الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التلفون ..... وذكريات خمسينية.

صباح راهي العبود

2015 / 8 / 10
الطب , والعلوم


تلفون ...وذكريات خمسينية.
يجري الحديث دوماً عن أحقية العالم كراهام بيل في إختراعه للتلفون على الرغم من أن هناك من ينسبه لغيره , لكن الأمر ثُبتَ عام 1875 بإسم هذا المخترع الفذ الذي إحتفظ بإمتلاك حقوق هذا الإختراع العظيم وتسجيله بإسمه والى الأبد.
التلفون ( الهاتف ) ببساطة ماهو إلا جهاز مطور للتلغراف الذي كان يستعمل للإتصالات على وفق إشارات مورس التي سعى (بيل) لتحويلها من صوتية (ميكانيكية) الى إشارات كهربائية (باللاقطة الموجودة في الجهاز المرسل) وبالتردد نفسه ثم إعادة تحويل هذه الإشارات الى صوت ( بوساطة السماعة الموجودة بالمستقبِل ).
تم نقل أول صوت بين( بيل ) وصديقه الذي يساعده المهندس الكهربائي (واطسن حين كان يجلس في الغرفة المجاورة لغرفة بيل)عبر التلفون المُختَرَع , فاستلم واطسن أول إشارة في التاريخ عبر التلفون.
(( ياسيد واطسن هل تستطيع سماع ما أقول ؟ تعال الى هنا فأنا أحتاجك)). ...حدث هذا في 2 – 6 – 1875 .
الأجهزة المستعملة في العراق أبان النصف الأول من القرن الماضي كانت تدار وتعمل بالإتصال المباشر بالبدالة ( لاتوجد مزولة أرقام ) إذ يدور جهاز الداينمو الملحق بالجهازليعمل على إضاءة المصباح في البدالة فيبادر مأموره للإتصال بالمشترك ليسأله عن رقم تلفون الشخص المطلوب ليوصله به بعد إرسال أشارة كهربائية للجهاز المطلوب, فالبدالات كانت تعمل ببطارية من نوع (دانيال عادة) ثم ليفصله بعد الإنتهاء من المكالمة. ( وربما يذكر له إسم الشخص المطلوب فقط لأن مأمور البدالة يحفظ أرقام المشتركين عن ظهر قلب ) .
في بغداد العاصمة أبدلت هذه التلفونات بأخرى ذات مزولة أرقام تعمل أوتوماتيكياً دون تدخل أو وساطة مأمور.
في 3 – 4 – 1973 إخترع الأمريكي ( مارتن كوبر) الهاتف النقال وكان شكله يشبه الحذاء فأطلق عليه إسم ( التلفون القندرة) ,وكان وزنه كيلوغرام واحد. ثم تطور الأمر وصولاً الى الآيفون الحديث.......
في مدينتي الكوفة وخلال أربعينات وخمسينات القرن الماضي كانت التلفونات من النوع الذي يُجهزبالطاقة الكهربائية بوساطة داينمو مرافق , فهو من نوع البدالات القديمة .وكنت أشاهد إنموذجاً منه لدى مرافقة والدي في خانات خزن الشلب ومكائن الجرش في الكوفة التي يمتلكها (سيد صادق حمود , سيد عطية سلمان , شاكر إحيمد, والكرماني وسيد شبر وغيرهم) . ثم إستبدلت بأخرى بدون داينمو إذ يكفي رفع السماعة فقط لإتمام الإتصال بالبدالة. بعدها تم نصب البدالة الأوتوماتيكية مطلع السبعينات على ما أتذكر.
كان رقم تلفون بيتنا في الستينات (158) ,ولما كانت جدتي رحمها الله تفقد طريقها الى البيت كلما عادت راجلة من مسجد الكوفة بعد أداء المراسيم والطقوس الدينية هناك وسبب ذلك هو ( الدوخة اللعينة ) التي تنتابها بسبب التعب والشيخوخة. لذا تلجأ مضطرة لتطلب من صاحب أقرب دكان لكي يسعففها بالإتصال على رقم تلفون البيت ( يمه رقم أهلنه ثلث دراهم إو عانتين ) . فينهار صاحب الدكان مقهقهاً ويطلب الرقم (158) لأن الدرهم 50 فلساً ,والعانة 4 فلوس . فيهرع أحد منا خجلاً لنسعفها وأمرنا الى الله.
