الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمسيس مصر و مصر السيسي

محمد كمال

2015 / 8 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


رمسيس مصر و مصر السيسي
من الاقوال السائدة بين الناس و التي تعددت تأويلاتها بين الحِكَمِ و ثوابت الاقدار ، ذاك القول الذي يتنطق به الناس بمناسبة و دون مناسبة ، بأن التاريخ يعيد نفسه ؛ إن حلقات التاريخ في تسلسلاتها الزمنية توافق القول في محطات تاريخية متعددة ، و هكذا يبقى القول خالداً قائماً يتربص القوادم من الايام عندما تكون هذه الايام مرآة عاكسة لمحطة في ماضي الزمان ، و كأن البون الشاسع من مديد الزمان بينهما مختزل لتتطابق المحطتان في وحدة تتساوى فيها الظروف و الأحداث و عظائم الاعمال و الإنجازات .
عندما نسترد من حلقات التاريخ في زمان رمسيس مصر في القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، رمسيس الثاني العظيم، الظروف و الأحداث و الاعمال و الإنجازات إضافة الى الهواجس و المخاطر ، فأننا نشهد صورة عاكسة هذا اليوم في عصر مصر السيسي ، الرئيس المقدام عبدالفتاح السيسي ، لكل تلك المكونات شاخصة أمامنا اليوم .
رمسيس مصر كان قد خرج من عهد الفوضى الذي تسبب فيه إخناتون عندما خرج على العقيدة المصرية و ثقافتها و أضعف بهذا الخروج مكانة مصر بين الأمم مما أتاح الفرصة للغير أن يرتقي على مكانة مصر و يقلل من شأنها ، خاصة و أن إخناتون أهمل شئون السياسة الخارجية و شئون الدولة عامة ليتفرغ لنزواته في العقيدة الجديدة التى كانت على حساب عظمة مصر؛ و كان حلقة الوصل بين فوضى إخناتون و إستقرار رمسيس مصر هو توت عنغ آمون الذي أعاد لمصر مكانتها العظيمة بين الأمم ؛ و في هذا السياق فإن هناك المشترك العاكس بين مصر السيسي و توت عنغ آمون ، و التوالي من مكونات الزمنين تجمع بين رمسيس مصر و مصر السيسي.

أية أرض مهما تنامت و توسعت رقعتها فهي جارة محاذية ملامسة لعدد من الاراضي التي تحيط بها ، و هذه الإحاطة تجمع بين الصداقة و التحالف و التآزر من جهة ، و العداوة و التخوف و التناحر من جهة أخرى ؛ و أرض مصر الخالدة و منذ رمسيس مصر محاطة بالجغرافية ذاتها ، و بذات الصداقات و العداوات ؛ مثلما الآن مصر السيسي كان رمسيس مصر يواجه الأعداء من بدو سيناء الذين كانوا بين مد و جزر في تحالفهم مع أعداء مصر و خاصة الحثيين (تركيا اليوم)، و كانت القبائل الليبية متربصة تسترصد لنفسها فرصة إختراق الحدود المصرية للإغارة على مدنها الغنية و فعل القتل و النهب و التخريب فيها ، و كان رمسيس مصر يتصدى لهؤلاء الغزاة مثلما اليوم يتصدى الرئيس السيسي للزمر الإرهابية التي تتربص بمصر ، و الأمر ذاته في علاقة مصر السيسي اليوم بتركيا و علاقة رمسيس مصر بالحثيين في زمانه قبل اكثر من خمسة عشر قرناً ؛ أما معركة قادش على أرض الشام بين جند رمسيس مصر بقيادة رمسيس الثاني نفسه ، فإنها تنقلنا الى اليوم بكل تفاصيلها و حتى مسمياتها ، فكم قادش المكان شبيه في الاسم بداعش الاٍرهاب ؛ و كان النصر المؤزر لرمسيس مصر الذي أجبر الحثيين الأعداء التوقيع على إتفاقية سلام مع مصر العظيمة ، فكانت تلك الاتفاقية هي إتفاقية السلام الأولى في التاريخ البشري ؛ و علاقة رمسيس مصر بالنوبة في الجنوب هي على شاكلة اليوم من العلاقة بين مصر السيسي و السودان الشقيق في الجنوب ؛ في الزمنين معاً كانت العلاقة تتأرجح في الثقة بين الشمال و الجنوب و لكنها لم تنزلق قط الى هاوية العداوة و التحارب بالمعنى الكارثي.

