الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حيدر العبادي: هل هو (غورباتشوف) ام ( دون كيشوت ؟؟؟)

عزيز الدفاعي

2015 / 8 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حيدر العبادي: هل هو (غورباتشوف) ام ( دون كيشوت ؟؟؟)
د عزيز الدفاعي
إقدام رئيس الوزراء العراقي حيدر ألعبادي على قياده عملية إصلاح ومحاربة الفساد في العراق في ظل جو عاطفي مشحون تثير كثيرا من التساؤلات الهامة في مقدمتها : هل انه ألعبادي يمتلك فعلا تلك القدره على ضرب هذه المافيا التي خلقت أصلا نتيجة فساد النظام السياسي والذي هو جزء منه او من( اباءه المؤسسين) بعد عام 2003 في ظل اقتصاد ريعي لازالت فيه ألدوله المتحكم بأهم مصادر الدخل والثروة وهو النفط والذي خلق لنفسه مفاصل وقواعد واذرع أخطبوطية بحبث انتشر الفساد من قمة الهرم( الطبقة الحاكمة ) الى القواعد وشمل جميع السلطات والمفاصل دون استثناء؟
ان ألصوره الأولى للإجابة تذكرنا بالحادثة التاريخية ذات المغزى العميق عن قوة الذراع وقوة السيف حيث يروى أن الخليفة عمر بن الخطاب أرسل في طلب سيف (عمرو بن معدي كرب الزبيدي) وهو أحد أشهر سيوف العرب والمسمى "الصمصامة" لكثرة مااشتهر به هذا السيف من قوة (والسيف الصمصام هو الذي يمر في العظام ويقطعها) .. ولما نظر عمر الى السيف وجده دون ما كان يبلغه عنه من أنه يقطع السيوف الأخرى كما يقطع "قطعه لحم طرية فكتب إلى عمرو بن معدي كرب في ذلك مستغربا من المبالغة في سمعة السيف فرد عليه عمرو: "إنما بعثت إلى أمير المؤمنين بالسيف، ولم أبعث إليه بالذراع الذي يضرب به!!!!"!!
ان المواقف في حالة كهذه لاتقرا كمعادلات الرياضيات بتجرد وجمود لكن هناك مقاييس وأبعاد هندسية للمسافات بين الصحيح والخاطئ قد لا تستدعي حتى من رئيس الوزراء تصريحه( الدونكيشوتي ) العاطفي بأنه مستعد لدفع حياته ثمنا من اجل المضي بهذه الإصلاحات التي لم تكن أصلا من بناه أفكاره او مبادرة منه إنما فرضتها عليه التظاهرات التي جعلت مرجعية النجف تتبناها كعادتها في التدخل حين تضطرب العلاقة بين الشارع والطبقة الحاكمة رغم ان كثيرين رفعوا شعارات تندد بمن استغلوا الدين في نهب الشعب وسرقه رغيف الخبز( باسم الدين باكون الحرامية ).
.
ليست عملية الإصلاح في العراق ومحاربة الفساد هنا بالعمل والمشروع الهين لأسباب موضوعية كثيرة ربما تناساها الكثيرون من المتظاهرين في قمة استعاده ثقتهم بأنفسهم بعد عقود طويلة لم يكن فيها للشارع أي دور في رسم المستقبل. فقد تقود هذه العملية إلى انهيار مجمل النظام بكل هياكله وإدخال العراق في فوضى عارمة وما حدث في الاتحاد السوفيتي سابقا في عهد غورباتشوف الذي تبنى (الغلاسنوست والبيرسترويكا) لإصلاح شؤون (الامبراطوريه الحمراء) درس بليغ وخطير جدا بحكم نتائجه على وجود دوله عظمى تفتتت وانهارت رغم وجود اختلافات بين كلا التجربتين .

ذلك لان اغلب القوى السياسية الحاكمة في العراق رغم انحنائها للعاصفة لا تؤمن أصلا بتوجهات كهذه تحرمها من امتيازات ومكاسب خيالية لا تتمتع بها أي طبقة حاكمه في العالم في وقت لازالت محافظات كأمله بيد تنظيم داعش الإرهابي فيما الخلافات بين بغداد واربيل حول المشروع القومي الكردي والنفط وحدود الإقليم عنصرا آخر يهدد كيان العراق بالتقسيم ولازال ألسنه العرب الذين تحول حراكهم ضد النظام السياسي قبل عامين الى كارثة لمليون نازح وأمست مدنهم ساحات حرب غير مقتنعين تماما بموقعهم داخل الدولة واستحقاقاتهم. وهناك تخوف مشروع من انحراف عملية الإصلاح لتكون أداه تصفية حسابات لمصلحة طرف خارجي أو داخلي كما جرى لاحتجاجات الغربية.

أنها المرة الأولى التي يرضخ فيها ساسة العراق لأراده الشعب وتخرج فيها مظاهرات من اجل الشعب كله لا من اجل طائفة او مكون دون غيره وهو ما جعل الساسة في المقابل يسعون لامتصاص الصدمة والالتفاف عليها بعد ان فشل خطابهم بان هذه التظاهرات ستستغل من قبل (البعثيين وداعش) وتشكل (خطرا على المذهب) لأنها أصلا بدأت في الجنوب الشيعي وامتدت لبغداد واشعل فتيلها حر الشمس وانقطاع الكهرباء ولم تكن وراءها أي احزاب معارضة سياسية لان اغلب الأحزاب العراقية مشتركه في السلطة وتمارس دور المعارضة في ذات الوقت من اجل مصالحها وامتيازات قادتها لا من اجل الشعب. فا إلى أي مدى يمكن أدامة زخم التظاهرات والحفاظ على تماسك خطابها ؟؟؟

ثم كيف يستطيع اذا حيدر ألعبادي الذي رافق الرعيل الأول من ساسة العراق الذين قبلوا بمشروع بول بريمر بمعماريته التي داست على الهوية الوطنية من خلال المحاصة ولم تعطي أي اهتمام لنزاهة أداره المال العام والذين تقاسموا الدولة وكانها حق مشروع لهم كمعارضين لنظام دكتاتوري انجاز عملية الإصلاح هذه رغم انه حين عين رئيسا للوزراء قبل عام حصل على دعم امريكي وغربي وعربي وعراقي لم ينله أي من رؤساء الوزراء السابقين لأسباب كثيرة لا يمكن الخوض بها هنا فلماذا لم يبادر بالإصلاح من داخل وزارته وقد قبل وزراء اغلبهم خارج اختصاص وزاراتهم وكثيرون منه تحيطهم شبهات الفساد ؟ الم تكن المهمة أسهل لو وضع شروطا لاختيار وزراء حكومته وكان لديه نفس قوه الدعم من مرجعية النجف التي ا فتت بعدم تعيين وزير فاشل او تحيطه الشبهات ؟


ان الفساد في العراق هو أصلا أخلاقي سلوكي ولا صله له بالعقيدة السياسية أو الدينية مثلما يحاول البعض من المتظاهرين خلق معركة جانبية و رفع شعارات ضد الدين قد تثير صداما مع تيار قوي ينتمي له كثير من المتظاهرين الذين خرجوا من خلف قوى الحشد الشعبي التي تمثل سندا قويا للمتظاهرين ودعمهم والذين وقفوا ضد زحف داعش منذ العام الماضي بعد ان تحولت تظاهرات الغربية الى أداة لقوى إقليمية طائفية مهدت للارهاب واسقاط ثلث مساحه العراق بيد هذا التنظيم الذي ارتكب مجازر مروعه بحق العراقيين وهدد بإسقاط بغداد وتطوع خلالها ربع مليون عراقي تلبية لفتوى دينية لم يكن لاي قوه أخرى غيرهم دور فيها متناسين ان من يدعمونه اليوم لقياده الإصلاح وهو رئيس الوزراء ينتمي أيضا لهذا التيار .؟؟

والأمر الأخر أن الفساد نابع أصلا من داخل الأحزاب الحاكمة في العراق دون استثناء ومن بينها حزب الدعوة الإسلامي الذي يعتبر العبادي احد قياديه واي إصلاح داخل هذه الأحزاب في ظل القيادات ألراهنه يبدوا ضربا من الخيال لان لكل منهم اتباعه ومريديه المستعدين للنزول للشارع والقتال بالسلاح من اجله في ظل ظرف امني حرج جدا وخطير بينما تستدعي عملية محاربه الفساد إصلاح الأحزاب نفسها من الداخل قبل إصلاح المنظومة الحكومية .
ثم ان الفساد المالي في العراق لا يقتصر على قمه الهرم بل بات متغلغلا في الحلقات الأخرى دون درجه وزير الى ادنى موقع في السلم الوظيفي وقد تصاهر مع طبقه من أصحاب رؤؤس الأموال والمصارف والمقاولين والتجار والمزورين وحتى عصابات القتل والتصفيات على طريقه المافيا الايطالية وهؤلاء لا يمكن القضاء عليهم بين ليله وضحاها او من خلال إصدار قرار شبيه بإقصاء نواب الرئيس ورئيس الوزراء .
. ا

يقول المؤرخ الروسي جيورجي ديرولغيان ( لم يسقط الاتحاد السوفيتي بفعل عوامل خارجية لان الغرب كان مجرد مراقب متفرج مذهول كما أن الانهيار لم يأت من الأعلى ولا من الأسفل ( يقصد القيادة العليا او الثورة الشعبية ) بل من المنتصف حيث يعشش المسئولون البيروقراطيون الذين خشوا على أنفسهم وامتيازاتهم من موجة الإصلاح التي أطلقها غورباتشوف وكذلك أصحاب المصالح وأغنياء الحرب من العصابات والمرتشين ومدراء الأسواق المركزية وكبار الموظفين الفاسدين )
نحن إذا إمام معضلة مركبة متداخلة ذات إبعاد سياسية واقتصاديه وأخلاقيه في إطار وضع إقليمي وامني ودولي معقد يستلزم منا عدم الإفراط في التفاؤل او الانجرار وراء الانفعال والدم الفائر دون ان نفقد الأمل بالمستقبل وإمكانية التغيير ومحاربة الفساد لأنها معركة طويلة لا تقل خطورة عن حرب الإرهاب بل هي الوجه الأخر له و تحتاج الى صبر وحكمة وتضحيات جسام ورجال سياسيه شرفاء وأقوياء وشعب صبور وواع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هم المتظاهرون في الجامعات الأمريكية دعما للفلسطينيين وما


.. شاهد ما حدث مع عارضة أزياء مشهورة بعد إيقافها من ضابط دورية




.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف الحرب في غزة| #الظهيرة


.. كيف سترد حماس على مقترح الهدنة الذي قدمته إسرائيل؟| #الظهيرة




.. إسرائيل منفتحة على مناقشة هدنة مستدامة في غزة.. هل توافق على