ضحوية أحد الأيام وفي أثناء وجود المرحوم (نعمة الشيخ هادي) في محله المتخصص ببيع التبوغ وأنواع السكاير( من لوكس وغازي وبلاط وتركية والمختار ..) , تقدم نحو الحاج نعمة شاب ذو ملامح ريفية تبدو على محياه دلالات السذاجة واضحة وطلب الإذن بإستعمال التلفون ,ولما كان المرحوم الحاج نعمة( أبو منذر) لا يرد طلباً لمستجير لما يملكه هذا الرجل من أخلاق عالية وكرم فياض , فما كان منه إلا مناولة التلفون لهذاالشاب. كانت البدالة حينذاك من النوع القديم إذ لا يوجد قرص في التلفون لتدوير الأرقام حيث يتم الأتصال بالبدالة لمجرد رفع سماعة التلفون . رفع الشاب السماعة وانتظر لثوان معدودات ليرد عليه مأمور البدالة.
+ نعم حجي تفضل..... فردالشاب :- أريد مدير الثانوية..... بعد ثوان معدودة تم الإتصال بالثانوية ليرد مديرها السيد جاسم الحسيني :- نعم تفضل .
الشاب :- إنت المدير ؟ ..... نعم , أجاب المدير. وهنا بدأ الشاب بكيل السباب والشتائم والتهديد والوعيد ثم أغلق التلفون وأدار ظهره دون أن يقدم شكره للحجي نعمة الذي كان منشغلاً بعيداًعنه . وما كان من السيد مدير المدرسة إلا أن يرفع التلفون ويسأل مأمور البدالة عن مصدر الإتصال قبل قليل , فأخبره بأنه تلفون حجي نعمة الشيخ هادي ,فطلب المدير إعادة الإتصال. بعد لحظات رن التلفون في محل الحاج نعمة.
+ مرحبه حجي ,آني جاسم الحسيني .
+ أهلاً سيدنا وأستاذنا الجليل ,كيف صحتكم ؟ شعجب شرفتونا بهل الإتصال؟الله يساعدكم على متاعب اولادنا.
+ أشكرك حجي رحم الله والديكم . كلي من فضلك منو جان يخابرنا من تلفونكم قبل شويه؟ فلقد سبنا وشتمنا ...
أجاب حجي نعمة :- لحظة سيدنا . ثم رمى التلفون وهرع راكضاً بإتجاه الشاب المعتدي وهو ما زال في مرمى النظر ليمسكه من تلابيبه ويختطف أحد دفاتره بهدف معرفة إسمه المكتوب في الدفتر بعد أن وبخه وأوعده شراً لفعلته. ثم عاد أدراجه ليخبرالمد ير بذلك.
في صباح اليوم التالي نادى السيد الحسيني على كريم العاقل (عامل المدرسة) وطلب منه جلب الطالب علي كاظم من الصف الثاني. وقف علي كاظم أمام المدير بكل إحترام ,وهنا طلب المديرمن كريم العاقل شبك يدي علاوي (البطل) الى الخلف ثم إستل عصا غليظة كانت قد أحضرها المدير خصيصاً( لتكريم )علي لفعلته الدنيئة التي تدل على الإنحطاط وسوء التربية وقلة الأدب.
بعد دقائق فتح علاوي عينيه ليجد نفسه ممدداً في وسط ساحة المدرسة ومحاطاً بمجموعة من زملائه ليسألهم.
+ بس كلولي شلون عرف المدير آني اللي خابرته أمس؟؟؟؟؟
صباح راهي العبود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في تشيلي.. صحراء أتاكاما مكب نفايات للملابس العالمية!! • فرا


.. عودة خدمات الإنترنت الثابت إلى مناطق وسط وجنوب قطاع غزة




.. مراسل العربية: احتجاجات بمدرسة العلوم السياسية في باريس تندي


.. -ممرّ السرطان-.. ولاية لويزيانا، عاصمة التلوث الصناعي في الو




.. خرائط غوغل… قصّة سويسرية