عظماء التاريخ من قادة الدول و الشعوب لهم مكانة خاصة في قلب التاريخ النابض بالصدق و الحق ، و يفتخر التاريخ بأبنائه العظماء لأنهم ساهموا في ترصيع التاريخ بالاعمال الخارقة على المعهود و الإنجازات العظيمة ، بعدما ثَبَّتَ هؤلاء العظماء حصن البلاد ضد الأعداء ، و كرسوا جهدهم لقيادة شعوبهم على درب التقدم الى مفاخر الحضارة . رمسيس مصر كرس جهده لتطوير خطوط المواصلات البحرية و البرية لتأمين حركة التجارة بين المناطق الداخلية و الدول المحيطة و ما بعد المحيطة ، و هكذا مثلما اليوم مصر السيسي تحتفل بافتتاح القناة الثانية بمحاذاة القناة الاولى ، و كم كان حفل الافتتاح عظيماً و معبراً و معترفاً بالجميل ، فقد كانت رموز مصر الفراعنة ، رمسيس مصر، حاضرة في قلب الاحتفال الكبير ، و كذلك الاعتراف بالجميل للموسيقار ڤ-;-يردي كان حاضراً في الأداء الرائع لأوبرا عايدة ، تلك الأوبرا التي إفتتح بها قناة السويس الأولى ؛ فمصر اليوم كمصر الأمس لا تدير ظهرها لأي جميل نالها.
رمسيس مصر كان طاقة نادرة في البناء و العمران ، فقد بنى مدناً و معابد و التي أشهرها معابد أبي سمبل الحاضرة حية باقية على يمين التاريخ ، فالتاريخ لزيمٌ بهذه الإنجازات التي أرساها رمسيس مصر ؛ من رمسيس الى السيسي ، بنى و أنجز رمسيس مصر ما أراد و خطط فَصَدَّقَ التاريخ أقواله بالافعال المنجزة ، و كذلك الحال اليوم مع مصر السيسي ، فقد أطلق مبادراته لإنجاز خمس مشاريع كبيرة في حجم مصر العظيمة ، و هذه المشاريع تبدأ بقناة ثانية موازية لقناة السويس الأولى ، و مركز لوجستي عالمي للحبوب، و شبكة جديدة للطرق ، و مدينة التسوق العالمية بالقرب من محور قناة السويس الجديدة ، و خامسة المشاريع و ليس آخرها هو مشروع إستصلاح أربع مليون فدان لتطوير الزراعة و توسيع رقعة و تنوع الانتاج الزراعي؛ و رغم أن جهات غربية و إقليمية قد شككت في قدرة مصر السيسي على إنجاز هذه المشاريع و بالأخص منها القناة الجديدة ، و إذا بمصر السيسي تفاجئ العالم بإنجاز المشروع الاول و في وقت زمني قياسي لم يكن في حسبان الشركات العالمية العملاقة ، و كان هذا الإنجاز العظيم بتخطيط من المهندسين المصريين و بتنفيذ على سواعد القوى العاملة المصرية و بتمويل مصري من جيوب الشعب المصري، مما يعني أن مردود المشروع سيعود بالفائدة المباشرة للشعب المصري ؛ و مثلما أنجزت مصر السيسي هذا المشروع الكبير في وقت قياسي أذهل العالم ، فإن المشاريع الباقية هي على الدرب مثل القناة الجديدة؛ فقد ألحق السيسي قوله بالفعل مثلما كان الحال مع جَدِّ أجداده رمسيس مصر العظيم.

عندما ترد كلمة حضارة في أذهاننا و عندما تتفوه بها أفواهنا ، فإن المرادف لها دوماً هي كلمة مصر ، و تبرز مصر في أذهاننا كلما ذُكِرَتْ كلمة حضارة ، فمصر هي الحضارة و الحضارة هي مصر ، و من رآى غير ذلك فهو أعمى الذهن و البصيرة؛ فمصر خالدة بخلود الحضارة ، و الحضارة باقية بحضور مصر ؛ و منذ رمسيس مصر الى مصر السيسي و الأقوالُ تُصَدَّقُ بالأفعال في صفحات التاريخ .

محمد كمال
9 أغسطس 2015
---------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص