الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الادارة الامريكية تُجهض مساعي اصلاح الامم المتحدة

سلام صادق

2005 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


في الثاني من الشهر الماضي التأم شمل الكادر الاداري والدبلوماسي والاختصاصي في الامم المتحدة في لقاء غير اعتيادي للتهيأة للمؤتمر المرتقب آنذاك والذي كان مزمعا ان يستمر من 14-16 من نفس الشهر للنظر في اصلاح الامم المتحدة من خلال الاتيان بمقترحات تعمل على تجديدها وبعث الحياة فيها وبالتالي زيادة فاعليتها في الاضطلاع بمسؤولياتها في القرن الجديد
غير ان الادارة الامريكية عملت وبدأب على وضع العصي في عجلة هذه النوايا الاصلاحية واحباط الآمال التي علقت عليها شعوب الارض آمال كبيرة
فعندما قام الامين العام كوفي عنان بتقديم مقترحاته الخاصة بهذا الاصلاح ، والتي كانت حصيلة لقاءات مكثفة ولفترة طويلة سبقت ذلك في اروقة الامم المتحدة ، متمخضة عن تقرير كامل عرضه على المندوبين وجاء فيه :ان الدول جميعها ، اذا فكر كل منها بانفراد والتقط مايفتح شهيته من هذه الكعكة فانها بذلك انما تفرغ المشروع من محتواه ، وبذلك سيسقط هذا المشروع المتكامل والذي يتطلب تعاضد الدول الاعضاء جميعها والتنسيق فيما بينها للارتقاء باداء المنظمة الدولية
ومنذ ذلك الوقت قام مندوب الولايات المتحدة الى الامم المتحدة جون بولتون بطرح اكثر من 500 نص على شكل مقترحات امريكية لتغيير النصوص الواردة في هذا المشروع الاصلاحي ، والذي حضي بموافقة عدد كبير من الدول الاعضاء قبل مناقشته والتصويت عليه
فلقد ارادت الولايات المتحدة من بين ما ارادته مثلا مايلي
اولا : الغاء الفقرات التي تهتم بموضوعة مكافحة الفقر في العالم
ثانيا: الغاء مناقشة موضوعة الديون المترتبة على الدول الفقيرة
ثالثا : القفز على مناقشة تخفيض التسليح النووي ووضع ضوابط جديدة له
رابعا : الوقوف بشدة ضد انشاء قوة استراتيجية خاصة بالامم النتحدة
بالاضافة الى محاولتها الغاء النصوص الخاصة ببروتوكول كيوتو للأمن البيئي ، وكل مايتناول السياسة البيئية والحفاظ عليها على مستوى العالم
وقد طلب جون بولتون وبدلا عن كل هذا الاهتمام فقط بموضوع التشديد في مكافحة الارهاب والتنسيق بين دول العالم في هذا السبيل ، وكذلك زيادة فاعلية وسعة حق النقض - الفيتو الذي تتمتع به الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن

حينما انشئت الامم المتحدة في اعقاب الحرب الثانية ، كان الهدف منها عدم تحويل هذه المنظمة الدولية الى أداة طيعة بيد الدول الكبرى ، وقد اكدت هذا التوجه لائحة المنظمة الدولية للوقوف عائقا بوجه طموحات الدول الكبرى التي تتصرف على ضوء مصالحها الخاصة ، ودون اعارة اهتمام كافٍ لمصالح وتطلعات الدول الاخرى الاعضاء او الالتفاف عليها والتعارض معها والحيلولة دون ذلك
لم تكن الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد الذي طرح مقترحات مغايرة وطالب بتغيير نصوص تقرير الامين العام والخبرات المختصة معه ، وانما هنالك مثلا كوبا والصين اللتين طالبتا باجراء تعديلات جذرية على بعض النصوص المتعلقة بحقوق الانسان
وهنالك ايضا ايران وروسيا اللتين تريان بان مقترحات الامين العام الخاصة باصلاح المنظمة قد بالغت في دور الامم المتحدة من اجل حماية السكان المدنيين في الدول التي تسودها نزاعات ، بالاضافة الى دول اخرى وقفت عائقا دون دخول اعضاء جدد الى مجلس الامن وتوسيع قاعدته ، وكانت الاهداف واضحة من وراء هذه الممانعة
لقد أكد المندوب الامريكي في الامم المتحدة جون بولتون وبشكل واضح لايقبل اللبس مفصحا عن كوامن الادارة الامريكية ونواياها تجاه المنظمة الدولية حين قال ((لاتوجد امم متحدة ، وانما هنالك مشاركة دولية ، وهذه المشاركة يجب ان تقاد من قبل القوة العظمى الوحيدة المتبقية في العالم الآن ، والتي هي الولايات المتحدة )) وهذا يعني بان الولايات المتحدة غير راغبة اساسا في امم متحدة قوية ، وانما ترغب في امم متحدة لاتضع نفسها على الضد مما يتم تقريره وصناعته وصياغته في البيت الابيض
ينتمي جون بولتون الى مجموعة المحافظين الجدد الذين يعتقدون بان مرحلة (( الخراب الضروري )) السائدة الآن في العراق كفيلة بان ترسل اشعاعات الديمقراطية الى الشرق الاوسط باكمله ، وان هذه الحرب التي تدور هي التي ستتمخض عنها الحلول لكل المعضلات اللاحقة
ولهذا اكدت صحيفة الغارديان بان جون بولتون هذا انما يسيرعلى الطريق الذي سيقوده حتما الى جعل الامم المتحدة ساحة معركة جديدة ، دون الحاجة الى المزيد من القنابل والصواريخ
وعلى الجانب الآخر فان هنالك حلفا بين عدد من الدول مازال يتبلور داخل اروقة الامم المتحدة من اجل انقاذ مشروع الاصلاح هذا، فحتى بريطانيا والتي هي على الاغلب الحليف القوي والمهم للولايات المتحدة تدعم بعض مطالب الاصلاح كما جاءت في تقرير الامين العام ، وخاصة تلك التي تتعلق بمكافحة الفقر في العالم والتي سبق وان تحفظت عليها الولايات المتحدة
ان الحاجة تتسع الى وجود امم متحدة قوية من اجل الاسهام وبفاعلية في وضع حلول للمشاكل التي يواجهها العالم في القرن الجديد
ومن اجل لعب هذا الدور المهم في السياسة الدولية ، لابد من اجراء الاصلاحات الضرورية التي تتطلبها الاشكالات المتنوعة التي يواجهها عالمنا هذا اليوم ، ففي اغلب الاحيان وفي اشد النزاعات والحروب التي اكتنفت زمننا الحالي وقفت الامم المتحدة مكتوفة الايدي
وحتى في مجالات الغوث والمساعدة لدى حصول كوارث طبيعية ، فقد كان دورها الذي لعبته اقل بكثير مما هو مطلوب منها
ان مشروع اصلاح المنظمة الدولية يتمحور بمجمله حول زيادة فاعلية الامم المتحدة واجهزتها المختلفة والارتقاء بتحمل مسؤولياتها كمنظمة طوعية تمثل امم العالم المختلفة وتحافظ على مصالحها وتعمل على حماية هذه المصالح وترسيخ السلام العالمي
وليس موقف الولايات المتحدة الذي يتلخص ب (( كن معنا او اصمت )) هو ماسيحافظ على الامم المتحدة ويبعث الحياة فيها من جديد لتواجه مسؤولياتها امام شعوب الارض ومصالحها الحقيقية في التحرر والتنمية والتطور
اخيرا فقد اتضح وبجلاء بان الولايات المتحدة تعمل ما بوسعها من اجل الابقاء على الامم المتحدة أداة بيدها ، او في احسن الاحوال للابقاء عليها منظمة مشلولة وعاجزة عن الاضطلاع بمهامها امام مايواجهها ويواجه العالم من تحديات قائمة او محتملة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاستثمار الخليجي في الكرة الأوروبية.. نجاح متفاوت رغم البذ


.. رعب في مدينة الفاشر السودانية مع اشتداد الاشتباكات




.. بعد تصريح روبرت كينيدي عن دودة -أكلت جزءًا- من دماغه وماتت..


.. طائرات تهبط فوق رؤوس المصطافين على شاطئ -ماهو- الكاريبي




.. لساعات العمل تأثير كبير على صحتك | #الصباح_مع_مها