الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نور الشريف .. مرة أخرى!

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2015 / 8 / 13
الادب والفن


نور الشريف .. مرة أخرى!

لقد أثبت نور الشريف بعد وفاته أن الموتَ حياةٌ، وأنَّ الراحلين هم الباقون، وأن مَلــَـكَ الموت لا يأخذ فقط، لكنه يُعطي من حيث لا ندري.
إذا سُــئِـلْتَ عن الطائفية في مصر فقل إنها هراء، فقد صلينا جميعا صلاة واحدة خلف جسد نور الشريف ونسينا أننا ننتمي لأديان عدة.

معذرة، سيدي الشيخ وسيدي القس وسيدي الحاخام، فتأثير نور الشريف كان أكبر من مواعظكم ، لأنه استند على الحب والفن وأنتم على المقدس والماضي.
لابد من وضع قاموس تحت اسم نور الشريف فتبحث عن كلمة وطن في ( حدوتة مصرية)، وعن العاهرة الشريفة في ( ليلة ساخنة )، وعن حلم الهجرة في ( سكة سفر )، وعن القابلية للاستعمار فلن تجد فقط في ( الصراع الفكري في البلاد المستعمرة لمالك بن نبي، ولكن في ( بئر الخيانة)، وعن صغار شرفاء في ( ضربة معلم )، و عن مصر القديمة في ( عمارة يعقوبيان)، وعن صحبة أبطال أكتوبر في ( سواق الأتوبيس)، وعن التحضر في( آخر الرجال المحترمين ) وهكذا دواليك فمصر كلها في قاموس نور الشريف.

جرت العادة أن تزكم أنوفــَــنا رائحةُ الشامتين في وفاة أي رجل ليس من الجماعة، لكنهم هذه المرة خرسوا، ليس حُبــَّــاً في نور الشريف لكنه الخوف من عشاقه وهم أكبر عددا من محبي أي زعيم مصري منذ محمد علي باشا.
نور الشريف ظاهرة ينبغي البحثُ فيها وتأملها لنعرف كيف استطاع أن يكون الشخص الحاضر في كل عائلة!

التقيته مرة واحدة في فندق سفير بالكويت، ولما صافحته ظننت أنه يعرفني كما يعرف كل مصري وعربي، بالروح وليس بالوجه، وهنا تظهر عبقرية المحبة فتظن أن من تحبه يعرفك ولو لم تقابله قط!
كان أكبر من الشائعات، وعندما حاولتْ مطاردته سقطتْ، وتهشــَّــمتْ دون أنْ يرفع إصبعاً يدافع عن نفسه.

لو رشح نفسه بغير دعاية لحصل الثلاثة عشر مرشحاً للرئاسة على أصوات زوجاتهم وبناتهم وعشيقاتهم وخدمهم و.. حارسي عماراتهم فقط!
لا تقل بأنك لم تره في بيتك ولو كنت مقيما في واحة أو على ضفاف ترعة مجهولة، فله غرفة يقيم فيها داخل كل دار عربية، وعندما تجلس وتشاهد فيلما له، يخرج من الغرفة ويجلس بجانبك!

يجعلك لا تغادر الفيلم ومـَـشَاهدَه وكأنه أرادك أن تخرج لتدخل! وأتذكر أنني منذ أكثر من عقدين من الزمان قمت بزيارة المخرج المبدع داود عبد السيد في بيته القاهري، وسألته عن مرسي ( نور الشريف في فيلم الصعاليك ) ولماذا جعله يخرج من قسم شرطة باب شرق بالاسكندرية وليس من باب السجن! فقال لي بأنه سأل وبحث، فعرف أن السجين يخرج من باب قسم الشرطة الذي اعـْـتُقــِـل فيه!

نور الشريف زاوج السينما بالثقافة، وجعل الفيلمَ رديفاً للكتاب، وكان الحاضرَ الأحْضـَـر، ويختار أفلامه، فإذا أعدَّ قوسه أبعد سهمه الأخيب!
قليل من أعماله من لا تحمل رسالة، مثل الحاج متولي، لكنه يتركك تغضب على المجتمع الذي مــَــتـّوَلَ رغبات الرجال، وتفهم الرسالة من ظهرها!

كل منا سيذوق الموت بطعمه الحُلو والمرّ، لكن مَلــَـك الموت يعود أحيانا من الناحية الأخرى ويرشّ بعضاً من رائحة الراحل على مُحبيه لئلا يغدر بهم النسيان بعد طول الغياب.
كان حنظلة السينما، وقائد كتيبة الإعدام، ولــَـعَنَ زمن حاتم زهران، وصنع تعبيرات وجه الذكر في أعلى صور ( الرغبة ) لمحمد خان!

نور الشريف رحل ولم يرحل، وإذا مثــَّــل، عـَـصَرَ كل امكانياته العبقرية فتسمعه وتشمه وتراه وتحسه كما في مشهد على سطح بيت شقيقته وزوجها الانفتاحي في بورسعيد( سواق الأتوبيس )، وفي ( الغيرة القاتلة ) لعاطف الطيب جعلنا نشعر جميعا أن كل صديق قد تحرقه الغيرة، وتشعله نار الكراهية.
نور الشريف،
قل لي بربك، كيف جمعت كل هذا الحب، أعني كل هؤلاء المحبين؟

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 12 أغسطس 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عباده الفرد
على سالم ( 2015 / 8 / 13 - 17:20 )
عموما انا اختلف معك فى هذه القضيه ,يجب ان يعترف المصريين جميعا بأنه يوجد خطأ فى الاليه الخاصه بتكوينهم الفكرى والنفسى والاجتماعى ,انها خاصيه عباده الزعيم الملهم والقائد الشجيع وشيخ الازهر الكاذب ونجوم المجتمع الصعاليك ,سيدى يجب ان نعترف جميعا ان السينما المصريه قياسا الى السينما العالميه هى لاشئ ,لايوجد ابدا وجه للمقارنه ,انا عن نفسى اقر واعترف بأن السينما المصريه متخلفه جدا بما فيها جميع مايسمى بنجوم السينما المصريين والذين يعانوا من الهطل ,كونك ان تكتب مقالين متتالين عن نور الشريف هى ظاهره غير صحيه تماما ,انا متوقع ان تكتب مقال ثالث تدعو فيه المصريين الى اعتبار نور الشريف نبى ورسول ,هنا الاشكاليه يا عزيزى ,انه الفراغ النفسى القاتل الذى يعانى منه جميع المصريين نظرا للظروف السوداء التى تعرضوا لها على مر العصور ,تأكد انه يوجد ناس لايشعروا بأن نور الشريف هو معجزه زمانه ولايشاطروك الرأى فى اعجابك المذهل بنور الشريف ,من المؤسف نحن امامنا طريق طويل جدا من اجل ان نبلغ مرحله النضوج

اخر الافلام

.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف


.. فرحة الفنانة أمل رزق بخطوبة ابنتها هايا كتكت وأدم العربي داخ




.. أون سيت - الأسطى حسن .. نقطة التحول في حياة الفنان فريد شوقي


.. أون سيت - أولاد رزق 3 .. أعلى نسبة إيرادات .. لقاء حصري مع أ




.. الكاتب علي الموسى يروي لسؤال مباشر سيطرة الإخوان المسلمين عل