الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جامعة الحسن

ابراهيم الحريري

2015 / 8 / 10
سيرة ذاتية


جامعة الحسن*
مهداة الى نساء ساحة التحرير
وكل ساحات الأحتجاج
استلقى ابو محمدعلى السرير يحاول ان يتصيّد سنة من النوم بين الغارة و الغارة , فيما تسللت ام محمد الى المطبخ تعد ما يسد رمق " الشايب "على حد تعبيرها , عندما ارتج المنزل فتطاير القدر الصحون و اواني المطبخ ,و لم يجد ابو محمد نفسه الا تحت السرير يحاول ان يحمي راسه بيديه.
توقفت الغارة , فراحت ام محمد تبحث عن ابو محمد عبثا , و لما اعياها البحث و رفعت الغطاء من فوق حافة السرير , رات ابو محمد متكورا , مثل جنين في بطن.
- كَوم ابو محمد! خلْصت الغارة " قالت ام محمد مطمئنة . لكن ابو محمد لم يتحرك
!" كَوم ابو محمد ! تحرك !هسه شكَلهم للناس لو سالوني عنك ؟ رجلي خاتل جوه القريوله
- كَولي اللي تريديه , و اللي يكَلج ابو محمد متحرك من مكانه كَليله منوهم " قال ابو محمد و هو يتراجع الى الطرف الأقصى , حتى كاد يلتصق بالحائط.
- مو انت " قالت ام محمد بين السخرية و الأهابة " وواصلت " مو انت الي ترست اذاني حجي: آني ابو المظاهرات و الوثبات و الأنتفاضات ! آني معلم الخط و الفنون اللي جان يخط الشعارات!"
تحرك ابو محمد , زحف من تحت السرير حتى اقتعد جانبا.
قال كانه يستأنف سالوفه كان قد شرع في حكايتها.
- و الناس من جانت تشوف خط الشعارا مرتب تكَول : هذ اكيد خط ابو محمد . و الشرطة همينه , جانو يوقفوني كل ماتطلع مظاهرة حتى لو جنت مو آني اللي خط الشعارات . جانو يكَولون : منو غيرك ؟ لازم نكسرها لأيدك حتى تجوز"
تنهد ابو محمد و هو يقول : زمان ! طلّعنه ابو ناجي من الباب , رجعِلنا من الشبّاج بصاية الريس القائد, و هو يشير الى صورة صدام حسين التي توسطت الجدار من قبيل " التقية " ! على حد تعبيره.
- و النوبه منو ؟ الأمريكان ! فوكَ الحمل تعلاوه " ! لم يكن قد اكمل حديثه عندما دوّت صفارات الأنذار , و اخذت البيوت ترتج حتى لتكاد تقتلع من مكانها.
اراد ابو محمد ان يتسلل تحت السرير لولا ان اعترضته ام محمد قائلة : رح تظل تتختّل ! رح نظل نتختل ؟ تختّلنا حتى اخذونا سره ! واحد وره اللاخ ! كَوم اشو ! كَوم ! " و هي تدفعه و تساعده على الوقوف.
استلّت من فوق السرير شرشفا مصفرا , قسمته نصفين , حين صرخ ابو محمد : هاي شبيج ؟ تخبلتي ؟"
-اي ! تخبلت ! " ردّت ام محمد بعصبية ظاهرة " مرردفة "هذازمان ما ينفع بيه غير الخبال !"
رمت احد النصفين على الأرض , سحبت ابو محمد من كمه و هي تقول : " مو تكَول خطك حلو و جنت تكتب شعارات ؟ توقفت تسترد انفاسها و اردفت : اكتب
ضرب ابو محمد كفا بكف و قال كانه يحدث نفسه : هاي المره اكيد تسودنت ثم ملتفتا اليها : مو ايدي ترعش"
ردت ام محمد على الفور : اشو ايدك ما رعشت من كتبت عرض حال ردِت تقدمها للحاكم العسكري الأمريكي اللي جاي حتى يعينك وزير " !
