الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا الجار الحنون

خالد قنوت

2015 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


ليس صدفة أن يخرج من بين صفوف السوريين من يدعوا لتدخل عسكري تركي مباشر في سورية و إقامة مناطق عازلة تبدأ من جرابلس إلى مارع و لا يتوقف الحديث عن التدخل ليتجاوزه للحديث عن عودة الخلافة العثمانية على كامل سورية بحكم أن تركيا الجار المسلم السني الحنون على السوريين خلال مأساتهم التي بدأت منذ تحول الصراع السلمي الوطني إلى صراع مسلح بوجهيه الوطني و اللاوطني.
لندخل في موضوع التدخل التركي العسكري في سورية من زاوية المصالح الوطنية السورية و لنبدأ من مفهوم اساسي من أن تركيا دولة و انها تقوم على مؤسسات لا يستطيع أي مكون سياسي مهما وصلت اكثريته البرلمانية من تجاوز هذه المؤسسات و اهمها المحكمة الدستورية و مؤسسة الجيش و ارتباط تركيا عسكرياً بحلف شمال الاطلسي و بطبيعة علمانية الدول المشاركة في هذا الحلف. من ناحية اخرى أن تركيا, و لأنها تعمل كدولة, فإن لها مصالح عليا وطنية و أولويات داخلية و خارجية و بناء عليها تقوم برسم سياساتها و لا تنجر بسهولة إلى تدخلات عسكرية هنا و هناك دون غطاء محلي اولاً و دولي ثانياً حتى و إن كان على رأس سلم الهرم السلطوي التركي من يسعى لذلك و إن كان أردوغان او غيره.
في موقف تركيا كدولة من الحالة السورية التي بدأت بثورتها الشعبية الوطنية منتصف آذار 2011, بعد شهر عسل طويل بين تركيا و النظام السوري, لا اعتقد أن تركيا خرجت من أطر دولة طموحة لها مصالح في المنطقة أمام طموحات دول أخرى كإيران و إسرائيل و كان عليها المبادرة لامتلاك مفاتيح تدخلها السياسي في الحالة السورية فقامت باستقبال تيارات المعارضات السورية و شخصياتها المنتشرة في العالم و كان الأقرب لها احتضان الاخوان المسلمون القريبين عقائدياً من حزب العدالة و التنمية الحاكم ثم الدفع بشتى الأشكال لتحويل النضال الثوري السلمي إلى نضال مسلح, الذي له مبرراته الانسانية و الاخلاقية سورياً, إلى فتح بوابات النزوح لمئات الآلاف السوريين الفارين من وحشية آلة عسكرية أسدية لا تقل عن وحشية احتلال ثم وضع هؤلاء النازحين في مخيمات مسيجة و تعطي مفاتيحها لعناصر الاخوان المسلمين و تفرعاتهم و هذه حقيقة شاهدها الكثيرين.
الدول ليست جمعيات خيرية و هذه بديهية علينا كسوريين أن نضعها نصب أعيننا و نذكر من يسهون عنها كل مرة, إن ما يتسرب عن سياسة تركية في تصدير المقاتليين القاعديين و اشباههم إلى سورية عبر اراضيها و تسهيل عبروهم و علاقاتها مع تنظيمات متطرفة قاعدية كجبهة النصرة و تنظيمات اسلامية متطرفة تجاهر بعدائها للثورة السورية أو بأهدافها و برايتها الوطنية ليس بخاف على أحد و يتعدى ذلك لعلاقاتها مع تنظيم داعش الارهابي المنتج الاستخباراتي العالمي في المنطقة على بقايا تنظيم القاعدة, مستذكرين المحادثات المباشرة بين تركيا و داعش لتحرير دبلوماسيها المختطفين بعد احتلال الموصل المريب. ناهيك عن صفقات السلاح و شحنات هائلة قدمت من شواطئ ليبيا بعد سقوط القذافي دخلت الموانئ التركية بشحمها لتدخل إلى الاراضي السورية شحنات السلاح المستعمل و القريب للتنسيق التي كانت موجودة في مخازن الجيش التركي و أخرى كانت مطمورة في العراق من مخلفات الجيش العراقي أيام صدام حسين و أيضاً كميات الاموال الهائلة القادمة من دول الخليج و من مساعدات السوريين المغتربين للاجئين السوريين.
و لأن سورية لم تكن دولة على مدار عقود الحكم البعثي ثم الاسدي بل كانت مزرعة حقيقية فكان نتاج حالة انعدام التوازن فيها هو مزارع استبدادية صغيرة تشكل بمجموعها العام حلقة هي الأضعف في حالة الصراع في سورية و إن أضغف الايمان وطنياً أن نستفيد من تجارب دول مرت بأزمات وطنية كيوغسلافيا السابقة مثلاً و نستبعد تجربة دخول قوات الحلفاء لفرنسا إبان الاحتلال النازي لها حيث كانت فرنسا بالمجمل موحدة في مقاومتها تحت قيادة ديغول و بعيدة عن الشروخ البنيوية.
أعتقد, على جميع السوريين اليوم أن يطرحوا للنقاش الوطني موضوع التدخل العسكري لأي دولة كانت, على طاولة البحث و القياس بالمقاييس الوطنية لدولة يسعى السوريون منذ 2011 لإقامتها بعد إسقاط نظام ساقط وطنياً و أن يكون الحوار الوطني قائم على التركيز على أهون الشرور الوطنية بالقبول بتجربة يوغسلافيا السابقة بتدخل عسكري تحت راية الأمم المتحدة و من قوات عسكرية محايدة بعيدة عن جغرافيا المنطقة و لفترة زمنية محددة و بأهداف محددة:
1- تأمين مناطق آمنية للسوريين بعيدة عن آلة النظام الأسدي المجرمة و أيادي التنظيمات المتطرفة و أمراء الحرب.
2- البدء بمشاريع إيواء و إعادة بناء لهذه المناطق ثم تعميمها على كامل المناطق السورية و تأمين إعادة النازحين السوريين إليها بعد تأمين متطلبات حياتهم اليومية.
3- دعم و مساندة قيام جيش وطني سوري يؤمن بسورية مدنية موحدة و دولة مواطنة لجميع السوريين دون استثناء و تسلمه المناطق الآمنة تباعاً حسب الامكانيات المتاحة.
4- العمل على دعم الحالة المدنية السورية و تشجيع المجتمعات الأهلية على استعادة دورها الوطني في تشكيل كيانات وطنية دون أجندات خارجية أو انفصالية او تقسيمية في ظروف الصراع و الشرخ الوطني الحاصل.
5- تشجيع عودة اللاجئين السوريين في العالم و تسهيل طرق مساهماتهم في الاستثمار الاقتصادي في سورية و إعادة بناء مؤسساتها و بنيتها التحتية و مرافقها التي دمرتها آلة النظام و التنظيمات المتطرفة.
إن إي قوة عسكرية تدخل سورية, تحت أي شكل كان, هي بالضرورة تعمل بأجندة تلك الدولة و مصالحها و ليست لمصالح السوريين أو غالبيتهم على الأقل و هي بالتالي احتلال كأي احتلال تقوم به اليوم منظمات متطرفة لها اجندتها على الارض السورية و بالنتيجة هذا الاحتلال لن يخرج عن طيب خاطر و إنما على السوريين البدء بحرب تحرير جديدة قد تمتد لعقود قادمة, بينما بالمقابل فإن قوات عسكرية محايدة تحت راية الأمم المتحدة تبقى مرهونة بمصالح دولية أقل حدة و وقاحة من مصالح دول منخرطة بشكل أو بآخر بالصراع السوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -