من كل اولئك هو مقتدى الصدر الذي خاطب المتظاهرين بأن لا يطلبوا الكهرباء من الحكومة، بل يذهبوا هم في جلب الكهرباء. ويؤكد تصريح الصدر هذا بأن لا امل في اية حكومة توفر الكهرباء، وكلامه لا يحمل اكثر من معنى واحد وهي ان تحل الجماهير محل الحكومة وتدير نفسها بنفسها.
اما العبقري الاخر فهو رئيس مجلس النواب سليم الجبوري العضو القيادي في الحزب الاسلامي العراقي، فيوعد المتظاهرين ان يناقش مجلس النواب مطالب المتظاهرين في اول جلسة، والمبعث للسخرية ليس ان الجبوري يسمع لاول مرة بمطالب المتظاهرين ويريد مناقشها في مجلس النواب، بل ان يناقش تلك المطالب بين كومة الحرامية التي عاثت فساد في العراق ووضع شرعية عليه.

في 25 شباط من عام 2011 توحدت قوى الاسلام السياسي والقوى القومية بوجه الانتفاضة من مالكيها وصدرها وحكيمها ونجيفيها وجبوريها ومطلكها.. لانهم يدركون ان الانتفاضة والثورة في العراق لن يكتب لها النجاح الا بالاعلان عن مصادرة كل ممتلكاتهم واموالهم المنقولة وغير المنقولة، وسلب امتيازاتهم وتنحيتهم عن السلطة وتأسيس عملية سياسية جديدة تفضي الى تشكيل حكومة علمانية وغير قومية وتعرف الانسان بهويته الانسانية، وتطبق برنامج محتواه توفير الخدمات والقضاء على البطالة والفقر وتوفير الامن وتحقيق كل اشكال المساواة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لجميع البشر في العراق، وان توحيد جماهير العراق اليوم حول هذا الشعار يعني ان تتفرغ بشكل نهائي بالقضاء على داعش. ان حصر مطالب التظاهرات بمحاسبة الفاسدين ليس الا اعطاء كارت اخضر لاعادة انتاج نفس الفاسدين وباشكال مختلفة. ان عصابات داعش و"دولته الاسلامية" تتغذى وتعتاش وتنمو وتكبر على مائدة الاسلام السياسي الشيعي، لقد ولى زمن الاصلاح، واخذ الاسلام السياسي فرصة كبيرة في الحكم ولم ينتج عنه غير نشر الفوضى الامنية والفساد وافقار المجتمع. علينا ان نتعلم الدرس من 25 شباط فلا مكان للاصلاح او التحلي بالصبر والتريث حتى تطبيق الوعود فلقد طفح الكيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