– مو باصوصي شليف و عيوني جبريز و ترمش "* احتج ابو محمد
ايباه ! " ردت ام محمد " اشو عيونك جانت مفتوحة بالحق من تعدت المكتبليه و انت واكَف براس الدربونه "
" فرشه ما عندي " قال ابو محمد يائسا كمن يسلم آخر اسلحته .
هرعت ام محمد الى مكنسة قديمة استلت منها بضعة عيدان ,ربطتها الى بعضها ووضعتها بين اصابعه .
" مو صبغ ما عندي " قال ابو محمد يائسا كمن يسلم آخر اسلحته .
توقفت ام محمد قليلا , تفكر . هرعت الى المطبخ , عادت منتضية سكينا ,
عاين اليها ابو محمد مذعورا . غير معقول ! كأنها "زهرة " القديمة التي عرفها قبل اربعين عاما .
جرحت ام محمد وريدها , غمست الفرشاة في دمها , اعادتها الى ابو محمد و هي تكاد تصرخ :اكتب ! اكتب !
" لا للأحتلال !
لا للدكتاتورية !
يعيش العراق حر ديمقراطي مستقل " !
صحح ابو محمد مرددا : حراً ديمقراطياً مستقلاً "
ردت ام محمد في لهجة بين الرجاء و نفاذ الصبر : شكّلها على كيفك...بس اكتب ! فدوه اروح لها الخط الحلو " !
عندما انتهى ابو محمد , ربطت ام محمد جرحها , تناولت الشعار و خاطته من الجانبين , هرعت الى السطح ,عادت حاملة عودين من سرير الجرّيد .
كسّرتيه ؟ حرامات " قال ابو محمد متاسفا
خلي نكسرها على روسهم قبل ما يكسروه على روسنا " ردت ام محمد غاضبة .
شدت ام محمد عباءتها على وسطها , ادخلت العودين في جانبي الشعار , قبضت على واحد و سلمت ابو محمد , الذي بدا مستسلما , الطرف الآخر , و خرجت الى الشارع و هي تتقافز بين الرصاص و الصواريخ و القنابل .
لم تلتفت خلفها ابدا حتى وصلت ساحة التحرير , و عندما التفتت , كان وراءها بحر من الرؤوس و السواعد و الشعارات , و لشد ما دهش ابو محمد عندما لاحظ ان شخوص نصب الحرية يترجّلون ليلتحموا بالموكب .
وقفت ام محمد تحت النصب , امسكت طرف عباءتها , و راحت تلوح بها صارخة :
"هاه ! هاه ! " فانصت الجميع .
بدات تهوّس :
" اكَلنلج يا جامعة الحسن عيناج
فن كوكس وديلي بعسكره يدناج *
ان جان اهلج جفوج احنه بطرب جيناج "
توقفت قليلا تلتقط انفاسها ثم راحت ترفس الأرض بقدميها مثل مهرة فتيّة ,تطاير الريح ذؤاباتها و طرف عباءتها و هي تصرخ :
خل يمّن كَلبج يا رعيعة
خل يمّن كَلبج يا رعيعة "
---------------------------------------------------
*كتبت في تورونتو / كندا في 31 / 3 / 2003 و جرى ضمّها الى مجموعة قصصية بعنوان " سيدتي الجميلة " فهل كانت نبوءة ؟
* باصوصي شليف و عيوني جبريز باللهجة البغدادية و تعني ان عيينيه مصابتان بالكلال
*هوسة هوّسها شعلان ابو الجون عام 1920 عندما تقدم فصيل من فرسان العشيرة لتحريره من الاسر في مقر الحاكم العسكري البريطاني و يرديه قتيلا , و كان هذا الحادث هو الشرارة التي اشعلت ثورة العشرين , كما جاء في الروايات . اما كوكس و ديلي فهما من ضباط الأحتلال البريطاني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة