الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفتي الذي سيغتال الجمهورية الجزائرية .

صالح حمّاية

2015 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


رغم أن الوزير محمد عيسى يقول وهو يدافع عن فكرة مشروع مفتي الجمهورية " أن هذا سيساعد على تدعيم الوحدة الوطنية ، وعلى ضبط المجال الديني " لكن الحقيقة أن ما يجري هو عكس ذلك تماما ، فهذا المفتي وإذا تم تنصيبه لن يكون سوى معول آخر يضاف للمعاول المتأهبة لهدم شكل الدولة الحديثة في الجزائر ، و لهدم مفهوم الجمهورية التي تأسست عليه ، أما عن المجال الديني فهو لم ولن يضبط ، فمعلوم وبخصوص ضبط المجال الديني أن الجماعات السلفية و الاخوانية لا تحتاج لمفتي لكي تأخذ برأيه ، فهي ومنذ نشأة في الجزائر لديها مرجعياتها و شيوخها ، وهي دائما ما تصف علماء الدولة بعلماء السلطان الذين لا يؤخذ منهم رأي ، لهذا ففكره أن نوجد مفتي لكي يتبعوه ويجعلوه مرجعيتهم فهو أمر باطل وغير منطقي، الشيء الأخر أنه وإذا تخيل الوزير انه سيستخدم سلطة المفتي لردع الفتاوى الاخوانية و السلفية عن الإتباع فهذا تصور باطل لانه في اقل الأمور مخالف لصريح الدستور ، فالدستور الجزائري يكفل حرية الاعتقاد ، وعليه ليس من حق الوزير محمد عيسى أجبار السلفية أو الإخوان او أي احد على إتباع ما لا يريد ، و هنا المفروض أي اعتراض على فتاوى السلفية او غيرهم من قبل الوزير ، فقد كان يجب أن يكون بإسم القانون ، فالمواطن لديه الحق في اعتناق ما يريد بشرط أن لا يخالف القانون ، وليس ان يعتنق ما تريده الدولة ، وعلى هذا الأساس فما نراه في الحقيقة ، هو أن مسألة مفتي الجمهورية لن تكون سوى حجة سيستخدمها الأصوليون لضرب الحريات في الجزائر لا أكثر ، فهم ورغم أنهم لا يهتمون لأراء هذا المفتي فهم لديهم شيوخهم ، لكنهم مع هذا سيعمدون إلى استفتاءه في كل صغيرة وكبيرة بما تعلق بالحريات ، وطبعا وبما إن المفتي سيكون معادي بالضرورة للحريات بحكم عداء الإسلام لها ( لنأخذ في ابسط الأمور القروض ، الكحوليات ، الفن ، السياحية ، الملاهي الليلية الخ ) فسيصبح هنا رأي المفتي حجة على الدولة للحد من حريتها ، و هو بالتحديد المشكلة التي يخلقها وضع مفتي للجمهورية يكون موازيا بتشريعاته لقوانين الدولة ، فبالنسبة للدولة أي دولة ، فالمفروض أن الدستور هو منبع القوانين وليس رجل الدين ، القوانين التي يتم استخراجها منه عن طريق البرلمان ، لكن نحن لو وضعنا مفتي في هذه المنظومة كما يريد الوزير فنحن سنخل بها ، فهل المفتي سيكون سلطة تشريع موازية في الدولة ؟ وهو ما سيخلق صداما بين تشريعات المفتي ، وتشريعات الدولة ، أم ستخضع الدولة للمفتي ؟ وهنا ستفقد صفتها الجمهورية ، فالجمهورية تقوم على سلطة الشعب ، وإذا وضعنا سلطة فوق سلطة الشعب لتحكم ، فنحن ألغينا الجمهورية ، ام سيكون استشاريا ؟ وهو ما يجعلنا نقول انه قد كان من الأحرى عدم تنصيبه من الأصل ، و الاكتفاء بالقانون كمرجعية للمواطن ، فالقانون كافي في الواقع ليحدد ما الصواب و ما الخطأ ، أما على قضية الدين فكل إنسان حر طبعا ، لكن المهم هو أن يخالف القانون ، وهنا بالذات القضية التي أهملها الوزير وهو يدافع عن السيادة الوطنية ، فقد كان الأحرى به قمع إرهاب وعمالة الإخوان بالقانون ، وليس بالدخول معهم في حلبة الصراع الديني الذي لا يفيد .

حاليا وإذا تم تنصيب مفتي للجزائر، فما سيحدث هو اننا نهدم الدولة الجزائرية الحديثة بأيدينا و نسلمها للإسلاميين ، فأساسا رغبة الإسلاميين الأولى والأخيرة كانت بوضع سلطة دينية فوق سلطة الدستور بما يجعل الدين هو السيد لا الشعب ، وعليه فالوزير وبهذا المسعى الذي يزعم انه يحارب به السلفية ، فهو لا يفعل سوى منحهم ما تمنوه طوال دائما ، وحتى لو تصور الوزير أن المفتي سيكون تحت رقابة أجهزة الدولة ، فهذا وهم منه لان المفتي في النهاية خاضع للدين ، ولو كان الدين خاضعا للقانون ، لكان هذا حصل من البداية ولم نحتج لمفتي ليبرر قوانين ، لكن طبعا نحن رأينا كيف أن الدولة الجزائرية فرطت دائما في القانون لصالح الدين في كل مرة دخلا في صراع ، وقضية القروض البنكية ابرز مثال حيث تم التفريط في سيادة القانون لصالح سيادة الدين ، و تم استخدام شيوخ لتبرير التنازلات المخزية التي قامت بها الدولة ( والتي لم تجدي في النهاية وهو الأمر البائس ) وهو ما سيتكرر مستقبلا حتما وبطريقة أشنع اذا نصب المفتي ، حيث ستمنح تلك السيادة الدينية صفة قانونية لتعلوا على سيادة الشعب ، وهو ما ينهي عصر الجمهورية في الجزائر .

على هذا فما يجب أن يقال هو أن مسالة مفتي الجمهورية قضية باطلة ولا يجب ان تقر لانه في صدام حدي مع مفهوم الدولة التي قامت عليها الجزائر ، أما إذا أصرت الحكومة على المضي فيها ، فالأحرى إذن ولتكون قضية مفتي الجمهورية منطقية ، انه بعد تنصيبه أن يتم إلغاء الدستور و القوانين وكل ما سنه الشعب ، لأنه بعد المفتي لا توجد سلطة أخرى ، وان يتم إلغاء وصف الجمهورية على الجزائر كذلك ، فالجمهورية السلطة فيها للشعب ، وليس لمفتي يستخرج قوانينه من نصوص لم يخترها احد ، فهكذا ستكون الأمور واضحة وسليمة ، أما أن نخلط السمك باللبن بالتمر الهندي كما يقول المثل المصري ، فهذا عبث ، وهو مجرد تفكيك لما تبقى من شكل الدولة الحديثة في الجزائر كما نحن نفعل طوال خمسين سنة استقلال ، لنعود لنفس شكل الدولة التي كانت عليها الجزائر قبل قرابة المأتي سنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعزلو الدين عن الدولة العلمانية هي الحل
مكارم ابراهيم ( 2015 / 8 / 11 - 07:59 )
تحية طيبة استاذ صالح وشكرا لاعطائنا فكرة عن مايجري في دولة الجزائر
انا شخصيا استغرب من تنصيب الجزائر لمفتي ديني ليقرر مايفعله المواطن الجزائري رغم اننا نعيش في القرن الحادي والعشرين مرت 1400 سنة على اكتشاف دين الاسلام الذي اوصل الشعوب العربية والاسلامية الى وضعها الحالي دماء حروب قتل سرق سبايا اغتصاب نساء احتلال مدن في العراق وسوريا من قبل دولة الخلافة الاسلامية ومع هذا تاتي الجزائر رغم كل ماتراه امامها على الواقع من الدواعش الاسلامية تعين رجل دين شيخ ليقرر مايفعله المواطن الجزائري متى تتقدم وتتحضر الجزائر رغم ان الجزائريون يعيشون في باريس منذ الاستقلال غريب لم يتاثروا بالغرب العلماني الذي وضع القساوسة في الكنائس ومنعهم من التدخل في سياسة البلاد غريب امر الشعب الجزائري الذي يعيش في باريس ولم يتاثر بالثقافة العلمانية؟؟؟؟؟؟؟


2 - هل يحتكر العلمانيون الفتاوى؟
عبد الله اغونان ( 2015 / 8 / 12 - 01:07 )

لقد أقام الاسلاميون الحجة في الجوائر عندما نجحت الجبهة الاسلامية للانقاد وانقلب عليها العسكر

نفس الحكاية نعاينها في مصر المخروسة

اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز